عرض مشاركة واحدة
#1 (permalink)  
قديم 01-02-2007, 02:41 PM
البصري
::V I P::
البصري غير متواجد حالياً
لوني المفضل Ghostwhite
 رقم العضوية : 254
 تاريخ التسجيل : 30-12-2006
 فترة الأقامة : 6380 يوم
 أخر زيارة : 24-02-2014 (01:35 PM)
 المشاركات : 36 [ + ]
 التقييم : 503
 معدل التقييم : البصري عضو فضي البصري عضو فضي البصري عضو فضي البصري عضو فضي البصري عضو فضي البصري عضو فضي
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي هل صليت الاستسقاء ؟!



في يوم الأربعاء أدينا صلاة الاستسقاء ، وخرج منا من خرج إلى المصلى وهو يجر رجليه متثاقلا ويسحب قدميه مترددًّا ، وكم منا من تساءل : هل سينزل علينا المطر بعد صلاتنا ، أم سيتفرق هذا الغيم الذي فوق رؤوسنا ؟ فقد صلينا ثم صلينا ثم صلينا ، وفي كل مرة نرى الغيوم تتقشع ، وقد يخلفها غبار وكدر ، ثم لا نرى مطرًا ولا نجد سقيا .
قد تكون هذه كلمات تتلجلج في صدور كثيرين ، وقد سمعناها بالآذان من آخرين .
والحقيقة أننا لمسناها وشاهدنا منها ما تجف له القلوب وتفزع منه الأفئدة .
يُحَدِّثُنا آباؤنا أنهم لم يكونوا يخرجون إلى المصلى في السنة أكثر من مرة ، وقد تتوالى عليهم سنوات لا يستسقون ؛ لأن المطر يأتيهم كل سنة في إبانه ، ولا يكاد يتأخر عن زمانه .
بل إنهم حدثونا أنهم كانوا قبل الذهاب إلى المصلى أو بعده بقليل يفزعون إلى سطوحهم فينظفون ميازيبها ، وإلى شعبهم فيصلحون شانها ، وإلى حوائط نخيلهم فيتأكدون من قوتها وتماسكها وتحملها للإمساك بالماء إذا دخل فيها ... إلى آخر ما اعتادوه من استعدادات لنزول المطر .
وإنما كانوا يفعلون ذلك لأنهم يعلمون أنهم لا يستسقون إلا ويسقون ، ولا يستمطرون إلا ويمطرون .
فلماذا نحن الآن نستسقي فلا نسقى ، وندعو فلا نجاب ؟
أليس هذا سؤالا مهمًّا يجب أن نطرحه على أنفسنا بقوة ، ثم نبحث له عن إجابة وافية شاملة كاملة ؟
نعم ـ إخواني ـ إنه لا بد من الرجوع إلى نفوسنا والبحث عما داخلها ، حيث عادت تسأل ولا تعطى وتدعو فلا تجاب .
أيها الأحبة ، إن الظاهر أننا نفهم صلاة الاستسقاء فهمًا غير صحيح ، إذ نرى أنها مجرد الحضور إلى المصلى وأداء الركعتين ، وسماع الخطبة ورفع اليدين ، ومن ثم الانطلاق والعودة إلى ما كنا عليه من قبل من تعلق بالدنيا والحطام ، وعقوق للوالدين وقطع للأرحام ، واقتراف للذنوب وإصرار على الآثام . وهذا هو الخلل الكبير الذي يجب أن نصلحه ، والخطأ الفادح الذي ينبغي ألا نرتكبه .
إنه لا بد مع أداء صلاة الاستسقاء وحضور الخطبة ومد اليدين إلى السماء ، أن نحدث تغييرًا داخليًّا ، تغييرًا للمحرك ، أعني ذلكم القلب الذي إذا صلح صلحت الجوارح واستقامت الأعضاء ، وإذا فسد فسد كل شيء في هذا الإنسان .
إن صلاة الاستسقاء في ظاهرها ركعتان وخطبة ودعاء ، ولكنها في باطنها تغيير جذري يجب أن يجريه العبد على حياته انطلاقًا من قول المولى ـ تبارك تعالى ـ : " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "
فهل غيرنا من أنفسنا شيئًا ذا بالٍ بعد صلاة الاستسقاء ؟ هل فعلنا طاعات كنا نتركها ؟ هل انتهينا عن معاص كنا نفعلها ؟ هل طهرنا قلوبًا اسودت من المعاصي ؟ هل نقينا نفوسًا أكلها الحسد والحقد ؟ هل وهل وهل ؟
والله لو وقف كل منا مع نفسه فحاسبها ، وتفقد ذاته فساءلها ، ثم أقلع عن شيء من معاصيه ، لصب علينا المطر صبًّا ، فهيا ـ إخوة الإيمان ـ وأقولها لا حبًّا في الكتابة وتسويد الصفحات بالحروف والكلمات ، ولكن نصحًا لنفسي ولإخواني ، هيا إلى أنفسنا فلنغير مما فيها ، ولقد قال الله ـ عز وجل ـ " بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره " فكل منا أعرف بنفسه وبما هي عليه ، فمنا من لا يصلي الفجر مع الجماعة ، ومنا من يلحقها العصر ، ومنا من لا يقيم للصلوات كلها شأنًا ولا يهتم بها ، ومنا المقصر مع والديه أو أرحامه ، وفينا من قلبه مشتمل على معاص لو مزج بها ماء البحر لتغير وفسد ، من حب أو تعظيم لغير الله ، أو رياء أو شرك خفي ، أو حسد وحقد ، أو كبر وتعال وترفع على خلق الله ، أو .. أو .. أو .. إلخ ، ومنا من هو واقع في المعاملات المالية المحرمة ، ومنا من بيته يموج بالمخالفات الشرعية والصور والأغاني وما تدفعه القنوات من شر وباطل ، تسرح فيه الشياطين وتمرح ، والملائكة عنه أبعد من السماء عن الأرض !!
فعلى كل واحد أن يراجع نفسه مراجعة صحيحة ويحاسبها محاسبة دقيقة ، وينظر في شأنه نظر العبد الخائف الوجل ، الذي يعلم أن ما أصابه من مصائب فإنما هو من عند نفسه وبسبب ذنوبه ، إيمانًا بقول الله ـ تعالى ـ : " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم " ومن ثم يتراجع ويتوب ، فإن الله من رحمته يقبل التوبة ويعفو عن الذنب ويتجاوز عن التقصير ، وهو ـ تعالى ـ لا يستفيد شيئًا من عذابنا إن شكرنا وآمنا " ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرًا عليمًا "
هيا ـ إخوة الإيمان ـ لنعد إلى ربنا ولنرجع إلى خالقنا ؛ فإنه لا غنى لنا عن رحمته طرفة عين ولا أقل من ذلك " قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورًا فمن يأتيكم بماء معين "




رد مع اقتباس