23-03-2008, 02:25 AM
|
| |
رد: القاص والروائي (إبراهيم) ضيف كرسي المجالس..
لقاؤنا يتَجَدَّد ـ الآن ـ مع شاعرتنا المبدعة تُقى المُرْسي وسُؤالها:
* قرأتُ لك أكثر من قصة لا تخلو من طقوس الرحيل وشعور الفقد والاغتراب... فهل كانت تلامس شيئا من واقعك خلال رحلاتك ؟
ـ أدْهَشَني هذا السؤالُ حَقّاً. لأنَّه لامَسَ جواهِرَ الأشياءِ وعصَبَ الحقيقة. وهو دلالةٌ واضحة على أنَّ قراءتَكِ لهذه النصوص كانت استشْرافاً مُضيئاً وكاشفاً لآفاقها، ونَفَاذاً شديد الحساسية والوعْي والبصيرة إلى أعماقها. هكذا هي قراءةُ المُبْدع.. تصِلُ إلى لُبِّ التَّجربةِ وتسْبُرُ أغوارَها وتَكشفُ ما اسْتَتَرَ من مُفرداتها وملامحها. الغريب حَقّاً أنَّني لم أكُن مُنتَبها لهذه السِّمة حتى فاجأني سؤالٌ مثل سؤالكِ هذا في حوار مع مجلة "الأقلام" نُشِرَ أيضاً على منتدياتها.
نعم.. تجربة الفقد والإحساس بالاغتراب تبسطُ ظِلَّها على الكثير من الأعمال القصصية التي كُتِبَتْ في زَمنِ التِّرْحالِ أو تأثُّراً بتجربة السَّفرْ. غير أنَّ هاجسَ الفقد سابقٌ لسفري بزمنٍ طويل، إنه كامنٌ باللاّشعور منذ الطفولة الباكرة التي فقدتُ فيها ثلاثةً من أحبّ الناسِ إليّ. جَدَّتي لأمّي، وخالتي التي رحلتْ في رَيْعانِ صباها أيضاً، وورْدة الصِّبا وحُلْمه الجميلْ نوالْ التي كانت تكبرني ببضعة أعوامٍ ورحلتْ أيضاً في ظروفٍ غامضة. لكنّ تجربة السَّفر ـ بأحداثها وعلاقاتها الإنسانيّة العميقة والمُتشابكة ـ كانت رافداً جديداً ضاعفَ من هذا الشعور. غير أنّ إحساس الفقد حين يمتزجُ أو يرتبطُ بالغُربة يكون حُزْناً فادحاً وألَماً مُقيماً ووجعاً لا يُطاقْ. أصْعَبُ الأشياء أن يَمُرَّ الإنسان بتجربة الفقْد وهو وحيد ومُغْتَرِبٌ وبعيدٌ عن أهله وذويه ومُحَبِّيه. للحُزن في الغربة مذاقٌ ووقْعٌ في النفسِ ووحْشَةٌ وانطفاءٌ لا يُشْبَه غيره من الأحزان. لكنّ هذه التجربة كانت هي النَّبْع الذي انبثق منه أفضل ما كتبتُ من أعمالٍ قصصية. قصة (القِطّ البَرّي) وهي إحدى قصص المجموعة القصصية (فَحْل التُّوتْ) تستَحضِرُ ذكريات الفقد الأولى في مطلع الصبا. ومعظم قصص المجموعة القصصية (مطر صيفي) تدور في فلكِ هذه التَّجربة. آخر تعديل &صدى الهمس& يوم
23-03-2008 في 05:32 PM. |