مجالس الرويضة لكل العرب

مجالس الرويضة لكل العرب (http://www.rwwwr.com/vb/httb:www.rwwwr.com.php)
-   روحانيات (http://www.rwwwr.com/vb/f5.html)
-   -   قصص القرآن (http://www.rwwwr.com/vb/t8676.html)

عبدالرحمن الجميعان 16-09-2007 09:03 AM

قصص القرآن
 
1- القصص القرآني:

(لقد كان في قصصهم عبرة...)
مقدمة
القرآن كلام الله المنزل على نبينا صلى الله عليه وسلم، نزل في غضون ثلاث و عشرين سنة، متواصلة، منها ثلاث عشر سنة في مكة والعشر الباقيات في المدينة...!
والقرآن لم ينزل للتسلية ولا اللهو، وإنما نزل كتاب هداية وإرشاد، وكان مما فيه هذا القصص القرآني المجيد، الذي تناول مظاهر الحياة من شتى نواحيها.
فكانت قصص النبيين مع أقوامهم، والصراعات الكبرى التي كانت بين الطرفين...ثم قصص غير الأنبياء، كل ذلك لتكون العبر ماثلة أمامنا، ونقيس واقعنا وحاضرنا على ما جاءنا به الكتاب...!
والقرآن ليس كتاب أدب، ولا سياسة، ولا شيء من ذلك البتة، ولكنه كتاب هداية ولكن مع كل ذلك فقد جاءت به أنماط من الأدب العظيم الذي يرسم الأدب في أبهى صوره وتجلياته.
فالكتاب قد تناول القصص من نواح أدبية، ونواح اجتماعية،
فقد جاءت العلاقة بين الأب وابنه في صور متعددة، منها علاقة إبراهيم عليه السلام مع أبيه، وعلاقة لقمان، كذلك، وجاءت علاقة الأب مع ابنه، نوح عليه السلام، وصور القرآن صورة النفس الكبيرة، وكيف تتقلب في درجات الحياة الدنيا، وشخص القرآن الشخصية تشخيصاً دقيقاً جداً، كقصة يوسف عليه السلام، تلك القصة العظيمة والدقيقة المعالجة، والتي صورت الشخصية أدق تصوير، ودخلت في منافذ النفس، وتغلغلت إلى خفايا المجتمع، فصورته أبهى تصوير، وعالجت قضاياه في أدق التفاصيل..
والحياة مع القرآن من خلال قصصه، متعة كبيرة، لمن تدبر وتمعن في القراءة، وعاش مع الشخصية بكل منحنياتها، وتدرجاتها، وضعفها، وقوتها، وانطلاقتها من أسار الحياة الدنيا...!
وقد صدق كل الصدق صاحب الظلال عندما قال:( الحياة في ظلال القرآن نعمة . نعمة لا يعرفها إلا من ذاقها . نعمة ترفع العمر وتباركه وتزكيه..)
والقصة لا شك هي أكثر الأنماط الأدبية قرباً من الإنسان، ويألفها، ويأنس بها، ويستمتع بقراءتها، أو الاستماع إليها، يتساوى في ذلك الصغير والكبير...!
ونحن في رمضان، وهو شهر القرآن سنتناول شيئاً من القصص القرآني، نتحدث فيه عن طريقة عرض القرآن للقصة، ومواقعها من الكتاب، وما الفائدة المستقاة منها، ذلك أن الغاية من القراءة هي الاستفادة والتدبر.....وال تعبد بالمقروء.!

