مجالس الرويضة لكل العرب

مجالس الرويضة لكل العرب (http://www.rwwwr.com/vb/httb:www.rwwwr.com.php)
-   روحانيات (http://www.rwwwr.com/vb/f5.html)
-   -   خطب الشيخ عبدالله البصري (http://www.rwwwr.com/vb/t31002.html)

جســاس 25-06-2010 07:16 AM

رد: خطب الشيخ عبدالله البصري
 
جزاك اللله الجنه


لك فتره يابو عبد الرحمن لم تنقل لنا خطبه الشيخ عبد الرحمن ,,,,

عسى المانع خير

ونحن نترقبها دائمأ



اسأل الله الكريم المنان ان يجمعنا في جنته


الشيخ عبد الرحمن البصري ونعم الرجال



وهذا الوقت المناسب لتحذير من الغناء

والمغنين

محمد 26-06-2010 11:31 AM

رد: خطب الشيخ عبدالله البصري
 
جزاك الله خير يابو عبدالرحمن وجزى الشيخ البصري الف خير...

larbi aout 27-06-2010 06:57 PM

رد: خطب الشيخ عبدالله البصري
 
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته جزاكم الله خيرا وأثابكم على هذه الجهود

ناصرعبدالرحمن 15-07-2010 09:24 PM

رد: خطب الشيخ عبدالله البصري
 

قصب السكر في الزواج المبكر 26/7/1431هـ
أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ " وَلْيَخشَ الَّذِينَ لَو تَرَكُوا مِن خَلفِهِم ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيهِم فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَولاً سَدِيدًا "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، مَا زَالَ أَعدَاءُ الإِسلامِ وَلَن يَزَالُوا يُحَارِبُونَ هَذِهِ الأُمَّةَ مَادِّيًّا وَمَعنَوِيًّا ، وَيَسعَونَ لِتَوهِينِ أَمرِهَا وَإِضعَافِ شَأنِهَا اجتِمَاعِيًّا وَاقتِصَادِيًّا " وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُم حَتَّى يَرُدُّوكُم عَن دِينِكُم إِنِ استَطَاعُوا " غَيرَ أَنَّ الحَربَ الَّتي تُوَجَّهُ إِلى العَقَائِدِ وَالأَخلاقِ ، بَاتَت هِيَ الحَربَ الَّتي يُرَكِّزُونَ عَلَيهَا مُنذُ عُقُودٍ ، بَعدَ أَن يَئِسُوا مِن هَزِيمَةِ المُسلِمِينَ بِقُوَّةِ السِّلاحِ القَاهِرَةِ ، أَوِ التَّغَلُّبِ عَلَيهِم بِأُسلُوبِ المُوَاجَهَةِ المُبَاشِرَةِ . لَقَد خَطَّطَ الأَعدَاءُ لِغَزوِ المُسلِمِينَ في مَبَادِئِهِم وَقِيَمِهِم وَأَخلاقِهِم ، وَجَنَّدُوا المُفَكِّرِينَ لإِحدَاثِ البَلبَلَةِ في أَوسَاطِهِم ، وَاجتَهَدُوا لتَشكِيكِهِم في الثَّوَابِتِ وَالمُسلَّمَاتِ ، الَّتي مَضَت عَلَيهَا أَجيَالُهُم وَتَوَارَثُوهَا بِالقَبُولِ وَالتَّسلِيمِ كَابِرًا عَن كَابِرٍ . وَإِنَّ مَوضُوعَ الزَّوَاجِ المُبَكِّرِ لَمِنَ المَوضُوعَاتِ الَّتي تَزَايَدَ حَولَهَا الجَدلُ في العُقُودِ المُتَأَخِّرَةِ ، حَيثُ سَعَى مُغرِضُونَ إلى تَحدِيدِ سِنٍّ لا يَجُوزُ الزَّوَاجُ قَبلَهُ ، مُحَاوِلِينَ إِقنَاعَ الأُمَّةِ بِفَوَائِدَ مَزعُومَةٍ لِتَأخِيرِ الزَّوَاجِ ، وَالإِرجَافَ بِأَنَّ ثَمَّةَ أَضرَارًا بَالِغَةً لِلتَّبكِيرِ بِهِ ، بَل وَسَعَوا إلى مَا هُوَ أَكبَرُ مِن ذَلِكَ وَأَبعَدُ أَثَرًا ، بِمُحَاوَلَةِ سَنِّ القَوَانِينِ وَفَرَضِ الأَنظِمَةِ الَّتي تَجعَلُ مِنَ الزَوَاجِ المُبَكِّرِ جَرِيمَةً في حَقِّ الإِنسَانِ وَظُلمًا لَهُ وَهَضمًا ، نَاسِينَ أَو مُتَنَاسِينَ أَنَّ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلشَّرعِ مُنَاقِضٌ لِلمَصَالِحِ الَّتي جَاءَ بهَا ، هَادِمٌ لأَهدَافِ الزَّوَاجِ في الإِسلامِ مِن أَصلِهَا ، وَهِيَ الأَهدَافُ الَّتي أَعلَنَهَا إِمَامُ الأُمَّةِ وَقُدوَتُهَا ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ بِقَولِهِ : " يَا مَعشَرَ الشَّبَابِ ، مَنِ استَطَاعَ مِنكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلبَصَرِ وَأَحصَنُ لِلفَرجِ " وَبِقَولِهِ : " تَزَوَّجُوا الوَلُودَ الوَدُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُم " وَإِذَا كَانَ الزَّوَاجُ المُبَكِّرُ يُسَاعِدُ عَلَى تَحقِيقِ هَذِهِ الأَهدَافِ النَّبِيلَةِ وَتَحصِيلِ تِلكَ الغَايَاتِ الكَرِيمَةِ ، مِن غَضِّ الأَبصَارِ وَتَحصِينِ الفُرُوجِ ، وَتَطهِيرِ المُجتَمَعِ مِنَ الفَوَاحِشِ وَوِقَايَتِهِ مِنَ الزِّنَا ، وَتَكثِيرِ سَوَادِ الأُمَّةِ وَتَقوِيَةِ شَأنِهَا ، فَإِنَّ تَأخِيرَهُ قَد يُفَوِّتُ كُلَّ هَذِهِ المَصَالِحِ وَيُعَطِّلُهَا ، فَقَد يَقَعُ الشَبَابُ في الفَاحِشَةِ ، خَاصَّةً في هَذِهِ الأَزمِنَةِ الَّتي كَثُرَت فِيهَا دَوَاعِيهَا وَتَيَسَّرَت أَسبَابُهَا ، وَبِتَأخِيرِهِ يَقِلُّ النَّسلُ وَيَضِيعُ مَغزَى تَكثِيرِ أَفرَادِ المُجتَمَعِ ، الَّذِي هُوَ رَافِدٌ كَبِيرٌ مِن رَوَافِدِ القُوَّةِ ، وَسَبَبٌ مَتِينٌ مِن أَسبَابِ الِعزَّةِ وَالمَنَعَةِ . إِنَّنَا نَسمَعُ في مُجتَمَعِنَا اليَومَ أَصوَاتًا تُنَادِي بِتَأخِيرِ سِنِّ الزَّوَاجِ ، وَتُدَندِنُ حَولَ زَوَاجِ القُصَّرِ ، في حِينِ أَنَّهَا لا تَمَلُّ مِن مُمَارَسَةِ أَدوَارٍ خَبِيثَةٍ بِوَسَائِلَ مُضِلَّةٍ لإِيقَادِ نَارِ الشَّهَوَاتِ وَتَأَجِيجِ سُعَارِهَا ، وَمَعَ مَا نَسمَعُ وَنَرَى مِن تَزَايُدِ أَعدَادِ العَوَانِسِ في المُجتَمَعِ الإِسلامِيِّ نَتِيجَةَ تَأخِيرِ سِنِّ الزَّوَاجِ ، فَإِنَّ هَؤُلاءِ الحَمقَى يَرفَعُونَ أَصوَاتَهُم بِتَأخِيرِهِ ، مُعتَمِدِينَ عَلَى تَوصِيَاتٍ ظَالِمَةٍ وقَرَارَاتٍ مُتَعَسِّفَةٍ ، صَادِرَةٍ عَن مُؤتَمَرَاتٍ مَوبُوءَةٍ وَاجتِمَاعَاتٍ مَشبُوهَةٍ ، دَعَت إِلَيهَا أُمَمٌ كَافِرَةٌ ، وَنَظَّمَتهَا هَيئَاتٌ فَاجِرَةٌ ، وَتَرَى هَؤُلاءِ الإِعلامِيِّينَ إِذَا ظَفِرُوا بِحَالَةِ زَوَاجٍ مُبَكِّرٍ فَاشِلَةٍ أَقَامُوا الدُّنيَا وَلم يُقعِدُوهَا ، وَعَمَّمُوا الأَحكَامَ وَلم يُخَصِّصُوهَا ، عَبرَ الشِّنشِنَةِ المَعرُوفَةِ مِنهُم بِالاستِدلالِ عَلَى مَا يُرِيدُونَ وَلَو بِحَالاتٍ فَردِيَّةٍ لا تُمَثِّلُ شَيئًا يُذكَرُ ، في حِينِ أَنَّهُم يَتَعَامَونَ عَنِ تَنَاوُلِ الأَسبَابِ الحَقِيقِيَّةِ لِفَشَلِ كَثِيرٍ مِن حَالاتِ الزَّوَاجِ ، وَالَّتي قَد تَكُونُ مَادِّيَّةً أَو أُسْرِيَّةً أَو تَوعَوِيَّةً . وَإِنَّ العَاقِلَ لَيَعجَبُ أَشَدَّ العَجَبِ لِكُلِّ مَا يُبذَلُ مَن جُهُودٍ لِتَقبِيحِ صُورَةِ الزَّوَاجِ المُبَكِّرِ وَمُحَارَبَتِهِ ، بِتَلفِيقِ القَصَصِ وَنَسَجِ الحِكَايَاتِ المَكذُوبَةِ تَارَةً ، وَ وَاختِرَاعِ الأَرقَامِ وَالإِحصَاءَاتِ تَارَةً أُخرَى ، وَبِتَألِيفِ المَسرَحِيَّاتِ المُغرِضَةِ وَنَشرِ الرُّسُومَاتِ السَّاخِرَةِ ، حَتَّى وَصَلَ الحَالُ بِبَعضِهِم إلى وَصفِ المُعَارِضِينَ لِتَحدِيدِ سِنِّ الزَّوَاجِ بِأَنَّهُم خَوَارِجُ أَو مُتَشَدِّدُونَ أَو إِرهَابِيُّونَ ، وَهَذَا مِن الجَهلِ الشَّنِيعِ وَالعِنَادِ الفَضِيعِ ؛ بَل قَد يَكُونُ مِنَ المُشَاقَّةِ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَعَدَمِ اتِّبَاعِ سَبِيلِ المُؤمِنِينَ ، بَل هُوَ اتِّبَاعٌ لِلكُفَّارِ عَلَى حَسَدِهِم لَنَا عَلَى النَّقَاءِ وَالطَّهَارَةِ الَّتي مَا زَالَ مُجتَمَعُنَا يَعِيشُهَا بِسَبَبِ تَسهِيلِ أُمُورِ الزَّوَاجِ وَتَيسِيرِهِ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوَا مِن أَهلِ الكِتَابِ وَلا المُشرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيكُم مِن خَيرٍ مِن رَبِّكُم " أَمَّا السُّنَّةُ في الإِسلامِ فَقَد مَضَت بِعَدَمِ تَحدِيدِ سِنٍّ لِلزَّوَاجِ ، وَدَلَّت نُصُوصُ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجمَاعُ عُلَمَاءِ الأُمَّةِ عَلَى جَوَازِ زَوَاجِ الصَّغِيرَةِ ، قَالَ ـ تَعَالى ـ : " وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ المَحِيضِ مِن نِسَائِكُم إِنِ ارتَبتُم فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشهُرٍ وَاللاَّئِي لم يَحِضْنَ وَأُولاتُ الأَحمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعنَ حَملَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مِن أَمرِهِ يُسرًا " فَذَكَرَ في الآيَةِ من أَصنَافِ النِّسَاءِ الصَّغِيرَةَ الَّتي لم