الموضوع
:
كفاحٌ . . وحسرة
عرض مشاركة واحدة
#
1
(
permalink
)
09-09-2008, 07:54 AM
خالد00
::V I P::
لوني المفضل
Cadetblue
رقم العضوية :
2562
تاريخ التسجيل :
25-04-2008
فترة الأقامة :
6434 يوم
أخر زيارة :
15-03-2012 (02:33 PM)
المشاركات :
2,734 [
+
]
التقييم :
30516
معدل التقييم :
بيانات اضافيه [
+
]
كفاحٌ . . وحسرة
في الحي الشعبي من المدينة العتيقة
بيتٌ قديم . . زاحمته البيوت عن يمينه وشماله
حتى صار بينهم .. كالسن المكسور . .
في زاويته الشرقية فناءٌ صغير . .بغرفةٍ رديئة البناء والأثاث
تجاورها نخلةٌ اطلت براسها خارج السور . .كأنها تريد الهرب منه
تعيش في هذه البساطة . . إمرأةٌ مسنة خاصمها الزمن فاسكنها هذا الفناء الكئيب
تمرها الأيام ثقيلة ..ملتفةٌ بالرتابة والحرمان . .
في احدى ليال الصيف .. جلست المراة العجوز على سجادتها التي فقدت الوانها
وبقيت آثار نقوشها . . بعد أن ادت صلاة العشاء والحقتها بكثير من السنن
اسندت ظهرها الى الجدار الذي مازال يحتفظ بحرارته . . عله يلين ظهرها المقوس
الذي شابه الهلال . . ثم اصلحت حجابها . . ودارت به حول وجهها النحيل
مدت قدمها المتعبة وثنت الأخرى ..واضعةً يديها على ركبتها المنصوبة
كان النور خافتآ . .والهدوء مملآ . . والوحدة موحشة . . والوقت يسير كالسلحفاة
مرت بجانبها . . قطةٌ تحمل صغارها بين اسنانها . . واحدآ تلو الآخر
حتى استقرت بهم تحت النخلة . .
تبسمت المراة مرحبة . . واقتربت بجسمها دون أن تقوم من مكانها
فاتسعت عينا القطة معلنة حالة الخطر . . لكن المراة العجوز هدأتها
وهي تقول . . كنت أمآ مثلك . .لثلالة اطفال عرفوا اليتم قبل ان يعرفوا حنان الأب
فاصبحت امهم واباهم . . وسماهم وارضهم . . وكل حياتهم
احتضنهم عند نومهم كما تحتضن الحمامة بيضها . .واخرج بهم كأفراخ القطا . .
كنت ابيع القماش في السوق . . واخدم الناس في مناسباتهم . .
ولو اضطررت لنظفت الشوارع والميادين . . من اجلهم
صمت ليأكلوا . . وسهرت ليناموا . . وكدت اهلك في السوق من البرد والحر مراتٍ عديدة
التصق جسم القطة بالأرض . . وضاقت عيناها معلنة حالة السلام والإستماع
فأكملت العجوز فضفضتها . .
عندما دخل الأكبر المدرسة .. بكيت بكاء العروس خوفٌ وفرحٌ وامل . .
حفظت اسماء الكتب .. والمدرسين وتعرفت على امهاتهم وبكيت على ابوابهم
واستلفت لنجاحهم وأفراحهم . .
تربعت العجوز في جلستها . . واصلحت حجابها كعادتها . . ثم اردفت قائلة
عانيت اشد المعاناة . . وتعبت كل التعب . . ومن تعبي الشديد نذرت ان احرق
لفافة القماش عندما يتخرج ابنائي ويعملون . .
لكن الزمن لم يهادنني . . او يصالحني بل حمل عصاه خلفي حتى يشيعني
الى قبري . . ولعل الله قد اجل اجري الى الحياة الآخرة وهو العدل الرحيم
ثم بدا صوت المرأة يتهدج ويختلج بعبرة مكبوتة . . وهي تقول
تخرجوا . . والتحقوا بأعمالهم . . فاحرقت لفافة الأقمشة . . وفاءآ بنذري
وفرحآ بأبنائي .. فقد آن الحصاد والراحة . .
لكن الأول والثاني . . رحلا فاصبحت اراهم كأبعد اقربائي
والثالث يسكن بقية هذا البيت . . وكأنه جارٌ . . أتى من جنوب البلاد او شمالها
لم يعودوا كأفراخ القطا . . بل صاروا ابناء الهوام والجوارح . .
نزعوا صورتي من عيونهم وحلت مكانها صور زوجاتهم . .
وجف حنان الأمومة في دمائهم ليسيل حب ابنائهم . .
كم احسدك ايتها القطة . . لإن امومتك قصيرة
فلن يذهب نصف عمرك . . عناءٌ وكفاح
ويبقى النصف الآخر . . حسرة وندم
زيارات الملف الشخصي :
237
إحصائية مشاركات »
خالد00
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل : 0.42 يوميا
خالد00
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى خالد00
البحث عن المشاركات التي كتبها خالد00