11-01-2010, 03:17 PM
|
| |
رد: ادخل وسجل حضورك بنعمة من النعم اللي منحها الله لك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أذكركم بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ) [رواه البخاري]
شرحه هذا الحديث في باب المجاهدة من كتاب رياض الصالحين . نعمة الصحة لا يعرفها إلا مَن فقدها ، وقد قالوا : من أدرك الإسلام والصحة ما فاته شيء ، والصحة تاجٌ على رؤوس الأصحاء ، لا يراه إلا المرضى ، فلما يكون الإنسان بقوته ، وبسمعه ، وبصره ، وعقله ، وصحته ، الأجهزة كلها صحيحة ؛ القلب ، والرئتان والكبد ، والكليتان ، والعضلات ، والأوردة ، والشرايين ، والعظام ، والدماغ ، والغدد الصمَّاء ، والطحال ، والبنكرياس ، والكظر ، والأجهزة كلها تعمل بانتظام فهذه نعمةٌ لا تعدلها نعمة . هناك من يخيَّر ، لو أن له مئات الملايين ، ويفقد بعض أعضائه ، أو بعض أجهزته لما رضي ، فالإنسان الصحيح غنيٌ ، وأي غنيّ ، فربنا عزَّ وجل ما جعل هذه الصحة كي تستنفذها في الأمور التافهة ، هذه القوة ؛ أن تمشي ، أن تنهض ، أن تستخدم يديك ، أن تستخدم حواسك ، هذه كلها يجب أن تستخدم في طاعة الله عزَّ وجل ، هذه العين يجب أن ترى بها آيات الله ، هذه الأذن يجب أن تستمع بها إلى الحق ، هذا اللسان يجب أن ينطق بالحق ، هذه اليد يجب أن تساعد بها المحتاجين ، هذه الرِّجل يجب أن تنتقل بها إلى المسجد ، أو إلى عملٍ شريف ، أو إلى عملٍ صالح ، لذلك : (( نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ )) . الذي عنده وقت فراغ ، ويتوانى عن حضور مجلس علم ، فهذا له حسابٌ خاص ، في الفراغ اقرأ القرآن ، والمؤمن يوم القيامة لا يتألم إلا على ساعةٍ مضت لم يذكر الله فيها ، أنت بهذه الساعة اقرأ القرآن ، اذكر ربك ، مُْ بالمعروف ، وانه عن المنكر ، اقرأ بحثًا علميًّا تستفيد منه ، اقرأ موضوعًا في الفقه ، اقرأ شيئًا من السيرة ، عاون أهلك ، اخدم جيرانك ، اكتب موضوعًا ، اعمل عملا ، فهذا الوقت ثمين جداً ، فالإنسان بضعة أيام ، كلما انقضى يومٌ انقضى بضعٌ منه ، فهذا الذي أتمناه عليكم أن يكون الوقت أثمن شيء في حياتنا . كل يوم ينشق فجره يقول : يا ابن آدم أنا خلقٌ جديد ، وعلى عملك شهيد ، فتزود مني ، فإني لا أعود إلى يوم القيامة . لما يستيقظ الإنسان ويفتح عينيه يجب أن يعلم أن الله سبحانه وتعالى سمح له أن يعيش هذا اليوم ، كم من إنسان مات ، نام وما استيقظ ، زوجته نائمة إلى جانبه فوضعت يدها على يده فرأتها باردة جداً ، وقفت فرأته ميتًا ، نام وليس به شيء ، فهذه القصص كثيرة جداً ، فلما يعرف الإنسان حاله أن هذا الوقت لابد من أن ينتهي فيجب أن يسارع ، لذلك : ( سورة آل عمران ) أي : لا يأتينكم الموت إلا وأنتم مسلمون ، استسلام كامل ، استسلام في الاستقامة ، استسلام نفسي ، استسلام للمقادير ، فالصحة والفراغ نعمتان كبيرتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس . واللهِ قال أحد العلماء في الشام ، وقد مر في الطريق أمام مقهى ، فرأى أناسًا يلعبون النرد ، فقال هذا العالم الجليل ، وأظنه الشيخ بدر الدين : سبحان الله !! لو أن الوقت يشترى من هؤلاء لاشتريناه منهم ، جالس في المقهى إلى الساعة الثانية عشرة ، ما هذا ؟ هذا الوقت الثمين أهكذا يستهلك ؟ أهكذا تستهلكه ؟ والله هناك ألف مجال ترقى به إلى الله ، هذه السهرة ، الآن عندك سهرة أيام الشتاء ، ربيع المؤمن ، كما قال عليه الصلاة والسلام : ((طال ليله فقامه ، وقصر نهاره فصامه)) . ( من كشف الخفاء : عن " أبي سعيد " ) هذه السهرة ذهبت إلى البيت الساعة الثامنة والنصف ، ممكن أن تجلس مع أهلك تحدثهم عن الله عزَّ وجل ، ممكن تقرأ موضوعًا ، ممكن تقرأ القرآن ، ممكن أن تصلي ، ممكن أن تتابع موضوعًا في كتاب ، ممكن أن تكتب مقالة ، ممن أن تنصح إنسانًا ، ممكن أن تتألف قلبَ أخت بعيدة تزورها ، ممكن أن تعاون الأهل ، ممكن أن تقوم بعمل يرضي الله عزَّ وجل . لذلك هذا الذي يعنيه النبي عليه الصلاة والسلام بالصحة والفراغ ، فهؤلاء الشباب عندهم وقت فراغ ، بعد فترة يتزوج ، باللغة الدارجة ـ ينعمى قلبه ـ يوم مشكلة ، وبكرة ابنه سخن ، وبعد بكرة عند زوجته ولادة ، ويريد إبرة غير متوافرة بالصيدليات من أجل الدم ، لكي لا يصير فساد في الدم ، يدخل الإنسان في عالم ، وبعد ذلك يأتي المولود ، فيحتاج حاجاته ، يريد أن يسعى ليؤمن غذاء للمولود ، فقبل أن يتزوج الرجل هذه فرصة كبيرة جداً ، استغلها في معرفة الله عزَّ وجل ، إذا كان للواحد عمل بسيط ، وساعات دوامه قليلة فهذه نعمة كبيرة ، ثمة أشخاص عندهم عمل اثنتي عشرة ساعة ، وأشخاص ثماني عشرة ساعة يعمل حتى يستطيع أن يؤمن حاجاته وحاجات أهله . فـ : (( نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ ؛ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ )) . هذا الحديث قصير ، لكنه خطير ، يعني استيقظت صباحاً قال عليه الصلاة والسلام : ((لا بورك لي في يومٍ لم أزدد فيه من الله علماً )) . يا ترى أنا اليوم ماذا تعلمت ؟ هل تعلمت آيةً ؟ هل تعلمت حديثاً ؟ هل تعلمت حكماً فقهياً ؟ هل قرأت شيئاً عن أصحاب رسول الله ؟ هل قرأت شيئاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ماذا تعلمت . أو : ((لا بورك لي في يومٍ لم أزدد فيه من الله قرباً)) . ماذا فعلت ؟ جلست ، ماذا تكلمت ؟ هل أثرت في الآخرين ؟ هل أحدثت عند أحدهم توبةً ؟ هل نقلت أحدهم من حالٍ إلى حال ، من قولٍ إلى فعل ؟ |