مجالس الرويضة لكل العرب

مجالس الرويضة لكل العرب (http://www.rwwwr.com/vb/httb:www.rwwwr.com.php)
-   روحانيات (http://www.rwwwr.com/vb/f5.html)
-   -   قصص القرآن (http://www.rwwwr.com/vb/t8676.html)

عبدالرحمن الجميعان 20-09-2007 04:47 PM

رد: قصص القرآن
 
تقى المرسي
شكري إليك لا ينفد..
تقبل الله أعمالنا وصيامنا أجمعين...

عبدالرحمن الجميعان 21-09-2007 12:47 AM

رد: قصص القرآن
 
القصص القرآني(9)
الانحراف البشري الأول: تعطيل العقل:
ذكرنا آنفاً طرفاً من ذكر قوم نوح، ونزيد الأمر بياناً، فنقول
(( كانوا قوماً مؤمنين قبل نوح فماتوا، فحزن عليهم الناس، فجاء إبليس فاتخذ لهم صورهم ليأنسوا بها، فلما جاءهم الشتاء أدخلوهم البيوت، فمضى ذلك القرن وجاء القرن الآخر فجاءهم إبليس، فقال لهم: إن هؤلاء آلهة كان آباؤكم يعبدونها فعبدوهم وضل منهم بشر كثير...)..
من هنا ندرك قدرة الشيطان على التلبيس على بني آدم، وأنه صادق في وعده، مستميت للإطاحة ببني آدم، و إنزالهم المنزل الأدنى ، وأنه ظاهر العداء، سافر المواجهة، لا يتوانى في إضلال بني آدم وغوايتهم، و أنه لا يواجه بني آدم، إلا بعد أن يزين لهم الباطل، ويشوه الحق، و يزخرف الشرك، ويلونه، ثم يدفعه في طبق من ذهب، ليصطاد المساكين والتائهين عن منهج الله القويم.
ومن هنا ندرك أهمية عرض قصة آدم في أول سور القرآن نزولاً بالمدينة، والثانية ترتيباً، وأهميتها مطلقاً في القرآن، لأنها ترسم الطريق القويم، وتبين ملامح الصراع، وتوضح الفهم العميق لمسيرة البشرية.
والقضية الأساس، أن قوم نوح ومن جاء بعدهم، يظنون أنهم يعبدون الله وينفذون أوامره، ولكنهم في الوقت نفسه، لا يلتفتون إلى من يقول إني نبي الله، ومرسل من الله تعالى، ولا يكلفون أنفسهم عناء البحث والتحري حول شخصية هذا النبي..بل ما يكون منهم إلا التكذيب، والتصدي لدعوته، أما التأمل بالأفكار التي جاء بها، والأوامر والنواهي، والقوانين، فذلك مشطوب من قائمة تفكيرهم..
مفارقة غريبة وعجيبة، هم يدعون عبادة الله، ثم يهملون من أرسله لهم ربهم !!
ذلك كان أول انحراف في مسيرة البشرية، وهو الانحراف الأصل، الذي تبعه كل انحراف بشري جاء، بداية من تعطيل العقل، ونهاية باختراع آلهة متعددة يسمونها بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان..!
