24-07-2008, 10:16 PM
|
| |
رد: اكبر موسوعة للاعجاز العلمي من الكتاب والسنه
تذكر الآيات القرآنية التي مرت معنا في الصفحات الأولى من لقائنا الحالي بصيغة الجمع دائماً، وليس بصيغة المفرد، وفي هذه إشارة علمية عظيمة كشف العلم الحديث عنها وخلاصتها:
[1] خلايا الجلد أسرع انقساماً من غيرها من الجلد .
[2] خلايا الجلد أسرع تغيراً وتبدلاً من غيرها من الخلايا، وقد يتغير الجلد في مساحة معينة منه تغيراً كاملاً في فترة وجيزة.
[3] يتغير تركيب الجلد من مكان لآخر على سطح الجسم الواحد، فجلد جفون العيون يختلف عن جلد قناة الأذن الخارجية، ويختلف عن جلد باطن اليد، ويختلف عن جلد باطن القدم .. الخ .
[4] وهكذا تكسو الإنسان مجموعة من الجلد وليس جلد واحد، سواء من حيث المكان (على سطح الجسم)، أم الزمان (التبدل والتغير)، وهكذا، تظهر الإشارة العلمية بجلاء.
لقد عبر القرآن العظيم عن فقدان الجلد لتوصيل المؤثرات الواقعية عليه بلفظة (النضج)، والنضج علمياً هو(تجلط) أو (تخثر) بروتينات الألياف العصبية (في حالة حروق الدرجة الثالثة) نتيجة تعمق المؤثر وتغلغله إلى الطبقة تحت الجلدية، وذلك لشدته العنيفة.
ولما كان المقصود هو إذاقة العذاب للكافرين في جهنم، استلزم هذا تجديد طبقات الجلد مرة أخرى ليشعر الإنسان بالألم، فإذا ازداد الإحراق، وتعمق أثره وتجلطت بروتينات الألياف العصبية السفلية، وفقد الإنسان القدرة على الإحساس بالألم، تكرر تجديد الجلد بكافة طبقاته، ليتكرر شعور الإنسان بالألم.. وهكذا، وكما عبرت عنه الآية الخامسة والستين في سورة النساء بالضبط: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا ).
والحكمة المقصودة هي : (ليذوقوا العذاب) .
وهكذا يشير القرآن في هذه الآية إلى حقيقة علمية لم يتوصل العلماء إلى معرفتها إلا حديثاً، بعدما تقدمت علوم التشريح والأنسجة، واخترعت أجهزة التكبير والقياس، فالآية تشير إلى مراكز الإحساس في الجلد، وتشير إلى وجود البروتينات التي تتجلط بحرارة النار الشديدة.
نتناول الآن نصاً قرآنياً ورد في سورة الحج، يتحدث عن عذاب الكفار في نار جنهم أيضاً، وفيه إشارة إلى (نضج) الجلود، وإن لم يصرح بها، ذلك النص القرآني هو قول الله تعالى : (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ)[سورة الحج:19].
وخلاصة ما شرح به جمهور من المفسرين، كابن كثير والنيسابوري والنسفي والألوسي والبيضاوي وابن عجيبة والفخر الرازي، هذا النص القرآني الكريم، هو أن هناك فريقان، أن فوجان، أو طائفتان، اختلفوا في دين الله وصفاته، هما طائفة الكفار( ويشملهم جميعاً) وطائفة المؤمنين، فكان الفصل هو إنزال العقاب وشديد العذاب بالكفار هكذا: (قطعت لهم ثياب) يعني أن الله يقدر لهم نيراناً على مقادير جثثهم تشتمل عليهم كما تقطع " وتفصل " الثياب الملبوسة. وفي الكلام استعارة تمثيلية تهكمية وليس هناك تقطيع ولا تفصيل ولا ثياب. والمراد بالثياب هنا إحاطة النار بهم. وجاء الكلام بلفظ الماضي لأن ما كان من أمر الآخرة فهو كالواقع .
و(يُصهَر)، أي : يذاب، والمعنى أن الحميم (وهو الماء الحار العنيف الحرارة) تنزل فوق رؤوسهم فيخترقها ويسقط في أجوافهم فيهلك أمعاءهم وأحشاءهم كما يتلف جلودهم، وقرئت " يصهر " بفتح الصاد وتشديد الهاء المفتوحة للمبالغة، وقيل إن " يصهر" بمعنى " ينضج "، وقيل : التقدير هنا هو( ويحرق الجلود)، لأن الجلود لا تذوب .
والحميم ـ على النحو المذكور في هذه الآية ـ يذيب جميع المحتوى الداخلي للأجسام، وهذا أشد مما ذكر في آية قرآنية أخرى يقول الله سبحانه وتعالى فيها : (وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ )[سورة محمد "15] فلا بد إذن من تقطيع الأمعاء أو تثقيبها، لأن الحميم لا يؤلمها إلا إذا ثقبت من تقطيع الأمعاء أو تثقيبها، لأن الحميم لا يؤلمها إلا إذا ثقبت فيخرج منها ويؤثر في مراكز الإحساس بالحرارة الزائدة، كما أن الحميم لا يؤلم إلا بوجود جلد، لأن فيه توجد مراكز ومستقبلات الإحساس بالحرارة الشديدة، ولذلك جاءت (من وجهة النظر العلمية) لفظة "والجلود" في نهاية الآية [20] من سورة الحج، عُقيب " بطونهم" .
