القلب بين الصوديوم والبوتاسيوم

القلب بين الصوديوم والبوتاسيوم



حين الحديث عن الأصناف الغذائية ومكوناتها، كثيراً ما يتردد على مسامعنا وعلى ألسنة أطباء القلب والشرايين وخبراء التغذية اسمان: الصوديوم والبوتاسيوم، إلى درجة أن المرء صار يحسب ألف حساب وبالميليغرام مكونات هذا الصنف أو ذاك ليعرف محتوياته من الصوديوم أو من البوتاسيوم، حرصاً على عدم تجاوز حدود المسموح والممنوع هنا أو هناك، وقد بلغ الأمر بالكثيرين درجة الخوف والامتناع عن تناول أصناف معينة.

أحدث الدراسات تلخص الموضوع بكلمات بسيطة: إذا تناولت من البوتاسيوم ضعف ما تتناوله من الصوديوم تكون قد عملت معروفاً مع قلبك لن ينساه أبداً، وهو أنك قللت احتمالات إصابته وإصابة الشرايين بجميع الأمراض بنسبة %50 أي النصف، أيضاً.

معادلة بسيطة تنهي الجدل القائم حول عدد الغرامات أو الميليغرامات التي يجب تناولها من هذا أو ذاك.

تنصح الدراسة التي أشرف عليها عدد من كبار أطباء القلب في الولايات المتحدة بزيادة ما نستهلكه من البوتاسيوم وخفض ما نستهلكه من الصوديوم، بل إن بعض هؤلاء الأطباء يرون أن زيادة البوتاسيوم من شأنها أن تقلل من حدة الصوديوم الموجود فيما نتناوله من طعام.

د. بول ويلتون المتخصص في علم الأوبئة رئيس البرنامج الصحي في جامعة ليولا في شيكاغو، يقول إن الأميركي البالغ يتناول من الصوديوم أكثر من الحد الأقصى المسموح به وهو 2300 ميلليغرام يومياً، وذلك بسبب تردده الكثير على المطاعم، بالإضافة إلى استهلاكه، بل اعتماده على الأصناف الغذائية المصنّعة.

ومن المعروف أن الصوديوم يجعل الجسم يحتفظ بالسوائل مما يسبب ارتفاع ضغط الدم، وبالتالي زيادة احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية والجلطات الدماغية.



علاقة إيجابية

وقد ثبت للأطباء وجود علاقة إيجابية لم تكن معروفة من قبل بين صحة القلب والبوتاسيوم. ففي عام 1997، ظهرت بوادر هذه العلاقة من خلال أكثر من ثلاث وثلاثين دراسة معمّقة نشرت نتائجها في مجلة الجمعية الطبية الأميركية. وتشير هذه العلاقة إلى أن تناول البوتاسيوم يخفض ضغط الدم.

بناء على هذه الدراسات بات الخبراء واختصاصيو التغذية يوصون بأن يتناول الشخص البالغ ما لا يقل عن 4700 ميلليغرام من البوتاسيوم يومياً، أي ضعف ما يتناوله من الصوديوم، ولكن المشكلة تكمن في أن معدل ما يتناوله الأميركي البالغ من البوتاسيوم لا يتجاوز 2600 ميلليغرام يومياً، في حين أنه يتناول ما لا يقل عن أربعة آلاف ميلليغرام من الصوديوم يومياً.

وعلى الرغم من أن القائمين على هذه الدراسات والتجارب لم يتوصلوا إلى رأي قاطع بشأن الطريقة التي يستطيع البوتاسيوم من خلالها تخفيف أضرار الصوديوم والملح بالذات على القلب والشرايين، فالجميع متأكدون من أن الحفاظ على النسبة بين الصوديوم والبوتاسيوم فيما نتناوله من طعام وشراب كفيل بتحسين الصحة، لأن هذا يعني الإكثار من تناول الخضروات والفواكه كما يقول البروفسور إدغار ميلر الأستاذ في كلية الطب التابعة لجامعة جون هوبكنز في مدينة بالتيمور.



مهم.. لكن

الصوديوم عنصر غذائي مهم للجسم من أجل الحفاظ على معدلات السوائل فيه، ومن أجل تأمين ممرات وقنوات للإشارات العصبية.

وتوصي الهيئات الطبية بألا تزيد كمية ما يتناوله المرء من الصوديوم يومياً على 2300 ميلليغرام. أما المصابون بارتفاع ضغط الدم، فيجب ألا تزيد الكمية على 1500 ميلليغرام، وهي تعادل ثلاثة أرباع محتويات ملعقة طعام. وللعلم فالصوديوم موجود في جميع الأصناف الغذائية، وبالتالي لا ضرورة لإضافة الملح إلى الطعام.

