«اليونيسكو» تدرج «مدائن صالح» في قائمة التراث العالمي

أدرجت لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونيسكو موقع الحجر الأثري (مدائن صالح) إلى قائمة التراث العالمي وذلك خلال اجتماعها في دورتها 32 والتي عقدت بـ»كيبيك» الكندية في الفترة من 2 إلى 10 يوليو الجاري. وجاء الإدراج تقديرًا لجملة من الأسباب من أهمها أنها موقع ذو جذور ضاربة في التاريخ وأن صيتها ذاع حتى في الكتب السماوية ولدى كبار المؤرخين العالميين والشعراء. كما تم في الاجتماع إضافة ثلاثة مواقع أخرى للقائمة بجانب «مدائن صالح» أخرى.
وكانت المساعي السعودية الرامية إلى إدراج «مدائن صالح» قد بدأت مبكّرًا، وبناء على اقتراح من منظمة اليونسكو تم الاتفاق مع الجهات المختصة على أن تطرق المملكة باب التسجيل في القائمة عبر «مدائن صالح» الأمر الذي تم في الاجتماع الأخير، لتبقى آثار مدينة جدة العتيقة والدرعية القديمة في انتظار الإدراج في القائمة.
ويشكل موقع الحجر الأثري (مدائن صالح) الذي يعود إلى الحضارة النبطية في المملكة العربية السعودية، أول أثر سعودي يدرج في قائمة التراث العالمي. وكان يسمى في الماضي الحجرة، وهو أكبر موقع مُصان لحضارة الأنباط جنوب البتراء بالأردن. ويحوي مقابر ضخمة مُصانة جيداً، تعود واجهاتها المزخرفة إلى القرن الأول قبل الميلاد وصولاً إلى القرن الأول الميلادي. الموقع قائم على مسافة 500 كلم من جنوب شرق البتراء، ويشمل حوالى 50 نقشاً من الحقبة السابقة للأنباط، وعدداً من رسوم الكهوف. يحمل موقع الحجر شهادة فريدة عن حضارة الأنباط. وتعتبَر مقابره الضخمة البالغ عددها 111 مقبرة (وقد زُين 94 منها بالزخارف)، وآباره المائية، مثلاً استثنائياً عن الإنجازات المعمارية للأنباط وخبراتهم الهيدرولوجية.
وتعليقًا على إدراج «مدائن صالح» في القائمة العالمية يقول الدكتور أحمد بن عمر الزيلعي رئيس قسم الآثار والمتاحف بجامعة الملك سعود: إن مدائن صالح من أهم المواقع العالمية، وهي من الآثار الشاخصة في المملكة العربية السعودية التي يعول عليها كثيراً من حيث الدراسات الأثرية، ومن حيث الجذب السياحي للمملكة، فهي لا تقل عن كثير من الآثار العالمية الشاخصة.
وأضاف الزيلعي: إن حكومة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله- حريصة كل الحرص على الاهتمام والمحافظة بالأماكن التاريخية في المملكة وتطويرها وإتاحة الفرصة للمهتمين والناس عامة لزيارتها والاطلاع على تلك الموروثات القيمة عن قرب. كما تعد المملكة مركزًا إسلاميًّا كبيرًا في العالم مما يجعلها مركزًا للتراث والحضارة العربية، حيث تحمل تراثاً خاصاً بها ويعد جزءا من التراث العالمي، ومن منطلق ذلك ستعمل المملكة على افتتاح مراكز حضارية للتراث وتطويرها في كافة المناطق لإبراز هذا التراث الحضاري داخل المملكة وخارجها.
وأعتبر الزيلعي انضمام موقع مدائن صالح للجنة التراث العالمي من الأمور الهامة جداً، لأننا جزء من هذا العالم ويهمنا أن يكون تراثنا الأثري والعمراني أمام العالم أجمع، فمنظمة اليونسكو ستهتم بالطبع بصيانة المكان والحفاظ عليه، ونحن فرحون جداً بانضمام مدائن صالح كأهم وأشهر المعالم في العالم.