1- آدم و الصراع الأبدي:قصة الإنسانية، التي اختصرت في خلق آدم عليه السلام و صراعه...
من السماء يستمع المرء وهو يقرأ القرآن، إلى كلام الله لملائكته(إني جاعل في الأرض خليفة...)، فينتفض وجدانه، وترتعد فرائصه، الكريم الجليل، العظيم، يحادث الملائكة، وينبئهم بأن هناك مخلوقاً آخر سيكون، وسيشاركهم ما هم فيه من عبادة، وتمجيد وتسبيح، بل سيشاركهم
وهذا المخلوق الجديد، سيكون له شأن كبير، في السماء والأرض، بل في الكون كله...!
فهو سيخترق عوالمه، ويدنو من ملكوت السماوات والأرض، وسيكون له شأن في الأرض، عمارة، وبناء،
(إني جاعل في الأرض خليفة..) خلق في السماء، ولكنه جعل للأرض، وسيعود للسماء..دورة طويلة لبني الإنسان، وبني آدم، ودورة حضارية بدأن بالنبي آدم عليه السلام، وتختم النبوة بمحمد (صلى الله عليه وسلم)، ولكن الدورة الحضارية ستكون بأتباعه، ومنهم، ستتعلم الإنسانية الشيء الكثير..!
نقف أما استخلاف آدم وخلقه، لنقف على بعض القضايا الهامة في النص القرآني:
1-أهمية الإنسان و وظيفته: فالإنسان خلقه الله تعالى وجعل فيه طاقات، قد ندركها اليوم ما لا أدركه أجدادنا، فقد فجر الإنسان طاقات الكون الهائلة، وصنع و عمل ......،
ولكن تبقى قضية عمارة الإنسان للأرض هي القضية الأساس، والتي يجب أن تنطلق من واقع الإيمان بالله، وتعبيد الناس لربهم الحق..!
2- الحرام والحلال من خلال الشجرة، ومن خلال المساحة الكبرى التي خلقها الله تعالى في الحلال، وضيق مساحة الحرام......... ..!

عبدالرحمن الجميعان 16-09-2007 09:04 AM

رد: قصص القرآن
 
2- القصص القرآني
تناولنا في مقالة سابقة شيئا من الحديث حول القصص القرآني وعرضه القصة، واليوم نتناول طريقة العرض القرآني للقصة......
القصة في القرآن:
عرض القصة في القرآن يخضع لعدة أمور، منها مناسبة النزول، ومنها مناسبة القصة للسورة، لهذا تجد التشابه في الأحداث، والاختلاف في العرض والأسلوب، فمثلاً، لو تناولنا قصة آدم عليه السلام التي جاءت في أكثر من موضع في الكتاب، وجاء اسم آدم في ما يقارب25 مرة تقريباً، لوجدتها تختلف كل المخالفة في طريقة العرض، مع الأخذ بالاعتبار، أن مشهد الملائكة قبل الخلق لم يعرض بهذه الصورة الواسعة إلا في سورة واحدة، وذلك مما يجعل المرء يزيد في التدبر والتفكر، وأن هذا القصص لم يأت اعتباطاً، وإنما جاء وفق سنة إلهية، و وفق حكمة ربانية، قد لا نعرف كنهها، ولكننا نحس بها ونشعر..!
فسورة البقرة مثلاً تتحدث عن إحياء الموتى، وعن الكتاب، وعن العلاقات بين المسلمين وغيرهم، و تأتي بمشاهد من القيامة، وتتحدث عن الحياة قبل الخلق....
بدأت ب(ألم..ذلك الكتاب....)...
ثم عرضت الأصناف الثلاثة للناس أمام الهدى والكتاب....ثم عرجت على ذكر أهل النفاق، لأن القرآن كتاب حركة ستقيم الدنيا، وتتعامل مع الواقع وفق منهج الله، فكان تنزيله وفق احتياجات الحركة الإسلامية المتمثلة بالنبي(صلى الله عليه وسلم) وصحابته الكرام رضي الله تعالى عنهم،ولم يمنع ذلك من امتداد النص القرآني ليشمل الزمان والمكان، ويكون نقطة انطلاق لمن تمثل بالمنهج القرآني نفسه الذي كان يعيش الواقع الآنف الذكر..
فالآية 28 تبدأ بسؤال استنكاري، يتمثل بالإنكار الشديد، على العمي والصم والبكم، أولئك الذين لا يرون الحياة الدنيا ودورتها الكونية، (كيف تكفرون بالله وكنتم أموتاً، فأحياكم)...فالع دم سماه ربنا موتاً، وذكرت الآية أن المعاد والدورة الحياتية سوف تنتهي، ويكون المرجع لله وحده تعالى..فالآية تذكر أن هناك خلقاً وحياة ثم موت و رجوع إلى ما بدئ به،(إليه ترجعون)..
ثم ذكرت الآية(هو الذي خلق لكم...)
ثم ذكر القرآن المشهد الأول(وإذا قال ربك..)...