تَحِضْ بَعدُ ، وَجَعَلَ عِدَّتَهَا ثَلاثَةَ أَشهُرٍ ، وَفي هَذَا دَلالَةٌ وَاضِحَةٌ مِن كِتَابِ اللهِ ـ تَعَالى ـ عَلَى صِحَّةِ زَوَاجِ الصَّغِيرَةِ الَّتي لم تَبلُغْ ، وَلَو كَانَ زَوَاجُهَا غَيرَ جَائِزٍ لَمَا ذَكَرَ لها المَولى ـ جَلَّ وَعَلا ـ عِدَّةً في كِتَابِهِ . وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : " وَيَستَفتُونَكَ في النِّسَاءِ قُلِ اللهُ يُفتِيكُم فِيهِنَّ وَمَا يُتلَى عَلَيكُم في الكِتَابِ في يَتَامَى النِّسَاءِ اللاَّتي لا تُؤتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَالمُستَضعَفِي نَ مِنَ الوِلدَانِ وَأَن تَقُومُوا لِليَتَامَى بِالقِسطِ وَمَا تَفعَلُوا مِن خَيرٍ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا " فَوَرَدَ في الآيَةِ ذِكرُ اليَتَامَى مِنَ النِّسَاءِ وَالرَّغبَةُ في نِكَاحِهِنَّ ، وَاليُتمُ في لُغَةِ العَرَبِ لا يُطلَقُ إلاَّ عَلَى الصَّغِيرِ غَيرِ البَالِغِ . وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : " وَإِن خِفتُم أَلاَّ تُقسِطُوا في اليَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِنَ النِّسَاءِ مَثنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِن خِفتُم أَلاَّ تَعدِلُوا فَوَاحِدَةً أَو مَا مَلَكَت أَيمَانُكُم ذَلِكَ أَدنى أَلاَّ تَعُولُوا " قَالَت أَمُّ المُؤمِنِينَ عَائِشَةُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهَا ـ : هِيَ اليَتِيمَةُ تَكُونُ في حَجرِ وَلِيِّهَا ، تُشَارِكُهُ في مَالِهِ ؛ فَيُعجِبُهُ مَالُهَا وَجَمَالُهَا ؛ فَيُرِيدُ أَن يَتَزَوَّجَهَا بِغَيرِ أَن يُقسِطَ في صَدَاقِهَا ؛ فَيُعطِيَهَا مِثلَ مَا يُعطِيهَا غَيرُهُ ؛ فَنُهُوا أَن يَنكِحُوهُنَّ إِلاَّ أَن يُقسِطُوا لَهُنَّ ، وَيَبلُغُوا بِهِنَّ أَعلَى سُنَّتِهِنَّ في الصَّدَاقِ . وَعَنهَا ـ رَضِيَ اللهُ عَنهَا ـ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنتُ سِتِّ سِنِينَ ، وَبَنى بها وَهِيَ بِنتُ تِسعِ سِنِينَ . وَقَد زَوَّجَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ ابنَتَهُ فَاطِمَةَ بَعلِيٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا ـ وَعُمرُهَا خَمسَ عَشرَةَ سَنَةً وَخَمسَةُ أَشهُرٍ . وَأَخرَجَ عَبدُالرَّزَّاق ِ أَنَّ عَلَيَّ بنَ أَبي طَالِبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ زَوَّجَ ابنَتَهُ أُمَّ كُلثُومٍ مِن عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ وَقَد وَلَدَت لَهُ قَبلَ مَوتِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَتَزَوَّجَهَا عُمَرُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ وَهِيَ صَغِيرَةٌ لم تَبلُغْ بَعدُ . وَزَوَّجَ الزُّبَيرُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ ابنَةً لَهُ صَغِيرَةً . قَالَ الشَّافِعِيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ : وَزَوَّجَ غَيرُ وَاحِدٍ مِن أَصحَابِ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ابنَتَهُ صَغِيرَةً . وَقَالَ النَّوَوِيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ : أَجمَعَ المُسلِمُونَ عَلَى جَوَازِ تَزوِيجِهِ ـ يَعنِي الأَبَ ـ ابنَتَهُ الصَّغِيرَةَ . وَقَالَ ابنُ عَبدِ البَرِّ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ : أَجمَعَ العُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ لِلأَبِ أَن يُزَوِّجَ ابنَتَهُ الصَّغِيرَةَ . وَقَالَ ابنُ المُنذِرِ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ : أَجمَعَ كُلُّ مَن نَحفَظُ عَنهُ مِن أَهلِ العِلمِ أَنَّ نِكَاحَ الأَبِ ابنَتَهُ الصَّغِيرَةَ جَائِزٌ إِذَا زَوَّجَهَا مِن كُفءٍ . وَقَالَ ابنُ بَطَّالٍ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ : أَجمَعَ العُلَمَاءُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلآبَاءِ تَزوِيجُ الصِّغَارِ مِن