![]() |
رد: خطب الشيخ عبدالله البصري جزاك الله الف خير ورزقك بزوجه اخرى صالحه وكثر الله من امثالك جهودك واضحه ,, اسأل الله ان يجمعنا واياك في جنه عرضها كـ عرض السموات والارض امين |
رد: خطب الشيخ عبدالله البصري ردع العائل عن شواذ المسائل 11/8/1431هـ أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ " وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ " أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، خَلَقَ اللهُ النَّاسَ لِعِبَادَتِهِ كَمَا قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعبُدُونِ " وَإِنَّ لِلعِبَادَةِ شَرطَينِ لا بُدَّ مِن تَحَقُّقِهِما لِتُقبَلَ وَيُؤجَرَ العَبدُ عَلَيهَا ، أَوَّلُهُمَا الإِخلاصُ للهِ دُونَ سِوَاهُ ، وَثَانِيهِمَا المُتَابَعَةُ لِرَسُولِهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَالَّتَمَسُّكُ بما جَاءَ بِهِ ، وَلِهَذَا جَاءَ الحَثُّ عَلَى التَّفَقُّهِ في الدِّينِ ، وَجُعِلَ فِقهُ المَرءِ في الدِّينِ مِن إِرَادَةِ اللهِ بِهِ الخَيرَ ، قَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " مَن يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ " وَلأَنَّ التَفَقُّهَ في الدِّينِ قَد لا يَسَعُ كُلَّ أَحَدٍ وَلا يَستَطِيعُهُ كُلُّ مُكَلَّفٍ ، كَانَ المُؤمِنُ مُلزَمًا بِسُؤَالِ العُلَمَاءِ عَمَّا لا يَعلَمُهُ ، وَاستِفتَائِهِم فِيمَا أَشكَلَ عَلَيهِ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " فَاسأَلُوا أَهلَ الذِّكرِ إِن كُنتُم لا تَعلَمُونَ " وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " إِنَّمَا شِفَاءُ العِيِّ السُّؤَالُ " وَإِنَّهُ مَا أَرَادَ المُستَفتي بِاستِفتَائِهِ مَعرِفَةَ الحَقِّ وَالعَمَلَ بِهِ ، وَلا حَرِصَ عَلَى سُؤَالِ مَن يَعلَمُ أَو يَغلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ أَهلٌ لِلفَتوَى ، ثُمَّ انتَبَهَ لِجَوَابِ المُفتي وَفَهِمَهُ فَهمًا وَاضِحًا فَأَخَذَ بِهِ ، إِلاَّ هُدِيَ إِلى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ ، وَمَا طَلَبَ أَحَدٌ الرُّخَصَ وَتَتَبَّعَ زَلاَّتِ العُلَمَاءِ ، وَاشتَغَلَ بِشَوَاذِّ المَسَائِلِ وَمُفرَدَاتِهَا ، وَجَعَلَ حَاكِمَهُ هَوَى نَفسِهِ وَشَهوَتَهَا ، إِلاَّ ضَلَّ وَتَزَندَقَ وَخَلَعَ رِبقَةَ الإِسلامِ مِن عُنُقِهِ . وَقَد كَانَ المُسلِمُونَ عَلَى مَرِّ عُصُورِهِم عَلَى نَهجٍ كَرِيمٍ ، يَطلُبُونَ فِيهِ الحَقَّ فَيَلزَمُونَهُ ، وَيَتَحَرَّونَ الصَّوَابَ فَيَأخُذُونَ بِهِ ، حَرِيصِينَ عَلَى أَن يَعبُدُوا رَبَّهُم عَلَى عِلمٍ وَبَصِيرَةٍ ، مُتَحَرِّينَ لما يُرضِيهِ وَلَو خَالَفَ مُشتَهَى نُفُوسِهِم ، وَمَا زَالُوا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى غَشَتِ النَّاسَ في السَّنَوَاتِ المُتَأَخِّرَةِ غَوَاشٍ مِن جَهلٍ وَاتِّبَاعِ هَوَىً وَقِلَّةِ دِيَانَةٍ ، وَإِخلادٍ لِلدُّنيَا وَنِسيَانٍ لِلآخِرَةِ ، فَضَعُفَ لَدَيهِمُ استِشعَارُ المَسؤُولِيَّةِ ، وَظَهَرَ مِنهُم التَّهَاوُنُ بِالأَمَانَةِ ، فَتَسَرَّعُوا في تَلَقُّفِ الفَتَاوَى الشَّاذَّةِ ، وَتَهَاوَنُوا بِقَبُولِ الأَقوَالِ الفَاذَّةِ ، وَتَسَاهَلُوا بِاتِّبَاعِ مَن يَقُولُ عَلَى اللهِ بِغَيرِ عِلمٍ ، وَتَمَادَوا في اختِيَارِ مَا تَمِيلُ إِلَيهِ نُفُوسُهُم ، وَارتَاحُوا لما تُملِيهِ عَلَيهِم شَهَوَاتُهُم ، وَبَدَلاً مِن أَن تَحكُمَ الشَّرِيعَةُ أَهوَاءَهُم وتُهَذِّبَهَا ، انقَلَبَتِ المَوَازِينُ لَدَى بَعضِهِم رَأسًا عَلَى عَقِبٍ ، وَصَارُوا يُحَكِّمُونَ أَهوَاءَهُم في مَسَائِلِ الخِلافِ ؛ فَيَأخُذُونَ أَهوَنَ الأَقوَالِ وَأَيسَرَهَا عَلَى نُفُوسِهِم ، دُونَ استِنَادٍ إِلى دَلِيلٍ شَرعِيٍّ وَلا حُجَّةٍ وَاضِحَةٍ ؛ بَل تَقلِيدًا لِمَن زَلَّ من العُلَمَاءِ ، أَوِ استِئنَاسًا بِتَخلِيطِ مَن ضَلَّ مِنَ الأَدعِيَاءِ ، بَل وَصَلَ الحَالُ بِبَعضِ هَؤُلاءِ إِلى أَنَّ يَتَّخِذَ لِنَفسِهِ مَذهَبًا يَقُومُ عَلَى التَّلفِيقِ بَينَ آرَاءِ الفُقَهَاءِ وَالتَّرقِيعِ بَينَ أَقوَالِ العُلَمَاءِ ، فَإِذَا طُوَلِبَ بِالدَّلِيلِ الرَّاجِحِ وَحُجَجِ الشَّرعِ الوَاضِحَةِ ، تَنَصَّلَ مِن ذَلِكَ بِإِلقَاءِ المَسؤُولِيَّةِ عَلَى مَن أَفتَاهُ ، وَرَمَى بِكَامِلِ العُهدَةَ عَلَيهِ ، مُعتَقِدًا أَنَّ قَولَ ذَلِكَ المُفتي سَيَكُونُ حَجَّةً لَهُ يَومَ القِيَامَةِ بَينَ يَدَي رَبِّهِ . وَقَد زَادَ في انتِشَارِ هَذِهِ الظَّاهِرَةِ أَمرَانِ : أَوَّلُهُمَا كَثرَةُ المُفتِينَ في الفَضَائِيَّاتِ وَمَوَاقِعِ الشَّبَكَةِ العَالَمِيَّةِ ، مِمَّن جَهِلُوا أَو تَسَاهَلُوا ، فَنَشَرُوا الفَتَاوَى الشَّاذَّةَ وَالرُّخَصَ المُخَالِفَةَ ؛ وَثَانِيهِمَا فَرِيقٌ مَفتُونٌ مِن أَهلِ الأَهوَاءِ ، مِمَّن يَتَكَلَّمُونَ بِأَلسِنَتِنَا وَيَكتُبُونَ في صُحُفِنَا ، حَمَلُوا أَفكَارًا غَرِيبَةً ، وَانتَحَلُوا تَوَجُّهَاتٍ مُرِيبَةً ، اِنبَهَرُوا بِالحضَارَةِ الغَربِيَّةِ الكَافِرَةِ ، وَأَرَادُوَا نَقلَهَا لَنَا بِعُجَرِهَا وَبُجَرِهَا ، فَهَجَمُوا عَلَى كُلِّ شَيءٍ في الدِّينِ أُصُولاً وَفُرُوعًا ، وَتَجرَّؤُوا عَلَى العِلمِ وَهَجَمُوا عَلَى العُلَمَاءِ ؛ فأَهمَلُوا أُصُولاً وَأَحدَثُوا فُصُولاً ، وَجَاؤُوا بِمَنهَجٍ جَدِيدٍ سَمَّوهُ حُرِّيَّةَ الرَّأيِ وَالفَتوَى ، وَمَا هُوَ إِلاَّ الأَخذُ بِالرُّخَصِ وَالتَتَبُّعُ لِلشَّوَاذِّ . وَإِنَّ المُسلِمِينَ وَقَد رَضُوا بِاللهِ رَبًّا وَبِالإِسلامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ نَبِيًّا رَسُولاً ، إِنَّهُم لَمُطَالَبُونَ بِالتَّحَاكُمِ إِلى كِتَابِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ في جَمِيعِ مَسَائِلِ ، مُلزَمُونَ بِالتَّسلِيمِ وَالانقِيَادِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا ، لا إِيمَانَ لَهُم بِغَيرِ ذَلِكَ ، وَلا بَرَاءَةَ لِذِمَمِهِم إِلاَّ بِجَعلِهِ طَرِيقًا لهم وَمَنهَجًا ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَينَهُم ثُمَّ لا يَجِدُوا في أَنفُسِهِم حَرَجًا مِمَّا قَضَيتَ وَيُسَلِّمُوا تَسلِيمًا " وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : " فَإِنْ تَنَازَعتُم في شَيءٍ فَرُدُّوهُ إِلى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُم تُؤمِنُونَ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيرٌ وَأَحسَنُ تَأوِيلاً " وَإِنَّ مِنَ الأَهَمِّيَّةِ بِمَكَانٍ في هَذَا الشَّأنِ اعتِبَارَ فَهمِ السَّلَفِ الصَّالِحِ لِنُصُوصِ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَعَدَمَ التَّطَاوُلِ عَلَيهِ أَو التَّقلِيلِ مِن شَأنِهِ ؛ فَهُمُ السَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ وَهُم خَيرُ القُرُونِ ، لُغَتُهُم أَفصَحُ اللُّغَاتِ ، وَلَهجَتُهُم أَصدَقُ اللَّهَجَاتِ ، وَفَهمُهُم خَيرُ الفُهُومِ وَأَزكَاهَا ، هُمُ الَّذِينَ عَاصَرُوا النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَعَايَشُوا نُزُولَ الوَحيِ بَينَ يَدَيهِ ، وَفَقِهُوا الدِّينَ وَعَرَفُوا مَقَاصِدَ التَّشرِيعِ ، وَسَارُوا عَلَيهِ في حَيَاتِهِم وَمَنهَجِهِم وَسُلُوكِهِم ، وَزَكَّاهُمُ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَمَرَ بِاتِّبَاعِ سُنَّتِهِم وَالتَّمَسُّكِ بها فَقَالَ : " خَيرُكُم قَرني ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم " وَقَالَ : " فَعَلَيكُم بِسُنَّتي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهدِيِّينَ مِن بَعدِي ، تَمَسَّكُوا بها وَعَضُّوا عَلَيهَا بِالنَّوَاجِذِ ، وَإِيَّاكُم وَمُحدَثَاتِ الأُمُورِ ؛ فَإِنَّ كُلَّ بِدعَةٍ ضَلالَةٌ " وَأَمرٌ آخَرُ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ ذَلِكُم هُوَ اعتِبَارُ حُجِّيَّةِ الإِجمَاعِ وَعَدَمُ خَرَقِهِ أَوِ التَّقلِيلِ مِن شَأنِهِ ، كَيفَ وَقَدِ استَقَرَّ أَنَّ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ لا تَجتَمِعُ عَلَى ضَلالَةٍ ؛ قَالَ ـ تَعَالى ـ : " وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيرَ سَبِيلِ المُؤمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلىَّ وَنُصلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَت مَصِيرًا " وَأَمَّا ثَالِثَةُ الأَثَافي لِمَن أَرَادَ الحَقَّ وَابتَغَى لِنَفسِهِ النَّجَاةَ ، فَهِيَ الرُّجُوعُ في المَسَائِلِ المُتَنَازَعِ فِيهَا إِلى العُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّي نَ ، المَشهُودِ لَهُم بِالعِلمِ وَالتَّقوَى ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَإِذَا جَاءَهُم أَمرٌ مِنَ الأَمنِ أَوِ الخَوفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَو رَدُّوهُ إِلى الرَّسُولِ وَإِلى أُولي الأَمرِ مِنهُم لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَستَنبِطُونَهُ مِنهُم وَلَولا فَضلُ اللهِ عَلَيكُم وَرَحمَتُهُ لاتَّبَعتُمُ الشَّيطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً " وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : " فَاسأَلُوا أَهلَ الذِّكرِ إِن كُنتُم لا تَعلَمُونَ . بِالبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ " وَأَمَّا تَتَبُّعُ الرُّخَصِ وَجَعَلُهَا دِينًا وَدَيدَنًا ، بِأَن يَختَارَ المَرءُ مِن كُلِّ مَذهَبٍ مَا هُوَ الأَهوَنُ عَلَيهِ دُونَ عِلمٍ وَلا نَظَرٍ وَلا فِقهٍ ، وَلا دَافِعٍ مِن قُوَّةِ الدَّلِيلِ أَو صَادِقِ البَرَاهِينِ ؛ بَل تَشَهِّيًّا وَجَهلاً ، وَرَغبَةً في اتِّبَاعِ الأَيسَرِ وَالأَخَفِّ عَلَى النَّفسِ ، فَإِنَّ هَذَا هُوَ التَّرَخُّصُ المَذمُومُ ؛ الَّذِي اشتَدَّ نَكِيرُ العُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّي نَ عَلَى مَن قَالَ بِهِ أَو فَعَلَهُ . قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ : ثَلاثَةٌ يَهدِمنَ الدِّينَ : زَلَّةُ العَالِمِ ، وَجِدَالُ المُنَافِقِ ، وَأَئِمَّةٌ مُضِلُّونَ . وَقَالَ سُلَيمَانُ التَّيمِيُّ : لَو أَخَذتَ بِرُخصَةِ كُلِّ عَالِمٍ اجتَمَعَ فَيكَ الشَّرُّ كُلُّهُ . وَقَالَ إِبرَاهِيمُ بنُ أَبي عُلَيَّةَ : مَن تَبِعَ شَوَاذَّ العِلمِ ضَلَّ . وَقَالَ الإِمَامُ الأَوزَاعِيُّ : مَن أَخَذَ بِنَوَادِرِ العُلَمَاءِ خَرَجَ مِن الإِسلامِ . وَقَالَ العِزُّ بنُ عَبدِالسَّلامِ : يَجُوزُ تَقلِيدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِن الأَئِمَّةِ الأَربَعَةِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُم ـ ... وَلا يَجُوزُ تَتَبُّعُ الرُّخَصِ . وَقَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ : مَن تَتَبَّعَ رُخَصَ المَذَاهِبِ وَزَلاَّتِ المُجتَهِدِينَ فَقَد رَقَّ دِينُهُ . وَقَالَ الإِمَامُ ابنُ القَيِّمِ : لا يَجُوزُ لِلمُفتي تَتَبُّعُ الحِيَلِ المُحَرَّمَةِ وَالمَكرُوهَةِ ، وَلا تَتَبُّعُ الرُّخَصِ لِمَن أَرَادَ نَفعَهُ ، فَإِنْ تَتَبَّعَ ذَلِكَ فَسَقَ وَحَرُمَ استِفتَاؤُهُ . أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَليَكُنْ طَلَبُ الحَقِّ رَائِدَكُم وَهَدَفَكُم ، وَاعلَمُوا أَنَّهُ لا احتِجَاجَ بِأَقوَالِ العُلَمَاءِ وَلا آرَائِهِمُ المُخَالِفَةِ لِلنُّصُوصِ الشَّرعِيَّةِ ؛ لأَنَّنَا مُتَعَبَّدُونَ بِالأَدِلَّةِ الشَّرعِيَّةِ مَأمُورُونَ بِاتِّبَاعِهَا ، وَاللهُ ـ تَعَالى ـ قَد أَمَرَ نَبِيَّهُ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ بِالحُكمِ بما أَنزَلَهُ عَلَيهِ فَقَالَ لَهُ : " وَأَنِ احكُمْ بَينَهُم بما أَنزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهوَاءَهُم " فَلا تَهُولَنَّكُم تِلكَ العِبَارَاتُ الرَّنَّانَةُ ، وَلا تَخدَعَنَّكُمُ الأَقوَالُ البَرَّاقَةُ ، الَّتي يَتَشَدَّقُ بها بَعضُ المَفتُونِينَ مِمَّن يُرِيدُونَ تَطوِيعَ الفَتوَى بِحُجَّةِ مُسَايَرَةِ الوَاقِعِ وَمُوَاكَبَةِ العَصرِ ، أَو مِمَّن يُنَادُونَ بِتَغيِيرِ الفِقهِ الإِسلامِيِّ لِيَكُونَ بِزَعمِهِم فِقهَ تَيسِيرٍ وَوَسَطِيَّةٍ ، وَمَا كُلُّ ذَلِكَ في الحَقِيقَةِ إِلاَّ تَميِيعٌ لِلدِّينِ وَتَنَصُّلٌ مِن شَرِيعَةِ رَبِّ العَالَمِينَ ، عُطِّلَت بِهِ حُدُودٌ وَتُرِكَت فِيهِ أَحَادِيثُ ، وَفُتِحَ بِهِ لِلجُهَّالِ مَجَالٌ لِلتَطَاوُلِ عَلَى الدِّينِ وَالسُّخرِيَةِ بِأَهلِهِ ، وَظَهَرَت فَتَاوَى يَستَنكِرُهَا أَصحَابُ الفِطَرِ السَّلِيمَةِ مِنَ العَامَّةِ فَضلاً عَن أَهلِ العِلمِ وَالخَاصَّةِ . أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ " هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيكَ الكِتَابَ مِنهُ آيَاتٌ مُحكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِم زَيغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنهُ ابتِغَاءَ الفِتنَةِ وَابتِغَاءَ تَأوِيلِهِ وَمَا يَعلَمُ تَأوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ في العِلمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِن عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الأَلبَابِ . رَبَّنَا لا تُزِغ قُلُوبَنَا بَعدَ إِذ هَدَيتَنَا وَهَب لَنَا مِن لَدُنْكَ رَحمَةً إِنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ " أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَرَاقِبُوا أَمرَهُ وَنَهيَهُ وَلا تَنسَوهُ . وَتَحَرَّوا مَن تَثِقُونَ في دِينِهِ وَتَقوَاهُ فَاستَفتُوهُ ، وَانظُرُوا مَن يَتَتَبَّعُ الشَّاذَّ مِن أَقوَالِ العُلَمَاءِ وَيَتَعَلَّقُ بِزَلاَّتِهِم فَاحذَرُوهُ ، وَاعلَمُوا أَنَّهُ لا عَيبَ في الأَخذِ بِالرُّخَصِ الشَّرعِيَّةِ المُعتَبَرَةِ ، الَّتي جَاءَ بها الشَّارِعُ الحَكِيمُ تَخفِيفًا عَلَى المُكَلَّفِينَ وَتَسهِيلاً لِلأَحكَامِ ، وَتَيسِيرًا لِلعَمَلِ وَدَفعًا لِلمَشَقَّةِ وَالحَرَجِ ، فَهِيَ مِن رَحمَةِ اللهِ بِالعِبَادِ وَفَضلِهِ عَلَيهِم ؛ لِئَلاَّ يَقَعَ عَلَيهِم حَرَجٌ فِيمَا كُلِّفُوا بِهِ أَو يُصِيبَهُم مِنهُ عَنَتٌ . قَالَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ : " يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ العُسرَ " وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : " وَمَا جَعَلَ عَلَيكُم في الدِّينِ مِن حَرَجٍ " وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " عَلَيكُم بِرُخصَةِ اللهِ الَّتي رَخَّصَ لَكُم " وَلا خِلافَ عِندَ جُمهُورِ أَهلِ العِلمِ في مَشرُوعِيَّةِ الأَخذِ بِالرُّخَصِ الشَّرعِيَّةِ إِذَا وُجِدَت أَسبَابُهَا وَتَحَقَّقَت دَوَاعِيهَا ، وَالمَشَقَّةُ تَجلِبُ التَّيسِيرَ ، وَالحَرَجُ مَرفُوعٌ وَالضَّرَرُ يُزَالُ ، وَإِذَا ضَاقَ الأَمرُ اتَّسَعَ ، وَإِنَّمَا العَيبُ وَاللَّومُ في الاحتِجَاجِ بِوُجُودِ الخِلافِ في مَسأَلَةٍ مَا لِيَأخُذَ المَرءُ فِيهَا بما شَاءَ مِن أَقوَالٍ ، قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ : لَو جَازَ اتِّبَاعُ أَيِّ مَذهَبٍ شَاءَ لأَفضَى إِلى أَن يَلتَقِطَ رُخَصَ المَذَاهِبِ مُتَّبِعًا لِهَوَاهُ وَيَتَخَيَّرَ بَينَ التَّحلِيلِ وَالتَّحرِيمِ وَالوُجُوبِ وَالجَوَازِ ؛ وَذَلِكَ يُؤَدِّي إِلى الانحِلالِ مِن رِبقَةِ التَّكلِيفِ . وَقَالَ الإِمَامُ الشَّاطِبيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ : فَإِنَّ في مَسَائِلِ الخِلافِ ضَابِطًا قُرآنيًّا يَنفِي اتِّبَاعَ الهَوَى جُملَةً ، وَهُوَ قَولُهُ ـ تَعَالى ـ :" فَإِنْ تَنَازَعتُم في شَيءٍ فَرُدُّوهُ إِلى اللهِ وَالرَّسُولِ " وَالرَّدُّ إِلى اللهِ ـ سُبحَانَهُ ـ هُوَ الرَّدُّ إِلى كِتَابهِ ، وَالرَّدُّ إِلى الرَّسُولِ هُوَ الرَّدُّ إِلَيهِ نَفَسِهِ في حَيَاتِهِ وَإِلى سُنَّتِهِ بَعدَ وَفَاتِهِ . إِنَّ عَلَى المُسلِمِ ـ عِبَادَ اللهِ ـ أَنَّ يُسَلِّمَ قِيَادَهُ لِنُصُوصِ الشَّرعِ حَيثُ تَوَجَّهَت بِهِ ؛ مُتَجَرِّدًا لِلحَقِّ مُبتَعِدًا عَنِ الهَوَى وَالتَّعَصُّبِ ، جَاعِلاً نَهجَهُ وَمَقصِدَهُ طَلَبَ الحَقِّ بِدَلِيلِهِ ، وَمَن فَعَلَ ذَلِكَ هُدِيَ وَوُفِّقَ " وَمَن يَعتَصِم بِاللهِ فَقَد هُدِيَ إِلى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ " وَأَمَّا تَتَبُّعُ الرُّخَصِ فَإِنَّهُ مُخَالَفَةٌ صَرِيحَةٌ لأُصُولِ الشَّرِيعَةِ وَهَدمٌ لِمَقَاصِدِهَا ؛ لأَنَّه اتِّبَاعٌ لِلهَوَى ، وَالشَّرِيعَةُ قَد جَاءَت لِتُخرِجَ الإِنسَانَ مِن دَوَاعِي الهَوَى وَنَهَت عَنِ اتِّبَاعِهِ ، ثُمَّ إِنَّ في