خالق(الرب)، خلق(سماوات، أرض..) ثم خلق خاص، لا نعرف كنهه، إلا من خلال الآيات والأحاديث الصحيحة، (الملائكة)، الذين يسكنون السماوات، والسماوات خلق عظيم جداً...
في ظل هذه المخلوقات الكبيرة والعظيمة، يبرز اسم الإنسان، مخلوقاً من ضمن هذه المخلوقات، ولكنه يتميز بأمر (جاعل في الأرض خليفة...)، الأرض، والأمر من الله تعالى، والاستخلاف في الأرض الكبيرة....
العلاقة بين الله تعالى والإنسان، تبدأ بهذا المشهد، ثم العلاقة بين الإنسان والمخلوقات الأخرى، والملائكة والجن بخاصة...!
و القضية الكبرى التي تناولتها الآيات تختصر في (إني أعلم ما لا تعلمون..)...فال قضاء منه تعالى، وهو العليم الخبير..
قضي الأمر الإلهي بالتكوين والخلق ثم الاستخلاف...ولا راد لفضله، ولا لأمره تعالى..
ثم (علم آدم....) فالتعليم المباشر منه تعالى، علمه، وإنما الإنسان يتعلم، فيعلم، ولا يوجد من يولد عالماً، حتى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهذا العلم، إشارة كبرى إلى أن العلم الذي يأتي من قبل الله تعالى هو العلم الصحيح، الذي يفقه فيه الإنسان طبائع الخلق، ويعرف سنن الكون، ومجريات الأمور...فالانط لاق إلى الدنيا والدين من خلال هذا العلم والتعليم والفقه... ..ولكن ماذا علم؟
لم تذكر الآيات أي شيء، إنما هي الأسماء،ولا دليل صحيح يدلنا على ماهية السماء ولا ما هي!
فالقول إذن أنها أشياء ومسميات وعلم يستفيد منه آدم والله تعالى أعلم، ويحتاجها، ويعقلها عقله، وتفكيره، فآدم عليه السلام/ هو رمز الإنسان، وتمثلت به الحياة الدنيا وصراعاتها، وكينونة الإنسان و وشائجه، وعلائقه، .....
ولكن كيف تمكن هذا الانسان من العمل والتفكير؟ وكيف ستكون حياته؟ وكيف وكيف..؟
كل هذا سنعرض له في أحاديث قادمة....!