في سورة الأعراف جاءت القصة مختصرة، وهكذا الآيات:
( لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم [ اعراف 59 ] * قال الملا من قومه إنا لنراك في ضلال مبين [ اعراف 60 ] * قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين [ اعراف 61 ] * أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون [ اعراف 62 ] * أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون [ اعراف 63 ] * فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمين [ اعراف 64)
تأمل (أرسلنا) الفعل ماض، سبقه حرف (لقد) الذي يفيد التحقيق، ثم جاءت الاستجابة بحرف العطف، فاء، فقال....ولم يقل القرآن: فتلقى نوح النداء أو الأمر، ثم ذهب إلى قومه...ولكن ليدلك على سرعة الاستجابة، و حب نوح(عليه السلام) للدعوة، كيف كانت استجابته سريعة، وحركته لم يكن بينها وبين الدعوة إلا حرف الفاء...
(قومه) فهو منهم، يعرفهم، ويعرفونه، عاش بينهم، وفي ذلك ما يفيد، بأن الداعية عليه أن يكون داخل المجتمع دائماً، يتعرف على أحوال الناس، ويقف معهم، ويلتفت إلى حاجياتهم، و يرونه كبيراً عظيماً بينهم، يحتاجونه، ولا يحتاجهم، و ليس كحال البعض، الذين لا يظهرون إلا عند الحاجات، وعند حاجة الحزب خاصة، أنا باقي الأوقات فمعرضون ..!
ثم تأمل قول نوح(عليه السلام)
(فقال: يا قوم !اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم)
يناديهم: يا قومي، و أهلي وأحبتي، وعشيرتي، يتحبب إليهم، ليقترب منهم، لأن الأمر عظيم، اعبدوا الله....فالأنبي اء ما جاؤوا إلا لتعبيد الناس للخالق الحق...وليست العبادة –كما يتوهم البعض- هي الشعائر التعبدية، كلا بل العبادة هي كل عمل أمر الله به، وكل نهي نهى الله عنه، فبالعمل، وبالترك تكون قمة العبادة، فمثلاً الدعوة عبادة، والعمل عبادة، والصلاة عبادة، وكل عمل المسلم عبادة إذا أراد به وجه الله تعالى، هذا المفهوم الراقي والعظيم للعبادة ينبغي أن يوضح للناس أجمعين، فلا يفهموا عبادة الدين مجردة من الحياة، بل هي صلب الحياة...فحركة المسلم عبادة....نتوقف لنواصل...!

