![]() |
رد: خطب الشيخ عبدالله البصري خطبة الجمعه 25/11/1430هـ الحوثيون ومطاولة الجبال أَمَّا بَعدُ ، فَيَا أَيُّهَا المُؤمِنُونَ " اِتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ " أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، سُنَّةُ اللهِ ـ تَعَالى ـ في خَلقِهِ وَاحِدَةٌ ، ثَابِتَةٌ لا تَختَلِفُ مَاضِيَةٌ لا تَتَخَلَّفُ " وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبدِيلاً " " وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَحوِيلاً " وَالتَّأرِيخُ ـ كَمَا يُقَالُ ـ يُعِيدُ نَفسَهُ ، وَأَحدَاثُهُ كَمَا يُلحَظُ تَتَكَرَّرُ . أَلا وَإِنَّ مِن سُنَنِ اللهِ في الكَونِ أَن جَعَلَ المُدَافَعَةَ بَينَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ قَائِمَةً مَدَى الدَّهرِ مَاضِيَةً إِلى أَن تَقُومَ السَّاعَةُ ، لا اتِّفَاقَ بَينَ حَقٍّ وَبَاطِلٍ وَلا ائتِلافَ وَلا اجتِمَاعَ ، وَالصِّرَاعُ مَستَمِرٌّ وَالمَعرَكَةُ قَائِمَةٌ ، وَإِنْ هِيَ هَدَأَت حِينًا رَجَاءً لِمَصَالِحَ أَكبَرَ أَو دَفعًا لِمَفَاسِدَ أَعظَمَ ، فَإِنَّمَا هِيَ استِرَاحَاتُ مُقَاتِلِينَ تُنتَظَرُ فِيهَا الفُرَصُ المُواتِيَةُ لِلهُجُومِ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُم حَتَّى يَرُدُّوكُم عَن دِينِكُم إِنِ استَطَاعُوا " وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِن دُونِكُم لا يَألُونَكُم خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّم قَد بَدَتِ البَغضَاءُ مِن أَفوَاهِهِم وَمَا تُخفِي صُدُورُهُم أَكبَرُ " أَلا وَإِنَّ مِن أَمثِلَةِ التَّدَافُعِ وَالصِّرَاعِ في وَاقِعِنَا المعاصر ، مَا تَشهَدُهُ بِلادُ الحَرَمَينِ اليَومَ مِن هُجُومٍ مُنَظَّمٍ وَحَمَلاتٍ حَاقِدَةٍ عَلَى عَقِيدَةِ أَهلِ السُّنَّةِ وَدَولَتِهَا وَرُمُوزِهَا مِن وُلاةٍ وَعُلَمَاءَ ، يَقُومُ بِهَا تَحَالُفٌ مَشبُوهٌ ، يَتَاوَزَعُ الأَدوَارَ فِيهِ صَلِيبِيُّونَ حَاقِدُونَ وَيَهُودٌ مَاكِرُونَ ، وَيُنَفِّذُهُ رَافِضَةٌ بَاطِنِيُّونَ وَيُنَظِّرُ لَهُ لِيبرَالِيُّونَ عِلمَانِيُّونَ ، أَجمَعُوا أَمرَهُم عَلَى تَوهِينِ عَقِيدَةِ التَّوحِيدِ القَائِمَةِ عَلَى عِبَادَةِ اللهِ وَحدَهُ وَالوَلاءِ لَهُ وَلِلمُؤمِنِينَ ، وَالكُفرِ بِالطَّاغُوتِ وَالبَرَاءَةِ مِنَ الكُفرِ وَالكَافِرِينَ . وَإِنَّ أَعدَاءَ المُسلِمِينَ مِنَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالمُنَافِقِين َ وَالرَّافِضَةِ البَاطِنِيِّينَ ممَّن " لا يَرقُبُونَ في مُؤمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً " إِنَّهُم لَن يَهدَأَ لهم بَالٌ وَلَن تَنَامَ لهم عَينٌ وَلَن يَقَرَّ لهم قَرَارٌ ، مَا بَقِيَ عَلَى الأَرضِ مُسلِمٌ يَقُولُ رَبِّيَ اللهُ , وَلِهَذَا فَهُم يَتَحَيَّنُونَ الفُرَصَ لِحَربِ المُسلِمِينَ وَيُمَنُّونَ أَنفُسَهُم بِالقَضَاءِ عَلَيهِم . وَإِنَّ مَا تُقصَدُ بِهِ هَذِهِ البِلادِ المُبَارَكَةِ في مَوسِمِ الحَجِّ مِن كُلِّ عَامٍ مِن قِبَلِ الرَّافِضَةِ البَاطِنِيَّةِ ، وَمَا يُثِيرُونَهُ بَينَ آوِنَةٍ وَأُخرَى مِن بَلبَلَةٍ في أُمِّ القُرَى وَفي مَدِينَةِ رَسُولِ اللهِ ، إِنَّ في ذَلِكَ لَصَفحَةً سَودَاءَ وَوَجهًا كَالِحًا ممَّا يُخَطِّطُ لَهُ الأَعدَاءُ بِوَجهٍ عَامٍّ ، وَأكبَرَ دَلِيلٍ عَلَى مَا يَحمِلُه الرَّافِضَةُ بِوَجهٍ خَاصٍّ مِن شُعُورٍ نَحوَ هَاتَينِ المَدِينَتَينِ المُقَدَّسَتَين ِ وَنَحوَ دَولَةِ التَّوحِيدِ ، وَلا غَروَ وَلا عَجَبَ ، فَهُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ إِنَّ أَرضَ مَكَّةَ لم تُفضَّلْ إِلاَّ لأَجلِ تُربَةِ كَربَلاءَ ، وَهُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ إِنَّ زِيَارَةَ قَبرِ الحُسَينِ تَعدِلُ عِشرِينَ حَجَّةً وَأَفضَلُ مِن عِشرِينَ حَجَّةً وَعُمرَةً ، وَإِنَّ مَن يَقرَأُ التَّأرِيخَ وَيَتَتَبَّعُهُ يَعلَمُ عِلمَ يَقِينٍ لا شَكَّ فِيهِ وَلا رَيبَ ، أَنَّ هَذِهِ الفِرقَةَ المُبتَدِعَةَ الضَّالَّةَ المُضِلَّةَ ، كَانَت وَمَا زَالَت حَربًا عَلَى أَهلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ ، وَسَبَبًا في كُلِّ مِحنَةٍ لِلإِسلامِ وَرَزِيَّةٍ ، فَأَبُو لُؤلُؤَةَ المَجُوسِيُّ الَّذِي قَتَلَ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ هُوَ الَّذِي يَتَرَحَّمُ عَلَيهِ الرَّافِضَةُ وَيَدعُونَ اللهَ أَن يَحشُرَهُم مَعَهُ ، وَالقَرَامِطَةُ وَهُم مِن غُلاةِ الشِّيعَةِ البَاطِنِيَّةِ , هُمُ الَّذِينَ انتَهَكُوا حُرمَةَ البَيتِ الحَرَامِ في عَامِ سَبعَةَ عَشَرَ وَثَلاثِ مِئَةٍ لِلهِجرَةِ ، حَيثُ دَخَلُوهُ وَاستَحَلُّوهُ في يَومِ التَّروِيَةِ ، وَقَتَلُوا الحُجَّاجَ وَأَلقَوا بِجُثَثِهِم في بِئرِ زَمزَمَ ، ثم اقتَلَعُوا الحَجَرَ الأَسوَدَ بَعدَ أَن مَزَّقُوا أَستَارَ الكَعبَةِ ، وَذَهَبُوا بِهِ إِلى دِيَارِهِم ، وَبَقِيَ فِيهَا ثِنتَينِ وَعِشرِينَ سَنَةً ، وَبِسَبَبِهِمُ انقَطَعَ الحَجُّ سِنِينَ عَدِيدَةً ، إِذ كَانُوا يَقطَعُونَ عَلَى الحُجَّاجِ الطَّرِيقَ وَيَستَبِيحُونَ هُم وَيَمنَعُونَهُم مِنَ الذَّهَابِ إِلى مَكَّةَ ، وَأَمَّا في التَّأرِيخِ الحَدِيثِ ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَّا يَتَذَكَّرُ مَا حَصَلَ في عَامِ أَلفٍ وَأَربَعِ مِئَةٍ وَسِتَّةٍ لِلهِجرَةِ ، إِذْ عَرَضَت وَسَائِلُ الإِعلامِ في بِلادِنَا صُوَرًا لِمَوَادَّ مُتَفَجِّرَةٍ أَدخَلَهَا الرَّافِضَةُ إِلى الدِّيَارِ المُقَدَّسَةِ لِلتَّندِيدِ بِأَمرِيكَا كَمَا يَزعُمُونَ ، وَلَكِنَّ اللهَ سَلَّمَ وَكُشِفَ أَمرُ أُولَئِكَ المُجرِمِينَ ، وَفي حَجِّ عَامِ سَبعَةٍ وَأَربَعِ مِئَةٍ وَأَلفٍ نَظَّمَ الرَّافِضَةُ مُظَاهَرَاتٍ بِالقُربِ مِنَ المَسجِدِ الحَرَامِ بِالحُجَّةِ نَفسِهَا ، اِستَخدَمُوا فِيهَا السَّكَاكِينَ وَالأَسلِحَةَ البَيضَاءَ ، وَقَتَلُوا في حَرَمِ اللهِ الآمِنِ عَدَدًا كَبِيرًا مِنَ الحُجَّاجِ وَالجُنُودِ ، وَمَثَّلُوا بِالجُثَثِ وَعَلَّقُوهَا في أَعمِدَةِ الإِضَاءَةِ ، وَبَعدَهَا بِعَامَينِ في عَامِ تِسعَةٍ وَأَربَعِ مِئَةٍ وَأَلفٍ قَامُوا بِالتَّفجِيرِ قُربَ الحَرَمِ المَكِيِّ ، وَقَتَلُوا عَدَدًا مِنَ الحُجَّاجِ ، وَفي عَامِ عَشَرَةٍ وَأَربَعِ مِئَةٍ وَأَلفٍ وَفي نَفَقِ المُعَيصِمِ أَطلَقُوا غَازَ الخَردَلِ السَّامَّ ، فَتُوُفِّيَ مِن جَرَاءِ ذَلِكَ المِئَاتُ بِلِ الآلافُ مِنَ الحُجَّاجِ ، وَفي شَهرِ رَجَبٍ مِنَ هَذَا العَامِ نَظَّمَ الرَّافِضَةُ المَسِيرَاتِ حَولَ مَسجِدِ رَسُولِ اللهِ ، وَدَخَلُوا البَقِيعَ بِصَورَةٍ غَوغَائِيَّةٍ هَمَجِيَّةٍ ، وَنَبَشُوا القُبُورَ وَأَخَذُوا مِن تُرَابِ بَعضِهَا ، وَحَاوَلُوا إِحيَاءَ مَعَالِمِ الشِّركِ وَالوَثَنِيَّةِ في مَدِينَةِ التَّوحِيدِ ، وَقَد صَاحَبَ ذَلِكَ تَحَرُّكَاتٌ في مُدُنِهِم وَقُرَاهُم شَرقَ البِلادِ ، وَرَفعَ دَعَاوَى وَشِعَارَاتٍ ، وَتَقدِيمَ مُطَالَبَاتٍ لدى الكُفَّارِ ضِدَّ البِلادِ وَوُلاتِهَا ، ثم هَا هِيَ أَحدَاثُ الحُوثِيِّينَ هَذِهِ الأَيَّامَ في جَنُوبِ هَذِهِ البِلادِ ، تَصِلُ مَاضِيَ هَؤُلاءِ المُجرِمِينَ الحَاقِدِينَ بِحَاضِرِهِم ، وَتُبدِي لِكُلِّ ذِي دِينٍ وَعَقلٍ مَا تُخفِيهِ صُدُورِ أُولَئِكَ الفَجَرَةِ مِن إِرَادَةِ السُّوءِ وَالعَنَتِ بِالمُسلِمِينَ مِن أَهلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ في هَذِهِ البِلادِ ، حَيثُ يُرِيدُونَ إِحكَامَ الطَّوقِ بِدَولَةِ التَّوحِيدِ مِن كُلِّ نَاحِيَةٍ ، ممَّا يُظهِرُ أَنَّهُ لا تَقَارُبَ مَعَ أُولَئِكَ الكَفَرَةِ وَإِن بُذِلَ مَا بُذِلَ أَو أُظهِرَ مِن حُسنِ النَّوَايَا مَا أُظهِرَ . وَمِن هُنَا ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ فَإِنَّ المُتَعَيِّنَ عَلَينَا أَن نَعرِفَ أَنَّ هَؤُلاءِ الأَعدَاءَ البَاطِنِيِّينَ , تَنطَوِي قُلُوبُهُم عَلَى عَقَائِدِ بُغضٍ رَاسِخَةٍ ، وَيَنطَلِقُونَ مِن مَبَادِئِ كُرهٍ ثَابِتَةٍ ، هِيَ الَّتي تُحَرِّكُهُم ضِدَّنَا وَتَدفَعُهُم إِلى الاعتِدَاءِ عَلَينَا . وَلِلعِلمِ بِشَيءٍ ممَّا يَحمِلُهُ أُولَئِكَ المُجرِمُونَ مِن كُفرٍ بَوَاحٍ وَعَقَائِدَ فَاسِدَةٍ ، لا يَقُولُ بها عَاقِلٌ فَضلاً عَن مُؤمِنٍ ، فَإِنَّ عَلَينَا أَن نَعرِفَ أَنَّهُم يَقُولُونَ بِتَحرِيفِ القُرآنِ , وَيُكَفِّرُونَ أَصحَابَّ النَّبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَيَطعَنُونَ في زَوجَةِ رَسُولِ اللهِ وَأُمِّ المُؤمِنِينَ الصِّدِّيقَةِ بِنتِ الصِّدِيقِ عَائِشَةِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهَا ـ حَيثُ يَرمُونَهَا بِالفَاحِشَةِ . وَمِن كُفرِهِمُ اعتِقَادُهُم عِصمَةَ الأَئِمَّةِ ، بَل قُولُهُم بِأُلُوهِيَّتِه ِم وَتَصَرُّفِهِم في العَالَمِ ، وَزَعمُهُم أَنَّهُم يَعلَمُونَ مَا كَانَ وَمَا سَيَكُونُ ، وَاعتِقَادُهُم بِأَنَّ لَهُمُ خِلافَةً تَكوِينِيَّةً تَخضَعُ لها جَمِيعُ ذَرَّاتِ الوُجُودِ ، وَأَنَّ لَهُم دَرَجَةً لا يَصِلُ إِلَيهَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلا نَبيٌّ مُرسَلٌ , وَمِن عَقَائِدِ بَعضِ فِرَقِهِم أَنَّ الحَاكِمَ لَو عَادَ في آخِرِ الزَّمَانِ فَإِنَّهُ سَيَقتُلُ جَمِيعَ المُسلِمِينَ ، وَسَيَهدِمُ الكَعبَةَ حَجَرًا حَجَرًا ، وَلا يَقبَلُ الجِزيَةَ مِنَ المُسلِمِينَ أَبَدًا ، وَإِنَّمَا يَأخُذُهَا مِنَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى ، وَهَذَا عَكسُ مَا نَعلَمُهُ نَحنَ في دِينِ الإِسلامِ ممَّا أَخبَرَ بِهِ نَبِيُّنَا ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ مِن أَنَّ عِيسَى ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ هُوَ الَّذِي سَيَأتي فَيَقتُلُ الخِنزِيرَ وَيَكسِرُ الصَّلِيبَ وَيَضَعُ الجِزيَةَ وَلا يَقبَلُ إِلاَّ دِينَ الإِسلامِ ، فَهَل يَقُولُ بِبَعضِ هَذِهِ الأُمُورِ أَحَدٌ ثُمَّ يُنسَبَ بَعدَهَا لِلإِسلامِ ؟! سُبحَانَكَ هَذَا بُهتَانٌ عَظِيمٌ . وَمِن أَشَدِّ الشِّيعَةِ الزَّيدِيَّةِ غُلُوًّا فِرقَةٌ تُسَمَّى الجَارُودِيَّةَ ، وَمِن هَذِهِ الفِرقَةِ خَرَجَ الحُوثِيُّونَ المُعتَدُونَ ، الَّذِينَ تَرَبَّوا في أَحضَانِ الرَّافِضَةِ في إِيرَانَ ، وَتَعَلَّمُوا في مَدَارِسِهِم وَتَخَرَّجُوا في جَامِعَاتِهِم ، وَقَد وُضِعُوا في هَذِهِ المِنطَقَةِ بِالذَّاتِ ، حَربًا لأَهلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ ، وَمُوَاجَهَةً لِلعَقِيدَةِ الإِسلامِيَّةِ الصَّحِيحَةِ الَّتي جَعَلَت تَنتَشِرُ هُنَاكَ بِقُوّةٍ ، وَمُحَاوَلَةً لِلإِحَاطَةِ بِدَولَةِ الإِسلامِ مِن كُلِّ جَانِبٍ ، وَإمعَانًا في إِيذَائِهَا وَرَغبَةً في الإِطَاحَةِ بِوُلاتِهَا وَعُلَمَائِهَا ، وَكَمَا ظَهَرَت دُوَلُ الرَّافِضَةِ في أَوَاخِرِ القَرنِ الثَّالِثِ مِنَ القِرَامِطَةِ في العِرَاقِ وَشَرقِ الجَزِيرَةِ ، وَبَني بُوَيهٍ في فَارِسٍ ، وَالعُبَيدِيِّي نَ المُسَمَّينَ بِالفَاطِمِيِّي نَ في الشَّامِ وَمِصرَ وَشمالِ أَفرِيقِيَّةَ ، وَالصُّلَيحِيِّ ينَ في اليَمَنِ ، وَالحَشَّاشِينَ في بِلادِ فَارِسٍ ، أَقُولُ كَمَا ظَهَرَت تِلكَ الدُّوَلُ وَنَشَأَت في وَقتٍ وَاحِدٍ وَبِتَخطِيطٍ مَاكِرٍ ، فَإِنَّ الرَّافِضَةَ المَجُوسَ اليَومَ ، وَبِتَحَالُفٍ بَاطِنِيٍّ بَينَهُم وَبَينَ الصَّلِيبِيِّين َ واَليُهُودِ ، يَعمَلُونَ عَلَى إِنشَاءِ دُوَلٍ لهم تُحِيطُ بِجَزِيرَةِ العَرَبِ مِن كُلِّ جَانِبٍ ، هَدَفُهَا بِلادُ الحَرَمَينِ وَمُقَدَّسَاتُه َا وَوُلاةُ أَمرِهَا وَأَهلُهَا ، وَهُوَ الأَمرُ الَّذِي عَادَ غَيرَ خَافٍ عَلَى أَحَدٍ ، وَإِنَّهُ لَغَبَاءٌ شَنِيعٌ وَجَهلٌ ذَرِيعٌ أَن يَعتَقِدَ أَحَدٌ بِوُجُودِ اختِلافٍ عَقَدِيٍّ أَو عِدَاءٍ حَقِيقِيٍّ بَينَ الرَّافِضَةِ وَاليَهُودِ وَالنَّصَارَى ، صَحِيحٌ أَنَّهُ قَد يَكُونُ ثَمَّةَ تَعَارُضُ مَصَالِحٍ بَينَهُم ، لَكِنَّهُم سُرعَانَ مَا يَتَّفِقُونَ وَيَأتَلِفُونَ ، وَيَبقَى أَهلُ السُّنَّةِ عَدُوَّهُمُ المُشتَرَكَ ، فَبَينَمَا تَشُنُّ دَولَةُ الكُفرِ اليَومَ هُجُومَهَا عَلَى مَن تُسَمِّيهِمُ الأُصُولِيَّينَ المُتَشَدِّدِين َ ، نَجِدُ هَذَا الهُجُومَ نَفسَهُ مِنَ الرَّافِضَةِ عَلَى أَهلِ السُّنَّةِ أَو مَن يُسَمُّونَهُمُ الوَهَّابِيَّةَ ، وَمَا تَصرِيحَاتُهُمُ الكَثِيرَةُ ضِدَّ هَذِهِ البِلادِ وَتَهدِيدُهُم لها بِالإِفسَادِ فيهَا في مَوسِمِ الحَجِّ ، وَمُشَاغَبَاتُه ُمُ المُتَكَرِّرَةُ في المَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ وَفي مُدُنِهِم ، وَمُصَادَمَاتُه ُم مَعَ أَهلِ الحِسبَةِ وَرِجَالِ الأَمنِ وَالشُّرطَةِ ، وَرَفعُهُم لِشَعَارَاتِ الشِّركِ هُنَا وَهُنَاكَ ، إِلاَّ دَلِيلٌ عَلَى تَحَالُفٌ وَجُهدٌ مُشتَرَكٌ بَينَهُم وَبَينَ الصَّلِيبِيِّين َ في مُحَارَبَةِ التَّوحِيدِ وَأَهلِهِ وَدَولَتِهِ ، أَلا فَلنَنتَبِهْ لِهَذَا الخَطَرِ الدَّاهِمِ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ فَإِنَّ الكُفرَ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ ، وَالإِسلامُ مُحَارَبٌ وَأَهلُهُ مُبتَلَونَ ، وَهَذِهِ البِلادُ مَقصُودَةٌ في دِينِهَا وَأَمنِهَا وَوُلاتِهَا المُخلِصِينَ وَعُلَمَائِهَا الرَّبَّانِيِّي نَ ، وَتِلكَ سُنَّةُ اللهِ في عِبَادِهِ ، وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ " وَسَيَعلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ " ــــــــــــــ أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ " وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مَخرَجًا " أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ ممَّا يَجِبُ أَن يُعلَمَ أَنَّ لِهَؤُلاءِ الشِّيعَةِ الرَّافِضَةِ خِطَّةً لِلاستِيلاءِ عَلَى العَالَمِ الإِسلامِيِّ وَالإِمسَاكِ بِزِمَامِ الأُمُورِ فِيهِ ، عَدُوُّهُم اللَّدُودُ فِيهَا هُمُ الحُكَّامُ الوَهَّابِيُّون َ وَذَوُو الأُصُولِ السُّنِيَّةِ كَمَا أَعلَنُوا ذَلِكَ ، وَقَد وَضَعُوا لِتَحقِيقِ خُطَّتِهِم خَطَوَاتٍ تُنَفَّذُ عَلَى مَدَى خَمسِينَ عَامًا ، وَإِنَّ المُتَابِعَ لِلنَّشَاطِ الشِّيعِي في الدَّاخِلِ وَالخَارِجِ ، لَيَرَى أَنَّ هَذِهِ الخِطَّةَ بَدَأَت تُحَقِّقُ نَجَاحَاتٍ وَاسِعَةً لِلأَسَفِ . وَمِن ثَمَّ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَن يَكُونَ أَهلُ السُّنَّةِ عَلَى بَيِّنَةٍ مِن هَذِهِ الخِطَّةِ لِيَتَّقُوا المُشَارَكَةَ في تَنفِيذِهَا وَهُم لا يَشعُرُونَ ، وَإِنَّ ممَّا هُوَ ظَاهِرٌ لِلعَيَانِ مِن تِلكَ الخُطُواتِ الآنَ ، دُخُولَ هَؤُلاءِ الرَّافِضَةِ في قِطَاعَاتِ التَّعلِيمِ وَالصِّحَّةِ ، وَسَعيُهُم لِلانتِشَارِ في مَنَاطِقِ السُّنَّةِ لِتَحوِيلِهَا إِلى مَنَاطِقَ شِيعِيَّةٍ رَافِضِيَّةٍ ، وَقَد بَدؤَوُا جَادِّينَ في تَنفِيذِ هَذِه الجُزئِيَّةِ بِشِرَاءِ الأَرَاضِي في مَنَاطِقِ أَهلِ السُّنَّةِ ، وَهُوَ الأَمرُ الَّذِي تَنَبَّهَ لَهُ عُلَمَاؤُنَا فَأَفتَوا بِحُرمَةِ بَيعِ الأَرَاضِي لِهَؤُلاءِ الخَوَنَةِ ، حِفظًا لِعَقَائِدِ المُسلِمِينَ وَمَقَدَّسَاتِه ِم وَأَعرَاضِهِم ، فَلْيَنتَبِهِ المُسلِمُونَ لِهَذَا الأَمرِ الخَطِيرِ ، وَلْيَحذَرُوا مِن بَيعِ الأَرَاضِي لِهَؤُلاءِ أَو تَمكِينِهِم ممَّا فيه خَطرٌ عَلَى المُسلِمِينَ مِن أَهلِ السُّنَّةِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ صَرَّحَ بِهِ القُرآنُ ، حَيثُ قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوَانِ " اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداء الدين ، وانصر عبادك الموحدين ، اللهم عليك بالرافضة والمنافقين والعلمانيين ، اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ويكذبون رسلك ولا يؤمنون بوعدك وخالف بين كلمتهم وألق في قلوبهم الرعب وألق عليهم رجزك وعذابك إله الحق ، اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب ، اللهم اهزم الحوثيين المعتدين والرافضة الظالمين ، اللهم اجعل تدميرهم في تدبيرهم ، اللهم خالف بين كلمتهم ، وفرق جمعهم ، واهزم فلولهم ، وشتت جيوشهم ، اللهم ألق في قلوبهم الرعب وألبسهم لباس الخوف والذل ، اللهم لا ترفع لهم راية ولا تبلغهم غاية واجعلهم لمن خلفهم عبرة وآية ، اللهم أحصهم عددًا واقتلهم بددًا ولا تغادر منهم أحدًا ، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك ، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك وعظيم قوتك وبالغ حكمتك ، اللهم احفظ علينا ولاة أمرنا ، وابسط أمننا ، وأهلك عدونا ، ووحد صفوفنا ، اللهم وفقنا ولاة وعلماء ورعية للعمل بما يرضيك ، اللهم اجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا ، اللهم أنت عضدنا ونصيرنا ، بك نحول وبك نصول وبك نقاتل ، اللهم احفظ بلاد الحرمين من كيد الكائدين وحسد الحاسدين ، اللهم كن لولاتها مؤيدًا ونصيرًا ومعينًا وظهيرًا ، اللهم واربط على قلوب جنودنا الذائدين عن مقدساتنا والمرابطين على حدودنا وثغورنا ، اللهم قو عزائمهم ، وأنزل السكينة عليهم ، اللهم تقبل شهداءهم ، وفك أَسَرَاهُم ، واشف جرحاهم وداو مرضاهم ، اللهم أنزل عليهم نصرًا من عندك ، اللهم كن لهم ولا تكن عليهم . |
رد: خطب الشيخ عبدالله البصري جزاك الله خير |
رد: خطب الشيخ عبدالله البصري أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُم إِنَّ زَلزَلَةَ السَّاعَةِ شَيءٌ عَظِيمٌ . يَومَ تَرَونَهَا تَذهَلُ كُلُّ مُرضِعَةٍ عَمَّا أَرضَعَت وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَملٍ حَملَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ " أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، الزَّلازِلُ وَالبَرَاكِينُ ، الأَمطَارُ المُدَمِّرَةُ وَالسُّيُولُ الجَارِفَةُ ، الطُّوفَانُ العَارِمُ وَالأَموَاجُ العَاتِيَةُ ، القَصفُ وَالهَدمُ وَالحَربُ وَالضَّربُ ، المُشَرَّدُونَ وَاللاَّجِئُونَ ، النَّازِحُونَ وَالمَنكُوبُونَ ،، كَلِمَاتٌ مُفزِعَةٌ وَمُفرَدَاتٌ مُوجِعَةٌ ، يُعِيذُ المَرءُ نَفسَهُ مِن سَمَاعِهَا فَضلاً عَن مُشَاهَدَتِهَا ، فَكَيفَ بِمُلابَسَتِهَا أَو وُقُوعِهَا لِقَرِيبٍ أَو صَدِيقٍ أَو عَزِيزٍ ؟! وَلَقَد كَانَت هَذِهِ المُصطَلَحَاتُ في سَنَوَاتٍ مَضَت شَيئًا ممَّا نَسمَعُهُ وَنَرَاهُ في وَسَائِلِ الإِعلامِ ، وَيَقَعُ لِدُوَلٍ بَعِيدَةٍ عَنَّا وَمَنَاطِقَ نَائِيَةٍ مِنَّا ، وَلَكِنَّنَا في هَذِهِ الفَترَةِ الأَخِيرَةِ القَصِيرَةِ ، رَأَينَا مِنهُ طَرَفًا حَولَنَا وَسَمِعنَا بِهِ قَرِيبًا مِنَّا ، في هِزَّاتٍ أَصَابَت بَعضَ مَنَاطِقِ بِلادِنَا فَأَقَضَّت مَضَاجِعَ أَهلِهَا ، وَأَمطَارٍ هَطَلَت وَفَيَضَانٍ جَرَى في أَجزَاءٍ أُخرَى ، فَدَمَّرَ مَا دَمَّرَ وقَتَلَ مَن قَتَلَ ، وَاعتِدَاءَاتٍ آثِمَةٍ مُجرِمَةٍ ، قُصِدَت بها جِهَاتٌ ثَالِثَةٌ مِن بِلادِنَا ، تَأَهَّبَت لأَجلِهَا قُوَّاتٌ وَأُخِذَت عِدَدٌ وَعُبِّئَ جُنُودٌ ، وَنَزَحَ بِسَبَبِهَا عَن دِيَارِهِ مَن نَزَحَ وَشُرِّدَ مَن شُرِّدَ ،، وَالحَمدُ للهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، فَمَا نَحنُ لِقَضَائِهِ بِرَادِّينَ وَلا لِقَدَرِهِ بِمُنكِرِينَ ، وَلا ممَّا أَجرَاهُ عَلَينَا بِحِكمَتِهِ مُمتَعِضِينَ ، كَيفَ وَالإِيمَانُ بِالقَضَاءِ وَالقَدَرِ أَصلٌ مِن أُصُولِ الإِيمَانِ مَتِينٌ ، وَرُكنٌ في دِينِ المُسلِمِ رَكِينٌ ؟ قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " مَا أَصَابَ مِن مُصِيبَةٍ في الأَرضِ وَلا في أَنفُسِكُم إِلاَّ في كِتَابٍ مِن قَبلِ أَن نَبرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ . لِكَيلا تَأسَوا عَلَى مَا فَاتَكُم وَلا تَفرَحُوا بما آتَاكُم وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُختَالٍ فَخُورٍ " وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : " مَا أَصَابَ مِن مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذنِ اللهِ وَمَن يُؤمِن بِاللهِ يَهدِ قَلبَهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ " وَرَوَى الطَّبَرَانيُّ عَن زَيدِ بنِ ثَابِتٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ : " لَو أَنَّ اللهَ ـ تَعَالى ـ عَذَّبَ أَهلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَرَضِيهِ لَعَذَّبَهُم وَهُوَ غَيرُ ظَالِمٍ لهم ، وَلَو رَحِمَهُم كَانَت رَحمَتُهُ خَيرًا لهم مِن أَعمَالِهِم ، وَلَو كَانَ لِرَجُلٍ أُحُدٌ أَو مِثلُ أُحُدٍ ذَهَبًا يُنفِقُهُ في سَبِيلِ اللهِ ، لا يَقبَلُهُ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ مِنهُ حَتى يُؤمِنَ بِالقَدَرِ خَيرِهِ وَشَرِّهِ ، وَيَعلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لم يَكُنْ لِيُخطِئَهُ ، وَمَا أَخطَأَهُ لم يَكُنْ لِيُصِيبَهُ ، وَإِنَّكَ إِن مِتَّ عَلَى غَيرِ هَذَا أُدخِلتَ النَّارَ " صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . نَعَم ـ أَيُّهَا الإِخوَةُ ـ ذَلِكُم أَمرُ اللهِ النَّافِذُ وَقَضَاؤُهُ المَاضِي ، وَتِلكُم مَشِيئَتُهُ الكَائِنَةُ وَحِكمَتُهُ البَالِغَةُ ، غَيرَ أَنَّهُ ـ تَعَالى ـ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ رَحِيمٌ بهم ، لا يُرِيدُ أَن يُعَذِّبَهُم وَهُم لَهُ شَاكِرُونَ " اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرزُقُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ القَوِيُّ العَزِيزُ " " مَا يَفعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُم إِن شَكَرتُم وَآمَنتُم وَكَانَ اللهُ شَاكِرًا عَلِيمًا " بَلْ إِنَّ رَحمَتَهُ ـ سُبحَانَهُ ـ تَسبِقُ غَضَبَهُ ، وَهِيَ بِفَضلِهِ أَعَمُّ مِن عَذَابِهِ ، قَالَ ـ تَعَالى ـ عَن نَفسِهِ : " قَالَ عَذَابي أُصِيبُ بِهِ مَن أَشَاءُ وَرَحمَتِي وَسِعَت كُلَّ شَيءٍ فَسَأَكتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤمِنُونَ " وَإِذَا آمَنَ العِبَادُ بِهِ وَصَدَّقُوا ، وَوَقَفُوا عِندَ حُدُودِهِ وَلم يَتَجَاوَزُوا ، وَفَعَلُوا مَا أَمَرَهُم بِهِ وَلم يَعصُوا ، وَانتَهَوا عَمَّا نَهَاهُم عَنهُ ولم يَتَهَاوَنُوا ، فَقَد وَعَدَهُم ـ تَعَالى ـ بِرَحمَتِهِ وَهُوَ لا يُخلِفُ المِيعَادَ فقَالَ ـ : " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا في سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ يَرجُونَ رَحمَةَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ " أَمَّا حِينَ يَكثُرُ فِيهِمُ العِصيَانُ وَيَتَمَادَوا في الطُّغيَانُ ، وَيَسمَحُوا لأَنفُسِهِم بِالتَّجَاوُزِ وَالاعتِدَاءِ ، وَيَسعَوا بِالإِفسَادِ في مُلكِهِ بَعدَ إِصلاحِهِ ، فَمَا لِلمُسِيءِ حِينَئِذٍ في رَحمَةٍ مَطمَعٌ ، وَلا لِلمُعتَدِي مِنهَا حَظٌّ وَلا نَصِيبٌ ، قَالَ ـ تَعَالى ـ : " ادعُوا رَبَّكُم تَضَرُّعًا وَخُفيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُعتَدِينَ . وَلاَ تُفسِدُوا في الأَرضِ بَعدَ إِصلاَحِهَا وَادعُوهُ خَوفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ المُحسِنِينَ " فَالرَّحمَةُ لِلمُصلِحِينَ المُحسِنِينَ ، الطَّامِعِينَ في رِضوَانِهِ الرَّاجِينَ لِثَوَابِهِ ، الخَائِفِينَ مِن غَضَبِهِ الوَجِلِينَ مِن عِقَابِهِ ، المُرَاقِبِينَ لَهُ في كُلِّ حَالٍ وَزَمَانٍ وَمَكَانٍ ، أَمَّا المُفسِدُونَ في مُلكِهِ المُعتَدُونَ لِحُدُودِهِ ، المُكَذِّبُونَ لِرُسُلِهِ المُعَانِدُونَ ، فَهُم عَن رَحمَتِهِ بَعِيدُونَ ، وَسُنَّتُهُ فِيهِم مَاضِيَةٌ لا تُجَامِلُهُم ، وَنَوَامِيسُهُ في الكَونِ جَارِيَةٌ عَلَيهِم لا تُحَابِيهِم " وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنَا عَلَيهِم بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذنَاهُم بما كَانُوا يَكسِبُونَ " وَلا عَذَابَ إِلاَّ عَلَى مَعصِيَةٍ ، وَلا بَلاءَ إِلاَّ بِذَنبٍ " فَعَصَى فِرعَونُ الرَّسُولَ فَأَخَذنَاهُ أَخذًا وَبِيلاً " " فَكُلاًّ أَخَذنَا بِذَنبِهِ فَمِنهُم مَن أَرسَلنَا عَلَيهِ حَاصِبًا وَمِنهُم مَن أَخَذَتهُ الصَّيحَةُ وَمِنهُم مَن خَسَفنَا بِهِ الأَرضَ وَمِنهُم مَن أَغرَقنَا وَمَا كَانَ اللهُ لِيَظلِمَهُم وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُم يَظلِمُونَ " " وَمَا أَصَابَكُم مِن مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَت أَيدِيكُم وَيَعفُو عَن كَثِيرٍ " أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ الابتِلاءَ سُنَّةٌ مِن سُنَنِ اللهِ في خَلقِهِ ، وَاللهُ يَبلُو عِبَادَهُ بِالسَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ ، وَيَختَبِرُهُم بِاللِّينِ وَالبَأسَاءِ ، لِيَنظُرَ مَا يَفعَلُونَ في الحَالَينِ ، وَبِأَيِّ استِجَابَةٍ يُقَابِلُونَ الاختِبَارَينِ " وَنَبلُوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينَا تُرجَعُونَ " وَلَقَدِ ابتُلِيَ أَجدَادُنَا في هَذِهِ البِلادِ سِنِينَ بِالشِّدَّةِ وَاللأَّوَاءِ ، وَتَوَالَت عَلَيهِم سَنَوَاتُ الفَقرِ وَالقِلَّةِ ، فَكَانُوا أَحسَنَ مِنَّا حَالاً وَأَقوَى بِرَبِّهِمُ اتِّصَالا ، ثم ابتُلِينَا مِن بَعدِهِم بِالسَّرَّاءِ وَالرَّخَاءِ ، وَتَوَالَت عَلَينَا النَّعمَاءُ وَتَرَادَفَتِ الآلاءُ ، فَنَبَتَت فِينَا نَوَابِتُ ذُهُولٍ وَغَفلَةٍ ، بَلْ بَرَزَت رُؤُوسُ جُحُودٍ وَكُفرٍ ، نَسَبَتِ النِّعَمَ إِلى غَيرِ مُولِيهَا ، وَتَوَجَّهَت بِالشُّكرِ إِلى غَيرِ مُسدِيهَا ، وَطَمِعَت في المَزِيدِ مِن دُنيَاهَا عَلَى حِسَابِ الدِّينِ ، في تَركٍ لِلصَّلَوَاتِ بِلا تَأَثُّمٍ ، وَاتِّبَاعٍ لِلشَّهَوَاتِ بِلا تَحَرُّجٍ ، وَأَكلٍ لِلرِّبَا بِلا تَحَرُّزٍ ، وَأَخذٍ لِلرِّشوَةِ بِلا قُيُودٍ ، وتَنَاوُلٍ لِلسُّحتِ بِلا حُدُودٍ ، وَجُنُوحٍ إِلى المَادِيَّةِ بِلا تَعَقُّلٍ وَلا تَفَكُّرٍ ، وَتَفرِيطٍ في الآخِرَةِ بِلا تَوبَةٍ وَلا تَذَكُّرٍ ، وَأُضِيعَتِ الأَمَانَةُ وَوُسِّدَ الأَمرُ إِلى غَيرِ أَهلِهِ ، فَأُكِلَتِ الأَموَالُ العَامَّةُ بِأَدنى الحِيَلِ ، وَأُضِيعَت حُقُوقُ العِبَادِ بالخِدَاعِ وَالمَكرِ ، وَأُهدِرَتِ المَبَالِغُ الضَّخمَةُ في مَشرُوعَاتٍ وَهمِيَّةٍ ، وَارتَقَى أَفرَادٌ عَلَى أَكتَافِ جَمَاعَاتٍ ، وَتَبلُغُ الوَقَاحَةُ بِالجَانِحِينَ إِلى أَن يَتَبَجَّحُوا بما أُوتُوا مِن قُوَّةٍ ، وَإِلى أَن يَفرَحُوا بما عِندَهُم مِن عِلمِ الدُّنيَا ، فَيَنسِبُوا إِلى الطَّبِيعَةِ كُلَّ مَا حَصَلَ وَيَحصُلُ ، وَيُخَطِّئُوا كُلَّ مَن أَرَادَ أَن يَعِظَ النَّاسَ وَيُذَكِّرَهُم بِاللهِ وَيُخَوِّفَهُمُ العُقُوبَاتِ وَيُحَذِّرَهُمُ المَثُلاتِ ، غَافِلِينَ عَن أَنَّهُ عَينُ العَقلِ وَقِمَّةُ التَّفَكُّرِ ، أَن يَتَذَكَّرَ المَرءُ مَكرَ رَبِّهِ في كُلِّ حِينٍ ، وَأَنَّ مِنَ الخَسَارَةِ وَالسَّفَاهَةِ الأَمنَ مِن مَكرِهِ ، مَعَ المُجَاهَرَةِ بِمَعصِيَتِهِ وَإِظهَارِ المُخَالَفَةِ لأَمرِهِ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " أَفَأَمِنَ أَهلُ القُرَى أَن يَأتِيَهُم بَأسُنَا بَيَاتًا وَهُم نَائِمُونَ . أَوَأَمِنَ أَهلُ القُرَى أَن يَأتِيَهُم بَأسُنَا ضُحًى وَهُم يَلعَبُونَ . أَفَأَمِنُوا مَكرَ اللهِ فَلا يَأمَنُ مَكرَ اللهِ إِلاَّ القَومُ الخَاسِرُونَ . أَوَلم يَهدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرضَ مِن بَعدِ أَهلِهَا أَن لَو نَشَاءُ أَصَبنَاهُم بِذُنُوبِهِم وَنَطبَعُ عَلَى قُلُوبِهِم فَهُم لا يَسمَعُونَ " أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ مَا أَصَابَنَا وَيُصِيبُنَا ، لَهُوَ نَوعٌ مِنَ النُّذُرِ الإِلَهِيَّةِ والآيَاتِ الرَّبَّانِيَّة ِ ، الَّتي لا يَعِيهَا وَلا يَكتَشِفُ مَا وَرَاءَهَا إِلاَّ مَن أَنَارَ اللهُ بَصِيرَتَهُ مِنَ ذَوِي الأَلبَابِ المُؤمِنِينَ " الَّذِينَ يَذكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِم وَيَتَفَكَّرُون َ في خَلقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ رَبَّنَا مَا خَلَقتَ هَذا بَاطِلاً سُبحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ " وَأَمَّا أَهلُ الغَفلَةِ وَالعَمَى ، الَّذِينَ لا يَستَكِينُونَ لِرَبِّهِم وَلا يَتَضَرَّعُونَ ، فَهُم كَمَا هُم في الغَيِّ يَعمَهُونَ ، بَل لا يَزدَادُونَ إِلاَّ تَمَادِيًا وَسَفَهًا وَإِعرَاضًا " وَمَا تُغنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَومٍ لا يُؤمِنُونَ " " وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنذِرُوا مُعرِضُونَ " أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ فَإِنَّنَا لِعِبَادَتِهِ قَد خُلِقْنَا ، وَبِتَقوَاهُ قَد أُمِرْنَا ، وَلا مَفَرَّ لَنَا مِنهُ إِلاَّ إِلَيهِ ، وَلا وَاللهِ يُغَيِّرُ رَبُّنَا مَا بِقَومٍ حَتى يَكُونُوا هُمُ المُغَيِّرِينَ " إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَومٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِم وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَومٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِن دُونِهِ مِن وَالٍ " أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ : " فَفِرُّوا إِلى اللهِ إِنِّي لَكُم مِنهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ . وَلا تَجعَلُوا مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُم مِنهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ . كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبلِهِم مِن رَسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَو مَجنُونٌ . أَتَوَاصَوا بِهِ بَلْ هُم قَومٌ طَاغُونَ . فَتَوَلَّ عَنهُم فَمَا أَنتَ بِمَلُومٍ . وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكرَى تَنفَعُ المُؤمِنِينَ . وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعبُدُونِ . مَا أُرِيدُ مِنهُم مِن رِزقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطعِمُونِ . إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ . فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثلَ ذَنُوبِ أَصحَابِهِم فَلا يَستَعجِلُونِ . فَوَيلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِن يَومِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ " أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ " وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مَخرَجًا . وَيَرزُقْهُ مِن حَيثُ لا يَحتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمرِهِ قَد جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيءٍ قَدْرًا " أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّنَا لا نَزعُمُ وَلا أَحَدٌ مِن عُلَمَائِنَا الرَّبَّانِيِّي نَ أَو دُعَاتِنَا المُصلِحِينَ أَنَّ كُلَّ النَّاسِ قَد فَسَدُوا أَو أَنَّهُم جَمِيعًا قَد هَلَكُوا ، أَو أَنَّ كُلَّ كَارِثَةٍ تَحُلُّ بِنَا فَإِنَّمَا هِيَ بِالضَّرُورَةِ عُقُوبَةٌ مُبَاشِرَةٌ ، لَكِنَّنَا نُرِيدُ أَن يَرتَبِطَ النَّاسُ بِرَبِّهِم وَيَتَذَكَّرُوا شِدَّةَ بَطشِهِ وَعَزِيزَ انتِقَامِهِ ، وَأَن يَخَافَ قَومُنَا مَغَبَّةَ ذُنُوبِهِم وَيَحذَرُوا عَاقِبَةَ مَعَاصِيهِم ، وَيَكُونُوا عَلَى عِلمٍ بِخَطَرَ تِلكَ القِلَّةِ المَارِقَةِ العَاصِيَةِ ، الخَارِجَةِ عَن شَرِيعَةِ رَبِّهَا المُتَمَرِّدَةِ عَلَى أَمرِهِ ، المُضِيعَةِ لِلأَمَانَةِ الوَالِغَةِ في الخِيَانَةِ ، وَالَّتي سَيَكُونُ لها الأَثَرُ السَّيِّئُ وَالنَّتَيجَةُ الوَخِيمَةُ إِذَا خُلِّيَ بَينَهَا وَبَينَ مَا تَشَاءُ وَتَشتَهِي ، أَو تُرِكَ لها الحَبلُ عَلَى الغَارِبِ لِتَفعَلَ مَا تُرِيدُ ، وَآيَاتُ الكِتَابِ وَأَقوَالُ مَن لا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى دَالَّةٌ عَلَى مَا لِهَؤُلاءِ المُترَفِينَ مِن سَيِّئِ الأَثَرِ عَلَى أَقوَامِهِم وَقُرَاهُم ، فَلا مَجَالَ لِلمُخَادَعَةِ الإِعلامِيَّةِ وَالمُرَاوَغَةِ الصَّحَفِيَّةِ ، وَسِحرِ النَّاسِ بِبَيَانِ القَولِ عَن حَقَائِقِ الأُمُورِ ، أَو مَدحِ مُضَيِّعِي الأَمَانَةِ مِن كِبَارٍ أَو صِغَارٍ ، أَو الذَّبِّ عَن أَعرَاضِ المُنَافِقِينَ وَالتَّحَامِي دُونَ الفُجَّارِ ، مُقَابِلَ السُّكُوتِ عَن ظُلمِهُمُ الرَّعِيَّةَ وَتَضيِيعِهِم حُقُوقَهُم وَإِفسَادِهِم في البِلادِ وَهَضمِهِمُ العِبَادَ ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " لا تَقُولُوا لِلمُنَافِقِ سَيِّدًا ؛ فَإِنَّهُ إِن يَكُ سَيِّدًا فَقَد أَسخَطتُم رَبَّكُم ـ عَزَّ وَجَلَّ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . إِنَّهُ لا بُدَّ مِن أَن يُقَالَ لِكُلِّ مُحسِنٍ أَحسَنتَ ، وَأَن يُوقَفَ كُلُّ مُسِيءٍ عِندَ حَدِّهِ وَيُنكَرَ عَلَيهِ إِسَاءَتَهُ وتَعَدِّيهِ ، وَإِلاَّ فَلْيَنتَظِرِ المُقَصِّرُونَ الهَلاكَ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَإِذَا أَرَدنَا أَن نُهلِكَ قَريَةً أَمَرنَا مُترَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيهَا القَولُ فَدَمَّرنَاهَا تَدمِيرًا " وَرَوَى البُخَارِيُّ وَالتِّرمِذِيُّ عَنِ النَّبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ : " مَثَلُ القَائِمِ في حُدُودِ اللهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَومٍ استَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ ، فَصَارَ بَعضُهُم أَعلاهَا وَبَعضُهُم أَسفَلَهَا ، فَكَانَ الَّذِينَ في أَسفَلِهَا إِذَا استَقَوا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَن فَوقَهُم ، فَقَالُوا : لَو أَنَّا خَرَقنَا في نَصِيبِنَا خَرقًا وَلم نُؤذِ مَن فَوقَنَا ، فَإِن تَرَكُوهُم وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا ، وَإِن أَخَذُوا عَلَى أَيدِيهِم نَجَوا وَنَجَوا جَمِيعًا " وَعَن زَينَبَ بِنتِ جَحشٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهَا ـ أَنَّ النَّبيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ دَخَلَ عَلَيهَا فَزِعًا يَقُولُ : " لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ، وَيلٌ لِلعَرَبِ مِن شَرٍّ قَدِ اقتَرَبَ ، فُتِحَ اليَومَ مِن رَدمِ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ مِثلُ هَذِهِ ـ وَحَلَّقَ بَينَ أَصبُعَيهِ الإِبهَامِ وَالَّتي تَلِيهَا ـ فَقُلتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَنَهلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ ؟ قَالَ : " نَعَم ، إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ " وَعَن أَبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّكُم تَقرَؤُونَ هَذِهِ الآيَةَ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيكُم أَنفُسَكُم لا يَضُرُّكُم مَن ضَلَّ إِذَا اهتَدَيتُم " وَإِنِّي سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ : " إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوا الظَّالِمَ فَلَم يَأخُذُوا عَلَى يَدَيهِ أَوشَكَ أَن يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابٍ مِن عِندِهِ " رَوَاهُ أَهلُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَفي حَدِيثٍ عِندَ أَحمَدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ : " إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوا المُنكَرَ وَلا يُغَيِّرُونَهُ أَوشَكَ أَن يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابِهِ " أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ عِبَادَ اللهِ ـ وَالتَّوبَةَ إِلى رَبِّكُمُ التَّوبَةَ ، وَالإِنَابَةَ إِلى الرَّحِيمِ الإِنَابَةَ " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِم لا تَقنَطُوا مِن رَحمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ . وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُم وَأَسلِمُوا لَهُ مِن قَبلِ أَن يَأتِيَكُمُ العَذَابُ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ . وَاتَّبِعُوا أَحسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيكُم مِن رَبِّكُم مِن قَبلِ أَن يَأتِيَكُمُ العَذَابُ بَغتَةً وَأَنتُم لا تَشعُرُونَ . أَن تَقُولَ نَفسٌ يَا حَسرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ في جَنبِ اللهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ . أَو تَقُولَ لَو أَنَّ اللهَ هَدَاني لَكُنتُ مِنَ المُتَّقِينَ . أَو تَقُولَ حِينَ تَرَى العَذَابَ لَو أَنَّ لي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ المُحسِنِينَ . بَلَى قَد جَاءَتكَ آيَاتي فَكَذَّبتَ بِهَا وَاستَكبَرتَ وَكُنتَ مِنَ الكَافِرِينَ . وَيَومَ القِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُم مُسوَدَّةٌ أَلَيسَ في جَهَنَّمَ مَثوًى لِلمُتَكَبِّرِي نَ . وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِم لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُم يَحزَنُونَ " |
رد: خطب الشيخ عبدالله البصري أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تعالى ـ وَأَطِيعُوهُ ، وَرَاقِبُوا أَمرَهُ وَنهيَهُ وَلا تَعصُوهُ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ " أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، وَفي هَذَا الشَّهرِ العَظِيمِ شَهرِ اللهِ المُحَرَّمِ ، الَّذِي يُذَكِّرُنَا بِهِجرَةِ المُصطَفَى ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ مِن مَكَّةَ إِلى المَدِينَةِ ، وَبَدءِ ظُهُورِ الدَّعوَةِ الإِسلامِيَّةِ وَانتِصَارِ الإِسلامِ وَانتِشَارِهِ ، نَتَذَكَّرُ انتِصَارًا عَظِيمًا آخَرَ ، حَدَثَ في يَومٍ مِن أَيَّامِ اللهِ لِعَبدٍ مِن عِبَادِ اللهِ ، ذَلِكُم هُوَ نَصرُ اللهِ لِعَبدِهِ وَكَلِيمِهِ مُوسَى ـ عليه السلامُ ـ وَخُذلانُ عَدُوِّهِ المُتَعَالي فِرعَونَ ، رَأسِ الطُّغَاةِ وَإِمامِ المُتَكَبِّرِين َ . فَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ ـ رضي اللهُ عنهما ـ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ قَدِمَ المَدِينَةَ فَوَجَدَ اليَهُودَ صِيَامًا يَومَ عَاشُورَاءَ ، فَقَالَ لهم رَسُولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ : " مَا هَذَا اليَومُ الذِي تَصُومُونَهُ ؟ " فَقَالُوا : هَذَا يَومٌ عَظِيمٌ أَنجَى اللهُ فِيهِ مُوسَى وَقَومَهُ ، وَغَرَّقَ فِرعَونَ وَقَومَهُ ، فَصَامَهُ مُوسَى شُكرًا فَنَحنُ نَصُومُهُ . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ : " فَنَحنُ أَحَقُّ وَأَولى بِمَوسَى مِنكُم " فَصَامَهُ رَسُولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ . وَفي هَذَا الحَدَثِ وَالحَدِيثِ فَوَائِدُ وَوَقَفَاتٌ يَجِبُ أَلاَّ تَغِيبَ عَنِ البَالِ ، خَاصَّةً وَالأُمَّةُ تَعِيشُ مَا تَعِيشُهُ مِن وَهَنٍ وَضَعفٍ وَذُلٍّ وَتَفَرُّقٍ ، وَالأَعدَاءُ تَسُومُهَا سُوءَ العَذَابِ تَقتِيلاً وَتَشرِيدًا وَتَمزِيقًا ، بَعدَ أَن تَدَاعَت عَلَيهَا تَدَاعِيَ الأَكَلَةِ عَلَى قَصعَتِهَا . الوَقفَةُ الأُولى : أَنَّ البَاطِلَ مَهمَا عَلا زَبَدُهُ وَارتَفَعَ دُخَانُهُ ، وَمَهمَا كَانَت مَوَازِينُ القُوَّةِ رَاجِحَةً في يَدِهِ والأُمُورُ في الظَّاهِرِ تَسِيرُ لِصَالِحِهِ ، إِلاَّ أَنّهُ وَاهٍ مَهمَا نَفَشَ وَانتَفَشَ ، وَأَهلُهُ ضُعَفَاءُ مَهما نَفَخُوا وَانتَفَخُوا ، فَذَلِكُم فِرعَونُ أَطغَى الطُّغَاةِ في عَصرِهِ ، الَّذِي قَالَ : " أَنَا رَبُّكُمُ الأَعلَى " وَقَالَ : " مَا عَلِمتُ لَكُم مِن إِلَهٍ غَيرِي " وقال : " أَلَيسَ لي مُلكُ مِصرَ وَهَذِهِ الأَنهَارُ تَجرِي مِن تَحِتي " وقال : " أَمْ أَنَا خَيرٌ مِن هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ " وَقَتَلَ مَن قَتَلَ مِن رِجَالِ بَني إِسرَائِيلَ ، كَانَ هَلاكُهُ عَلَى يَدِ رَجُلٍ مِن بَني إِسرَائِيلَ الَّذين حَاوَلَ إِبَادَتَهُم وَاستِئصَالَ شَأفَتِهِم ، رَجُلٍ تَرَبَّى في بَيتِهِ وبِمَالِهِ وَتَحتَ رِعَايَتِهِ ، وَمَشى بَينَ يَدَيهِ وَتَحتَ عَينَيهِ ، وَلم يَكُنْ أَحَدٌ أَقرَبَ مِنهُ إِلَيهِ ، وَمَعَ ذَلِكَ لم يُسَلَّطْ عَلَيهِ ، إِذْ أَلقَى اللهُ عَلَيهِ مَحَبَّةً مِنهُ وَصَنَعَهُ عَلَى عَينِهِ ، فَكَانَ هَلاكُ هَذَا الطَّاغِيَةِ عَلَى يَدِهِ وَبِسَبِبِهِ بَعدَ أَن دَعَاهُ إِلى اللهِ فَكَذَّبَ وَعَصَى ، قَالَ اللهُ عنِ فِرعَونَ وَجُنُودِهِ : " وَاستَكبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ في الأَرضِ بِغَيرِ الحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُم إِلَينَا لا يُرجَعُونَ . فَأَخَذنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذنَاهُم في اليَمِّ فَانظُرْ كَيفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ " وقال ـ تعالى ـ : " فَأَخَذَهُ اللهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولى . إِنَّ في ذَلِكَ لَعِبرَةً لمَن يَخشَى " وَكَمَا أَخَذَ اللهُ فِرعَونَ وَجُنُودَهُ وَأَهلَكَهُم ، فَسَيَأتي اليَومُ الَّذِي يَأخُذُ فِيهِ فَرَاعِنَةَ هَذَا العَصرِ الَّذِينَ أَبَوا وَعَصَوا ، وَطَغَوا في البِلادِ فَأَكثَرُوا فِيهَا الفَسَادَ ، وَعَمِلُوا عَلَى حَربِ الإِسلامِ وَطَارَدَوا المُسلِمِينَ ، مِن لَدُنْ دَولَةِ الكُفرِ وَالطُّغيَانِ ، إِلى كُلِّ مَن سَانَدَهَا وَنَاصَرَهَا وَدَارَ في فَلَكِهَا "وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ ، إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ " لَكِنَّهَا مَسأَلَةُ وَقتٍ لا أَقَلَّ وَلا أَكثَرَ " حتى إِذَا استَيأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُم قَد كُذِبُوا جَاءَهُم نَصرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأسُنَا عَنِ القَومِ المُجرِمِينَ " الوَقفَةُ الثَّانِيَةُ : أَنَّ أَعظَمَ الأَيَّامِ وَأَحَقَّهَا بِأَن يُحتَفَى بِهِ وَيُحتَفَلَ ، اليَومُ الَّذِي يَرتَفِعُ فِيهِ عَلَمُ الإِسلامِ وَتَعلُو رَايَةُ العَقِيدَةِ ، فَيَومَ أَن يَنتَصِرَ الحَقُّ وَيُخذَلَ البَاطِلُ ، يَفرَحُ المُؤمِنُونَ بِنَصرِ اللهِ ، كَمَا قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " غُلِبَتِ الرُّومُ . في أَدنى الأَرضِ وَهُم مِن بَعدِ غَلَبِهِم سَيَغلِبُونَ . في بِضعِ سِنِينَ للهِ الأَمرُ مِن قَبلُ وَمِن بَعدُ وَيَومَئِذٍ يَفرَحُ المُؤمِنُونَ . بِنَصرِ اللهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ العَزِيزُ الرَّحِيمُ " الوَقفَةُ الثَّالِثَةُ : أنَّ مِن حَقِّ اللهِ عَلَى عَبدِهِ كُلَّمَا تَجَدَّدَت عَلَيهِ مِنهُ نِعمَةٌ أَن يُقَابِلَهَا بِالشُّكرِ لِلمُنعِمِ ـ سُبحَانَهُ ـ وَأَفضَلُ الشُّكرِ مَا كَانَ بِالقَلبِ اعتِرَافًا وَبِاللِّسَانِ تَحَدُّثًا ، وَبِالجَوَارِحِ عَمَلاً وَتَطبِيقًا ، وَهَذَا مَا فَعَلَهُ مُوسَى ـ عليه السلامُ ـ حِينَ صَامَ عَاشُورَاءَ شُكرًا للهِ على نَجَاتِهِ وَهَلاكِ عَدُوِّهِ ، وَفَعَلَهُ نَبِيُّنَا محمدٌ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ امتِدَادًا لِذَلِكَ الشُّكرِ ، وَيَفعَلُهُ المُؤمِنُونَ في كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ اقتِدَاءً بِنَبِيِّهِم وَطَلبًا لِلأَجرِ مِن رَبِّهِم . وَقَد يَقُولُ قَائِلٌ وَيَتَسَاءَلُ مُتَسَائِلٌ : إِنَّ في الإِسلامِ أَيَّامًا عَظِيمَةً كَانَ فِيهَا لِلإِسلامِ نَصرٌ وَعِزٌّ ، كَالأَيَّامِ التي انتَصَرَ فِيهَا النبيُّ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ في غَزَوَاتِهِ ، وَكَيَومِ مِيلادِهِ وَهِجرَتِهِ ، وَكَحَادِثَةِ الإِسرَاءِ وَالمِعرَاجِ وَغَيرِهَا ، فَلِمَاذَا لا نَصُومُهَا أَو نُحدِثُ فِيهَا مِنَ العِبَادَاتِ مَا يَكُونُ بِهِ شُكرُ اللهِ عَلَى نِعَمِهِ فِيهَا ؟ فَيُقَالُ : إِنَّ مَبنى الدِّينِ عَلَى التَّأسِّي وَالاستِسلامِ وَالاتِّبَاعِ ، لا عَلَى الاستِحسَانِ وَالإِحدَاثِ وَالابتِدَاعِ " لَقَد كَانَ لَكُم في رَسُولِ اللهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرجُو اللهَ وَاليَومَ الآخِرَ " وَنحنُ حِينَمَا نَصُومُ عَاشُورَاءَ فَإنَّما نَصُومُهُ اتِّبَاعًا لَهُ ـ عليه الصلاةُ والسلامُ ـ فِيمَا شَرَعَهُ لَنَّا وَسَنَّهُ ، لا استِحسَانًا مِن عِندِ أَنفُسِنَا ، قَالَ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ : " مَن عَمِلَ عَمَلاً لَيسَ عَلَيهِ أَمرُنَا فَهُوَ رَدٌّ " الوَقفَةُ الرَّابِعَةُ : مَعَ قَولِهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ: " نحنُ أَحَقُّ بِمَوسَى مِنكُم " إِذ فِيهِ أَعظَمُ الدَّلالَةِ عَلَى أَنَّ رَابِطَةَ الإِيمَانِ بِاللهِ هِيَ أَقوَى رَابِطَةٍ ، وَأَنَّ صَلِةَ الإِسلامِ هِيَ أَعظَمُ صِلَةٍ ، وَأَنَّ نَسَبَ الدِّينِ هُوَ أَعظَمُ النَّسَبِ ، فَمُحَمَّدٌ ـ عليه الصلاةُ والسلامُ ـ وَأُمَّتُهُ بِتَمَسُّكِهِم بِدِينِهِم وَثَبَاتِهِم عَلَى الإِيمانِ ، أَولى بِمَوسَى وَأَقرَبُ إِلَيهِ مِنَ اليَهُودِ المُحَرِّفِينَ لِشَرِيعَتِهِ النَّاكِبِينَ عَن طَرِيقَتِهِ ، بَل إِنَّ أُمَّةَ الإِسلامِ أَحَقُّ بِكُلِّ نَبيٍّ وَأَولى بِهِ مِن قَومِهِ الَّذِينَ كَذَّبُوهُ وَعَصَوهُ ، وَرُسُلُ اللهِ دِينُهُم وَاحِدٌ ، جَاؤُوا بِالتَّوحِيدِ وَعِبَادَةِ اللهِ وَحدَهُ دُونَ سِوَاهُ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ " إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُم أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُم فَاعبُدُونِ " وقال ـ تعالى ـ : " آمَنَ الرَّسُولُ بما أُنزِلَ إِلَيهِ مِن رَبّهِ وَالمُؤمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائكتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ مِن رُّسُلِهِ " وقال ـ جل وعلا ـ : " إِنَّ أَولى النَّاسِ بِإِبراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلىُّ المُؤمِنِينَ " وقال ـ عليه الصلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " أَنَا أَولى النَّاسِ بِعِيسَى ابنِ مَريمَ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ لَيسَ بَيني وَبَينَهُ نَبيٌّ ، وَالأَنبِيَاءُ أَولادُ عَلاَّتٍ أُمَّهَاتُهُم شَتَّى وَدِينُهُم وَاحِدٌ " ولمَّا أَهلَكَ اللهُ قَومَ نُوحٍ في الطُّوفَانِ وَفِيهِمُ ابنُهُ الكَافِرُ ، فَدَعَا رَبَّهُ " رَبِّ إِنَّ ابنِي مِن أَهلِي وَإِنَّ وَعدَكَ الحَقُّ وَأَنتَ أَحكَمُ الحَاكِمِينَ . قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيسَ مِن أَهلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسأَلْنِ مَا لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الجَاهِلِينَ " أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ يَومَ عَاشُورَاءَ يَومٌ عَظِيمٌ جَلِيلٌ ، وَصِيَامُهُ عَمَلٌ صَالحٌ وَسُنَّةٌ نَبَوِيَّةٌ كَرِيمَةٌ ، سُئِلَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا عَن صِيَامِ عَاشُورَاءَ فَقَالَ : مَا عَلِمتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَامَ يَومًا يَطلُبُ فَضلَهُ عَلَى الأَيَّامِ إِلاَّ هَذَا اليَومَ ... وَقَد بَيَّنَ ـ عليه الصلاةُ والسلامُ ـ أَنَّ صِيَامَ هَذَا اليَومِ يُكَفِّرُ ذُنُوبَ سَنَةٍ كَامِلَةٍ ، فَقَالَ : " صِيَامُ عَاشُورَاءَ أَحتَسِبُ عَلَى اللهِ أَن يُكَفِّرَ السَّنَةَ التي قَبلَهُ " وَلأَنَّ الإِسلامَ قَد جَاءَ بِمُخَالَفَةِ أَهلِ الكِتَابِ ، فَإِنَّ مِنَ السُّنَّةِ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ أَنْ يُصَامَ مَعَ عَاشُورَاءَ يَومٌ قَبلَهُ أَو بَعدَهُ ، فَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا ـ قال : حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ يَومَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّهُ يَومٌ تُعَظِّمُهُ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ : " فَإِذَا كَانَ العَامُ المُقبِلُ إِن شَاءَ اللهُ صُمنَا اليَومَ التَّاسِعَ " قَالَ : فَلَم يَأتِ العَامُ المُقبِلُ حتى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ وعنه ـ رَضِيَ اللهُ عنه ـ قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " صُومُوا يَومَ عَاشُورَاءَ وَخَالِفُوا فِيهِ اليَهُودَ ، صُومُوا قَبلَهُ يَومًا أَو بَعدَهُ يَومًا " أَلا فَاقتَدُوا بِنَبِيِّكُم ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ وَصُومُوا عَاشُورَاءَ ، والَّذِي سَيَوافِقُ الاثنينَ القَادِمَ ، وَخَالِفُوا اليَهُودَ بِصِيَامِ التَّاسِعِ وَهُوَ يَومُ الأَحَدِ ، أَو الحَادِيَ عَشَرَ وَهُوَ يَومُ الثُّلاثَاءِ ، أَو بِصِيَامِهِمَا كِلَيهِمَا مَعَ عَاشُورَاءَ " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجرَ مَن أَحسَنَ عَمَلاً " أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ : " وَأَوحَينَا إِلىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُتَّبَعُونَ . فَأَرسَلَ فِرعَونُ في المَدَائِنِ حَاشِرِينَ . إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرذِمَةٌ قَلِيلُونَ . وَإِنَّهُم لَنَا لَغَائِظُونَ . وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ . فَأَخرَجنَاهُم مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ . وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ . كَذَلِكَ وَأَورَثنَاهَا بَني إِسرائِيلَ . فَأَتبَعُوهُم مُشرِقِينَ . فَلَمَّا تَرَاءَى الجَمعَانِ قَالَ أَصحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدرَكُونَ . قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهدِينِ . فَأَوحَينَا إِلى مُوسَى أَنِ اضرِبْ بِعَصَاكَ البَحرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرقٍ كَالطَّودِ العَظِيمِ . وَأَزلَفنَا ثَمَّ الآخَرِينَ . وَأَنجَينَا مُوسَى وَمَن مَعَهُ أَجمَعِينَ . ثُمَّ أَغرَقنَا الآخَرِينَ . إِنَّ في ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكثَرُهُم مُؤمِنِينَ . وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العَزِيزُ الرَّحِيمُ " أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تعالى ـ حَقَّ التَّقوَى ، وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى " وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مَخرَجًا " أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ يَومَ عَاشُورَاءَ الَّذِي هُوَ مُنَاسَبَةٌ لِلذِّكرِ وَالشُّكرِ وَالعِبَادَةِ ، قَدِ ارتَبَطَ عِندَ الرِّافِضَةِ مَجُوسِ هَذِهِ الأُمَّةِ بِضَلالاتٍ وَخُرَافَاتٍ وَخُزُعبُلاتٍ ، وَأَحدَثُوا فِيهِ بِدَعًا وَأَوهَامًا وَمُنكَرَاتٍ ، وَاعتَادُوا فِيهِ عَلَى مُمَارَسَاتٍ مَا أَنزَلَ اللهُ بها مِن سُلطَانٍ ، إِذ تَرَاهُم يَلطُمُونَ فِيهِ خُدُودَهُم وَيَصِيحُونَ ، وَيَخمِشُونَ وُجُوهَهُم وَيُوَلوِلُونَ ، وَيَعلُو بُكَاؤُهُم وَيَرتَفِعُ عَوِيلُهُم ، وَيَكثُرُ نَحِيبُهُم وَيُعَذِّبُونَ أَجسَادَهُم ، وَتَسِيلُ مِنهُمُ الدُّمُوعُ وَالدِّمَاءُ ، وَيَختَلِطُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ ، وَرَبُّمَا هُتِكَتِ العَورَاتُ وَارتُكِبَتِ الفَحشَاءُ ، يَفعَلُونَ ذَلِكَ بِاسمِ الحُزنِ عَلَى مَقتَلِ الحُسَينِ ـ رضي اللهُ عنه ـ وَادِّعَاءً لِحُبِّ آلِ البَيتِ ـ رُضوَانُ اللهِ عَلَيهِم ـ وَاللهُ يَعلَمُ أَنَّهُم مِن أَضَلِّ النَّاسِ فِيمَا يَفعَلُونَ وَأَكذَبِهِم فِيمَا يَدَّعُونَ ، قَالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيمِيَّةَ ـ رحمه اللهُ ـ : وَمِن حَمَاقَتِهِم إِقَامَةُ المَأتَمِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى مَن قَد قُتِلَ مِن سِنِينَ عَدِيدَةٍ ، وَمِنَ المَعلُومِ أَنَّ المَقتُولَ وَغَيرَهُ مِنَ المَوتَى إِذَا فُعِلَ مِثلُ ذَلِكَ بهم عَقِبَ مَوتِهِم ، كَانَ ذَلِكَ ممَّا حَرَّمَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ ، فَقَد ثَبَتَ في الصَّحِيحِ عَنِ النبيِّ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ أَنَّهُ قَالَ : " لَيسَ مِنَّا مَن لَطَمَ الخُدُودَ وَشَقَّ الجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعوَى الجَاهِلِيَّةِ " وَهَؤُلاءِ يَأتُونَ مِن لَطمِ الخُدُودِ وَشَقِّ الجُيُوبِ وَدَعوَى الجَاهِلِيَّةِ وَغَيرِ ذَلِكَ مِنَ المُنكَرَاتِ بَعدَ مَوتِ المَيِّتِ بِسِنِينَ كَثِيرَةٍ مَا لَو فَعَلُوهُ عَقِبَ مَوتِهِ لَكَانَ ذَلِكَ مِن أَعظَمِ المُنكَرَاتِ التي حَرَّمَهَا اللهُ وَرَسُولُهُ ، فَكَيفَ بَعدَ هَذِهِ المُدَّةِ الطَّوِيلَةِ ، وَمِنَ المَعلُومِ أَنَّهُ قَد قُتِلَ مِنَ الأَنبِيَاءِ وَغَيرِ الأَنبِيَاءِ ظُلمًا وَعُدوَانًا مَن هُوَ أَفضَلُ مِنَ الحُسَينِ ، قُتِلَ أَبُوهُ ظُلمًا وَهُوَ أَفضَلُ مِنهُ ، وَقُتِلَ عُثمَانُ بنُ عَفَّانَ وَكَانَ قَتلُهُ أَوَّلَ الفِتَنِ العَظِيمَةِ التي وَقَعَت بَعدَ مَوتِ النبيِّ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ وَتَرَتَّبَ عَلَيهِ مِنَ الشَّرِّ وَالفَسَادِ أَضعَافُ مَا تَرَتَّبَ على قَتلِ الحُسَينِ ، وَقُتِلَ غَيرُ هَؤُلاءِ وَمَاتَ ، وَمَا فَعَلَ أَحَدٌ لا مِنَ المُسلِمِينَ وَلا غَيرِهِم مَأتَمًا وَلا نِيَاحَةً عَلى مَيِّتٍ وَلا قَتِيلٍ بَعدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ مِن قَتلِهِ إِلاَّ هَؤُلاءِ الحَمقَى ... ا.هـ إِنَّ هَؤُلاءِ الرَّافِضَةَ الَّذِينَ يَدَّعُونَ حُبَّ الحُسَينِ وَأَهلِ البَيتِ ، هُم ـ وَاللهِ ـ أَشَدُّ النَّاسِ لِلصَّحَابَةِ بُغضًا وَلِقَدرِهِم تَنَقُّصًا ، وَبِمَكَانَتِهِ م جَهلاً وَلِفَضِيلَتِهِ م تَضيِيعًا ، إذْ يُكَفِّرونهم إِلاَّ نَفَرًا قَلِيلاً ، وَيَلعَنُونَ أَشيَاخَهُم أَبَا بَكرٍ وَعُمَرَ ، وَيَتَّهِمُونَ بِالزِّنَا أَطهَرَهُم الصِّدِّيقَةَ بِنتَ الصِّدِّيقَ زَوجَةَ رَسُولِ اللهِ ، وَهُم في كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ أَلَدُّ أَعدَاءِ أَهلِ السُّنَّةِ وَأَشَدُّ خُصُومِهِم ، لا يَقِلُّ عَدَاؤُهُم عَن عَدَاءِ أَخبَثِ خَلقِ اللهِ مِنَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى ، وَأَفعَالُهُمُ المَشِينَةُ مَعَ أَهلِ السُّنَّةِ وَتَخطِيطُهُم لِخُذلانِِهِم مِن الشُّهرَةِ بِحَيثُ لا تُنكَرُ ، وَمَا قَامَت لِليَهُودِ أَوِ النَّصَارَى دَولَةٌ إِلاَّ كَانُوا مَعَهُم عَلى أَهلِ السُّنَّةِ ، وَالوَاقِعُ المُشَاهَدُ في العِرَاقِ الآنَ خَيرُ دَلِيلٍ ، وَمَاذَا يُنتَظَرُ مِن قَومٍ كَفَّرُوا الصَّحَابَةَ الِّذِينَ هُم خَيرُ الأُمَّةِ بَعدَ نَبِيِّهَا ؟ مَاذَا يُنتَظَرُ ممَّن يَلعَنُونَ أَبَا بَكرٍ وَعُمَرَ وَيَسُبُّونَهُم َا ؟ مَاذَا يُنتَظَرُ ممَّن يَرمُونَ أُمَّ المُؤمِنِينَ الصِّدِّيقَةَ بِنتَ الصِّدِّيقِ بِالزِّنَا ؟! يُؤذُونَ رَسُولَ اللهِ في أَحَبِّ نِسَائِهِ إِلَيهِ ، ثم يَدَّعُونَ حُبَّ آلِ البَيتِ ، أَلا فَمَا أَحرَاهُم بِقَولِ اللهِ ـ تعالى ـ : " إِنَّ الَّذِينَ يُؤذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُم عَذَابًا مُهِينًا " اللَّهُمَّ إِنَّا نَسألُكَ أَن تُرِيَنَا في الرَّافِضَةِ يَومًا أَسوَدَ ، اللَّهُمَّ أَحصِهِم عَدَدًا وَاقتُلهُم بَدَدًا ، وَلا تُغَادِرْ مِنهُم أَحَدًا ، اللَّهُمَّ لا تَرفَعْ لهم رَايَةً ، وَلا تُبَلِّغْهُم هَدَفًا وَلا غَايَةً ، وَاجعَلْهُم لِمَن خَلفَهُم عِبرَةً وَآيَةً ، اللَّهُمَّ خُذْهُم أَخذَ عَزِيزٍ مُقتَدِرٍ ، لا تُبقِ مِنهُم وَلا تَذَرْ ، اللَّهُمَّ وَعَليكَ بِجَمِيعِ أَعدَاءِ دِينِكَ مِنَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى وَمَن هَاوَدَهُم وَنَاصَرَهُم ، اللَّهُمَّ وَأَبرِمْ لِهَذِهِ الأُمَّةِ أَمرًا رَشَدًا ، يُعَزُّ فِيهِ أَهلُ طَاعَتِكَ وَيُذَلُّ فِيهِ أَهلُ الإِشرَاكِ بِكَ ، وَيُؤمَرُ فِيهِ بِالمَعرُوفِ وَيُنهَى عَنِ المُنكَرِ يَا سَمِيعَ الدُّعَاءِ . |
رد: خطب الشيخ عبدالله البصري جزاك الله خير |
| الساعة الآن 06:41 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
-
arab-line : Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.3.0 TranZ By
Almuhajir
... جميع الحقوق محفوظه لمجالس رويضة العرض لكل العرب ...
.. جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر صاحبها ...ولا تعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر المنتدى..