محمد 16-09-2007 12:02 PM

رد: قصص القرآن
 



مرور وتثبيت للاهمية ولي عودة


http://mkaraty.jeeran.com/wad.gif

عاشق الورد



عبدالرحمن الجميعان 16-09-2007 09:11 PM

رد: قصص القرآن
 
القصص القرآني 3
للقصص القرآني سمات اتصف بها و انفرد، لم يشركه كتاب ولا مقول، ولا رواية وقصة..!
فمن جهة أنه(القصص) جاء في كتاب كان إعجازاً لمن قرأه، فأخذت القصة مكانتها الأدبية والبلاغية من هذا الباب..
ومن جهة فهو قصص حقيقي لا دخل للخيال فيه، فكل ما فيه لم يكن إلا حقيقة مجردة، وفوق أنها حقيقة، فقد جاء السرد واقعياً، ويحمل بلاغة و دقة متناهية لا توازيها دقة ولا بلاغة أي سارد أو راو..
ومن أخرى، فهو مضرب الأمثال، ولم يذكره ربنا للتسلية وتزجية الوقت، بل كل ما فيه عبرة(فبهداهم اقتده..)..
ومنه الابتعاد عن التفاصيل الغارقة في الغموض، وبعد القارئ عن الخوض في تفاصيل دقيقة جداً لا تعود عليه بنفع، مثل اسم النملة التي كلمت سليمان (عليه السلام) أو عدد أصحاب أهل الكهف، وغيرها من أمور أغمضها القرآن ولا فائدة من ذكرها، ولا طائل..
ومنها أن قصصه تنوعت، في السرد، وتنوعت في العرض، وتنوعت في ا لزمان والمكان والشخوص...
فكل ما جاء في قصة آدم ينطبق عليه هذا وأكثر..انظر إلى نسق الآيات في سورة البقرة
(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (30)
وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31)
قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32)
قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (33)
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)
وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ (35)
فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36)
فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37)
قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (38)
وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39) )
هذه هي القصة، وهكذا عرضها القرآن في هذه السورة، لأمر قد قلناه آنفاً، هنا القصة القرآنية، لا تبدأ هكذا بدون سابق انذار، بل يمهد لها الكتاب بمقدمة، تتناسب مع السورة كلها وموضعها، ومع القصة، فيتناسب الأسلوب، والسرد، والعبرة والألفاظ....
هذا الحدث الكبير والعظيم، لم يحدث في الأرض، ولم يحدث في مكان معلوم، بل حدث قل الزمان والمكان، حدث في السماوات، وحدث قبل الإنسان....فمن فضل الله علينا أن أرانا و أسمعنا هذا المشهد رأي قلب، وكأننا نراه، قول الله العليم المتعال الكبير....وقول الملائكة، كيف كان كذلك؟ أليست هذه رحمة من فيض رحماته سبحانه، أنه يعطي الإنسان الصغير هذا الكم الهائل من العلم الذي لم يشهده..!؟
إنه لأمر جلل لو فطن المرء إليه...الله جل في علاه يريد، أن يخلق خلقاً مكرماً، هو اعلم به، أنه سيكون منه العصيان والاستكبار....ف يتفضل علينا سبحانه، ثم يذكر هذا الأمر لنا ونحن نقرأ، ولكن هل نعتبر؟!
لو تحدثنا ليل نهار حول القصص القرآني لعجزنا..وقد ورد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال:لو أردت أن أحمل على سبعة جمال من أحمال في تفسير الفاتحة لما وفت...أو كما قال قريباً من هذا المعنى..وقد صدق ولم يبالغ...فالقرآن ينتظر منا تثويره في عقولنا ، واستشعاره في نفوسنا...ثم الحركة به في المجتمع..!