عبدالرحمن الجميعان 24-09-2007 10:01 AM

رد: قصص القرآن
 
القصص القرآني10
مسألتان هامتان جداً كانت في تفكير النبي والرسول نوح(عليه السلام)، أول الرسل على الإطلاق، المسألة الأولى: عبادة الله وحده دون شريك، وتوضيحها بكل هدوء وعقلانية ونقاش هادئ وحوار مع المخالفين، والذين يعطلون طاقاتهم الفكرية، ويضعون العقل في محبس التقاليد و الأعراف...!
الثانية: هي تبليغ الإنذار باليوم الآخر، وقد جاءت الصورة هكذا
( (لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ))
فهنا نوح عليه السلام، يقول لقومه:يا قومي، لابد منكم أن تعبدوا ربكم(الله)، وهنا يعطيهم اسم الخالق سبحانه، وأنه ليس(وداً، ولا سواعاً...)، ولكنه الله، اسم علم اختص به الخالق الحكيم فقط، ولم يأت أحد من الخلق يدعي أن اسمه(الله)...ثم ينفي نوح(عليه السلام) أن يكون هناك إله غيره سبحانه، ونوح(ع) يريد تأكيد العبودية لله وحده، ويريد تأكيد قضية الإلوهية لا الربوبية، فقد يدعي مدع، بأن الأرباب كثر، لأن الرب، هو السيد، والمتصرف و المربي، والقائم على الخلق....لكن الإله هو المعبود...فهنا جاء نوح يؤكد ويعطي الألوهية الأهمية القصوى والعظمى في حياة هؤلاء، لأن النقص فيهم كان من هذا الجانب، ذلك أن هؤلاء وغيرهم من مشركي العرب، يقرون، بأن الرب هو الله،و أن الخالق هو الله، وأن المتصرف في الكون هو الله، ولكن مع ذلك فعقولهم لا تستوعب أن يكون البشر يعبدوا الله بلا واسطة..ولم يصرفوا شؤون دنياهم إلى خالقهم، بل كانوا يطيعون الكهنة، والسادة والكبراء، والملأ فيما يشرعون..فجاء كل نبي ليزيح الغبش الذي أصاب الألوهية، ويضع مكانه الفهم الصحيح، والسليم، لحركة العبودية في الكون كله..!
لكن هذه دوى، ودعوة جديدة، لم يسبق نوحاً أحدٌ، وسوف يتصدى لها الكبراء، ومنهم الذين يريدون أن تبقى الشعوب ذليلة، تائهو في الجهل هائمة في الغي، لأن هذه الطبقة تستفيد من كل هذا، مادياً ومعنوياً...فلا بد إذن من الوقوف وبصلابة وبصرامة ودون هوادة أما هذه الدعوة الجديدة، ولكن نوح(عليه السلام) يتكلم بعقل، وبحكمة، وبحديث كله عقلانية، ولا شيء في حديثه يصادم العقل، ولا التفكير ولا التاريخ ولا الواقع، فهنا لو تكلم هؤلاء بعقل لخسروا المعركة، فلا بد إذن من سلاح آخر،يستطيعون من خلاله رد الجماهير التي تستمع على صوت العقل، ومن الممكن أن تتأثر، فكان السلاح، هو الدعاية الإعلامية الكاذبة، وادعاء الضلال والجنون وغيرها من الأمراض ضد النبي وضد المصلح وضد كل من حمل المنهج الصحيح...!
فماذا سيقول الملأ؟
((* قال الملا من قومه إنا لنراك في ضلال مبين))
أرأيت...!..وهذا شأنهم لم يتغير الساعة...!
كذب وصراخ و ضجيج إعلامي فارغ، وتسوير العقل الجمعي، وتحصينه بالتفاهات ضد الحق وضد الحقيقة، و ضد العقل و المنطق السليم..رفعوا عقيرتهم، واتهموا نوحاً(ع)، إنا: بالتأكيد، والتعظيم، ونحن الملأ وعليه القوم، فإذا رأينا فرأيُنا حق، وإذا قلنا فقولنا صواب، ونحن نرى أنك في ضلالة، وأن كلامك كله ضلال في ضلال...!
وهذا الضلال-حتى يلبسوا على الشعوب والمساكين- مبين، واضح، لا يحتاج إلى مُسكة عقل كي يدلنا عليه بل حتى هؤلاء سيكتشفون هذا الضلال، فهو أوضح من الشمس...!
الجو مكفهر، نوح يدعو في وسط ملئ بالجحود، والكبرياء، والعتو، و هو جديد في دعوته، لم يسبقه أحد، فكيف يكون موقفه؟ هل يسكت؟ هل يتنازل عن حق الدفاع؟ هل يترك دعوة الله، هكذا تبتلعها سباع الجن والإنس؟
لم يكن شئ من هذا كان، بل وقف نوح الرسول(عليه السلام) بكل قوته، وثباته وهدوئه، يناقش ويحاور بعقل، هذه القوة الغاشمة الظالمة...!
( قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين [ اعراف 61 ] * أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون [ اعراف 62 ] * أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون [ اعراف 63 ] )
ليس بي ضلالة، نكرة، أي أية ضلالة كبرت أم صغرت، ليست في منطقي ولا تفكيري..!
ولكن القضية أنني رسول الله، وهو رب العالمين، فالرب الذي خلق العلمين، منهم الملأ والكبراء، ومن تعبدونهم أنتم، فكيف تصرفون العبادة لغيره، وهو الخالق والرزاق ....منطق أعوج يتحاور به هؤلاء...!
سأقف هنا مضطراً لأعاود الحديث...!

