| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
| |||||||||||
ومنَ الحُبِّ ما أضْحَكَ.. وأبْكى..!! ومِنَ الحُبِّ ما أضْحَكَ.. وأبْكَى...!! من سُنَنِ الحياةِ أن يقع الإنْسانُ في الحُبِّ، فهو سِرُّ العُمرانِ والخَير والازدهار في هذه الدنيا. وهو ينبوعُ الخَلْقِ والإبداعِ في الأدبِ والفَنّ. وهو الأصْلُ والقاعدة في العلاقة بين البشر، أما مَشَاعِرُ الكراهيةِ والنُّفورِ والبغضاءِ فهي استثناءْ. وقد تعدّدت صورُ الحُبّ وأشكاله وألوانه حتى أصبحَ من المُتعذّر إحصاؤها أو تصنيفها، فمن الحُبّ ما بنى وأزهَرَ وأثْمَر، ومن الحُبِّ ما قادَ إلى الجُنون، ومن الحُبِّ ما أضحكَ وأبكى.. و..وأخيراً من الحُبّ ما قَتَلْ. كُلُّ هذه صورٌ شائعةٌ ومألوفة للحُبّ سَمِعْنا بها وقرأناها في كُتبِ التاريخِ ورواياتِ الحَكّائين والرواةِ ودواوين الشّعرِ وصفحات الحوادثِ في الصّحفِ والمجلاّتِ، وشاهدناها على شاشاتِ السينما والتلفاز في أعمالٍ درامية انتزعت منّا الآهة والزفرة والدمعة والضحكة الصافية. لكن ـ وآهِ من كلمة "لكنْ" هذه ـ هل سَمِعَ أحدُكم بقاصِّ أو رُوائيٍّ يقعُ في هوى شخصيةٍ من شخصياتِ قصصه ورواياته..؟! أعني شخصية لا وجود لها في الواقع بل ابتدعها هو من خياله وكساها لحْماً وعَظْماً ونفخَ فيها من روح الفَنّ حتى اسْتوتْ أنثى تفيضُ أنوثةً وحيويةً وعذوبة..؟!. هذا ما حدث معي. أقولُ قولي هذا دونَ مُبالغةٍ أو تَزيُّدٍ أو إسرافٍ في القول. بل أكادُ أجزمُ أنه ما مِنْ كاتبٍ أو فَنّان إلاّ ووقعَ يوماً في هوى شخْصٍ من شخوصِ رواياته أو لوحاته أو قصائده. ولنا في قصة "بيجماليون" الشهيرة خير شاهد. لكن ما شأنُنا نَحْنُ بمثل هذه الرواية التي أصبحت معروفة للكُلّ..؟! دعوني أحكي لكم ما حدث معي فهو أكثر طرافة. كان ذلك قبل اثنيْ عشر عاماً، وكُنْتُ قدْ شرعْتُ في كتابة قصةٍ جديدة وضعتُ لها عنواناً هو "ماء الحياة"، غير أن أحداث القصةِ سُرعانَ ما تشعبَتْ وتفرّعتْ واشتبكتْ حتى أصبحت القصة روايةً تقعُ في مائةٍ وخمسين صفحة استغرقت كتابتها نحو ثلاثِ أو أربعِ سنوات، والفَضْلُ في ذلك يرجع إلى "فَرْدوسْ" ـ بفَتْحِ الفاءْ وضَمّ الدّال فهكذا تُنطقُ باللهجة العامّيّة في قرى ريفنا المصريّ وهو مسرحُ أحداثِ هذه الرواية. أمّا "فَرْدُوسْ" هذه فهي شخصيةٌ محْوريّة من شخصيّاتِ هذه الرواية، بل لعلّها هي حجر الزاويةِ ووتدُ الخيْمةِ وجامعة الخيوطِ لأحداثِ هذا العمل الروائيّ، وإليها يرجعُ الفضلُ في انكبابي على الكتابةِ وانغماسي في الأحداثِ بدأبٍ ومُثابرةٍ لم أعهدهما في أيّ عملٍ ـ شعراً كان أم نثراً ـ قُدّرَ لي أن أكتبه. أمّا السبب في هذا الحماس الفائق فهو أني وجدتُ نفسي مُتَيَّماً بها وأسير هواها: هذه الـ"فَرْدُوسْ" ، مع أنها شخصية من وحْيِ الخيالِ تشكّلتْ ملامحها وقَسَماتُها رُويْداً رُوَيْداً في مُخَيّلتي وأنا مُسْتَغْرِقٌ بالكتابة، لكنها ما لَبِثتْ أن استحالتْ شخصيةً من لَحْمٍ ودَمٍ تَسْكُنُ الوجدانَ والمُخيّلة وتُثيرُ في النفسِ نوازعَ الشّوقِ والحنينِ كُلّما انقطعْتُ عن الكتابة فأخِفُّ إليها وأبادرُ بقراءةِ ما كتبته لأعيشَ معها وأستشعرَ وجودي بِقُربها وأستعذبَ أحاديثها وانفعالاتها وفرحها ونزقها وحُزنها... وأستأنفُ الكتابةَ من جديدْ. أصبحت "فرْدوس" ـ باختصار ـ زاداً يوميّاً ووجهاً مُقيماً في مُخيلتي لا يُفارقني أو أفارقه أنامُ وأصحو عليه حتى انتهيتُ من كتابةِ هذا العمل الروائيّ، وأحسستُ في النهاية كم أنا مدينٌ لها في إنجازه. أصعبُ اللحظاتِ حقّاً كان خاتمة الرواية، فقد كانَ مُقَدّراً لـ"فَرْدُوسْ" ـ مع تطور الأحداث وتبعاً لمنطقها ـ أن تموتْ، ولكُم أن تتصوروا حالي ومدى تأثري وأنا مُقْدِمٌ على وضعِ اللمسةِ الأخيرة في حياتها. لن أُسْهبَ في الحديث أكثرَ من ذلك حتى لا أٌثقل عليكم. يكفي أن أقول أنني بَكَيْتُها كما أبكي عادةً لرحيلِ الأحبةِ ووداعهم الأخير. قصة غريبة.. أليسَ كذلك..؟! ونهايتها حزينةٌ أيضاً على غيرِ ما توقّعتُمْ.. فقد بدأنا حديثنا بالحُبّ. لا بأس.. ألَمْ أقُلْ لكُمْ إن من الحُبِّ ما أضحكَ ومِنه ما أبكى...؟!. تُصْبحونَ على ألفِ خير. إبراهيم سعد الدين آخر تعديل &صدى الهمس& يوم
03-12-2006 في 02:30 PM. |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|