ولضمان عدم ارتفاع معدل الصوديوم في الجسم، يتوجب على المرء تجنب المعلبات والمخللات في الدرجة الأولى. وفي ما يلي بعض الأصناف الغذائية الغنية بالصوديوم:



الملح والبيكينغ باودر

- الملح: كل 100 غرام من الملح (ثلث فنجان) تحتوي على 38 ألف ميلليغرام صوديوم، أي %1615 من الحد الأقصى المسموح بتناوله يومياً.

- البيكينغ صودا: مقدار ملعقة شاي صغيرة يحتوي على 1368 ميلليغراما من الصوديوم، أي %57.

- البيكينغ باودر: مقدار ملعقة شاي صغيرة، يحتوي على 530 ميلليغراما من الصوديوم، أي %22.



مكعبات ومرق الدجاج

يستخدم المصنعون الملح لتجفيف الطعام وحفظه، وبالتالي فحساء المرق ليس استثناء، إذ أن خمسة مكعبات تحتوي على 1200 ميلليغرام من الصوديوم، أي %50.



الصلصات والمرق

تستخدم هذه الصلصات مع المأكولات الآسيوية، وبات المصنعون في الفترة الأخيرة ينتجون منها أصنافاً قليلة الصوديوم، ويمكن القول إن مقدار ملعقة شاي صغيرة من المرق أو الصلصة يحتوي على ما يتراوح بين 335 و282 ميلليغراما، وينصح المتخصصون بمراجعة المكونات قبل الشراء.



الخميرة

على الرغم من غناها بالفيتامين بي 12 والبروتين، فالخميرة غنية أيضاً بالصوديوم، إذ أن ملعقة صغيرة منها تحتوي على 216 ميلليغراما من الصوديوم.



اللحوم المصنعة

منذ عرف الإنسان الملح، وهو يستخدمه لحفظ اللحوم، وبالتالي لا عجب في أن كل أنواع اللحوم المصنعة غنية جداً بالصوديوم. إذ أن قطعة صغيرة من السجق (10 غرامات) على سبيل المثال تحتوي على 226 ميلليغراما من الصوديوم، في حين أن قطعة من اللحم المقدد (20 غراماً) تحتوي على 443 ميلليغراماً من الصوديوم وهكذا.



صلصة البندورة (الطماط)

لا أحد يستطيع إنكار الطعم اللذيذ لصلصة البندورة، حين تضاف إلى العديد من الأصناف الغذائية والوجبات، لكن من الضروري أن نعرف أن مقدار فنجان من هذه الصلصة يحتوي على 1050 ميلليغراماً من الصوديوم، أي ما يعادل %44 من الحد الأقصى المسموح به يومياً.



الأجبان

جميع أنواع الأجبان غنية جداً بالصوديوم وبمعدلات عالية من الكولسترول أيضاً، مما يجعل من تناولها للمصابين بمشاكل في القلب أو الشرايين أشبه بكارثة صحية حقيقية.

وبما أن هناك عشرات الأنواع من الأجبان، فنسبة الصوديوم في كل من هذه الأنواع تختلف بين نوع وآخر، لكنها تتراوح بين %75 (روكفور) و%32 (موزاريلا) من الحد الأقصى المسموح به يومياً بالنسبة لكل 100 غرام من هذا النوع أو ذاك.



المعجنات والبوب كورن

لا جديد حين نكرر القول إن كل الأصناف الغذائية المصنعة تضر بالصحة ولو بنسب متفاونة، لأنها غنية جداً بالصوديوم، فمائة غرام من البريتزل على سبيل المثال تحتوي على 1715 ميلليغراماً من الصوديوم، في حين أن معجبات الأجبان والبوب كورن تحتوي على 495 ميلليغراماً للكمية ذاتها.



المخللات

الملح جزء رئيسي لا غنى عنه في صناعة المخللات على اختلاف أنواعها مما يعني أنها غنية جداً بالصوديوم. فالزيتون بعد تصنيعه بالملح يصبح من المخللات، فهل نعلم أن تناول سبع حبات فقط من الزيتون المملح يعادل خمس الحد الأقصى المسموح بتناوله من الصوديوم طوال اليوم؟ مع العلم بأن الصوديوم موجود في كل الأصناف الغذائية الأخرى.



السلطعون أو سرطان البحر

على الرغم من أنه مصدر ممتاز لفيتامين بي 12 ودهون أوميغا 3 لكن من الحكمة الاعتدال في تناول سرطان البحر لاحتوائه على نسبة عالية جداً من الصوديوم أيضاً، فمائة غرام منه تحتوي على 1436 ميلليغراماً من الصوديوم أي %60 من الحد الأقصى المسموح به طوال اليوم.