عرض مشاركة واحدة
#2 (permalink)  
قديم 04-06-2007, 06:26 PM
محمد
ابو رنيم
إدارة الموقعـ
محمد غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Male
SMS ~ [ + ]
هـــــــــــلا وغـــــــــلا


قدمت أهلاً ووطأت سهلاً نرحب بكم بباقة زهور

يسعدني أن أرحب بكم أجمل ترحيب

متمنياً لكم طيب الإقامة مع المتعة والفائدة

وننتظر منكم الجديد والمفيد


اخوكم محمد
لوني المفضل Blue
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل : 17-11-2006
 فترة الأقامة : 6960 يوم
 أخر زيارة : 25-10-2019 (11:21 PM)
 الإقامة : رويضة الاحباب
 المشاركات : 1,885 [ + ]
 التقييم : 176397
 معدل التقييم : محمد عضو الماسي محمد عضو الماسي محمد عضو الماسي محمد عضو الماسي محمد عضو الماسي محمد عضو الماسي محمد عضو الماسي محمد عضو الماسي محمد عضو الماسي محمد عضو الماسي محمد عضو الماسي
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي رد: المتنبي ( مالئ الدنيا وشاغل الناس )



( أبو الطيب المتنبي )

مالئ الدنيا وشاغل الناس، كان غريباً في قومه وعالمه، عايش الهم الوجودي كأحاسيس مضطرمة في أعماقه، لقد قضى ردحاً طويلاً من عمره يحلم بالإمكانية المستحيلة.. إمكانية التغيير.

إنسان الأحاسيس

كان المتنبي إنساناً مفرط الأحاسيس، فهم العالم وكأن العالم امتداد عضوي للذات الإنسانية، وبقدر ما تكن الذات من طيبة يتحول العالم إلى مكان محبب جدير بالسكنى، لم يخطر ببال المتنبي أن أحلامه مستحيلة، ببساطة لأنه كان إنسان أحاسيس، هكذا غدا غريباً دون أن يرتحل، ثم أضحى مفارقاً وهو بين قومه وأهله.. لكنه كان - رغم ذلك كله- محبا لموطنه مفتخرا بمجده :

وإني لمن قـوم كأن نفوسهم = بها أنف أن تسكن اللحم والعظما
كذا أنا يا دنيا إذا شئت فاذهبي= ويا نفس زيدي في كرائهها قدما
فلا عبرت بي ساعة لا تعزني =ولا صحبتني مهجة تقبل الظلما

مرثية وطن

وكأي إنسان من هذا الطراز، تفجر تعلقه بمحبيه، خاصة جدته عند موتها، فرثاها بقصيدة تبدت ولأول مرة حكمته فيها..(وكأنها مرثية وطن):

ألا لا أرى الأحداث مدحاً ولا ذماً =فما بطشها جهلاً ولا كفها حلما
بكيت عليها خيفة في حياتها = وذاق كلانا ثكل صاحبه قدما
وكنت قبيل الموت أستعظم النوى= فقد صارت الصغرى التي كانت العظمى

تحول المتنبي - بسبب الإحباط المتكرر- إلى الحكمة، إلا أننا نلمس في حكمه الأولى المشاعر الثورية (كأنها رؤية مستقبلة ودواء ناجع لما سيؤول إليه الحال):

أفاضل الناس أغراض لدى الزمن =يخلو من الهم أخلاهم من الفطن
وإنما نحن في جيل سواسية =شر على الحر من سقم على البدن
حولي بكل مكان مهم خلق= تخطي إذا جئت في استفهامها بمن
لا أقتدي بلداً إلا على غرر= ولا أمر بخلق غير مضطغن
ولا أعاشر من أملاكهم ملكاً =إلا أحق بضرب الرأس من وثن
فقر الجهول بلا قلب إلى أدب=فقر الحمار بلا رأس إلى رسن

اعتزاز وكرامة

لم يحاول المتنبي ظلم ذاته، أو التقليل من حقيقته إزاء الصغار في كل ما كان يحيط به - وما أكثرهم الآن- ، وأدرك عظم سريرته المنبسطة ونقاء فؤاده وتميزه الفعلي، لقد هاله ما لمس من زيف وضحالة، فتحول إلى مديح ذاته..رفض المتنبي حالة الاستلاب، مهما كان مصدر الاستلاب - وما أحوجنا إلى هذه الرؤية الآن-:


أي محل أرتقي أي عظيم أتقي
وكل ما قد خلق الله وما لم يخلق
محتقر في همتي كشعرة في مفرقي


أتى هذا الطرح المفارق، بسبب الاعتزاز والترفع والكرامة ليس بسبب التكبر أو الخواء، اقترن رفض الاستلاب عند المتنبي باستحالة التنازل، تلك الاستحالة التي تمكنت منه إثر معاناة مديدة .

