صحيفة أخبارية
عدد الضغطات : 43,874
منتدى المزاحمية العقاري
عدد الضغطات : 67,557
عدد الضغطات : 9,386
العودة   مجالس الرويضة لكل العرب > مجالس الرويضة الخاصة > روحانيات
روحانيات على نهج اهل السنه والجماعة
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع إبحث في الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
#1 (permalink)  
قديم 13-06-2007, 05:15 AM
محب أكاي
عضو مجالس الرويضة
محب أكاي غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 24
 تاريخ التسجيل : 01-11-2006
 فترة الأقامة : 6419 يوم
 أخر زيارة : 06-08-2009 (06:32 AM)
 المشاركات : 215 [ + ]
 التقييم : 235
 معدل التقييم : محب أكاي رائع محب أكاي رائع محب أكاي رائع
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي منـبر الجمـــــــــــ ـــــــعـــــة



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه ورسله

أما بعد

لا شك أن منبر الجمعة مدرسة لها أكبر الأثر في التعليم والتوجيه والتربية

و في هذا الموضوع - إن شاء الله تعالى - نقل لبعض الخطب النافعة


أسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا :

أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} ،{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
عباد الله
إنّ المعاصيَ والمنكراتِ هي الداءُ العُضال والوباء القتَّال الذي به خرابُ المجتمعات وهلاكُها، وإنّ التفريطَ في تغيير المنكرات من أعظمِ أسباب حلولِ العقاب ونزول العذاب، فعن أمّ المؤمنين أمِّ الحكم زينبَ بنتِ جحش رضي الله عنها أنّ النبيّ  دخل عليها فزِعًا وهو يقول: ( لا إله إلا الله، ويلٌ للعرَب من شرٍّ قد اقترَب، فُتِح اليومَ من رَدمِ يأجوجَ ومأجوجَ مثلُ هذه)، وحلَّق بإصبعه الإبهام والتي تليها، فقلتُ: يا رسولَ الله، أنهلَك وفينا الصالحون؟! قال: ( نعم، إذا كثُر الخبَث ) متفق عليه
وقال رسول الله  : ( إنّ أوّلَ ما دخل النقصُ على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجلَ فيقول: يا هذا اتّق الله ودَعْ ما تصنَع فإنّه لا يحلُّ لك، ثم يلقاه من الغدِ وهو على حاله، فلا يمنعه ذلك أن يكونَ أكيلَه وشريبه وقعيده، فلمّا فعلوا ذلك ضربَ اللهُ قلوبَ بعضهم ببعض )، ثم قال: ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) ( لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدَيْ الظَّالِمِ ‏ ‏وَلَتَأْطُرُنّ َهُ ‏ ‏عَلَى الْحَقِّ ‏ ‏أَطْرًا أو ليضربنَّ الله بقلوبِ بعضكم على بعض، ثم ليلعنكم كما لعنهم )
لُعِنوا في كتابِ الله لعنًا يُتلَى على مرِّ الأيام والسنين، فاحذَروا ـ عبادَ الله ـ سبيلَهم الوضيع وفِعلَهم الذّميم ، قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: (وأي دين وأي خير فيمن يرى محارم الله تنتهك وحدوده تضيع، ودينه يترك، وسنة رسول الله  يُرغب عنها وهو بارد القلب! ساكت اللسان ! شيطان أخرس، كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق.وهل بليّه الدين إلا من هؤلاء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ورياستهم فلا مبالاة بما جرى على الدين.وخيارهم المتحزن المتلمظ، ولو نوزع في جاهه أو ماله: بذل وتبذّل، وجدّ واجتهد،واستعمل مراتب الإنكار الثلاثة بحسب وسعه.وهؤلاء مع سقوطهم من عين الله ومقت الله لهم قد بُلوا في الدنيا بأعظم بلية تكون، وهم لا يشعرون ألا وهو موت القلوب، فإن القلب كلما كانت حياته أتم كان غضبه لله ورسوله أقوى وانتصاره للدين أكمل).
عباد الله
نقل طائفة من أهل العلم الإجماع على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنه من شعائر الإسلام الظاهرة. قال الإمام النووي: [وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ((من رأى منكم منكراً فليغيره)) فهو أمر إيجاب بإجماع الأمة. وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الكتاب والسنة وإجماع الأمة ]
أخرج البخاري من حديث النعمان بن بشير  عن النبي  أنه قال : ( ‏مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا )
فيا عبادَ اللهِ، اسمعوا وعوا هذا المثلَ المحسوسَ الذي ضربَه لنا معلمُ البشريةِ ، إنه مثلٌ عظيمٌ يهدفُ إلى وجودِ مجتمعٍ إسلاميٍّ متماسكٍ قويِّ البنيانِ، تقومُ دعائمُه على أساسٍ منَ الأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المنكرِ، فيتعاونُ فيه أفرادُه على إقامةِ حدودِ اللهِ وشرعِه، ويأخذون على يدِ الظالمِ الذي يريدُ أن يتجاوزَ حدودَ اللهِ دونَ رقيبٍ أو زاجرٍ،
إن أهل الباطل عندما يدكوا بمعاول باطلهم سفينة النجاة التي يسير فيها المجتمع إذا لم يؤخذ بأيدهم وتكسر معاولهم، فإن الغرق يهدد المجتمع بأكمله.
إذاً: فالنجاة من ذلك بفضل الله تعالى أولاً ثم بتحقيق تلك الشعيرة، كما قال سبحانه: فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ )
وقال سبحانه وتعالى : (فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ ، وَمَا كَانَ
رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ )
عباد الله
إن من عوامل خيرية هذه الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , قال الله تبارك وتعالى: ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ ) وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فضائل عظيمة :
فمن فضائله أنه من أسباب تحقق الرحمة, قال عز وجل: ( وَالْمُؤْمِنُون َ وَالْمُؤْمِنَات ُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ
وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنما يرحم الله من عباده الرحماء)
ومن فضائله أنه طوق النجاة قال الله تعالى : ( وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ، فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ )
ومن فضائله أن القائمين به هم أهل الفلاح , قال الله تعالى: ( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) .
ومن فضائله أن القائم به من أحسن الناس قولاً فقد قال الله تبارك وتعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)
ومن فضائله أنه سبب لتكفير السيئات, فعن حذيفة قال سمعت رسول الله يقول: (‏‏ فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ (متفق عليه
ومن فضائله أنه من أبواب الصدقات ، قال بعض أصحاب النبي  : يارسول الله  : ذَهَبَ أَهْلُ ‏‏ الدُّثُورِ ‏ ‏بِالْأُجُورِ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ وَيَتَصَدَّقُون َ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ فَقَالَ رسول الله  ‏ : ( ‏أَوَلَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ إِنَّهُ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ ‏ ‏صَدَقَةٌ ‏ ‏وَبِكُلِّ تَكْبِيرَةٍ ‏ ‏صَدَقَةٌ ‏ ‏وَبِكُلِّ تَهْلِيلَةٍ ‏ ‏صَدَقَةٌ ‏ ‏وَبِكُلِّ تَحْمِيدَةٍ ‏ ‏صَدَقَةٌ ‏ ‏وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ ‏ ‏صَدَقَةٌ ‏ ‏وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ ‏ ‏صَدَقَةٌ )) رواه مسلم
وبالجملة فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أفضل الأعمال وآكد الفرائض وأوجب الواجبات وألزم الحقوق.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.






.




رد مع اقتباس
#2 (permalink)  
قديم 13-06-2007, 05:17 AM
محب أكاي
عضو مجالس الرويضة
محب أكاي غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 24
 تاريخ التسجيل : 01-11-2006
 فترة الأقامة : 6419 يوم
 أخر زيارة : 06-08-2009 (06:32 AM)
 المشاركات : 215 [ + ]
 التقييم : 235
 معدل التقييم : محب أكاي رائع محب أكاي رائع محب أكاي رائع
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي رد: منـبر الجمـــــــــــ ـــــــعـــــة





الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
عباد الله
اتقوا الله ، وقوموا بما أوجب عليكم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،فقد وصف الله نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله : ( يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ) ووصف الصالحين من أهل الكتاب بذلك فقال جل شأنه : ( لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ، يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ )
ووصف بذلك عباده المؤمنين قال تعالى : ( التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) ووصف المنافقين بنقيض ذلك فقال: ( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَا تُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ )
عباد الله
بعد أن عرفتم مكانة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الكتاب والسنة، وبان لكم ما يحصل بسبب تركهما من النتائج الوخيمة وانتشار الباطل ، وتفاقم والمنكرات ، فلابد لنا أن نتذكر بأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس حكرًا ولا مقصورًا على جهاز الهيئة فحسب ، بل هو واجب على المسلمين جميعًا كلٌ بحسب منزلته ومكانته واستطاعته.
قال رسول الله  : ((كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ )) فكل إنسان سيسأل يوم القيامة عن ما إسترعاه الله حفظ ذلك أم ضيع.
فالأب في بيته. والمعلم في مدرسته، والموظف في دائرته، والتاجر في سوقه ، والمسلم أينما حل أفاد ونفع. يؤلمه ما يؤلم إخوانه المسلمين، ويسره ما يسر هم
فقوموا بهذا الأمر على حسب استطاعتكم مع التحلي بالإخلاص والحكمة، والشفقة والرحمة، والحلم والأناة وليتعاون كلٌ منا مع أخيه في القيام بهذا الأمر وينبغي أن نترك التواكل والتلاوم وإلقاء التبعة على الآخرين. أسأل الله العلي العظيم أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد , وارض اللهم عن آله وخلفائه وأصحابه الأطهار، ومن تبعهم بإحسـان إلى يوم الدين، وارض اللهم عنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين يا رب العالمين!
اللهم أعزنا بالإسلام وانصرنا بالإسلام، اللهم وفقنا للتمسك به، اللهم وفقنا للعض على سنة نبيك صلى الله عليه وسلم بالنواجذ، اللهم وفق المسلمين قاطبة قادةً وشعوباً، علماء وعامة، رجالاً ونساءً، لما تحبه وترضاه، يا ذا الجلال والإكرام , اللهم احفظ بلادنا وبلاد المسلمين من شر الأشرار وكيد الفجار , اللهم ول على المسلمين خيارهم , وأصلح ولاتهم وقادتهم دعوناك ربنا فأجبنا وسألناك خالقنا فأعطنا
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين




.




رد مع اقتباس
#3 (permalink)  
قديم 13-06-2007, 05:27 AM
محب أكاي
عضو مجالس الرويضة
محب أكاي غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 24
 تاريخ التسجيل : 01-11-2006
 فترة الأقامة : 6419 يوم
 أخر زيارة : 06-08-2009 (06:32 AM)
 المشاركات : 215 [ + ]
 التقييم : 235
 معدل التقييم : محب أكاي رائع محب أكاي رائع محب أكاي رائع
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي رد: منـبر الجمـــــــــــ ـــــــعـــــة



بسم الله الرحمن الرحيم

اغتنام الأوقات

الخطبة الأولى

عباد الله
إن حياة الإنسان أنفاس تتردد ، فاغتنموا هذه الأنفاس فيما يعود عليكم بالنفع في دنياكم وآخرتكم، فإن من أكبر علامات المقت إضاعة الوقت ، صح عن رسول الله  أنه قال : ( ‏نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ) وقال عليه الصلاة والسلام : ( ‏ ‏لا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ مَا فَعَلَ بِهِ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَا أَبْلاهُ ) هذا العمر الذي تعيشه أيها العبد هو مزرعتك التي تجني ثمارها في الدار الآخرة، فإن زرعته بخير وعمل صالح جنيت السعادة والفلاح وكنت مع الذين ينادى عليهم في الدار الباقية : ( كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِى ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَ ةِ ). وإن ضيعته بالغفلات وزرعته بالمعاصي والمخالفات ندمت يوم لا تنفعك الندامة وتمنيت الرجوع إلى الدنيا يوم القيامة فيقال لك: ( أَوَلَمْ نُعَمّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ ٱلنَّذِيرُ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٍ )
عباد الله
للوقت خصائص إذا ما تنبه إليها العبد كان حريصاً على وقته : وأول تلك الخصائص أنه سريع الانقضاء فهو يمر مر السحاب ومهما طال عمر الإنسان فهو قصير مادام الموت نهايته ، فعند الموت تنكمش الأعوام والعقود حتى لكأنها لحظات برق مرت ، يحكى عن نبي الله نوح عليه السلام : أنه جاءه ملك الموت ليتوفاه بعد أكثر من ألف سنة عاشها قبل الطوفان وبعده ، فسأله كيف وجدت الدنيا ؟ فقال : كدار لها بابان ، دخلت من أحدهما وخرجت من الآخر ، ويقول العليم الخبير : { كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها } ، ويقول سبحانه : { ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم } .
وثانيها : أن ما مضى منه لايعود ولا يعوض ، يقول في ذلك الحسن البصري : (( ما من يوم ينشق فجره ، إلا ينادي يابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فتزود مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة )) ، وما من ميت يموت إلا ويندم على ما مضى من عمره فالصالح حينما يرى النعيم يندم الا يكون قد إزداد منه ، والفاسق عياذاً بالله يتمنى لوكان عمل صالحاً حتى أنه ينادي ربه فيقول : { ربي ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت } ولكن هيها هيهات ، فقد طويت صحيفته وحضرت منيته ، وحكمت قضيته .
ومن خصائص الوقت : أنه أنفس ما يملك الإنسان ، إنه أنفس من الذهب والجوهر ، يقول أحد المصلحين : الوقت هو الحياة ؛ فما حياة الإنسان إلا الوقت الذي يقضيه من ساعة الميلاد إلى ساعة الوفاة .
دقات قلب المرء قائلة له *** إن الحياة دقائق وثواني
وفي هذا يقول الحسن البصري رحمه الله : (( يابن آدم ، إنما أنت أيام مجموعة كلما ذهب يوم ذهب بعضك ))
فمن أمضى يوماً من أيام عمره في غير حق قضاه، أو فرض أداه، أو علم اكتسبه، أو فعل محمود صنعه فقد عق يومه وظلم نفسه. هذا ابن مسعود يقول: (ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت فيه شمسه، نقص فيه أجلي، ولم يزد فيه عملي) ويقول الحسن البصري : (( أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصاً على دراهمكم ودنانيركم )) ونُقل عن أحد التابعين الزهاد: أن رجلا قال له كلمني، فقال له: أمسك الشمس. يعني أوقف لي الشمس واحبسها عن المسير حتى أكلمك، فإن الزمن متحرك دائب المضي. وهذا الإمام أبو يوسف القاضي يُباحث وهو على فراش الموت بعض عُوَّاده في مسألة فقهية، رجاء النفع بها لمستفيد أو متعلم، يقول الإمام العلامة ابن القيم رحمه الله: "السَّنة شجرة، والشهور فروعها، والأيام أغصانها، والساعات أوراقها، والأنفاس ثمارها، فمن كانت أنفاسه في طاعة فثمرة شجرته طيبة، ومن كانت في معصية فثمرته حنظل، وإنما يكون الجذاذ يوم المعاد، فعند الجذاذ يَتبين حلو الثمار من مرها" .
عباد الله
الشباب عماد الأمة، قلوبها النابضة، شرايينها المتدفقة، عقودها المتلألئه، هم جيل اليوم، ورجال المستقبل، وبناة الحضارة، وصناع الأمجاد، وثمرات الفؤاد، وفلذات الأكباد، بالأمس كانوا في بداية العام الدراسي وفي لمحة بصر أو طرفة عين وصلوا إلى نهاية المطاف وها نحن على أبواب الإجازة الصيفية هذه الفترة الحرجة التي يمر بها الشباب من الجنسين، والتي تعتبر مفرق طرق، ونقطة تحول في انحراف الكثير من الشباب، فهم يتمتعون بقوة في أبدانهم، وصحة في أجسادهم، ونضوج في غرائزهم، تجتمع هذه كلها مع فراغ قاتل، وفكر هائم، فلا بد من تربية الأبناء تربية صحيحة شاملة، و لابد من شغل أوقاتهم بطريقة متوازنة، فهذه الأشهر التي يمرون بها في فراغ من المشاغل الدراسية النظامية، لا بد أن يستثمرها أولياء أمورهم ببرامج حافلة، تكسبهم المهارات، وتنمِّي فيهم القدرات، تقوِّي إيمانهم، وتصقل فكرهم، وتثري ثقافتهم، فأين الآباء والمربون من إعداد البرامج المفيدة، وهي كثيرة بحمد الله، كحفظ كتاب الله عز وجل، واستظهار شيء من سنة رسوله ، وتعلم العلم النافع، وكثرة القراءة في كتب أعلام الإسلام قديمًا وحديثًا، والاطلاع على السير والتآريخ والآداب ونحوها، والذهاب بهم إلى بيت الله الحرام في عمرة، أو إلى مسجد رسول الله  في زيارة ، حتى لا يقعوا فريسة في دهاليز الإنترنت، ، وضحايا في سراديب القنوات الفضائية ، وأرصفة البطالة واللهو والمغريات.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى :
" أوصي الشباب خاصة والمسلمين عامة بتقوى الله عز وجل أينما كانوا واستغلال الإجازة فيما يرضي الله عنهم ويعينهم على أسباب السعادة والنجاة ، ومن ذلك شغل الإجازة بمراجعة الدروس الماضية والمذاكرة فيها مع الزملاء لتثبيتها والاستفادة منها في العقيدة والأخلاق والعمل ، كما أوصي جميع الشباب بشغل هذه الإجازة بالاستكثار من قراءة القرآن الكريم بالتدبر والتعقل وحفظ ما تيسر منه والعمل به أينما كانوا ؛ لأن هذا الكتاب العظيم هو أصل السعادة لجميع المسلمين ، أنزله الله سبحانه تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ، وجعله سبحانه هاديا للتي هي أقوم ورغب عباده في تلاوته وتدبر معانيه كما قال سبحانه :{ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَ} وقال تعالى :{ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ }وقال عز وجل :{ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}