من جهته رفع الدكتور سعد الراشد مستشار الأمين العام للتراث وعضو مجلس إدارة الهيئة العليا للسياحة شكره لحكومة خادم الحرمين الشريفين على اهتمامها الكبير بالتراث الحضاري في المملكة العربية السعودية، مبينًا أن مكانة المملكة في اليونسكو مكانة كبيرة منذ عهد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز، يرحمه الله، بوصفها من أوائل الدول المؤسسة لليونسكو ولها دور فعّال في لجانها المتعددة.
وثمّن الراشد الجهود الحثيثة لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان الأمين العام للهيئة العامة للآثار والمتاحف على قيادته وحركته الدؤوبة في وضع المملكة من خلال الآثار والتراث عالمياً وآخرها تقديم ملف مدائن صالح إلى أن تمت الموافقة على إدراجها على قائمة التراث العالمي.
وأضاف الراشد: إن انضمام مدائن صالح للتراث العالمي يدل على أن المملكة تقدمت خطوة كبيرة نحو السياحة الثقافية؛ لأن وضع مدائن صالح على خارطة العالم فيها تحفيز للساحة الوطنية والسياحة العالمية وجعل مدائن صالح موضع اهتمام العلماء والدارسين على مستوى العالم، بالإضافة إلى أن فيه تحفيز للاقتصاد المحلي والوطني، كما إنه يجعل من منطقة العلا بالتحديد منطقة أثرية من الطراز الأول، من واقع أن جانب الآثار يحتل مكانة أساسية في مجمل الاهتمامات الإنسانية، فهناك الملايين من مواطني الدول المختلفة ومن المملكة الذين يقطعون آلاف الأميال للتعرف على التراث الحضاري والثقافي في أماكن تواجدها؛ بل إن هناك العديد من الدول تعتمد في صناعة السياحة لديها على ما لديها من آثار خلفها الأجداد ومدائن صالح تعد مكوناً أساسياً لصناعة سياحة ناجحة .
من ناحيته قال الدكتور ناصر الحارثي أستاذ الآثار والفنون الإسلامية بجامعة أم القرى: لا شك أن إضافة مدائن صالح إلى قائمة أهم المعالم التراثية الأثرية العالمية يجسد أهمية هذه المدينة الأثرية وليس في المملكة العربية السعودية فحسب؛ بل تكتسب أهمية عالمية لكونها قد سبقت بأحداث على درجة كبيرة من الأهمية قبل الإسلام وأيضا لكونها من المدن التي تحفل بالكثير من المكتنزات الأثرية والنمط المعماري للبيوت المنحوتة في صخور الجبال وهذا يدل على أن مدائن صالح تكتسب أهمية عالمية كبيرة.
وأكد الحارثي على أهمية تسجيل مواقع تراث المملكة الثقافي والطبيعي في قائمة التراث العالمي لما يتيحه من فرص كبيرة للتعريف بتلك الآثار لأبنائها الذين يجوبون العالم للاطلاع على مواقع الحضارة..
مضيفًا بقوله: إن إدراج مدائن صالح في قائمة التراث العالمي يسهم في تطويرها وضمان تنميتها وتحويلها إلى مواقع ثقافية واقتصادية يضمن تحقيق الحماية والعناية الدائمة لها. مما يدلل على أن غنى المملكة الحضاري والتراثي لا يقل عن غناها الاقتصادي والنفطي الذي عرفت به في الأوساط العالمية، وأن المكانة التي تتبوأها المملكة في التاريخ الإنساني اكتسبتها من وقوعها في منطقة تقاطع عليها التاريخ والحضارات وكانت مهداً للحضارة الإسلامية العريقة.



المصدر جريدة المدينة


http://al-madina.com/node/28222