عبدالرحمن الجميعان 16-09-2007 09:11 PM

رد: قصص القرآن
 
القصص القرآني4
الصراع الأبدي، والدائم، والمتأجج، بين عناصر الخلق في الأرض، الرجل، المرأة، الشيطان، الجن.....!
أربعة عناصر، تفاعلها يؤدي إلى حركة الحياة في الكون...
بدأت هناك في الملأ الأعلى، (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)
وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ (35)
فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36)
فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37))
المسألة بدأت من الأمر بالسجود، الذي كان أمراً إلهياً ، الأمر الإلهي الذي صدر للملائكة، وإبليس كان من ضمنهم عبادة، لا جنساً، فشمله الأمر، لأن الأمر كان للجميع، فبمجرد سماع الأمر، هوت الملائكة سجوداً لآدم، تنفيذاً لأمر الله، وحباً في طاعته، وخوفاً من عصيانه....والمل ائكة (لا يعصون الله ما أمرهم..ويفعلون ما يؤمرون...)...فه م، معصومون من العصيان، لأنهم خلقوا طائعين، وخلقوا لطاعة خلقهم، ومن ثم فهم يفعلون ما يصدر لهم من أمر ....نفي لعصيانهم، واثبات لطاعتهم....
من هنا بدأ الصراع، و وغر قلب إبليس حقداً، وغيظاً على آدم، الذي خلق بعد خلق الملائكة، والجن....إبليس. .اسم برز في القصة، وقد كان مستوراً، وبروزه بقوة وعنف، ورفض لأمر خالقه، بوقاحة متناهية، فذكره الله تعالى بهذا الصورة الحقيقية، الرائعة الوصف، (إلا إبليس....)...اس تثناء منقطع، لم يسجد، بل اعترض فوق عدم سجوده، ثم رفض السجود، إلا إبليس أبى....رفض السجود، واستكبر على آدم، ورد الأمر الإلهي، ومن هنا كفر بالله، فكفره ليس من باب الجحود لوجود الله، بل كان يؤمن بالله أنه خالق، ورازق، وعليم....ولكن كفره جاء من باب آخر وهو رد الأمر التكليفي، ومن هنا فرق مابين آدم عليه السلام، الذي أذنب وعصى ربه، ثم استغفر وأناب، ورجع إلى ربه ذليلاً، مستكيناً راجياً رحمة ربه وعفوه...
ولكن إبليس، رفض، واستكبر، وعارض أمر الله تعالى، ثم لم يتذلل لربه، ولم يستغفر من ذنبه، ومن هنا التفريق بين ذنبين، ذنب فيه استخفاف، أو إنكار لأمر الخالق تعالى، أو رفض التطبيق، كمن مثلاً يقول بأن الخمر حلال، ولم تحرم، أو من يأتي يستهزئ بتحريم الخمر...فذلك كفر وخروج عن دائرة الإيمان... والجانب الآخر، غلبه هواه فعصى وشرب الخمر، أو أذنب ذنباً كبيراً، دون رفض التحريم، ودون استهزاء، ثم تاب إلى ربه و وأناب واستغفر،فذلك مغفور له...فمن هنا نتعلم أن الأوامر الإلهية، كلها رحمة للعباد، حتى تستقيم حياتهم، فلا ينبغي التفكير في تطبيقها أو عدم تطبيقها، و لا ينبغي الاستهزاء أو السخرية منها، أو رفضها، أو الاستكبار عنها، أو القول بأنها لا تصلح في هذا الزمان للتطبيق...فتلك قضية خطيرة جداً قد تنقل المرء من إسلام إلى كفر بواح..!
ومن الأمور التي ينبغي الوقوف عليها، في قصة آدم، عليه السلام، هو قضية الشجرة، وهل هي التفاحة أو أي شجرة أخرى؟؟؟
وتلك قضية لا طائل من البحث فيها، ولو كانت تفتح لنا أفقاً أو تفيدنا في القراءة القرآنية أو في الحياة، لأنبأنا الله خبرها، ولكنه تعالى سماها شجرة..فنكتفي بهذا الاسم..لأننا مهما قلنا أو بحثنا فلن نصل إلى نتيجة...ولكننا نستفيد من مسألة الشجرة، بقضايا أخرى، مثلاً ندرك بأن الله تعالى حرم على آدم وزوجه شجرة واحدة فقط، من الاقتراب أو الدنو منها،(ولا تقربا..)، فمجرد الاقتراب يودي إلى الهلاك...حتى نتيقن بأن الحرام في الدنيا –في دين الله – قليل بجانب الحلال الكثير...وحتى ندرك بأن الاقتراب من الحرام يؤدي إلى الوقوع فيه...!
سنتوقف لنواصل في قراءة أخرى..!


الساعة الآن 12:01 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
- arab-line : Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.3.0 TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010

... جميع الحقوق محفوظه لمجالس رويضة العرض لكل العرب ...

.. جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر صاحبها ...ولا تعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر المنتدى..

a.d - i.s.s.w