| |||||||
فاستقيموا ... الاستقامة هي سلوك الصراط المستقيم ، وهو الدين القيم ، من غير ميل عنه يمنة ولا يسرة ، ويشمل ذلك فعل الطاعات كلها ، ظاهرة وباطنة ، وترك المنهيات كلها ، ظاهرة وباطنة . والاستقامة وسط بين الغلو والتقصير والإفراط والتفريط ، وكلاهما منهي عنه شرعًا . والمؤمن مطالب بالاستقامة دائمًا ، ولذلك فهو يسأل ربه إياها في كل ركعة من صلاته : " اهدنا الصراط المستقيم " ولما كان الإنسان ضعيفًا بطبعه ، ولن يصل إلى كمال الاستقامة ، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " سددوا وقاربوا " فالسداد : الوصول إلى حقيقة الاستقامة ، أو هو الإصابة في جميع الأقوال والأعمال والمقاصد . وقوله : " قاربوا " أي : اجتهدوا في الوصول إلى السداد ، فإن اجتهدتم ولم تصيبوا فلا يفوتكم القرب منه . إذًا هاهنا مرتبتان يطالب العبد بهما : السداد ، وهي الاستقامة ، فإن لم يقدر عليها فالمقاربة ، وما سواهما فهو تفريط وإضاعة . ولما كان من طبيعته أنه قد يقصر في هاتين المرتبتين كليهما أو إحداهما ، أرشده الشارع الحكيم إلى ما يعيده لطريق الاستقامة ، فقال ـ تعالى ـ مشيرًا إلى ذلك : (( فاستقيموا إليه واستغفروه )) فأشار إلى أنه لابد من التقصير في الاستقامة المأمور بها ، وأن ذلك التقصير يجبر بالاستغفار المقتضي للتوبة والرجوع إلى الاستقامة . وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " اتق الله حيثما كنت ، وأتبع السيئة الحسنة تمحها " اللهم ارزقنا الاستقامة على صراطك المستقيم ، واجعلنا ممن قلت فيهم : (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون . نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون ، نزلاً من غفور رحيم )) |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|