.




رد مع اقتباس
#4 (permalink)  
قديم 13-06-2007, 05:33 AM
محب أكاي
عضو مجالس الرويضة
محب أكاي غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 24
 تاريخ التسجيل : 01-11-2006
 فترة الأقامة : 6419 يوم
 أخر زيارة : 06-08-2009 (06:32 AM)
 المشاركات : 215 [ + ]
 التقييم : 235
 معدل التقييم : محب أكاي رائع محب أكاي رائع محب أكاي رائع
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي رد: منـبر الجمـــــــــــ ـــــــعـــــة




الخطبة الثانية
عباد الله :
الترويح عن النفس والأهل والأولاد مطلوبٌ لاستعادةِ النشاط وتغييِر الجـو وكسرِ الروتين . قال ابن مسعود رضي الله عنه كـان رسول الله  يتخولُنا بالموعظة في الأيامِ كراهيةَ السآمةِ علينا . متفق عليه .فإذا كان هذا فيما يتعلّق بذكر الله الذي هو غذاء القلوب ، فما بالُكم بغيره ؟ وقال رسول الله  لحنظلة  ( يا حنظلة ساعةً وساعة ) .رواه مسلم . وكان ابن عباس يقول لأصحابه إذا دامـوا في الدرس : أحمضـوا . أي ميلوا إلى الفاكهة وهاتوا من أشعاركم ، فإن النفس تملّ .
و قال بعضُ الحكماء : إن لهذه القلوب تنافراً كتنافرِ الوحشِ فتألّفوها بالاقتصادِ في التعليم ، والتوسطِ في التقديم ، لتحسُنَ طاعتُها ، ويدوم نشاطُها .
عباد الله
لقد انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة سفر العائلات لقضاء الإجازة في بلاد كافرة أو بلاد عربية تنتشر فيها المنكرات.. بل وأصبحوا يتباهون بذلك ويفتخرون به بعد عودتهم متجاهلين ما يترتب على السفر إلى تلك البلاد من مفاسد على دينهم وأخلاقهم ونسوا ما حبا الله بلادنا المباركة ـ حرسها الله ـ من مقومات شرعية وتاريخية وحضارية، تجعلها مؤهلة لتكون بلد السياحة النظيفة النقية، فهي ـ بإذن الله ـ قادرة على إعطاء مفهوم صحيح، ووجه مشرق للسياحة، أوليس الله قد منَّ على بلادنا بالحرمين الشريفين، مهوى أفئدة المسلمين، ومحط أنظارهم؟! أوليست بلادنا تنعم ـ بحمد الله ـ بالأجواء المتنوعة التي يقلّ نظيرها في العالم؟! فمن البقاع المقدسة إلى الشواطئ الجميلة، والبيئة السليمة من أمراض الحضارة المادية وإفرازاتها، إلى الجبال الشاهقة، ذات المنظر الجميل، والهواء العليل، والأودية الخلابة، والسهول الجذابة، ، مرورًا بالمصائف الجميلة، والصحارى البديعة، وأهم من هذه المقومات المادية والحسية المقومات المعنوية، والميزات الشرعية، والخصائص الإسلامية والحضارية، والآداب العربية الأصيلة، التي تحكي عبق التأريخ والحضارة، المعطّرة بالإيمان، النديّة بالمروءة والإحسان، وبذلك يتحقق لمن ينشدون الطهر والعفاف والنقاء، والفضيلة والخير والحياء، التمتع بأجواء سياحية مباحة، ويُسَدّ الطريق أمام الأبواق الناعقة، والأقلام الحاقدة، التي تسعى لجرِّ هذه البلاد المباركة وأهلها إلى ما يفقدها خصائصها ومميزاتها، فهل بعد ذلك يستبدل بعض الناس الذي هو أدنى بالذي هو خير، في تأثيرات عقدية وثقافية، وانحرافات أخلاقية وسلوكية، ومخاطر أمنية، وأمراض صحية ووبائية، مما لا يخفى أمره على ذوي العقول والحجى؟!
فلنشكر الله على نعمه وآلائه، ولنحافظ عليها بطاعته واتباع أوامره