وهناك علاقة بين حروق الجلود وتلف الأحشاء، ونلاحظ هذا في الآيتين القرآنيتين : (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ)[سورة الحج:19].
مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ فمع صب الحميم فوق الرؤوس وإغراقه لجلد الجسم العام، وإتلافه للجلد، فإن هذا التلف الذي هو في شكل حروق مدمرة تؤدي إلى حدوث اضطرابات وظيفية عنيفة في الجهاز الهضمي، يتبعها حدوث شلل للأمعاء وتمدد حاد لجدار المعدة، ثم ظهور تقرحات عنيفة فيها وفي الإثني عشر، ثم حدوث ثقوب في القناة الهضمية ونزيف داخلي كالذي يحدث عند ابتلاع مادة كاوية، وكذلك حدوث انتفاخ ضبابي للكبد نتيجة تراكم المواد السامة المتخلفة عن احتراق الأنسجة، وكذلك نقص الأكسجين والدم الواصلين إليه.
وإضافة إلى هذا، فهناك تأثير لإحراق الجلود في التنفس ونلاحظ هذا في الآية القرآنية : (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ )[سورة هود:106].
وهذا ما توصل إليه العلم الحديث، فلقد اكتشف العلماء تغيرات وظيفية (فسيولوجية) تطرأ على الجهاز التنفسي نتيجة لحروق الجلد العنيفة، مما يؤدي إلى اختلاف المعادلة الوظيفية التي تحكم نسبة التهوية /التروية [ Ventilation – perfusion ratio].
وكذلك، فإن احتراق الجلد يسبب تلف القلب، ونلاحظ هذا في قول الله تعالى : (كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ {4}وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ {5} نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ {6} الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ {7} إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ)[سورة الهمزة].
..) وفيه يقول الفخر الرازي (في تفسير الكبير) : " نار الله " الإضافة (أي : إضافة النار إلى الله، أي نسبتها إليه)، للتفخيم، أي : هي نار لا كسائر النيران. " الموقدة " : التي لا تخمد أبداً، أو " الموقد" بأمره أو بقدرته. ومنه قول الصحابي الجليل علي عليه السلام : عجباً ممن يعصي الله على وجه الأرض والنار تسعر من تحته.. وفي الحديث النبوي: (أوقد عليها ألف سنة حتى احمرت، ثم ألف سنة حتى أبيضت، ثم ألف سنة حتى أسودت، فهي الآن سوداء مظلمة )، وإن كان فيه هذا النص النبوي إعجاز علمي فهو في باب " الفيزياء " وليس مجاله هنا.
ويقول الفخر الرازي : أما قوله تعالى : (التي تطلع على الأفئدة)، فأعلم أنه يقال : طلع الجبل، واطلع عليه، إذا علاه. وفي تفسير الآية يقول : إن النار تدخل في أجوافهم، حتى تصل إلى صدورهم وتطلع على أفئدتهم، ولا شيء في بدن الإنسان ألطف من الفؤاد (والفخر الرازي يقصد به القلب العضلي)، ولا أشد تألماً منه بأدنى أذى يماسه، فكيف إذا اطلعت نار جهنم واستولت عليه !! ثم إن الفؤاد مع استيلاء النار عليه لا يحترق، إذ لو احترق لمات، وهذا هو المراد (يقصد المعنى ) من قوله: (لا يموت فيها ولا يحيى )، ومعنى الإطلاع هو أن النار تنزل من اللحم إلى الفؤاد.. وأعلم أنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن النار تأكل أهلها حتى إذا اطلعت على أفئدتهم انتهت، ثم إن الله تعالى يعيد لحمهم وعظمهم مرة أخرى .
ويضيف العلم الحديث توضيحاً إلى هذا التفسير وما شابهه من تفسيرات للآية القرآنية، فلقد اكتشف العلماء حدوث تغيرات كبيرة في الفؤاد (القلب) والجهاز الدوراني بجسم المحروق، منها : هبوط انقباضية الفؤاد، هبوط في جانبه الأيسر، أو في جانبه الأيمن، أو في كليهما معاً، كما تحدث تغيرات ضارة جداً في سوائل الدم وخلاياه.
وبعد، فلنعد إلى الآية الأساسية لموضوعنا الحالي، تؤكد أن اللفظة القرآنية المعجزة " نضجت " [في الآية 56من سورة النساء ] ستظل باقية على مر الزمان، وشاهد بالإشارة إلى حقيقة علمية لم يتوصل العلماء إليها سوى في العصر الحديث فقط، ألا وهي تجلط (تخثر) بروتينات النهايات العصبية في الطبقة الجلدية السفلى بفعل الحرارة الشديدة.
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن قارئاً ولا كاتباً، فكيف جاء بهذه الحقيقة العلمية، كيف به يتحدث عن خصائص الأعصاب الحسية ووظائف مراكز الحس بالألم الموجود في الجلد، إنه بلا شك رسول يتلقى الوحي من الله الخالق العظيم، وما تلقاه بلا شك كتاب عظيم هو القرآن، وحي الله الذي ختم به حلقات اتصال السماء بالأرض، ولذلك أودع فيه أسرار لن تنتهي إلى يوم القيامة .
_______________ ___
|