الموضوع: قصص القرآن
عرض مشاركة واحدة
#35 (permalink)  
قديم 11-10-2007, 04:22 AM
عبدالرحمن الجميعان
عضو مجالس الرويضة
عبدالرحمن الجميعان غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 1082
 تاريخ التسجيل : 28-08-2007
 فترة الأقامة : 6675 يوم
 أخر زيارة : 27-01-2008 (11:48 AM)
 العمر : 71
 المشاركات : 50 [ + ]
 التقييم : 100
 معدل التقييم : عبدالرحمن الجميعان مجتهد عبدالرحمن الجميعان مجتهد
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي رد: قصص القرآن



القصص القرآني29
جرى الحوار بعد القبول و الرفض للقربانيين، فتحركت النفس الشريرة، تريد الفتك بالنفس الطيبة، فقال لأقتلنك! هكذا، وبدون مقدمات، استخدام وتقديم أسلوب العنف مع الآخر، وهذا نهج انتهجته كثير من ا لنفوس الضعيفة، التي تظن في نفسها القوة، ولكنها قوة غاشمة، غير منضبطة بشرع، ولا بقانون، فهي تمارس البطش بمن تراه، لا تعبأ بضمير، ولا تحترم قرابة، ولا تحنو على أخوة!
نفس أمارة بسوء، صارت مسلكاً لكل من جاء بعدها، من نفوس، وقوات، وحكام، ومناهج، تمارس القتل، والعنف، والتعذيب، لمن يعارضها، أو يقف في طريقها، أو حتى يناقشها أو يطلب معها حواراً!
ولكن الأخ الآخر، لا يمد يده، ولا يقابل الإساءة بالإساءة، بل يعطي درساً رفيعاً، في السلوك الإنساني، وفي القدوة الإيمانية، وفي طهارة النفس الواعية المرتجية لثواب الله تعالى، ويبدو من كلامه، أنه يحمل نفساً شفافة، وروحاً وجلة مشفقة، وعقلاً راجحا، يضبط سلوكياته، من خلال التفكير والتعميق في السلوك قبل الإقدام!
{ ........ِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِ ينَ }
يتقبل الله من المتقين، هكذا بكل دقة، وفهم عميق للدين، والتدين، إن القضية هي قضية تقوى الله تعالى ومخافته، هي الفاصل بين من يدعي الإيمان، وبين من هو مؤمن، وإيمانه يدفعه للسلوك الصحيح، والخلق الرفيع، ولهذا، كان الإسلام أول ما يحرص عليه في سلوك المسلم، التدين بالتعامل الحسن(وإنك لعلى خلق عظيم)..و(إن الرجل ليدرك درجة الصائم القائم بحسن الخلق)..هذا هو سلوك التدين الصحيح، العفو، والصفح، والرقي في التعامل...لا السباب، والشتم، واللعن للناس، ولمن سبقنا، بل هو الرفعة في التعامل وهذا هو التدين الحق، سلوك راق مع الناس، حتى مع غير المسلمين.!
ثم قال المقتول(هابيل):
(لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّيۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَالَمِ ينَ )
ها هو يصرح وبكل ثقة و استعلاء، ولم يخف، ولم يخش، القتل، بل تسامى بخلقه، وآثر أن يقتل، على أن يدافع عن نفسه، ويقتل أخاه، أما العلة الكبرى، التي جعلت هابيل بهذا السلوك المتسامي، والرفيع، فهو سلوك(إني أخاف الله رب العالمين) ..فقط!
ثم قال القرآن:
{ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلْخَاسِرِ ينَ }
فزينت له النفس، التي يحملها أن يقتل أخاه، ولعله من المفارقات العجيبة أن يذكر القرآن نمطين من الأخوة، أخوة موسى(عليه السلام) مع أخيه هارون(عليه السلام)، وكيف أنه قال: اجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري..) وهي دعوة حصيفة تدل على حب، وخلق رفيع، وعقل راجح.
وهذا الأنموذج الآخر، لأخ يريد و يصر على قتل أخيه..وتتكرر الصورتان في الحياة...!
قتل الأخ بطريقة ما لا نعلمها، ولم يذكرها القرآن، ولكن النفس زينت، وسهلت درب الشر، فقام بقتل أخيه، وعضيده، ولكن بعد القتل، أصبح من الخاسرين....خسر نفسه، في الدنيا والآخرة، وخسر أخاه، وعضيده، وناصره....وخسر حب الناس، وثناءهم، وخسر نفسه، ولعل من أكثر الأشياء خسارة، أن يخسر الإنسان نفسه...خسرها في الآخرة، فهي في نار جهنم...خالدة تتعذب...!
ولكن يعلمنا الله تعالى –في رمزية الإنسان الأول- كيف كانوا يتعاملون مع الموتى، فلم يكونوا يعرفون الدفن، لأن هابيل أول ميت في الأرض-والله تعالى أعلم- فرحمة الله تدرك الإنسان وتعلمه، وهو علم في التاريخ لم نعلمه إلا من خلال هذا الكتاب العظيم، قال تعالى: { فَبَعَثَ ٱللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي ٱلأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـٰذَا ٱلْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلنَّادِمِ ينَ }..
بعث: فالأمر مدبر، ومقدر، من العلي العظيم الرحيم، وليس صدفة، و لا هملاً، لأنه كون مخلوق وفق حكمة، و وفق سنة إلهية عظيمة.
بعث طيراً، مخلوق يعلم الإنسان ذي العقل شيئاً يحتاجه الإنسان، لينظر ابن آدم كيف أنه لا بد أن يتعلم من مخلوقات الله الشيء الكثير، و أن يدرك أن كل المخلوقات يشكلون وحدة في نظام مختلف، تدل على وحدة الخالق، وكيف أن مصادر المعرفة عند الإنسان متعددة، يأخذها من ظواهر الكون والحياة المتعددة.
قصة عظيمة، تعلم الإنسان الشيء الكثير، وتدله على تاريخ أجداده كيف كان، دون عناء ولا جهد...ولكن من يعتبر!؟



 توقيع : عبدالرحمن الجميعان

رد مع اقتباس