07-08-2013, 09:21 PM
|
| |
قصة حمص الابية كان يوم اب الطويل قد تلاشى الى ليل كأنه سرمدي . و بدأ الليل يجّن حول المدينة المنكوبة .
انها حمص , تلك المدينة التي يخترقها نهر العاصي من طرفها الجنوبي الغربي متجها نحو الشمال .
بدأ الليل يغلف المدينة بظلام حالك ,لكن القمر لا يزال يرسل اشعته
من خلال الغيوم البيضاء , وهو يلقي ضوء شاحبا على شوارع المدينة و ازقتها كلما اقترب
الفجر .انها مدينة الاشباح , اصبحت خالية من سكانها الذين نزحوا و هجروها كرها
و حول ساحات المدينة المحاصرة , ترعد المدفعية الثقيلة لتدك احياءها و مبانيها
مخلفة الدمار ورائحة الموت .هنا و هناك تزمجر البنادق الالية والرشاشات الثقيلة
لتحطم صمت الليل البهيم ,كالكلاب المسعورة في المزارع البعيدة .
وقف قناص ,فوق سطح مبني "ستي سنتر" ,يترصد طريدته المرتقبة .
بدأ يراقب شارع طريق حماه الذي يفصل بينه وبين السوق القديم شرقا
كان هذا السوق يعج بالناس و الحركة ويسمى سوق الدجاج .
لمع وميض في احدى العمارات المجاورة . فرح القناص وبدأ يحدق
في الظلام , رفع رأسة قليلا من متراسه و راح يحملق باتجاه الوميض , لقد شاهده
انه في الطرف المقابل من الشارع .زحف ببطئ شديد الى عمود فوق السطح
و تمترس خلفه ثم راح يراقب المشهد .بدأ يعض شفته السفلى ويترقب
ما ان ظهر الوميض مرة اخرى حتى اخذ نفسا عميقا
و صوب بندقيته باتجاه الهدف واطلق النار .سمع صوت جلبة وشيئ ما سقط
على الارض بقوة فوق الرصيف .استلقت الجثة هامدة فوق الرصيف .
صرخ القناص صرخة الفرح : لقد قتلته .تلاشت شهوة الحرب وتملك
القناص احساس عجيب , اراد ان يلقي نظرة على ضحيته , لعله يعرفه او يكون من اصحابه .
قرر ان يترك متراسة فوق السطح وينزل بحذر شديد .عندما وصل القناص الى الشارع الرئيسي
كان هناك اطلاق نار كثيف وغزير .ارتمى على الارض و راح يزحف و يزحف حتى قطع الشارع
واصبح قريبا من جثة الرجل الذي كان قد قتله .تنفس الصعداء و ارتاح قليلا ثم مدّ يده
ببطئ شديد,قلب الجثة وحدق بوجها .صاح بصوت عال :" اللعنة انه اخي ."لقد غاب
منذ اشهر . " سدد رجل بندقيته من اعلى البناء و اطلق النار . استلقت الجثتان على الرصيف . |