يحاول بعض الشباب المراهقين إبراز ذواتهم وقبائلهم من خلال الكتابة على الجدران فإلى جانب الذكريات وأبيات الشعر وأسماء المشاهير تنتشر العبارات التي تحمل العصبية القبلية والتفاخر بالأنساب حتى اشتهرت كل قبيلة بعبارات معينة ساعد انتشارها الشباب المراهقون في منظر مشوه للبيئة ودال على قلة الوعي واحترام الذات وضحالة الوعي التربوي والأخلاقي لدى أولئك الشباب ومن ورائهم ضعف التربية في المنازل والمؤسسات التربوية مما أطلق أيدي الشباب لتسطير مثل هذه العبارات التي تلفت الانتباه وتتقزز منها النفوس .
وقد أرجع الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعميد كلية الشريعة سابقا الدكتور سعود الفنيسان هذه الظاهرة إلى عدة أمور " الأول العصبية الجاهلية والثاني تشويه الوجه الحضاري للمجتمع والثالث أنها تأسيس لنظرية الحزبية ، وقد نهى الشارع الحكيم عن العصبية ومقتها وفي الحديث (كلكم لآدم وآدم من تراب) ونجد أن العصبية تثير الشحناء وقد توصل إلى إراقة الدماء وهذا معروف منذ القدم ولهذا جاء الإسلام بمبدأ أن المسلمين أمة واحدة يسعى بذمتهم أدناهم ، ومن جانب التشويه الحضاري فهذا الفعل لا يفعله إلا الأوباش والمشكلة أنه يوجد من يشجع على هذا فتجد إلى جوار العبارات التي فيها عصبية قبلية تجد كلمات بذيئة وربما تصدر هذه الأفعال من المراهقين أو ممن يكبرونهم قليلا وهذا يدل على انحطاط التفكير وعلى الفراغ وعدم شغله بما ينفع ويجب على جهات التثقيف والإعلام وغيرها أن تعنى بمتابعة هذه الظاهرة والعمل على إخفائها ومن ناحية الحزبية فتظهر جلية في تشجيع الأندية الرياضية وإن كانت الأندية أخف من حيث التأثير من العصبية القبلية وهذا عمل مقيت لا يرضاه الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولا العقل السليم " .
وأضاف : " لا شك أن هذه الظاهرة نتيجة انفلات وضعف في التربية سواء في البيت أو في المدرسة فالتربية الآن تضعف يوما بعد يوم فالمدرسة لا تكاد تعطي دروسا تربوية وأخلاقية للطالب في جميع مراحل التعليم العام بل نجد في المرحلة الثانوية - وهي التي تمثل سن المراهقة - أن الطلاب في هذه المرحلة هم من يقومون بهذه الأعمال وهذا يدل على فقد التربية في الجانب والتعليمي ، وفي الجانب الإعلامي نجد أن الإعلام لم يقدم شيئا يذكر في جانب الإصلاح ، من ناحية أخرى تدل هذه الظاهرة على ضعف التربية في البيت فهو لم ينتج نتاجا تظهر فيه آثار التربية وربما يكون السبب في ضعف التعليم والثقافة لدى رب الأسرة أو الوسائل التي تهدم أكثر مما تنفع داخل البيت " .
وقد أرجع البعض السبب إلى سن المراهقة وبهذا الخصوص يقول الدكتور الفنيسان : " المراهق كالعجينة فهو يمكن صياغته صياغة بناؤه لصالح المجتمع أو العكس فيفرز ما عنده من الطاقات في مثل هذه الأعمال ، ولماذا لا يحتوى هؤلاء الشباب في هوايات تناسب ميولهم ؟ فمن هؤلاء من يكتب بخط جيد فهذا يحتوى في برامج لتحسين الخطوط العربية ويوجه للجمعيات الفنية فيمتص نشاطه داخل هذه المؤسسة التعليمية أو المؤسسات الاجتماعية كمراكز الأحياء التي يجب تفعيلها ونشرها على أوسع نطاق لتستوعب أعداد الشباب في برامج تحفظ عليهم أوقاتهم وهناك مثال جميل هو احتواء المجتمع لقضية (التطعيس) مثلا وتخصيص أماكن خاصة له بتنظيم جيد لماذا لا تنسحب هذه التجربة على بقية القضايا الشبابية التي يمارسها الشباب ؟ فالجمعيات الفنية والمراكز الاجتماعية في المدارس وغيرها حل نموذجي لهذه المشكلة " .
من جانب آخر أعاد الأخصائي النفسي أحمد الماجد المشكلة إلى الاعتداد بالذات وحب التقليد وقال : " الاعتداد بالذات وحب التقليد هذه غريزة في النفس ، لكن السؤال هو ما هو الطريق الصحيح الموصل لها ؟ والطلاب يختلفون في التعبير عنها بحسب منظور كل طالب فمن الطلاب من يظن أنه بهذه الكتابات يرفع من شأن القبيلة التي ينتمي لها .
والصحيح أنه يجب على أولياء الأمور والتربويين أن يوضحوا أن احترام الذات وحب التقدير يحتاج إلى سلوك صحيح يرتضيه المجتمع كأن يبرز في العلم أو الأخلاق أو الشجاعة أو الكرم وغيرها من السلوكيات التي فعلا ترفع من احترام هذا الشخص والمجتمع الذي ينتمي إليه " .