عبدالرحمن الجميعان 24-09-2007 10:02 AM

رد: قصص القرآن
 
القصص القرآني(11)
توقفنا آنفاً عن الآية التي تقول(( قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين * أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون * أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون)....
أزمة واضحة في الحوار، فمنطلقات نوح(عليه السلام) وأهدافه، وغاياته، تختلف كل المخالفة عن تفكيرهم، وعن منطقاتهم...
نوح(عليه السلام)، يتحدث من واقع رسالته، ومن منطلق الخوف على قومه، أما هؤلاء فقد كانت نياتهم، و منطلقا تهم، هي الخوف على المصالح المادية، والمكانة الاجتماعية....ف تعارضت المقاصد، فكان الصراع... !
ولهذا ينبغي الالتفات إلى قضية مهمة، و هي أخذ زمام المبادرة في الصراع، و رد الشبهات، والحديث بقوة ..دون خوف ولا وجل ولا تراجع، بل إفصاح عن الحق ..
هذه منهجية مهمة للدعوة اليوم، فهي تقابل أعداء من شتى صنوف العداء، وتثار حولها الشبهات، وهذا أيضاً، مما يضع قضية العلم والتعليم في رأس أولويات الحركة الإسلامية، فبالعلم، يستطيع الدعاة التيقن والثبات من سلامة منهجهم، ومن طريق آخر، يتمكنون من الرد على جميع الشبهات المثارة.
ويشير حديث نوح عليه السلام، إلى مهمة الداعية في مجتمعه، وهي التبليغ، والنذارة، ثم النصح والرفق مع المخالفين، لتقريبهم، ثم قضية العلم(وأعلم من الله...)....ولي س المقصود العلم الشرعي فقط، بل لا بد أن يعضده علم دنيوي، بشتى مناحي الحياة..
ثم يتعجب نوح(عليه السلام) من تصرفهم الأحمق، ومن استنكارهم ما لا ينكر، يستنكرون، أن يكون المبلغ والمطبق لمنهج الله تعالى هو رجل، منهم ومن بني جلدتهم، و لو تفكروا لعلموا أن هذا عين الصواب واليقين والحق...فوجود رجل يطالب بتطبيق منهج الله تعالى، ثم هو يطبقه، أدعى من أن يأتي رسول ليس من الجنس البشري، فيتحمل أشياء لا يستطيع الجنس البشري لها تحملاً، ولا طاقة، فمن رحمة الله تعالى أن يكون الرسول من بني جنسنا، ثم هو الفخر بأن يكون نبي من مجتمع ما، فهذا مما يدعو للفخر والاعتزاز.
ولكن القضية توقفت عند باب مسدود، وعن نمطية تفكير منغلقة ومنكفئة على تراث الآباء والأجداد..فهنا وعند الباب المسدود، والعقول التي أغلقت كوة الحوار، ولم يستطيعوا مجابهة الحجة بالحجة، وطغى سفههم، رفع نوح يديه إلى السماء، إلى خالقه ومرسله، بكلمة واحدة، إني مغلوب فانتصر لدينك ولمنهجك...فكان أن أرسل الله الطوفان، ودمر الكافرين وهكذا سورة الأعراف تذكر القصة دون تفاصيل، للمنهجية القرآنية التي ذكرناها آنفا، وسنذكر شيئاً من تفاصيلها لاحقا...!
(فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ)...
جاء الطوفان، و طم الأرض كلها، ومضت السفينة الكبيرة (الفلك)، تمخر عباب البحر الهائج، وهكذا مضت الأمور...تبليغ فتكذيب، ثم إهلاك ونجاة فئة مؤمنة، وتركز الآيات هنا على النجاة....للفئة المؤمنة، لتدل على أن الفئة المؤمنة عند الله تعالى لها مكانة كبيرة، ولها منزلة عظيمة، وأن سبحانه يدمر الأرض من عليها لإنقاذ هذه الفئة التي آمنت بهذا المنهج العظيم..!
كل هذا مما يجعل المرء المسلم، يواصل عمله، و يعتز بالمنهج القويم الذي يدعو إليه، و لا بد أن يرى نفسه، أنه هو الأعلى من كل هذه الجاهلية وكل هذه السياسات والألاعيب، وأنه عند الله تعالى ترجح كثيراً كفة ميزانه، ولكن عليه الصبر والثبات على المنهج، ثم العمل المتواصل دون كل ولا ملل ولا يأس..!
تلك كانت بعض الملامح الخاصة بقصة نبي الله نوح(عليه السلام)، من خلال سورة الأعراف، فقط، وعلينا أن نذكر شيئاً من القصة لم يذكرهنا، ولكنه ذكر في سور أخرى، ولنبدأ غداً، بإذن الله تعالى مع سورة هود، لنتبين طرفا من تلك المنهجية الجميلة...!

