| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
| ||||||||||||
الاخلاق والجهل التجاهل يؤدي إلى الجهل ، والتجاهل يعني عدم الرغبة بالمعرفة ، وعدم الرغبة بها بحد ذاته استكبارٌ على الحقيقة وعلى الآخرين ، ومن هنا نفهم العلاقة بين التكبر والغباء و الجهل و سوء النية وضعف المنطق وحب التسلط وتضخيم الأنا .. إذن الاختيار بين النجدين هو المسؤول عن الذكاء والغباء ، وليست محددات جينية أو غير جينية .. إنسانٌ تكبَّرَ .. واحتقرَ .. و نأى بجانبه .. فأصبح لا يعرف الواقع ، {قالوا قلوبنا غلف} {لا نفقه كثيراً مما تقول} {قست قلوبهم فهي كالحجارة} {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} {وفي آذانهم وقر} {عتل بعد ذلك زنيم} ، أي أن التفاهم معه صعب ، و كل ما سبق هي صفات للضعف العقلي والجهل وقلة الحكمة .. سببها عدم اختيار الخير كخط حياة مقابل المصلحة المادية المؤدية للشر والجهل إذا اختيرت وحدها .. قال تعالى {وأعرض عن الجاهلين} ، لماذا الجهل أصبح صفة سيئة؟ لأنه يشير إلى عدم اهتمامهم أصلاً بأن يعرفوا ، فأصبحوا جاهلين .. التكبر لا يؤدي إلى علم بل يؤدي إلى جهل ، لهذا سمى الرسول -صلى الله عليه وسلم- عمرو بن هشام بأبي جهل؛ لتكبـّره ، فالتكبر يفضي إلى حمق السلوك و ضعف التصور وعدم الواقعية ، لأنه بطر للحق، أي رفضه ، والعقل السليم يـُبنى على الحقائق كلها دون انتقاء .. الجهل البريء هو لعدم وجود ظروف متاحة للمعرفة ، لكن الجهل الاختياري هو بتجاهل المعرفة و عدم الرغبة فيها اختياراً ، والتقليل من شأنها تبعاً لهوى النفس ، وهكذا التعصب ينتج جهلاً و ليس العكس .. كل المساوئ العقلية تنتجها المساوئ الأخلاقية .. إنسان ساء خلقه فأصبح غبياً وجاهلاً وغير منطقي وغير دقيق ، أي : ساء خلقه فساء عقله .. و سوء الخلق مرتبط بالاختيار ، فالاختيار الحقيقي ينتج عقلاً حقيقيا .. والاختيار الصناعي غير الأخلاقي ينتج عقلاً مزيفاً وغير قادر على مواجهة العقل الحقيقي ، ولا دخل للبيولوجيا ولا عمل الدماغ .. بيدك إذن أن تصبح ذكياً أو غبياً ، جاهلاً أو متعلماً ، حكيماً أو أحمقاً {يؤتي الحكمة من يشاء} .. الخير يقود إلى العقل السليم وليس العكس ، والعقل السليم في الاختيار الأخلاقي السليم وليس في الجسم السليم كما يقولون! بل إن الجسم السليم أيضاً مع الاختيار السليم ، لأن الصحة مع الحكمة ، والمرض بشكل عام مع الحمق في تقارب .. لهذا سموا الطبيب حكيماً .. إنها النظرية العقلية الأخلاقية لتفسير القدرات العقلية و تفاوتها بين الناس والآراء و صواب الرأي والحكمة ، والحكمة دائماً ملازمة لذوي الأخلاق العالية .. وكذلك العلم الحقيقي .. وإلا فكيف يتوعد الله الجاهلين؟ ألا يـُعذرون بجهلهم؟ إنه الجهل المقصود لذاته، وليس الخارج عن الإرادة .. قال تعالى: {إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية} ، أي أن الحمية هي من أنتج الجهل ، و ليست العزلة هي التي تنتج التعصب ، بدليل وجود متعصبين متطرفين في أكثر البيئات انفتاحاً على العالم ، ووجود عقول منفتحة في أكثر البيئات انغلاقاً .. وهذا يشير إلى الاختيار و أنه سبب عدم تطابق البشر على شيء واحد .. حتى لو كانوا في نفس البيئة .. من لا تهمه الحقيقة هو غير مهتم بالخير ، لأن الحقيقة تعني وضع الامور في نصابها و انصاف المظلوم ، واعطاء من يستحق ما يستحق .. إذن أساس كل شيء جميل في الإنسان هو أن يحب الحق و الخير والجمال كخيار وحيد ، سيدفعه هذا الحب للتقدم والتطور شيئاً فشيئاً إلى أن يجد ضالته ويعرف ربه وجدوى وجوده، و من بحث عن شيء وهو جاد طول عمره فسوف يجده .. كما قال أبو العتاهية : وإن امرؤ قد سار خمسين حجة .. إلى منهلٍ ، من وِرده لقريب الخير يوصل إلى الحكمة وإلى العقل المحكم وإلى الله .. وليس العقل ولا المعرفة ولا الثقافة هي التي تأتي بالخير لك ، بل العكس تماماً هو الصحيح .. طلبك الخير هو الذي يجعلك عاقلاً حكيماً وعارفاً .. وكثرة الثقافة و القراءة ليست شرطاً أن تنتج حكمة ، بل في كثير من الأحيان تنتج جهلاً و غسيل دماغ وتعصباً لما قـُرِئ .. الله وصف الكفار المعاندين بالجهل وضعف العقل {قوم لا يعقلون} ، ولم يعذرهم رغم ذلك ، لأن جهلهم وعدم عقلانيتهم نتيجة وليست سبباً ، نتيجة سوء أخلاقهم وليست سبباً في رفضهم ، والحساب دائماً على الأسباب والأخلاق وليس على النتائج ، وعلى النيات وليس على الأفعال .. وحبنا للإنسان العاقل والمتفهم والمتنور ليس لأجل تلك الصفات بحد ذاتها ، بل لأجل الدافع الخيّر وراءها في ذلك الشخص و احترامه له ، وإلا لأحببناها ولم نحبه .. فالذكي البارع في المكائد والشر لا يـُحب ولا يـُحترم رغم ذكائه وبراعته!! الاختيار الخيـّر لا يدع صاحبه حتى يضعه في أرقى المراتب ، حتى لو كانت خبراته قليلة .. وعدم اختيار الخير كخط حياة لا يزال بصاحبه حتى ينزله إلى أدنى الدرجات ، ويفضح عقله حتى لو كان مليئاً بالإمكانات والمؤهلات ، فالاختيار يـَفضح و يـُنجح .. ليس المهم هو العلم ، بل الأهم هو القصد من ذلك العلم ، و كل إناء بما فيه ينضح ..
|
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
مكارم الاخلاق والذوق هي الطيبه | لغة العشاق | احتواء ما لا يحتوى | 2 | 05-05-2013 09:23 PM |
الاخلاق اساس الحياه | سمو الاحساس | احتواء ما لا يحتوى | 2 | 21-04-2011 11:39 AM |
سر محبة المومن (الاخلاق) | الدنيا صعبه | احتواء ما لا يحتوى | 5 | 26-04-2010 04:24 PM |
مكارم الاخلاق! | الجارف | روحانيات | 8 | 30-06-2009 08:42 PM |
شوفو الفقر والجهل وين يودي بالاطفال | الماسة وحساسة | لُغَة الصور .. والكاريكاتير الساخِر | 8 | 05-02-2008 11:18 PM |