.




رد مع اقتباس
#5 (permalink)  
قديم 13-06-2007, 05:51 AM
محب أكاي
عضو مجالس الرويضة
محب أكاي غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 24
 تاريخ التسجيل : 01-11-2006
 فترة الأقامة : 6419 يوم
 أخر زيارة : 06-08-2009 (06:32 AM)
 المشاركات : 215 [ + ]
 التقييم : 235
 معدل التقييم : محب أكاي رائع محب أكاي رائع محب أكاي رائع
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي رد: منـبر الجمـــــــــــ ـــــــعـــــة



التحذير من الكسب الخبيث

الخطبة الأولى

عـباد الله
لقد جبل الله عز وجل الخلق على حب المال، ورَكَّب في الطباع الحرص على طلبه وتحصيله؛ لأن به قوام حياة الناس وانتظام أمر معايشهم وتمام مصالحهم. وبين الله تعالى في كتابه الكريم أن العمل لكسب العيش وتحصيل ما لا بد منه كان دأب أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام، قال الله تعالى: ( وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ ) وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة  أن رسول الله  قال: ((ما بعث الله نبيًا إلا رعى الغنم))، فقال أصحابه : وأنت يا رسول الله؟ فقال : ((نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة)).وأخبر جل وعلا عن داود عليه السلام بقوله : ( وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ) وعن المقدام بن معدي كرب  قال : قال رسول الله  : (ما أكل أحدٌ طعامًا قطّ خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإنّ نبي الله داود كان يأكل من عمل يده) رواه البخاري.وقد ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة  أن رسول الله  قال: ((كان زكريا نجارًا)). قال الإمام النووي: "فيه جواز الصنائع، وأن النجارة لا تسقط المروءة، وأنها صنعة فاضلة".
وكان أصحاب رسول الله  يحترفون بأيديهم ،فاتضح من كل ما تقدم تأكيد الشريعة الإسلامية على أهمية العمل والاكتساب، وأن على كل فرد قادر أن يسعى بنفسه لتحصيل ما يحتاجه من مقومات الحياة، والله تعالى قد قدر الأرزاق وكتبها، وعلى المرء أن يأخذ بجميع الأسبابِ الممكنة لتحصيل الرزق وجمعه، وأن لا يبقى خاملاً ينتظر رزقه، فإن الله تعالى أمر بالسعي في الأرض والتنقل بين أرجائها طلبًا للعمل والكسب، قال تعالى: ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ) قال ابن كثير رحمه الله: "أي: سافروا حيث شئتم من أقطارها، وترددوا في أقاليمها وأرجائها في أنواع المكاسب والتجارات، وعن عمر بن الخطاب  عن رسول الله  قال: ( لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا وتروح بطانًا ) فأثبت لها رواحًا وغدوًا لطلب الرزق مع توكلها على الله عز وجل،وقال عمر بن الخطاب : ( لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق ويقول: اللهم ارزقني، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة)، وتلا قول الله تعالى: ( فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )
عباد الله -لقد جاء الشرع الحنيف بالحث على السعي في تحصيل المال واكتسابه على أنه وسيلة لغايات محمودة ومقاصد مشروعة، وجعـل للحصول عليه ضوابط وقواعـد واضحة المعالم، لا يجوز تجاوزها ولا التعدي لحدودها كي تتحقق منه المصالح للفرد وللجماعة.