تَتَبُّعِ الرُّخصِ تَركَ اتِّبَاعِ الدَّلِيلِ ؛ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِقَولِهِ ـ تَعَالى ـ : " فَإِن تَنَازَعتُم في شَيءٍ فَرُدُّوهُ إِلى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُم تُؤمِنُونَ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيرٌ وَأَحسَنُ تَأوِيلاً " وَفيهِ تَركُ مَا هُوَ مَعلُومٌ إِلى مَا لَيسَ بِمَعلُومٍ . وَفيهِ انخِرَامُ نِظَامِ السِّيَاسَةِ الشَّرعِيَّةِ الَّذِي يَقُومُ عَلَى العَدَالَةِ وَالتَّسوِيَةِ ؛ بِحَيثُ إِذَا انخَرَمَ أَدَّى إِلى الفَوضَى وَالمَظَالِمِ وَتَضيِيعِ الحُقوُقِ بَينَ النَّاسِ . أَلا فَاتَّقُوا اللهَ وَخَافُوا لِقَاءَهُ ، وَتَذَكَّرُوا " إِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الكُبرَى . يَومَ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ مَا سَعَى . وَبُرِّزَتِ الجَحِيمُ لِمَن يَرَى . فَأَمَّا مَن طَغَى . وَآثَرَ الحَيَاةَ الدُّنيَا . فَإِنَّ الجَحِيمَ هِيَ المَأوَى . وَأَمَّا مَن خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفسَ عَنِ الهَوَى . فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأوَى " |
رد: خطب الشيخ عبدالله البصري وماتوفيقي إلا بالله 18/8/1431هـ [IMG]file:///C:/Users/user/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.g if[/IMG]أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ " وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مِن أَمرِهِ يُسرًا " أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، يَتَأَمَّلُ المَرءُ فِيمَن حَولَهُ وَيُقَلِّبُ النَّظَرَ في المُحِيطِينَ بِهِ ، فَيَرَى هَذَا نَشِيطًا في طَاعَةِ رَبِّهِ مُقبِلاً عَلَى عِبَادَتِهِ ، تَخِفُّ نَفسُهُ لِكُلِّ خَيرٍ ، وَتَمتَدُّ يَدُهُ إِلى كُلِّ بِرٍّ ، يُرِيدُ الإِصلاحَ وَيُسهِمُ فِيهِ ، وَيَصنَعُ المَعرُوفَ وَيُعِينُ عَلَيهِ ، وَيَرَى ذَاكَ كَسُولاً عَمَّا يُقَرِّبُهُ إِلى مَولاهُ غَافِلاً عَن شُكرِ نِعمَتِهِ ، يُسِيءُ وَلا يُحسِنُ ، وَيَقطَعُ وَلا يَصِلُ ، وَيُفسِدُ وَلا يُصلِحُ ، وَيُخَذِّلُ وَلا يُعِينُ ، وَيَرجِعُ المَرءُ البَصَرَ كَرَّةً أُخرَى فَيَتَأَمَّلُ حَالَ النَّاسِ في دُنيَاهُم ، فَيَجِدُ الجَادَّ الحَرِيصَ عَلَى مَا يَنفَعُهُ ، وَيُلفِي الهَازِلَ العَاجِزَ عَمَّا فِيهِ مَصلَحَتُهُ ، بَل وَيَرَى المُشتَغِلَ بما يَضُرُّهُ وَيُهلِكُ نَفسَهُ ، وَفي جَانِبٍ آخَرَ أَعمَقَ وَأَدَقَّ يَرَى العُلَمَاءَ وَالدُّعَاةَ وَالوُعَّاظَ ، يَقضِي كَثِيرٌ مِنهُم حَيَاتَهُ بَينَ عِبَادَةٍ وَدَعوَةٍ وَنَفعٍ لِلنَّاسِ وَنَشرٍ لِلعِلمِ وَدَعمٍ لِلخَيرِ ، ثُمَّ مَا يَزَالُ عَلَى هَذَا حَتَّى يَتَوَفَّاهُ رَبُّهُ وَالأَلسِنَةُ لا تَكِلُّ مِنَ الثَّنَاءِ عَلَيهِ وَطَلَبِ الرَّحمَةِ لَهُ كُلَّمَا ذَكَرَتهُ ، وَآخَرُونَ يَتَذَبذَبُونَ يَمنَةً وَيَسرَةً ، وَيَلمَعُ نَجمُهُم فَترَةً ثُمَّ يَخبُو فَترَةً ، بَل وَقَد يَتَحَوَّلُونَ دُعَاةً لِلبَاطِلِ مُثِيرِينَ لِلفِتنَةِ ، مُضِلِّينَ لِلنَّاسِ بِبَعضِ أَقوَالِهِمُ الشَّاذَّةِ وَأَفعَالِهِمُ المُنكَرَةِ ، وَقَد يَمضِي بَعضُهُم إِلى رَبِّهِ وَالأُمَّةُ بَعدَهُ تَتَجَرَّعُ مَرَارَةَ شُبُهَاتِهِ وَتَكتَوِي بِنَارِ ضَلالاتِهِ ، وَيَتَسَاءَلُ المَرءُ بَعدَ ذَلِكَ : مَا بَالُ هَذَا التَّنَوُّعِ في دُنيَا النَّاسِ وَمَا مَنشَؤُهُ ؟! أَلَيسَ لِكُلٍّ مِنهُم قَلبٌ وَعَقلٌ وَفَهمٌ ؟! أَلَيسُوا يَسمَعُونَ وَيُبصِرُونَ ؟! وَحينَئِذٍ يَأتِيهِ الجَوَابُ مِن طَرفٍ خَفِيٍّ : بَلَى إِنَّهُم لَكَذَلِكَ ، وَقَد يَملِكُ بَعضُهُم مِنَ القُدُرَاتِ مَا يَعجِزُ عَنهُ الآلافُ مِنَ النَّاسِ ، وَلَكِنَّهُ التَّوفِيقُ وَالخِذلانُ . نَعَم ، إِنَّهُ تَوفِيقُ اللهِ لِمَن عَلِمَ فِيهِ الخَيرَ ، وَخِذلانُهُ لِمَن عَلِمَ أَنَّهُ دُونَ ذَلِكَ . قَالَ الإِمَامُ ابنُ القَيِّمِ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ : وَقَد أَجمَعَ العَارِفُونَ بِاللهِ أَنَّ التَّوفِيقَ هُوَ أَلاَّ يَكِلَكَ اللهُ إِلى نَفسِكَ ، وَأَنَّ الخِذلانَ هُوَ أَن يُخَلِّيَ بَينَكَ وَبَينَ نَفسِكَ ، فَالعَبِيدُ مُتَقَلِّبُونَ بَينَ تَوفِيقِهِ وَخِذلانِهِ ، بَلِ العَبدُ في السَّاعَةِ الوَاحِدَةِ يَنَالُ نَصِيبَهُ مِن هَذَا وَهَذَا ، فَيُطِيعُهُ وَيُرضِيهِ وَيَذكُرُهُ وَيَشكُرُهُ بِتَوفِيقِهِ لَهُ ، ثُمَّ يَعصِيهِ وَيُخَالِفُهُ وَيُسخِطُهُ وَيَغفَلُ عَنهُ بِخِذلانِهِ لَهُ ، فَهُوَ دَائِرٌ بَينَ تَوفِيقِهِ وَخِذلانِهِ ، فَإِنْ وَفَّقَهُ فَبِفَضلِهِ وَرَحمَتِهِ ، وَإِنْ خَذَلَهُ فَبِعَدلِهِ وَحِكمَتِهِ ، وَهُوَ المَحمُودُ عَلَى هَذَا وَهَذَا لَهُ أَتَمُّ حَمدٍ وَأَكمَلُهُ ، وَلم يَمنَعِ العَبدَ شَيئًا هُوَ لَهُ ، وَإِنَّمَا مَنَعَهُ مَا هُوَ مُجَرَّدُ فَضلِهِ وَعَطَائِهِ ، وَهُوَ أَعلَمُ حَيثُ يَضَعُهُ وَأَينَ يَجعَلُهُ . وَيَقُولُ قَائِلٌ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ : وَمَا الفَائِدَةُ مِنِ استِحضَارِ مِثلِ هَذَا ؟! وَهَل لي في جَلبِ التَّوفِيقِ لِنَفسِي يَدٌ فَأَجتَهِدَ في جَلبِهِ وَأَسعَى إِلَيهِ ؟ وَهَل أَملِكُ دَفعَ الخِذلانِ عَنهَا فَأَعمَلَ عَلَى دَفعِهِ وَرَفعِهِ ؟! فَيُقَالُ : أَمَّا الفَائِدَةُ مِنِ استِحضَارِ مِثلِ هَذَا فَإِنَّهَا كَبِيرَةٌ وَعَظِيمَةٌ ، ذَلِكَ أَنَّهُ مَتَى استَحضَرَ العَبدُ هَذَا وَأَعطَاهُ حَقَّهُ ، عَلِمَ شِدَّةَ ضَرُورَتِهِ إِلى التَّوفِيقِ في كُلِّ نَفَسٍ وَكُلِّ لَحْظٍ ، وَأَنَّ إِيمَانَهُ وَتَوحِيدَهُ بِيَدِ رَبِّهِ ـ تَعَالى ـ لا يُمسِكُهُ إِلاَّ هُوَ ـ سُبحَانَهُ ـ وَلَو تَخَلَّى عَنهُ طَرفَةَ عَينٍ وَوَكَلَهُ إِلى نَفسِهِ لَضَلَّ وَزَلَّ ، وَلَفَقَدَ إِيمَانَهُ وَسُلِبَ تَوحِيدَهُ ، وَلَعَجِزَ عَن أَن يَعمَلَ مِنَ الصَّالِحَاتِ شَيئًا . وَأَمَّا مِفتَاحُ التَّوفِيقِ الَّذِي يَجمُلُ بِالعَبدِ مَعرِفَتُهُ وَاستِعمَالُهُ وَالاحتِفَاظُ بِهِ ، فَإِنَّهُ الافتِقَارُ إِلى اللهِ وَالالتِجَاءُ إِلَيهِ وَالإِقبَالُ عَلَيهِ ، وَصِدقُ الرَّغبَةِ وَالرَّهبَةِ إِلَيهِ ، وَسُؤَالُهُ التَّوفِيقَ وَالاستِعَاذَةُ بِهِ مِنَ الخِذلانِ ، فَمَتَى أَعطَى اللهُ العَبدَ هَذَا المِفتَاحَ فَقَد فَتَحَ لَهُ التَّوفِيقَ ، وَمَتَى أَضَلَّهُ عَنهُ بَقِيَ بَابُ الخَيرِ دُونَهُ مُرتَجًا . وَعَلَى قَدرِ نِيَّةِ العَبدِ وَهِمَّتِهِ وَرَغبتِهِ في الخَيرِ يَكُونُ تَوفِيقُ اللهِ ـ سُبحَانَهُ ـ لَهُ وَإِعَانَتُهُ إِيَّاهُ ، فَالمَعُونَةُ مِنَ اللهِ تَنزِلُ عَلَى العِبَادِ عَلى قَدرِ ثَبَاتِهِم وَرَغبَتِهِم وَرَهبَتِهِم ، وَالخِذلانُ يَنزِلُ عَلَيهِم عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ ، وَاللهُ ـ سُبحَانَهُ ـ أَحكَمُ الحَاكِمِينَ وَأَعلَمُ العَالِمِينَ ، يَضَعُ التَّوفِيقَ في مَوَاضِعِهِ اللاَّئِقَةِ بِهِ ، وَيَضَعُ الخِذلانَ في مَوَاضِعِهِ اللاَّئِقَةِ بِهِ ، وَكُلَّمَا كَانَت نَفسُ العَبدِ شَريفَةً كَبيرَةً لم تَرضَ مِنَ الأَشيَاءِ إِلاَّ بِأَكمَلِهَا وَأَعلاهَا ، وَلم تَقبَلْ مِنهَا إِلاَّ أَفضَلَهَا وَأَسمَاهَا ، وَلم تَشتَغِلْ إِلاَّ بِأَحمَدِهَا عَاقِبَةً وَأَوفَاهَا ، وَكُلَّمَا كَانَتِ النَّفسُ دَنيئَةً صَغيرَةً لم تَحُمْ إِلاَّ حَولَ صَغَائِرِ الأُمُورِ ، وَلم تَقَعْ إِلاَّ عَلَى الدَّنيءِ مِنهَا وَالحَقِيرِ ، كَمَا يَقَعُ الذُّبَابُ عَلَى الجُرُوحِ وَالأَقذَارِ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " قَد أَفلَحَ مَن زَكَّاهَا . وَقَد خَابَ مَن دَسَّاهَا " أَيْ أَفلَحَ مَن كَبَّرَهَا وَكَثَّرَهَا وَنَمَّاهَا بِطَاعَةِ اللهِ ، وَخَابَ مَن صَغَّرَهَا وَحَقَّرَهُا بِمَعَاصِي اللهِ ، وَمِن عَدلِ اللهِ أَنَّ كُلَّ نَفسٍ تَمِيلُ إِلى مَا يُنَاسِبُهَا وَيُشَاكِلُهَا ، قَالَ ـ تَعَالى ـ : " قُل كُلٌّ يَعمَلُ عَلى شَاكِلَتِهِ " أَيْ عَلَى مَا يُشَاكِلُهُ وَيُنَاسِبُهُ ، وَيُوَافِقُ أَخلاقَهُ وَطَبِيعَتَهُ ، وَيَجرِي عَلَى طَريقَتِهِ وَمَذهَبِهِ ، وَيُطَابِقُ عَادَاتِهِ الَّتي أَلِفَهَا وَصِفَاتِهِ الَّتي جُبِلَ عَلَيهَا ، فَالمُؤمِنُ يَعمَلُ بما يُشَاكِلُهُ مِن شُكرِ المُنعِمِ وَمَحَبَّتِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيهِ وَالتَّوَدُّدِ إِلَيهِ ، وَالحَيَاءِ مِنهُ وَالمُرَاقَبَةِ لَهُ وَتَعظِيمِهِ وَإِجلالِهِ ، وَالفَاجِرُ يَعمَلُ بما يُشبِهُ طَريقَتَهُ مِن مُقَابَلَةِ النِّعَمِ بِالمَعَاصِي وَالإِعرَاضِ عَنِ المُنعِمِ المُتَفَضِّلِ ، وَإِذَا عَلِمَ اللهُ ـ سُبحَانَهُ ـ مِن قَلبِ عَبدٍ أَنَّهُ سَيَشكُرُ وَفَّقَهُ لِلخَيرِ وَزَادَهُ ، وَإِذَا عَلِمَ مِنهُ أَنَّهُ سَيَكفُرُ خَذَلَهُ وَتَخَلَّى عَنهُ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللهِ الصُّمُّ البُكمُ الَّذينَ لا يَعقِلُونَ وَلَو عَلِمَ اللهُ فِيهِم خَيرًا لأَسمَعَهُم وَلَو أَسمَعَهُم لَتَوَلَّوا وَهُم مُعرِضُونَ " وَقَد وَفَّقَ اللهُ ـ تَعَالى ـ بِرَحمَتِهِ نَبِيَّهُ سُلَيمَانَ ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ لَمَّا أَنعَمَ عَلَيهِ فَشَكَرَ " قَالَ هَذَا مِن فَضلِ رَبِّي لِيَبلُوَني أَأَشكُرُ أَم أَكفُرُ " وَخَذَلَ بِعَدلِهِ قَارُونَ حَيثُ كَفَرَ " قَالَ إِنَّمَا أُوتيتُهُ عَلَى عِلمٍ عِندِي " أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَأَحسِنُوا النِّيَّةَ ، وَاسأَلُوا رَبَّكُمُ التَّوفِيقَ وَلا تَتَوَاكَلُوا عَلَى جُهُودِكُم وَلا تَعتَمِدُوا عَلى قُوَاكُم ، وَاحمَدُوا اللهَ الَّذِي " حَبَّبَ إِلَيكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ في قُلُوبِكُم وَكَرَّهَ إِلَيكُمُ الكُفرَ وَالفُسُوقَ وَالعِصيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ . فَضلاً مِنَ اللهِ وَنِعمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ " وَاستَعِينُوا بِاللهِ وَلا تَعجِزُوا ، فَإِنَّهُ : إِذَا لَم يَكُن عَونٌ مِنَ اللهِ لِلفَتَىً فَأَوَّلُ مَا يَجني عَلَيهِ اجتِهَادُهُ قَالَ بَعضُ السَّلَفِ : فَوَاتِحُ التَّقوَى حُسنُ النِّيَّةِ ، وَخَوَاتِيمُهَا التَّوفِيقُ ، وَالعَبدُ فِيمَا بَينَ ذَلِكَ بَينَ هَلَكَاتٍ وَشُبُهَاتٍ ، وَنَفْسٍ تَحطِبُ عَلى شُلْوِهَا ، وَعَدُوٍّ مَكِيدٍ غَيرِ غَافِلٍ وَلا عَاجِزٍ ، ثُمَّ قَرَأَ : " إِنَّ الشَّيطَانَ لَكُم عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا " وَيُروَى عَن سَالِمِ بنِ عَبدِاللهِ أَنَّهُ كَتَبَ إِلى عُمَرَ بنِ عَبدِالعَزِيزِ ـ رَحِمَهُمَا اللهُ ـ قَائِلاً : اِعلَمْ يَا عُمَرُ أَنَّ اللهَ ـ تَعَالى ـ عَونٌ لِلعَبدِ بِقَدرِ النِّيَّةِ ، فَمَن تَمَّت نِيَّتُهُ تَمَّ عَونُ اللهِ ـ تَعَالى ـ إِيَّاهُ ، وَمَن قَصُرَت عَنهُ نِيَّتُهُ قَصُرَ عَنهُ مِن عَونِ اللهِ ـ تَعَالى ـ بِقَدرِ ذَلِكَ ، وَقَد قَالَ اللهُ ـ تَعَالى ـ في تَصدِيقِ ذَلِكَ : " إِنْ يُرِيدَا إِصلاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَينَهُمَا " فَجَعَلَ سَبَبَ التَّوفِيقِ إِرَادَةَ الإِصلاحِ ؛ فَذَلِكَ هُوَ أَوَّلُ التَّوفِيقِ مِنَ المُوَفِّقِ المُصلِحِ لِلعَامِلِ الصَّالِحِ . أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيطَانِ فَإِنَّهُ يَأمُرُ بِالفَحشَاءِ وَالمُنكَرِ وَلَولا فَضلُ اللهِ عَلَيكُم وَرَحمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِن أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ كَمَا أَمَرَكُم يُنجِزْ لَكُم مَا وَعَدَكُم " وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مَخرَجًا . وَيَرزُقْهُ مِن حَيثُ لا يَحتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمرِهِ قَد جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيءٍ قَدرًا " أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، قَالَ بَعضُ العَارِفِينَ : وَكُلُّ عَمَلٍ وَإِن قَلَّ لا بُدَّ فِيهِ مِن ثَلاثَةِ مَعَانٍ قَدِ استَأثَرَ اللهُ ـ تَعَالى ـ بَتَوَلِّيهَا ، أَوَّلُهَا : التَّوفِيقُ ، وَهُوَ الاتِّفَاقُ أَن يَجمَعَ بَينَكَ وَبَينَ الشَّيءِ ، ثُمَّ القُوَّةُ ، وَهُوَ اسمٌ لِثَبَاتِ الحَرَكَةِ الَّتي هِيَ أَوَّلُ العَقلِ ، ثُمَّ الصَّبرُ ، وَهُوَ تَمَامُ الفِعلِ الَّذِي بِهِ يَتِمُّ ، فَقَد رَدَّ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ هَذِهِ الأُصُولَ الَّتي يَظهَرُ عَنهَا كُلُّ عَمَلٍ إِلَيهِ ، فَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَمَا تَوفِيقِي إِلاَّ بِاللهِ " وَقَالَ : " مَا شَاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ " وَقَالَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ : " وَاصبِرْ وَمَا صَبرُكَ إِلاَّ بِاللهِ " وَإِنَّهَا لَتَمُرُّ بِكُم ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ مَوَاسِمُ لِلخَيرِ في كُلِّ يَومٍ وَلَيلَةٍ ، وَيَأتي عَلَيكُم مَوَاسِمُ سَنَوِيَّةٌ لِلعِبَادَةِ وَالتَّزَوُّدِ مِنَ التَّقوَى ، وَبَينَ هَذَا وَهَذَا تُدعَونَ لِلمُسَاهَمَةِ في الخَيرِ وَتُعرَضُ عَلَيكُم مَشرُوعَاتُ البِرِّ ، وَالمُوَفَّقُ في كُلِّ ذَلِكَ مَن وَفَّقَهُ اللهُ وَسَدَّدَهُ وَأَعَانَهُ ، فَقَدَّمَ لِنَفسِهِ وَتَنَوَّعَ إِحسَانُهُ . إِنَّ بَينَ أَيدِيكُم رَمَضَانَ ، شَهرُ العِبَادَةِ وَالإِيمَانِ ، وَمَوسِمُ البِرِّ وَالإِحسَانِ ، فِيهِ صِيَامٌ وَقِيَامٌ ، وَتَفطِيرٌ وَإِطعَامٌ ، وَالجَمعِيَّاتُ الخَيرِيَّةُ قَد أَعَدَّتِ العُدَّةَ لإِعَانَتِكُم عَلَى المُسَاهَمَةِ في الخَيرِ ، وَثَمَّةَ مَشرُوعَاتٌ لِمَكَاتِبِ الدَّعوَةِ وَجَمعِيَّاتِ التَّحفِيظِ ، وَإِنَّ رَمَضَانَ لَتَجتَمِعُ فِيهِ عِبَادَاتٌ جَلِيلَةٌ ، مَن جَمَعَهَا كَانَ حَقِيقًا بِمَوعُودِ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ في قَولِهِ : " إِنَّ في الجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِن بَاطِنِهَا وَبَاطِنُهَا مِن ظَاهِرِهَا ، أَعَدَّهَا اللهُ لِمَن أَطعَمَ الطَّعَامَ وَأَفشَى السَّلامَ وَصَلَّى بِاللَّيلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ " فَاسأَلُوا اللهَ أَن يُوَفِّقَكُم لإِدرَاكِ شَهرِ رَمَضَانَ وَصِيَامِهِ وَقِيَامِهِ وَالإِحسَانِ فِيهِ ، فَإِنَّهُ لا تَوفِيقَ إِلاَّ بِاللهِ ، فَتَوَكَّلُوا عَلَيهِ وَتُوبُوا إِلَيهِ ، وَقُولُوا كَمَا قَالَ نَبيُّ اللهِ شُعَيبٌ ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ : " إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصلاحَ مَا استَطَعتُ . وَمَا تَوفِيقِي إِلاَّ بِاللهِ . عَلَيهِ تَوَكَّلتُ وَإِلَيهِ أُنِيبُ " " وَأَحسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحسِنِينَ " " وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِن خَيرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللهِ إِنَّ اللهَ بما تَعمَلُونَ بَصيرٌ " |
رد: خطب الشيخ عبدالله البصري جزى الله ناشر الخير خيرا أعجبني : إِذَا لَم يَكُن عَونٌ مِنَ اللهِ لِلفَتَىً فَأَوَّلُ مَا يَجني عَلَيهِ اجتِهَادُهُ عز الله صدق ها الشاعر ، ما به إلا الله سبحانه ، بعض الناس تجده يقوم ويطيح ويجتهد ويمكن ما يحصل ما يريد ، يالله وفقنا لكل خير إنك سميع مجيب ... جزاك الله خيرا يا شيخ ناصر على هذا الجهد الطيب بنقل هذه الخطب المباركة التي عسى الله ينفع بها الجميع ... وإلى الإمام شيخ ناصر |
رد: خطب الشيخ عبدالله البصري [IMG]file:///C:/Users/user/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.g if[/IMG] اللهم بلغنا رمضان 25/8/1431هـ أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفسٌ مَا قَدَّمَت لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بما تَعمَلُونَ . وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنسَاهُم أَنفُسَهُم أُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ . لا يَستَوِي أَصحَابُ النَّارِ وَأَصحَابُ الجَنَّةِ أَصحَابُ الجَنَّةِ هُمُ الفَائِزُونَ " أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، بَعدَ لَيَالٍ أَربَعٍ أَو خَمسٍ ، يَحِلُّ بِالأُمَّةِ الإِسلامِيَّةِ ضَيفٌ غَالٍ وَوَافِدٌ كَرِيمٌ ، إِنَّهُ شَهرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرآنُ ، وَكُتِبَ عَلَى الأُمَّةِ فِيهِ الصِّيَامُ ، وَسُنَّ لَهَا فِيهِ التَّهَجُّدُ وَالقِيَامُ ، إِنَّهُ الشَّهرُ الَّذِي يَغتَنِمُهُ مُوَفَّقُونَ فَيُبَادِرُونَ ، وَيُسَابِقُونَ إِلى الخَيرِ وَيَتَنَافَسُون َ ، فَيَفُوزُونَ بِجَزِيلِ الثَّوَابِ وَعَظِيمِ الجَزَاءِ ، وَيُضِيعُهُ مُفرِّطُونَ ويُعرِضُ فِيهِ مَخذُولُونَ ، فَيَتَبَاطَؤُون َ وَيَتَأَخَّرُون َ عَنِ اكتِسَابِ الأَجرِ ، أَو يَتَلَبَّسُونَ بِالمَعَاصِي فَيُثقِلُونَ كَوَاهِلَهُم بِالسَّيِّئَاتِ وَالوِزرِ . وَذَلِكَ فَضلُ اللهِ يُؤتِيهِ مَن يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ مِمَّن عَلِمَ في قُلُوبِهِم خَيرًا ، وَتِلكَ حِكمَتُهُ الَّتي يُضِلُّ بها مَن عَلِمَ أَنَّهُم دُونَ ذَلِكَ " يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَولِ الثَّابِتِ في الحَيَاةِ الدُّنيَا وَفي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالمِينَ وَيَفعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ " " وَالَّذِينَ اهتَدَوا زَادَهُم هُدىً وَآتَاهُم تَقوَاهُم " " مَن يَهدِ اللهُ فَهُوَ المُهتَدِي وَمَن يُضلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ " وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ عَلَى المُسلِمِ في قُدُومِ هَذَا الشَّهرِ المُبَارَكِ أَن يَكُونَ شُغلُهُ الشَّاغِلُ وَهَمُّهُ الدَّائِمُ اللُّجُوءَ إِلى رَبِّهِ ـ سُبحَانَهُ ـ وَسُؤَالَهُ التَّوفِيقَ لاغتِنَامِ هَذَا المَوسِمِ العَظِيمِ بما يُقَرِّبُهُ إِلَيهِ زُلفَى ، وَأَن يَشرَحَ صَدرَهُ لِلمُضِيِّ فِيمَا يُرضِيهِ ـ جَلَّ وَعَلا ـ ، وَأَن يَرزُقَهُ قَلبًا يَعقِلُ المَوَاعِظَ وَتَنفَعُهُ الذِّكرَى ، وَنَفسًا تَخِفُّ إِلى الطَّاعَةِ وَتَأَلَفُهَا ، وَيَدًا تَصنَعُ المَعرُوفَ وَتَندَى بِالعَطَاءِ ، فَإِنَّهُ مَا زَكَا مَن زَكَا وَلا أَفلَحَ مَن أَفلَحَ إِلاَّ بِتَوفِيقِ اللهِ لَهُ ، وَلا سَارَ في طَرِيقِ الجَنَّةِ مَن سَارَ إِلاَّ بِرَحمَةِ اللهِ ، وَلا خَابَ إِلاَّ مَن قَسَا قَلبُهُ وَخَبُثَت نَفسُهُ ، وَأَعرَضَ عَمَّا فِيهِ نَفعُهُ وَنَجَاتُهُ " أَفَمَن شَرَحَ اللهُ صَدرَهُ لِلإِسلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِن رَبِّهِ فَوَيلٌ لِلقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِن ذِكرِ اللهِ أُولَئِكَ في ضَلالٍ مُبِينٍ . اللهُ نَزَّلَ أَحسَنَ الحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانيَ تَقشَعِرُّ مِنهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخشَونَ رَبَّهُم ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُم وَقُلُوبُهُم إِلى ذِكرِ اللهِ ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهدِي بِهِ مَن يَشَاءُ وَمَن يُضلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِن هَادٍ " وَيَقُولُ ـ سُبحَانَهُ ـ فِيمَن لم يُوَفَّقُوا : " نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُم " وَيَقُولُ ـ تَعَالى ـ في آخَرِينَ ممَّن تكَاسَلُوا عَنِ الخَيرِ : " وَلَو أَرَادُوا الخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللهُ انبِعَاثَهُم فَثَبَّطَهُم وَقِيلَ اقعُدُوا مَعَ القَاعِدِين " إِنَّ جُمهُورَ الأُمَّةِ وَعَامَّةَ المُسلِمِينَ لَيَفرَحُونَ بِهَذَا الشَّهرِ فَرَحًا عَظِيمًا ، وَيَستَنفِرُونَ قُوَاهُم في هَذَا المَوسِمِ بما لا يَكَادُونَ يَفعَلُونَهُ في غَيرِهِ ، وَيَبذُلُونَ جُهُودَهُم فِيهِ لِلتِّجَارَةِ الرَّابِحَةِ مَعَ اللهِ ، مُستَحضِرِينَ مَا وَرَدَ مِنَ التَّرغِيبِ وَالبِشَارَةَ ، وَتَرَى الدُّعَاةَ وَالوَاعِظِينَ يُذَكِّرُونَ وَيُنَوِّعُونَ مَوَاعِظَهُم ، وَجَمعِيَّاتِ البِرِّ وَالمُؤَسَّسَات ِ الخَيرِيَّةَ وَمَكَاتِبَ الدَّعوَةِ تُهَيِّئُ الفُرَصَ لِمَن يَبغِي الخَيرِ ، وَتُمَهِّدُ طُرُقَ التَّزَوُّدِ لِلآخِرَةِ لِمَن يُرِيدُ أَن يَسلُكَهَا ، غَيرَ أَنَّ القُلُوُبَ الَّتي أَرَادَ اللهُ بِأَهلِهَا خَيرًا تَتَلَقَّى المَوَاعِظَ وَتَنشَرِحُ لَهَا وَتَندَى بها ، وَتُشرِقُ بِنُورِ رَبِّهَا وَتَستَنِيرُ بِآيَاتِهِ ، وَتَتَفَتَّحُ لِعَمَلِ الخَيرِ وَتَهَشُّ لَهُ وَتَبَشُّ بِهِ ، في حِينِ أَنَّ القُلُوبَ القَاسِيَةَ تَظَلُّ مُغَلَّفَةً بِقَسوَتِهَا وَغِلظَتِهَا ، مُحَاطَةً بِغِشَاوَتِهَا وَظُلمَةِ إِعرَاضِهَا وَمَعَاصِيهَا ، لا تَتَحَرَّكُ لِدَاعِي الخَيرِ ، وَلا تَلتَفِتُ لِمُنَادِي الحَقِّ ، وَشَتَّانَ بَينَ هَذِهِ وَتِلكَ ، وَفَرقٌ عَظِيمٌ بَينَ هَؤُلاءِ وَأُولَئِكَ ، شَتَّانَ بَينَ مَن يَشرَحُ اللهُ صَدرَهُ وَيَمُدُّ لَهُ مِن نُورِهِ فَيَخشَاهُ وَيَتَّقِيهِ ، مُتَلَقِّيًا ذِكرَهُ ـ تَعَالى ـ في وَجَلٍ يَقشَعِرُّ مِنهُ جِلدُهُ ؛ ثُمَّ تَهدَأُ بِالحَقِّ نَفسُهُ ، وَيَأنَسُ إِلَيهِ قَلبُهُ ؛ فَيَلِينُ وَيَطمَئِنُّ إِلى ذِكرِ اللهِ ، شَتَّانَ بَينَ ذَلِكَ وَبَينَ مَن صَدرُهُ ضَيِّقٌ حَرَجٌ ، لا يَقبَلُ الهُدَى وَلا يَجنَحُ إِلَيهِ وَلا يَرغَبُ فِيهِ " وَمَن يُضلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِن هَادٍ " فَهَنِيئًا لِمَن أَعطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالحُسنَى ، فَوَفَّقَهُ رَبُّهُ وَيَسَّرَهُ لِليُسرَى ، وَيَا لَخَيبَةِ مَن بَخِلَ وَاستَغنَى وَكَذَّبَ بِالحُسنَى ، فَوُكِلَ إِلى نَفسِهِ وَيُسِّرَ لِلعُسرَى ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبشِرُوا ؛ فَإِنَّهُ لَن يُدخِلَ الجَنَّةَ أَحَدًا عَمَلُهُ " قَالُوا : وَلا أَنتَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : " وَلا أَنَا إِلاَّ أَن يَتَغَمَّدَنيَ اللهُ مِنهُ بِرَحمَةٍ ، وَاعلَمُوا أَنَّ أَحَبَّ العَمَلِ إِلى اللهِ أَدوَمُهُ وَإِن قَلَّ " أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَاجتَهِدُوا بِتَسدِيدِ العَمَلِ وَإِتقَانِهِ ، وَإِلاَّ فَلا أَقَلَّ مِنَ المُقَارَبَةِ وَاتِّقَاءِ اللهِ مَا استَطَعتُم ، تَقرَّبُوا إِلى اللهِ بِالفَرَائِضِ وَتَزَوَّدُوا مِنَ النَّوَافِلِ ، وَدَاوِمُوا عَلَى عَمَلِ الخَيرِ وَاستَكثِرُوا مَن الصَّالِحَاتِ ، مَعَ الاجتِهَادِ أَن يَكُونَ أَحَدُكُم في كُلِّ يَومٍ أَفضَلَ مِنهُ في الَّذِي قَبلَهُ ، وَأَن يَكُونَ في كُلِّ عَامٍ أَقرَبَ إِلى اللهِ مِنَ العَامِ الَّذِي سَبَقَهُ ، فَإِنَّ العَبدَ لا يَزدَادُ بِمُرُورِ الأَيَّامِ إِلاَّ قُربًا مِنَ المَوتِ وَنَقصًا في الأَجَلِ ، غَيرَ أَنَّ المُؤمِنَ يَزدَادُ مَعَ الأَيَّامِ حِرصًا عَلَى الآخِرَةِ وَزُهدًا في الدُّنيَا ، وَتَزوُّدًا مِن صَالِحِ العَمَلِ وَتَوبَةً مِنَ السَّيِّئَاتِ ، قَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " خَيرُ النَّاسِ مَن طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ " وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " وَإِنَّهُ لا يَزِيدُ المُؤمِنَ عُمُرُهُ إِلاَّ خَيرًا " وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ : " اغتَنِمْ خَمسًا قَبلَ خَمسٍ ، شَبَابَكَ قَبلَ هَرَمِكَ ، وَصِحَّتَكَ قَبلَ سَقَمِكَ ، وَغِنَاكَ قَبلَ فَقرِكَ ، وَفَرَاغَكَ قَبلَ شُغلِكَ ، وَحَيَاتَكَ قَبلَ مَوتِكَ " جَعَلَني اللهُ وَإِيَّاكُم مِمَّن يُدرِكُ الشَّهرَ الكَرِيمَ وَيَفُوزُ فِيهِ بِالأَجرِ العَظِيمِ ، وَأَقُولُ مَا تَسمَعُونَ وَأَستَغفِرُ اللهَ . أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَرَاقِبُوا أَمرَهُ وَنَهيَهُ وَلا تَنسَوهُ " وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مِن أَمرِهِ يُسرًا " ثُمَّ اعلَمُوا ـ رَحِمَكُمُ اللهُ ـ أَنَّ مِمَّا يَزِيدُ المُؤمِنَ حِرصًا عَلَى إِتقَانِ عَمَلِهِ وَاجتِهَادًا في تَحصِيلِ الصَّالِحَاتِ قَدرَ طَاقَتِهِ ، أَن يَستَحضِرَ أَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ هَذَا هُوَ آخِرَ رَمَضَانَ يَشهَدُهُ ، فَليَصُمْ فِيهِ صِيَامَ مُوَدِّعٍ ، وَليُصَلِّ فِيهِ صَلاةَ مُوَدِّعٍ ، وَليَجتَهِدْ فِيهِ اجتِهَادَ مَن لَعَلَّهُ لا يُدرِكُهُ مَرَّةً أُخرَى ، فَكَم مِمَّن صَامَ مَعَنَا في العَامِ المَاضِي وَقَامَ ، ثُمَّ هُوَ في عَامِهِ هَذَا حَبِيسُ قَبرِهِ وَرَهِينُ عَمَلِهِ ، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ وَاسأَلُوهُ التَّوفِيقَ ، وَمَن وَفَّقَهُ اللهُ لإِدرَاكِ رَمَضَانَ فَليُشَمِّرْ عَن سَاعِدِ الجِدِّ مِن أَوَّلِ يَومٍ ، وَليَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَليُنِبْ إِلَيهِ وَليَحذَرِ التَّسوِيفَ ، فَإِنَّ إِدرَاكَ مَوَاسِمِ الخَيرِ نِعمَةٌ لا تَعدِلُهَا نِعمَةٌ ، وَالمَغبُونُ المَحرُومُ مَن لم يَتَعَامَلْ مَعَ رَبِّهِ ، يَقُولُ ـ تَعَالى ـ في الحَدِيثِ القُدسِيِّ : " مَن جَاءَ بِالحََسَنَةِ فَلَهُ عَشرُ أَمثَالِهَا وَأَزِيدُ ، وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ مِثلُهَا أُو أَغفِرُ ، وَمَن تَقَرَّبَ مِنِّي شِبرًا تَقَرَّبتُ مِنهُ ذِرَاعًا ، وَمَن تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبتُ مِنهُ بَاعًا ، وَمَن أَتَاني يَمشِي أَتَيتُهُ هَروَلَةً ، وَمَن لَقِيَني بِقُرَابِ الأَرضِ خَطِيئَةً لا يُشرِكُ بي شَيئًا لَقِيتُهُ بِمِثلِهَا مَغفِرَةً " وقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " إِنَّ اللهَ ـ تَعَالى ـ كَتَبَ الحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ ، فَمَن هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَم يَعمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ ـ تَعَالى ـ عِندَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً ، فَإِنْ هَمَّ بها فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ ـ تَعَالى ـ عِندَهُ عَشرَ حَسَنَاتٍ إِلى سَبعِ مِئَةِ ضَعفٍ إِلى أَضعَافٍ كَثِيرَةٍ ، وَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَم يَعمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِندَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً ، فَإِنْ هَمَّ بها فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ ـ تَعَالى ـ سَيِّئَةً وَاحِدَةً ، وَلا يَهلِكُ عَلَى اللهِ إِلاَّ هَالِكٌ " قَالَ الإِمَامُ ابنُ رَجَبٍ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ وَقَولُهُ بَعدَ ذَلِكَ : " وَلا يَهلِكُ عَلَى اللهِ إِلاَّ هَالِكٌ " يَعني بَعدَ هَذَا الفَضلِ العَظِيمِ مِن اللهِ وَالرَّحمَةِ الوَاسِعَةِ مِنهُ بِمُضَاعَفَةِ الحَسَنَاتِ وَالتَّجَاوُزِ عَنِ السَّيِّئَاتِ ، لا يَهلِكُ عَلَى اللهِ إِلاَّ مَن هَلَكَ وَأَلقَى بِيَدِهِ إِلى التَّهلُكَةِ وَتَجَرَّأَ عَلَى السَّيِّئَاتِ وَرَغِبَ عَنِ الحَسَنَاتِ وَأَعرَضَ عَنهَا . |
| الساعة الآن 06:41 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
-
arab-line : Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.3.0 TranZ By
Almuhajir
... جميع الحقوق محفوظه لمجالس رويضة العرض لكل العرب ...
.. جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر صاحبها ...ولا تعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر المنتدى..