بَنَاتِهِم وَإِنْ كُنَّ في المَهدِ ، إِلاَّ أَنَّهُ لا يَجُوزُ لأَزوَاجِهِنَّ البِنَاءُ بِهِنَّ إِلاَّ إِذَا صَلَحنَ لِلوَطءِ وَاحتَمَلْنَ الرِّجَالَ ، وَأَحوَالُهُنَّ في ذَلِكَ تَختَلِفُ في قَدرِ خَلْقِهِنَّ وَطَاقتِهِنَّ . وَقَالَ ابنُ قُدَامَةَ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ : وَأَمَّا الإِنَاثُ فَلِلأَبِ تَزوِيجُ ابنَتِهِ البِكرِ الصَّغِيرَةِ الَّتي لم تَبلُغْ تِسعَ سِنِينَ بِغَيرِ خِلافٍ إِذَا وَضَعَهَا في كَفَاءَةٍ . وَبِهَذَا يُعرَفُ أَنَّ تَزوِيجَ الصَّغِيرَةِ جَائِزٌ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجمَاعِ عُلَمَاءِ الأُمَّةِ ، وَيَكفِي في ذَلِكَ زَوَاجُ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ بِعَائِشَةَ وَعَقدُهُ عَلَيهَا وَهِيَ ذَاتُ سَتِّ سِنِينَ ، ثُمَّ بِنَاؤُهُ بهَا وَدُخُولُهُ عَلَيهَا وَهِيَ ذَاتُ تِسعِ سِنِينَ ، إِنَّ ذَلِكَ لأَعظَمُ رَدٍّ عَلَى مَن في قَلبِهِ مَرَضٌ . وَلَكِنَّهَا مُخَطَّطَاتُ مَن قَالَ اللهُ فِيهِم : " وَيَسعَونَ في الأَرضِ فَسَادًا " وَمَن قَالَ ـ تَعَالى ـ فِيهِم : " وَدُّوا مَا عَنِتُّم قَد بَدَتِ البَغضَاءُ مِن أَفوَاهِهِم وَمَا تُخفِي صُدُورُهُم أَكبَرُ " أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَاحرِصُوا عَلَى تَزوِيجِ أَبنَائِكُمُ وَبَنَاتِكُم " وَأَنكِحُوا الأَيَّامَى مِنكُم وَالصَّالِحِينَ مِن عِبَادِكُم وَإِمَائِكُم إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغنِهِمُ اللهُ مِن فَضلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ . وَليَستَعفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغنِيَهُمُ اللهُ مِن فَضلِهِ وَالَّذِينَ يَبتَغُونَ الكِتَابَ مِمَّا مَلَكَت أَيمَانُكُم فَكَاتِبُوهُم إِن عَلِمتُم فِيهِم خَيرًا وَآتُوهُم مِن مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُم وَلا تُكرِهُوا فَتَيَاتِكُم عَلَى البِغَاءِ إِن أَرَدنَ تَحَصُّنًا لِتَبتَغُوا عَرَضَ الحَيَاةِ الدُّنيَا وَمَن يُكرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِن بَعدِ إِكرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ "
أَمَّا بَعدُ فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ .
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، لَقَد تَبَارَى دُعَاةُ تَأخِيرِ سِنِّ الزَّوَاجِ في تَعدَادِ الأَضرَارِ الَّتي تَنشَأُ عَنِ الزَّوَاجِ المُبَكِّرِ وَبَالَغُوا فِيهَا وَضَخَّمُوهَا ، وَتَنَاوَلُوا هَذَا الأَمرَ وَكَأَنَّهُ بِدعَةٌ حَادِثَةٌ ، مُتَغَافِلِينَ عَن أَنَّ الزَّوَاجَ المُبَكِّرَ مَا زَالَ مَعرُوفًا مُنذُ أَن خَلَقَ اللهُ بَنِي آدَمَ وَأَوجَدَهُم ، وَمَعَ هَذَا لم يَتَحَدَّثِ الأَطِبَّاءُ يَوَمًا وَلا المُؤَرِّخُونَ وَلا البَاحِثُونَ عَن أَضرَارٍ بَيِّنَةٍ أَو مَفَاسِدَ مُتَحَقِّقَةٍ لِلزَّوَاجِ المُبَكِّرِ ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الهَالَةَ الَّتي يُحَاطَ بِهَا الزَّوَاجُ المُبَكِّرُ وَالتَّكَلُّفَ في عَدِّ أَضرَارِهِ وَمَفَاسِدِهِ المَزعُومَةِ ، إِنَّمَا هِيَ مُجَرَّدُ دِعَايَاتٍ خَالِيَةٍ مِنَ البَرَاهِينِ ، وَأَنَّ بَعضَ المَوَاقِفِ الفَردِيَّةِ الَّتي قَد تَحصُلُ هُنَا وَهُنَاكَ ، إِنَّمَا هِيَ وَقَائِعُ أَعيانٍ تَحدُثُ فِيهَا أَضرَارٌ عَارِضَةٌ ، لا يَخلُو مِنهَا حَتَّى الزَّوَاجُ المُتَأَخِّرُ في أَحيَانٍ كَثِيرَةٍ . إِنَّهُ لا حَلَّ لِمُشكِلَةِ العُنُوسَةِ الَّتي تَتَزَايَدُ نِسَبُهَا في العَالَمِ يَومًا بَعدَ يَومٍ إِلاَّ بِالتَّشجِيعِ عَلَى الزَّوَاجِ المُبَكِّرِ ؟ أَلا فَلنَتَّقِ اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَلنَحذَرْ مِن هَذِهِ الدَّعَوَاتِ الغَربِيَّةِ المَاكِرَةِ ، وَلنَحرِصْ عَلَى تَسهِيلِ الزَّوَاجِ وَالتَّبكِيرِ بِهِ ، فَإِنَّهُ أَحفَظُ لأَخلاقِ الشَّبَابِ وَأَدعَى إِلى شُعُورِهِم بِالمَسؤُولِيَّ ةِ ، وَهُوَ أَفضَلُ لِصِحَّةِ الزَّوجَينِ عَامَّةً وَلِلزَّوجَةِ بِصِفَةٍ خَاصَّةٍ ، وَلا يَغتَرَّنَّ أَحَدٌ بمَا يُقَالُ مِن أَنَّ الزَّوَاجَ المُبَكِّرَ يَشغَلُ عَنِ التَّحصِيلِ العِلمِيِّ أَو يُلهِي عَنِ الدِّرَاسَةِ ، فَإِنَّ الصَّحِيحَ الَّذِي دَلَّ عَلَيهِ الوَاقِعُ أَنَّ الزَّوَاجَ مَدعَاةٌ إلى سُكُونِ النَّفسِ وَطُمَأنِينَةِ القَلبِ وَرَاحَةِ الضَّمِيرِ وَقُرَّةِ العَينِ ، وَبِهِ صَفَاءُ الذِّهنِ وَنَقَاءُ الفِكرِ وَالسَّلامَةُ مِنَ القَلَقِ ، وَهِيَ الأُمُورُ الَّتي تُسَاعِدُ عَلَى زِيَادَةِ التَّحصِيلِ . وَلْنَحذَرْ مِمَّا يُقَالُ مِن أَنَّ الزَّوَاجَ المُبَكِّرَ يُحَمِّلُ الشَّابَّ مَؤُونَةَ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوجَةِ وَعَلَى الأَولادِ ؛ فَإِنَّ هَذَا مِن ضَعفِ اليَقِينِ وَالثِّقَةِ بِالخَالِقِ الرَّزَّاقِ ذِي القُوَّةِ المَتِينِ ، بَل إِنَّ الزَّوَاجَ مَجلَبَةٌ لِلرِّزقِ مَدعَاةٌ لِلبَرَكَةِ ، إِذ هُوَ طَاعَةٌ للهِ وَرَسُولِهِ ، وَالطَّاعَةُ كُلُّهَا خَيرٌ وَبَرَكَةٌ ، وَمَن تَزَوَّجَ مُمتَثِلاً أَمرَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَمُتَحَرِّيًا لما وَعَدَ بِهِ مِنَ الخَيرِ وَصَدَقَت نِيَّتُهُ في اتِّبَاعِ السُّنَّةِ ، كَانَ زَوَاجُهُ سَبَبَ خَيرٍ لَهُ ، وَالأَرزَاقُ بِيَدِ اللهِ القَائِلِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ " وَمَا مِن دَابَّةٍ في الأَرضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزقُهَا " والقَائِلِ ـ سُبحَانَهُ ـ : " نَحنُ نَرزُقُكُم وَإِيَّاهُم " وَتَاللهِ إِنَّهُ مَا حَصَلَ إِثقَالٌ بِسَبَبِ الزَّوَاجِ ذَاتِهِ ، وَلا كَانَ صِغَرُ الزَّوجَينِ دَاعِيًا لِفَشَلِ الزَّوَاجِ ، وَإِنَّمَا هُوَ ابتِعَادُ النَّاسِ عَنِ الآدَابِ الشَّرعِيَّةِ وَتَركُ السُّنَنِ النَّبَوِيَّةِ ، وَالاشتِغَالُ بِالأُمُورِ الجَانِبِيَّةِ الهَامِشِيَّةِ ، ممَّا لا عِلاقَةَ لَهَا بِإِنَجَاحِهِ مِن قَرِيبٍ وَلا بَعِيدٍ ، بَل قَد تَكُونُ هِيَ سَبَبَ فَشَلِهِ ، مِن المُغَالاةِ في المَلابِسِ وَالحُلِيِّ ، وَالإِسرَافِ في الوَلائِمِ وَالأَطعِمَةِ ، وَالتَّفَاخُرِ في الدَّعَوَاتِ وَالمَحَافِلِ ، أَلا فَرَحِمَ اللهُ امرَأً بَكَّرَ بِالزَّوَاجِ وَعَمِلَ فِيهِ بِالسُّنَّةِ ، فَأَحسَنَ الاختِيَارَ وَيَسَّرَ ، وَتَوَاضَعَ وَلم يَتَكَبَّرْ ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " إِذَا أَتَاكُم مَن تَرضَونَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ ، إِلاَّ تَفعَلُوا تَكُنْ فِتنَةٌ في الأَرضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ " وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " الدُّنيَا مَتَاعٌ ، وَخَيرُ مَتَاعِهَا المَرأَةُ الصَّالِحَةُ " وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " تُنكَحُ المَرأَةُ لأَربَعٍ : لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا ، فَاظفَرْ بِذَاتِ الدَّينِ تَرِبَت يَدَاكَ " وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " إِنَّ مِن يُمنِ المَرأَةِ تَيسِيرَ خِطبَتِهَا وَتَيسِيرَ صَدَاقِهَا وَتَيسِيرَ رَحِمِهَا " وَقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ : أَلا لا تَغلُوا صُدُقَ النِّسَاءِ ، فَإِنَّهُ لَو كَانَ مَكرُمَةً في الدُّنيَا أَو تَقوَى عِندَ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ كَانَ أَولاكُم بِهِ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ مَا أَصدَقَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ امرَأَةً مِن نِسَائِهِ وَلا أُصدِقَتِ امرَأَةٌ مِن بَنَاتِهِ أَكثَرَ مِن ثِنتَي عَشرَةَ أُوقِيَّةً ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُغلِي بِصَدَقَةِ امرَأَتِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ في نَفسِهِ .

ناصرعبدالرحمن 15-07-2010 10:17 PM

رد: خطب الشيخ عبدالله البصري
 

حظيرة القدس في وليمة العرس 4/8/1431هـ
أَمَّا بَعدُ فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ "
أَيُّهَا المُسلِمونَ ، في الإِجَازَاتِ الصَّيفِيَّةِ تَكثُرُ مُنَاسَبَاتُ الزَّوَاجِ ، وَتُقَامُ لَهَا الوَلائِمُ وَالمَحَافِلُ ، وَيُعزَمُ فِيهَا عَلَى المَرءِ بِالحُضُورِ ، فَتَرَى أَحَدَنَا في حَيرَةٍ مِن أَمرِهِ لِكَثرَةِ مَا يَصِلُ إِلَيهِ مِن دَعَوَاتٍ ، يُسَائِلُ نَفسَهُ : هَل أَنَا مُلزَمٌ بِإِجَابَةِ كُلِّ هَذِهِ الدَّعَوَاتِ وَتَتَبُّعِهَا وَلَو بَعُدت عَلَيَّ وَشَقَّت ؟ أَم أَقتَصِرُ عَلَى إِجَابَةِ الأَقَارِبِ وَالجِيرَانِ وَالزُّمَلاءِ وَالأَصدِقَاءِ ؟ أَم أَترُكُهَا كُلَّهَا وَأَستَرِيحَ مِنَ العَنَاءِ ؟ وَلأَنَّ الوَلِيمَةَ في الزَّوَاجِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَإِجَابَتَهَا وَاجِبَةٌ ، كَانَ هَذَا الأَمرُ مِمَّا يَجِبُ عَلَى المُسلِمِ أَن يَقِفَ فِيهِ عَلَى بَعضِ مَا يُهِمُّهُ مِن أَحكَامٍ ؛ لِيَسِيرَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّهِ ، وَلِيَكُونَ في إِجَابَتِهِ أَوِ امتِنَاعِهِ عَلَى هُدًى ، فَيَكسِبَ الأَجرَ وَالثَّوَابَ إِنْ حَضَرَ ، وَيَتَخَلَّصَ مِنَ الإِثمِ وَالوِزرِ إِن هُوَ امتَنَعَ . عَن أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ أَن النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ رَأَى عَلَى عَبدِالرَّحمَنِ بنِ عَوفٍ أَثَرَ صُفرَةٍ ، فَقَالَ : " مَا هَذَا ؟ " قَالَ : إِنِّي تَزَوَّجتُ امرَأَةً عَلَى وَزنِ نَوَاةٍ مِن ذَهَبٍ . قَالَ : " بَارَكَ اللهُ لَكَ ، أَولِمْ وَلَو بِشَاةٍ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . وَعَن بُرَيدَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : لَمَّا خَطَبَ عَلِيٌّ فَاطِمَةَ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " إِنَّهُ لا بُدَّ لِلعُرسِ مِن وَلِيمَةٍ " وَعَن أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : أَقَامَ النَّبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ بَينَ خَيبَرَ وَالمَدِينَةِ ثَلاثَ لَيَالٍ يُبنَى عَلَيهِ بِصَفِيَّةَ ، فَدَعَوتُ المُسلِمِينَ إِلى وَلِيمَتِهِ ، وَمَا كَانَ فِيهَا مِن خُبزٍ وَلا لَحمٍ ، وَمَا كَانَ فِيهَا إِلاَّ أَن أَمَرَ بِالأَنطَاعِ فَبُسِطَت ، فَأُلقِيَ عَلَيهَا الَتَّمرُ وَالأَقِطُ وَالسَّمنُ . رَوَاهُ البُخَارِيُّ . وَعَن صَفِيَّةَ بِنتِ شَيبَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهَا ـ قَالَت : أَوَلَمَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ عَلَى بَعضِ نِسَائِهِ بِمُدَّينِ مِن شَعِيرٍ . رَوَاهُ البُخَارِيُّ . فَهَذِهِ الجُملَةُ مِنَ الأَحَادِيثِ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ تَدُلُّ عَلَى مَشرُوعِيَّةِ إِقَامَةِ الوَلِيمَةِ لِلزَّوَاجِ ، شُكرًا للهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَإِظهَارًا لِلفَرَحِ وَالسُّرُورِ ، إِذِ الزَّوَاجُ مِن نِعَمِ اللهِ ـ جَلَّ وَعَلا ـ الَّتي يُفرَحُ بها وَتُشكَرُ ، بِهِ تَنعَقِدُ الأَوَاصِرُ بَينَ الأُسَرِ ، وَتَقوَى العِلاقَاتُ بَينَ البُيُوتِ ، وَيَبقَى النَّسلُ البَشَرِيُّ وَيُحفَظُ النَّوعُ الإِنسَانيُّ ، وَبِهِ يَقضِي كُلٌّ مِنَ الزَّوجَينِ وَطَرَهُ في الحَلالِ ، فَتُغَضُّ الأَبصَارُ وَتُحَصَّنُ الفُرُوجُ ، وَتَكثُرُ الأُمَّةُ وَيَقوَى شَأنُهَا وَيَعِزُّ جَانِبُهَا ، وَمِن ثَمَّ كَانَ مِن شُكرِ اللهِ عَلَى هَذِهِ النِّعَمِ أَن يُولِمَ صَاحِبُهَا وَيَدعُوَ إِلَيهَا . وَلأَنَّ بَعضَ النَّاسِ قَد يَصعُبُ عَلَيهِ الأَمرُ وَيُكَلِّفُهُ فَوقَ طَاقَتِهِ ، فَإِنَّ مِن كَرِيمِ الأَخلاقِ وَنَبِيلِ الصِّفَاتِ أَن يُعَانَ المتَزَوِّجُ مِمَّن حَولَهُ مِن ذَوِي القُدرَةِ وَاليَسَارِ ، وَأَن يُشَارِكَهُ أَهلُ الخَيرِ وَالسَّعَةِ في إِقَامَةِ وَلِيمَتِهِ ، وَهُوَ الأَمرُ الَّذِي كَانَ عَلَيهِ المُسلِمُونَ وَمَا زَالوا مُنذُ صَدرِ الإِسلامِ وَإِلى اليَومِ بِحَمدِ اللهِ ، فَعَن أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ في قِصَّةِ زَوَاجِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ بِأُمِّ المؤمِنِينَ صَفِيَّةَ : حَتَّى إِذَا كَانَ بِالطَّرِيقِ جَهَّزَتهَا لَهُ أُمُّ سُلَيمٍ فَأَهدَتهَا لَهُ مِنَ اللَّيلِ ، فَأَصبَحَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ عَرُوسًا فَقَالَ : " مَن كَانَ عِندَهُ شَيءٌ فَليَجِئْ بِهِ " قَالَ وَبَسَطَ نِطَعًا . قَالَ : فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالأَقِطِ ، وَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالتَّمرِ ، وَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالسَّمنِ ، فَحَاسُوا حَيسًا ، فَكَانَت وَلِيمَةَ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ .
وَأَمَّا إِجَابَةُ الدَّعوَةِ ـ أَيُّهَا المُسلِمونَ ـ فَهِيَ وَاجِبَةٌ ، جَعَلَهَا النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ مِن حَقِّ المُسلِمِ عَلَى المُسلِمِ ، وَأَمَرَ بِإِجَابَتِهَا وَلَو صَغُرَت وَقَلَّ فِيهَا الطَّعَامُ ، وَأَجَابَهَا بِنَفسِهِ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " حَقُّ المُسلِمِ عَلَى المُسلِمِ سِتٌّ : إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيهِ ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ ، وَإِذَا استَنصَحَكَ فَانصَحْ لَهُ ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللهَ فَشَمِّتْهُ ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ ، وَإِذَا مَاتَ فَاتْبَعْهُ " وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُم إِلى الوَلِيمَةِ فَلْيَأتِهَا " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . وَفي رِوَايَةٍ لِمُسلِمٍ : " فَليُجِبْ ، عُرسًا كَانَ أَو نَحوَهُ " وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " فُكُّوا العَانِيَ ، وَأَجِيبُوا الدَّاعِيَ ، وَعُودُوا المَرِيضَ " وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " وَمَن لم يُجِبِ الدَّعوَةَ فَقَد عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ " وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " لَو دُعِيتُ إِلى ذِرَاعٍ أَو كُرَاعٍ لأَجَبتُ ، وَلَو أُهدِيَ إِليَّ ذِرَاعٌ أَو كُرَاعٌ لَقَبِلتُ " قَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ : وَفي الحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى حُسنِ خُلُقِهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَتَوَاضُعِهِ وَجَبرِهِ لِقُلُوبِ النَّاسِ ، وَعَلَى قَبُولِ الهَدِيَّةِ وَإِجَابَةِ مَن يَدعُو الرَّجُلَ إِلى مَنزِلِهِ وَلَو عَلِمَ أَنَّ الَّذِي يَدعُوهُ إِلَيهِ شَيءٌ قَلِيلٌ ... وَفِيهِ الحَضُّ عَلَى المُوَاصَلَةِ وَالتَّحَابِّ وَالتَّآلُفِ ، وَإِجَابَةِ الدَّعوَةِ لِمَا قَلَّ أَو كَثُرَ ، وَقَبُولِ الهَدِيَّةِ كَذَلِكَ . وَقَالَ ابنُ عَبدِ البَرِّ ـ رَحمَهُ اللهُ ـ : لا خِلافَ في وُجُوبِ الإِجَابَةِ إِلى الوَلِيمَةِ لِمَن دُعِيَ إِلَيهَا إِذَا لم يَكُنْ فِيهَا لَهوٌ .
وَقَد جَعَلَ العُلَمَاءُ لِوُجُوبِ إِجَابَةِ الدَّعوَةِ شُرُوطًا ، مِنهَا : أَن يَكُونَ الدَّاعِي مُسلِمًا مكَلَّفًا حُرًّا رَشِيدًا ، وَأَلاَّ يَخُصَّ بِدَعوَتِهِ الأَغنِيَاءَ دُونَ الفُقَرَاءِ ، وَأَلاَّ يَسبِقَهُ غَيرُهُ ، فَمَن سَبَقَ تَعَيَّنَت إِجَابَتُهُ دُونَ الآخَرِ . وَأَلاَّ يَكُونَ هُنَاكَ مَا يَتَأَذَّى بِحُضُورِهِ مِن مُنكَرٍ وَغَيرِهِ ، وَأَلاَّ يَكُونَ لَهُ عُذرٌ مِن بُعدِ طَرِيقٍ وَمَشَقَّةٍ . وَلَيسَ مِن شَرطِ إِجَابَةِ الدَّعوَةِ أَن يَأكُلَ ، بَل يَجِبُ عَلَيهِ الحُضُورُ ، فَإِن شَاءَ أَكَلَ وَإِن شَاءَ تَرَكَ ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُم إِلى طَعَامٍ فَليُجِبْ ، وَإِن شَاءَ طَعِمَ وَإِن شَاءَ تَرَكَ " رَوَاهُ مُسلِمٌ . بَل حَتَّى الصَّائِمُ عَلَيهِ إِجَابَةُ الدَّعوَةِ ؛ لِحَدِيثِ أَبى سَعِيدٍ الخُدرِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : " صَنَعَتُ لِرَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ طَعَامًا فَأَتَاني هُوَ وَأَصحَابُهُ ، فَلَمَّا وُضِعَ الطَّعَامُ قَالَ رَجُلٌ مِنَ القَومِ : إِنِّي صَائِمٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : دَعَاكُم أَخُوكُم وَتَكَلَّفَ لَكُم " ثُمَّ قَالَ لَهُ : " أَفطِرْ وَصُمْ مَكَانَهُ يَومًا إِن شِئتَ " وَهَذَا الأَمرُ مِنهُ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ لِذَلِكَ الرَّجُلِ بِالإِفطَارِ وَالأَكلِ لَيسَ لِلوُجُوبِ ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ الاستِحبَابِ تَطيِيبًا لِخَاطِرِ الدَّاعِي ؛ لِقَولِهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ في الحَدِيثِ الآخَرِ : " إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُم فَليُجِبْ ، فَإِن كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ ـ أَي فَلْيَدعُ ـ ، وَإِن كَانَ مُفطِرًا فَليَطعَمْ " وَعَلَى مَن حَضَرَ الدَّعوَةَ أَن يَدعُوَ لِصَاحِبِهَا بِالبَرَكَةِ ؛ لِحَدِيثِ عَبدِاللهِ بنِ بُسرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ أَنَّ أَبَاهُ صَنَعَ طَعَامًا لِلنَّبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ فَدَعَاهُ فَأَجَابَهُ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِن طَعَامِهِ قَالَ : "اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُم فِيمَا رَزَقتَهُم وَاغفِرْ لَهُم وَارحَمْهُم " وَفي حَدِيثٍ آخَرَ : "اللَّهُمَّ أَطعِمْ مَن أَطعَمَني وَأَسقِ مَن أَسقَاني "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ مِمَّا يَحسُنُ بِصَاحِبِ الوَلِيمَةِ أَن يَدعُوَ لِوَلِيمَتِهِ الصَّالِحِينَ ، لِقَولِهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " لا تُصَاحِبْ إِلاَّ مُؤمِنًا ، وَلا يَأكُلْ طَعَامَكَ إِلاَّ تَقِيٌّ " وَلِقَولِهِ في دُعَائِهِ لِمَن أَطعَمَهُ : " أَفطَرَ عِندَكُمُ الصَّائِمونَ ، وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الأَبرَارُ ، وَصَلَّت عَلَيكُمُ المَلائِكَةُ " وَأَمَّا أَن يُخَصَّ الأَغنِيَاءُ وَالوُجَهَاءُ بِالدَّعوَةِ ، فَإِنَّ هَذَا مِمَّا نُهِيَ عَنهُ ، لِقَولِهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الوَلِيمَةِ يُمنَعُهَا مَن يَأتِيهَا وَيُدعَى إِلَيهَا مَن يَأبَاهَا " أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمونَ ـ وَاحرِصُوا عَلَى اتِّبَاعِ السُّنَّةِ في كُلِّ شُؤُونِكُمُ العَامَّةِ وَالخَاصَّةِ " لَقَد كَانَ لَكُم في رَسُولِ اللهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرجُو اللهَ وَاليَومَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا "

أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ حَقَّ تَقوَاهُ ، وَاستَعِدُّوا بِالأَعمَالِ الصَّالِحَةِ لِيَومِ لِقَاهُ .
أَيُّهَا المسلِمونَ ، رَوَى البُخَارِيُّ وَمسلِمٌ عَن أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : مَا رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ أَوَلَمَ عَلَى امرَأَةٍ مِن نِسَائِهِ مَا أَولَمَ عَلَى زَينَبَ ، فَإِنَّهُ ذَبَحَ شَاةً . قَالَ : أَطعَمَهُم خُبزًا وَلَحمًا حَتَّى تَرَكُوهُ ... هَل تَأَمَّلتُم هَذَا الخَبَرَ الصَّحِيحَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَفقِهتُمُوهُ ؟ إِنَّهُ لَخَبَرٌ عَجَبٌ حَقًّا ، رَسُولُ اللهِ محَمَّدُ بنُ عَبدِاللهِ ، إِمَامُ المُرسَلِينَ وَقَائِدُ الأُمَّةِ وَخَيرُ الخَلقِ ، أَكرَمُ النَّاسِ وَأَجوَدُهُم ، يُولِمُ في زَوَاجِهِ بِشَاةٍ وَاحِدَةٍ ، نَعَم ، شَاةٌ وَاحِدَةٌ ، وَيُشبِعُهُم خُبزًا وَلَحمًا وَيَنتَهِي الأَمرُ . وَقَد كَانَ هَذَا هُوَ أَكثَرَ مَا أَولَمَ بِهِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلامِ صَاحِبِهِ وَخَادِمِهِ وَالمُطَّلِعِ عَلَى الدَّقِيقِ وَالجَلِيلِ مِن أَحوَالِهِ ، وَبَعدُ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ فَلْنُوَازِنْ بَينَ هَذَا الهَديِ النَّبَوِيِّ الكَرِيمِ ، وَبَينَ مَا عَلَيهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ اليَومَ ، حَيثُ يُسرِفُونَ في الوَلائِمِ أَيَّمَا إِسرَافٍ ، وَيُبَالِغُونَ في الأَطعِمَةِ أَيَّمَا مُبَالَغَةٍ ، حَتَّى تَمتَلِئَ الحَاوِيَاتُ مِن مُخَلَّفَاتِ وَلائِمِهِم ، بل وَلا تَجِدُ الجَمعِيَّاتُ مَكَانًا تَضَعُ فِيهِ هَذَا الفَائِضَ مِنَ الطَّعَامِ ، ثُمَّ يَرَى أُولَئِكَ المُسرِفُونَ أَنَّ هَذَا هُوَ الكَرَمُ ، وَمَن فَعَلَ مِثلَهُ فَبَيَّضَ اللهُ وَجهَهُ ، وَمَن لم يَفعَلْ فَحَقُّهُ السَّوَادُ وَالذَّمُّ ، فَوَا عَجَبًا مِنِ انقِلابِ المَفَاهِيمِ وَانتِكَاسِ الفِطَرِ ، لا يُرَى الرَّجُلُ كَرِيمًا حَتَّى يَعصِيَ رَبَّهُ وَيَكفُرَ نِعمَةَ خَالِقِهِ وَيُخَالِفَ هَديَ نَبِيِّهِ وَيُسرِفَ وَيُبَاهِيَ !! إِنَّهَا لِجُرأَةٌ عَجِيبَةٌ أَن يَدَّعِيَ أَحَدٌ أَنَّهُ أَكرَمُ مِن رَسُولِ اللهِ ، وَمَن ذَا الَّذِي يَزعُمُ أَنَّهُ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ أَوَلَمَ بِشَاةٍ بُخلاً مِنهُ أَو تَركًا لِمَا هُوَ أَولى بِهِ ؟ حَاشَاهُ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ أَن يَبخَلَ وَهُوَ الكَرِيمُ الجَوَادُ ، الَّذِي لم يَكُن يَومًا مَا بَخِيلاً وَلا مُبَخَّلاً ، وَلَكِنَّنَا حِينَ نَتَأَمَّلُ قَولَ أَنَسٍ : أَطعَمَهُم خُبزًا وَلَحمًا حَتَّى تَرَكُوهُ ، وَنُقَارِنُهُ بِأَنَّهُ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ لم يَذبَحْ إِلاَّ شَاةً وَاحِدَةً ، يَظهَرُ لَنَا بِوُضُوحٍ وَجَلاءٍ أَنَّ مَقصُودَهُ لم يَكُنِ المُفَاخَرَةَ وَلا المُكَاثَرَةَ ، وَإِنَّمَا إِطعَامُ صَحَابَتِهِ وَإِشبَاعُهُم شُكَرًا لِرَبِّهِ ، فَهَل هَذَا هُوَ حَالُ مَن يَذبَحُونَ النَّعَمَ في هَذِهِ الأَيَّامِ وَيُبَدِّدُونَ النِّعَمَ ؟ هَل قَصدُهُم إِشبَاعُ البُطُونِ أَم إِشبَاعُ العُيُونِ ؟ إِنَّ مِثلَ هَؤُلاءِ حَرِيُّونَ بِأَلاَّ يُجَابُوا وَلا يُؤكَلَ طَعَامُهُم ، بَل حَقُّهُم أَن يُهجَرُوا ويُقَاطَعُوا ، حَتَّى يَعُودُوا إِلى رُشدِهِم وَيَحفَظُوا نِعمَةَ رَبِّهِم ، جَاءَ في الحَدِيثِ أَنَّهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ : " المُتَبَارِيَان ِ لا يُجَابَانِ ، وَلا يُؤكَلُ طَعَامُهُمَا " قَالَ المَنَاوِيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ : " المُتَبَارِيَان ِ " أَي المُتَعَارِضَان ِ بِفِعلِهِمَا في الطَّعَامِ ، لِيُمَيَّزَ أَيُّهُمَا يَغلِبُ " لا يُجَابَانِ وَلا يُؤكَلُ طَعَامُهُمَا " تَنزِيهًا ، فَتُكرَهُ إِجَابَتُهُمَا وَأَكلُهُ ، لِمَا فِيهِ مِنَ المُبَاهَاةِ وَالرِّيَاءِ ، وَلِهَذَا دُعِيَ بَعضُ العُلَمَاءِ لِوَلِيمَةٍ فَلَم يُجِبْ ، فَقِيلَ لَهُ : كَانَ السَّلَفُ يُجِيبُونَ . قَالَ : كَانُوا يُدعَونَ لِلمُؤَاخَاةِ وَالمؤَاسَاةِ ، وَأَنتُم تُدعَونَ لِلمُبَاهَاةِ وَالمكَافَأَةِ . أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَلْنَحرِصْ عَلَى السُّنَّةِ وَحِفظِ النِّعمَةِ وَشُكرِ المُنعِمِ ـ سُبحَانَهُ ـ وَلْنَحذَرْ مِنَ الكُفرِ بِأَنعُمِ اللهِ لِئَلاَّ تَنَالَنَا عُقُوبَتُهُ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَريَةً كَانَت آمِنَةً مُطمَئِنَّةً يَأتِيهَا رِزقُهَا رَغَدًا مِن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَت بِأَنعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالخَوفِ بما كَانُوا يَصنَعُونَ . وَلَقَد جَاءَهُم رَسُولٌ مِنهُم فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ العَذَابُ وَهُم ظَالِمُونَ . فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّبًا وَاشكُرُوا نِعمَةَ اللهِ إِن كُنتُم إِيَّاهُ تَعبُدُونَ "


الساعة الآن 08:27 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
- arab-line : Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.3.0 TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010

... جميع الحقوق محفوظه لمجالس رويضة العرض لكل العرب ...

.. جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر صاحبها ...ولا تعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر المنتدى..

a.d - i.s.s.w