وقد أوجب الشارع على المسلم أن يطلب المال ويسعى في أسباب تحصيله مما أذن الله به وشرعه من طرق الكسب الحلال والعمل المباح، حتى يستغني المرء به عن ذل السؤال للغير والحاجة للخلق فعن أبي هريرة  قال: قال رسول الله  : ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلًا فَيَسْأَلَهُ أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ) متفق عليه، وعن ابن عمر  قال: قال رسول الله  : ( مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ )، وقال رسول الله :  ( مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ ) فطلب الرزق وتحصيله شرف للمؤمن وعزة للمسلم، به تُصان الأعراض وتحفظ الكرامة، وبه يستعان على كثيرٍ من أعمال البر والطاعة، فنعم المال الصالح للمرء الصالح، يقول الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف  : (يا حبذا المال، أصون به عرضي، وأُرضي به ربي).
الكسب الطيب والمال الحلال ينير القلب، ويشرح الصدر، ويورث الطمأنينة والسكينة والخشية من الله، ويعين الجوارح على العبادة والطاعة، ومن أسباب قبول العمل الصالح وإجابة الدعاء.
أما الكسب الخبيث فإنه شؤم وبلاء على صاحبه، بسببه يقسو القلب، وينطفئ نور الإيمان، ويحل غضب الجبار، ويمنع إجابة الدعاء. المال الحرام مستخبث الأصول، ممحوق البركة والمحصول، إن صرفه صاحبه في برٍ لم يُؤجر، وإن بذله في نفعٍ لم يُشكر، ثم هو لأوزاره مُحتَمِل وعليه معاقب. قال بعض الحكماء: شر المال ما لزمك إثم مكسبه، وحُرمت أجر إنفاقه، روى مسلم في صحيحه أن رسول الله  ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِيَ بالحرام، فأنَّى يُستجاب لذلك؟!
تأملوا حال هذا الرجل الذي قد استجمع من صفات الذل والمسكنة والحاجة والفاقة إلى ربه ما يدعو إلى رثاء حاله ويؤكد شدة افتقاره، ولكنه قد قطع صلته بربه، وحَرَمَ نفسه من مدد الله وفضله، وحال بينه وبين قبول دعائه ما هو عليه من استعمال للحرام في المأكل والمشرب والملبس
وماذا يبقى للعبد إذا انقطعت صلته بربه، وحُجب دعاؤه، وحيل بينه وبين رحمة الله؟! لذا كان السلف الصالح في غاية الخوف من أكل الحرام والمبالغة في التحذير منه :
روى البخاري عن عائشة  قالت: كان لأبي بكر الصديق  غلام فجاء له يومًا بشيء فأكل منه، فقال له الغلام: أتدري ما هذا؟! فقال أبو بكر  : وما هو؟ فقال: تكهَّنتُ لإنسان في الجاهلية وما أُحسنُ الكِهانة إلا أني خدعته، فَلقينِي فأعطاني بذلك هذا الذي أكلتَ منه، فأدخل أبو بكر  يده فقاء كل شيء في بطنه ، وفي رواية أنه قال: لو لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها ، ثم قال : اللهم إني أبرأ إليك مما حملت العروق وخالط الأمعاء[5]. ورُوي أن عمر بن الخطاب  شرب لبنًا فأعجبه، فقال للذي سقاه: من أين لك هذا؟ فقال: مررت بإبل الصدقة وهم على ماء فأخذت من ألبانها، فأدخل عمر  يده فاستقاء . وأوصت إحدى الصالحات زوجها وقالت له: يا هذا، اتق الله في رزقنا، فإنا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار.
عباد الله
إن من العجب أن يحتمي بعض الناس من الحلال مخافة المرض ولا يحتمون من الحرام مخافة النار، وما ذاك إلا لقسوة القلوب واستيلاء الغفلة على النفوس وضعف الإيمان وقلة البصيرة في الدين.



.




رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:49 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
- arab-line : Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.3.0 TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010

... جميع الحقوق محفوظه لمجالس رويضة العرض لكل العرب ...

.. جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر صاحبها ...ولا تعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر المنتدى..

a.d - i.s.s.w