في بلاط الحمداني

وجد المتنبي في سيف الدولة ضالته وضالة الأمة، فسيف الدولة هو المنقذ وهو القائد القومي، لعل سيف الدولة هو الشخص الوحيد الذي مدحه المتنبي دون أن يقحم ذاته، لقد قبل المتنبي بوجود عظيمين، هو، أي المتنبي، وسيف الدولة، ومدحه بصدق إيماناً منه أن عظمة سيف الدولة كعظمته هو، نقرأ في نفس القصيدة السابقة:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم =وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها= وتصغر في عين العظيم العظائم
يكلف سيف الدولة الجيش همه= وقد عجزت عن الجيوش الخضارم
ويطلب عند الناس ما عند نفسه= وذلك ما لا تدعيه الضراغم

حرك سيف الدولة المشاعر القومية الكامنة في أعماق المتنبي، وهو القائل:
وإنما الناس بالملوك وما= تلح عرب ملوكها عجم
لا أدب عندهم ولا حسب =ولا عهود لهم ولا ذمم

لقد استطاعت طبيعة سيف الدولة وأصله العربي أن يحقق شيئا مما في نفسه المتطلعة نحو عروبة عزيزة .. وقوة تجاه العاديات.. لقد أحبط المتنبي إحباطاً شديداً عندما انتهت علاقته بسيف الدولة، وكان هذا الإحباط أشبه بما حل ببيتهوفن عندما أحبط بنابليون فغير اسم سمفونيته الثالثة من البطل إلى البطولة، ما أشبه الإحباط الأول بالثاني وما أبعد زمانيهما، لكن المتنبي حافظ على موقفه المبدئي من سيف الدولة، وعندما وصل دمشق بعد مغادرته حلب نظم قصائد عرض بها بمدح سيف الدولة لكثرة محبته له، لأنه -أي سيف الدولة- كان (حالة) تتجاوز ذاتية الشخص في نفس المتنبي.

المتنبي الذي رأى العالم نقياً لنقاء سريرته، أّحبط إثر اكتشافه الحقيقة، فتحول إلى الحكمة، هذا ما حل بالمتنبي، فتجاربه المريرة نقلته إلى الحكمة، كان المتنبي حكيم الشعراء وشاعر الحكماء:

جمح الزمان فلا لذيذ خالص= مما يشوب ولا سرور كامل

لم يكن المتنبي فليسوفاً، لكن استطاع فهم حقيقة الحياة..:

إنما الأنفس الأنيس سباع =يتفارسن جهرة واغتيالا
من أطاق التماس شيء غلاباً= واغتصاباً لم يلتمسه سؤالا

تبدت حكمته في رثاء والدة سيف الدولة:
نعد المشرفية والعوالي=وتقتلنا المنون بلا قتال
ونرتبط السوابق مغريات= وما ينجين من خبب الليالي
ومن لم يعشق الدنيا قديماً= ولكن لا سبيل إلى الوصال
نصيبك في حياتك من حبيب=نصيبك في منامك من خيال
رماني الدهر بالأرزاء حتى= فؤادي في غشاء من نبال
فصرت إذا أصابتني سهام= تكسرت النصال على النصال
وهان فما أبالي بالرزايا= لأني ما انتفعت بأن أبالي

حكمة بليغة

لعل البساطة هي معيار الحكمة البليغة، وما أجدر المتنبي بإصدار الحكم البليغة:

لا بد للإنسان من ضجعة =لا تقلب المضجع عن جنبه
ينسى بها ما كان من عجبه=وما أذاق الموت من كربه
نحن بنو الموتى فما بالنا =نعاف ما لابد من شربه
تبخل أيدينا بأرواحنا =على زمان هن من كسبه
فهذه الأرواح من جوه=وهذه الأجسام من تربه
لو فكر العاشق في منتهى= حسن الذي يسبيه لم يسبه
يموت راعي الضآن في جهله= ميتة جالينوس في طبه
وربما زاد على عمره= وزاد في الأمن على سربه
وغاية المفرط في سلمه=كفاية المفرط في حربه
فلا قضى حاجته طالب= فؤاده يخفق من رعبه
أستغفر الله لشخص مضى= كان نداه منتهى ذنبه
وكان من عدد إحسانه= كأنما أفرط في سبه
يريد من حب العلى عيشه= ولا يريد العيش من حبه


هكذا كان المتنبي والأجواء المحيطة به تشهد قوة عربية وندية مع عدو يتربص عند الثغور..

.........

للحديث بقية



 توقيع : محمد

رد مع اقتباس