عبدالرحمن الجميعان 24-09-2007 10:03 AM

رد: قصص القرآن
 
القصص القرآني12
قصة نوح في سورة هود
منهجية سورة هود
ليس في نيتنا كما ذكرنا آنفاً، أن نفسر الآيات التي فيها عرض للقصة القرآنية، بقدر ما تتوجه همتنا إلى التعرف على منهجية القرآن في العرض القصصي، وعلى الطريقة التي ذكرت فيها القصة وغاياتها...
فالقرآن كما هو معروف، له منهج متفرد، يخالف كل المخالفة أي كتاب أو قصة أو رواية، ذلك أن القرآن كتاب هداية، و كتاب دعوة نزل به الروح الأمين على العرب، وعلى نبي أمي عربي(صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم)، ولكنه مع ذلك لم ينزل ليظل حبيس العرب، بل جاء دعوة عالمية كافة للناس، و للقرآن منهجية خاصة به، لا بد ممن يريد أن يقرؤه، أن يتدبر هذه المنهجية، ويعيش معها، حتى يتذوق القرآن تذوقاً منهجياً، ويراه غضاً طرياً كما أنزل..!
سنحاول هنا أن نبرز بعض خصائص هده المنهجية، عسى أن تفتح لنا أبواباً من العلم بالقرآن وطريقته في العرض، وكيفية تذوقه قراءة.
من هذه الخصائص، أنه في عرضه للقصة، لا يدخل في الزمان، بل يذكر القصة دون ذكر زمانها، ذلك كي يكون فوق الزمان، و المكان، حتى من يقرؤه، يحيا الزمان نفسه،
مع سورة هود:
جاءت سورة هود اسماً لرسول من الرسل عليهم السلام، نبي عربي، عاش في الجزيرة العربية، بين قوم غلاظ جفاة، ينحتون الجبال بيوتاً، فتحولت قلوبهم صخوراً صلدة.
وقد عانى هذا النبي الرسول(عليه السلام) من قومه معاناة كبيرة، و قاومهم، وتحداهم...
ثم إن هذه السورة، جاءت ترتيباً في المصحف بين سورة يونس، ويوسف، وكلاهما أنبياء (عليهم السلام)، ويونس له قصة تختلف عن باقي قصص النبيين والمرسلين، وكذلك قصة يوسف لها خاصية أخرى،وثلاثتها (السور) مكية، ولكن لكل سورة جوها الذي تتحدث عنه.
ترتيب السورة، في النزول، ليس متفقاً عليه، ولكن من جو السورة، يبدو أنها نزلت في جو من الصراع، والحرب ضد الدعوة الفتية، وقد لاقى المسلمون الأوائل في مكة، التعذيب والمطاردة، والعناء، ومعهم الرسول(صلى الله عليه وسلم)، والروايات كثيرة التي تثبت كيف كان الرسول(صلى الله عليه وسلم) يتحمل الأذى و يرى أصحابه يتعذبون...
فقد روى اليعقوبي في تاريخه:
(وأقام رسول الله بمكة ثلاث سنين يكتم أمره وهو يدعو إلى توحيد الله ، عزوجل ، وعبادته والاقرار بنبوته ، فكان إذا مر بملا من قريش ، قالوا : إن فتى ابن عبد المطلب ليكلم من السماء حتى عاب عليهم آلهتهم وذكر هلاك آبائهم الذين ماتوا كفارا ثم أمره الله ، عزوجل ، أن يصدع بما أرسله ، فأظهر أمره وأقام بالابطح فقال : إني رسول الله أدعوكم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الاصنام التي لا تنفع ولا تضر ولا تخلق ولا ترزق ولا تحيي ولا تميت . فاستهزأت منه قريش وآذته وقالوا لابي طالب : إن ابن أخيك قد عاب آلهتنا وسفه أحلامنا وضلل أسلافنا فليمسك عن ذلك وليحكم في أموالنا بما يشاء . فقال : إن الله لم يبعثني لجمع الدنيا والرغبة فيها وإنما بعثني لابلغ عنه وأدل عليه . وآذوه أشد الايذاء ، فكان المؤذون له منهم أبو لهب والحكم بن أبي العاص وعقبة بن أبي معيط وعدي بن حمراء الثقفي وعمرو بن الطلاطلة الخزاعي : وكان أبو لهب أشد أذى له . وروى بعضهم أن رسول الله قام بسوق عكاظ ، عليه جبة حمراء ، فقال : يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا وتنجحوا . وإذا رجل يتبعه له غديرتان كأن وجهه الذهب وهو يقول : يا أيها الناس إن هذا ابن أخي وهو كذاب فاحذروه . فقلت : من هذا ؟ فقيل لي : هذا محمد بن عبد الله ، وهذا أبو لهب ابن عبد المطلب عمه)، هذه بعض ما لقي النبي(صلى الله عليه وسلم )من قومه....نتوقف !


الساعة الآن 02:44 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
- arab-line : Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.3.0 TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010

... جميع الحقوق محفوظه لمجالس رويضة العرض لكل العرب ...

.. جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر صاحبها ...ولا تعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر المنتدى..

a.d - i.s.s.w