16-10-2009, 04:05 AM
|
| |
رد: سيـرة سـيد الخـلق[محمـد] "صـلى الله عـليه وسـلم" الدعوة سرًا: عن أدران الجاهلية، وحماقاتها المتعددة، ومساوئها المختلفة، نأى محمد
-صلى الله عليه وسلم- وابتعد، ليس بروحه الطاهرة فحسب، بل بجسده أيضًا. إذ كان يمكث الليالى ذوات العدد فى غار حراء متعبدًا لربه ومتقربًا. ودون تأهب منه أو توقع؛ فوجئ -صلىالله عليه وسلم- بنزول الوحى إليه، وتبليغه برسالات ربه. وما كان على النبى الأمين -صلى الله عليه وسلم-، إلا أن يبلغ النور الذى يحمله إلى الناس من حوله، فظل يبلغ الدعوة سرًا طوال ثلاثة أعوام، ينتقى من يلتمس فيه صلاحًا، فيسمعه القرآن المنزل عليه، ويجمعه مع إخوانه الذين سبقوه لدين الله، منتظرًا ومتهيئًا نزول أمر الله بالجهر بدعوته. الدعوة جهرًا: ما إن نزل أمر الحق تبارك وتعالى لرسوله -صلى الله عليه وسلم- بالجهر بالدعوة، حتى قام النبى على جبل الصفا؛ يعلن على الملأ حقيقة رسالته. لكن الآذان التى لم تتعود سماع الحق، والعقول التى ألفت الدعة والنوم، والنفوس التى عشقت الضلال حتى أدمنته، لم ترض لنور الله أن يسطع بين حنايا مكة؛ حتى يكون لها فى منعه دور ونصيب. وقد تحمل النبى -صلى الله عليه وسلم-، وعصبته المؤمنة مخاطر وألم المواجهة والإيذاء، وسطروا بدمائهم وأرواحهم أروع آيات الصبر والثبات. وهم إن عدموا ملجأ يحتمون به فى دروب مكة ودورها على تعددها واتساعها فقد وجدوا فى دار أخيهم الأرقم النائية بعض الأمن وبعض الجزاء، فبين جدران هذه الدار المباركة كانوا يتعلمون أحكام دينهم، ويتربون على قيمه السامية، ثم كان فى الهجرة إلى الحبشة بعد اشتداد الإيذاء الحماية والمنعة، فى بلد عُرِفَ ملكها بالعدل والإنصاف. أما مسلمو مكة ممن لم يهاجروا إلى الحبشة، فقد قويت شوكتهم بإسلام حمزة وعمر -رضى الله عنهما-. ولما أيست قريش من أساليب المواجهة والإيذاء لجأت لأساليب المساومة والإغراء، لكن هيهات لمن رأى النور الحق أن يخدع ببريق الشهوات. وعلى حمية الجوار جمع أبو طالب بنى هاشم وبنى المطلب، لنصرة ابن أخيه، وهنا لم يبق لقريش إلا أن تعلن المقاطعة العامة للمسلمين وأنصارهم، وكما صبر المسلمون على ألم الإيذاء، وفتنة الإغراء، مشوا بأقدامهم على أشواك هذه المقاطعة ليصلوا إلى هدفهم النبيل. وكمحاولة يائسة حيرى أخيرة أرسلت قريش وفدًا منها إلى أبى طالب؛ ليعاود المفاوضة، ولم يعد إلا بما استحقه: خفَّى حنين. وفى العام العاشر للنبوة ألمت برسول الله والمسلمين مصيبتان: وفاة أبى طالب، ووفاة خديجة -رضى الله عنها- ؛ فسُمِّىَ هذا العام بعام الحزن. - المواجهة والإيذاء: صارح محمد -صلى الله عليه وسلم- قومه بضلالهم، وواجههم بالنور الذى يحمله، لكن الأعين التى أنست الظلمة إذا واجهتها الأضواء أبت وتألمت، أعلنت مكة الحرب على نبيها وأتباعه من اليوم الأول، شنت عليه حربًا دعائية لتصرف الناس عنه، ثم استخدمت سلاحى السخرية، وإثارة الشبهات؛ لتفت فى عضده، وأخذت فى اختراع الحيل لإشغال الناس عنه، وبين الترغيب والترهيب كان استخدامها للمساومة مرة والاضطهاد مرات أخرى، وصارت تضغط بثقلها على حاميه بمكة: عمه أبى طالب، أما المسلمون الذين آمنوا به فقد توافر لهم من عوامل الصبر والثبات ما يسّر لهم اجتياز هذه المحنة، ومن وضوح الطريق ما أعانهم على السير فى هذه الظلمة. يتبــــع ـــ ..ْْ ~ |