16-03-2008, 11:44 PM
|
| |
رد: القاص والروائي (إبراهيم) ضيف كرسي المجالس..
حوارنا ما يَزال موصولاً مع الأخ الكريم محمد السَّهلي الذي يَتساءل:
** تعمل في منظمة العفو الدولية وهي منظمة تشوبها المصداقية فكثيرا ما تبرئ ساحة الغرب وتحمــّل ساحة العرب مالا يحتمل.. هل أنت على قناعة بتلك المواقف بحكم قربك من صنــّاع القرار.. ؟!
ـ عملي بمنظمة العفو الدَّولية يتعلق بترجمة الوثائق والتقارير التي تعدها المنظمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية. وهذه الوثائق والتقارير تصدرُ في مطبوعاتٍ ونشراتٍ سنوية ودورية وشبه دورية عن المنظمة. أي أنه عملٌ مهني بَحْت ومن ثَمَّ فهو لا يَجْعَلُني قريباً من مراكز اتخاذ القَرار في هذه المنظمات، لكنه يُتيحُ لي أن أتعرفَ ـ عن قرب ـ على أوضاع حقوق الإنسان في العالم. وهي أوضاعٌ مُتردِّيةٌ دون شكّ في معظم بلدان العالم خاصة في العالم الثالث، ولا أعتقد أنَّ الوَضْع في وطننا العربيّ يَدعو إلى الاطمئنان. هذه حقيقة ينبغي ألاّ نتجاهلها ونحن نتحدّث عن نشاط هذه المنظمات. أمّا رأيي الشخصي في أداء هذه المنظمة وغيرها من المنظمات النشطة في ميدان حقوق الإنسان فليس هناك من شكّ في أنها ـ شأنها شأن مؤسسات المجتمع الدَّولي والمدني غير الحكومية ـ تقوم بدورٍ مهمّ من خلال نشر التجاوزات والجرائم التي تُرتكبُ في حقّ المواطنين سواءٌ من قبل أنظمة الحُكم والسلطات التابعة لها أو من قبل قوات الاحتلال في البلدان الخاضعة للاحتلال. وتقوم المنظمة بالتحقيق في البلاغات والشكاوى التي تتعلق بأيِّ شكلٍ من أشكالِ انتهاكات حقوق الإنسان مثل الاعتقال والتعذيب وسوء المعاملة والاستخدام المفرط للقوة في فضِّ المظاهرات والاعتصامات ومسيرات الاحتجاج، وذلك بعمل زيارات ميدانية ولقاءاتٍ مع ضحايا هذه الانتهاكات، كما يقوم ممثلو المنظمة وأعضاؤها ونُشطاؤها بعمل جولاتٍ تفتيشية على السجون ومراكز الاحتجاز للتحقق من استيفائها للشروط الواردة بالمعاهدات والاتفاقات الدولية ووثائق الأمم المتحدة وبروتوكولاتها المتعلقة بحقوق الإنسان.
غير أنّ هذا كله لا ينفي انحياز هذه المنظمة أو تلك من منظمات حقوق الإنسان وتبنيها لمعايير مزدوجة أو كَيْلها بمِكْيَالَيْن في بعض الأحيان إمَّا تحت ضغوطٍ من الدُّول الكبرى أو تحت تأثير الإعلام والدعاية المضَلِّلة أو عدم التَّحري عن صِحَّة المعلومات التي تتلقاها والتَّيَقُّن من نزاهة مصادرها، أو لأيّ دافعٍ آخر من الدوافع التي تؤثر على حياد هذه المنظمات واستقلالية أدائها.
ومع ذلك، فإن نشاطات منظمة العفو الدّولية وغيرها من المنظمات الحقوقية ضرورة لا غِنَى عنها من أجل تسليط الضوء على التجاوزات والجرائم التي تُرتكب في حقّ المواطن العادي وفضح الممارسات غير الإنسانية التي تُمارسُ ضدّ الناشطين السياسيين في مختلف بلدان العالم في ظلّ غيابِ الحُرّيَّة والقانون. ومن أبلغ الشواهد على ذلك الدَّور الذي قامت به منظمات حقوق الإنسان في العالم في كوسوفو وذلك من خلال كشفها للمجازر التي ارتكبها الصِّرب بحقّ المُسلمين في كوسوفو واعتبارها جرائم حَرْب وإبادة منافية لكل الأعراف والمواثيق الدَّولية، وكان نشر هذه التقارير الموثقة عاملاً حاسماً في التأثير على الرأي العام العالمي والضَّمير الإنساني. وقبل بضعة أسابيع أصدرت سِتّ منظمات دوليّة تعملُ في مجال حقوق الإنسان تقارير موثَّقة عن المجازر الأخيرة التي ارتكبتها قوات العَدُوِّ الصُّهيوني في غَزَّة واعْتَبَرَتْها جرائم ضِدّ الإنسانيّة.
** عندما يعمل المواطن العربي في منظمة دولية ما هي المحاذير التي عليه الانتباه لها؟
ـ أعتقدُ أنَّ من أهمّ المحاذير التي ينبغي الانتباه إليها هو أن يكونَ ضَميره المهنيّ هو هاديه ومُرشده وألاَّ يَكون في عمله بهذه المنظمات أيَّ مساسٍ بوطنه وأمَّته، وإذا شَعُر في أية لحظة أنَّ عمله هذا يمكن أن يَمَسَّ انتماءه الوطنيّ والقَوْمي فإنّ الواجب والضَّمير يُمليان عليه التَّخَلّي فَوراً عن هذا العمل. |