الموضوع: قصص القرآن
عرض مشاركة واحدة
#33 (permalink)  
قديم 09-10-2007, 10:00 AM
عبدالرحمن الجميعان
عضو مجالس الرويضة
عبدالرحمن الجميعان غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 1082
 تاريخ التسجيل : 28-08-2007
 فترة الأقامة : 6675 يوم
 أخر زيارة : 27-01-2008 (11:48 AM)
 العمر : 71
 المشاركات : 50 [ + ]
 التقييم : 100
 معدل التقييم : عبدالرحمن الجميعان مجتهد عبدالرحمن الجميعان مجتهد
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي رد: قصص القرآن



القصص القرآني 27
منهجية القرآن المدني


نلاحظ في منهجية القصص القرآني المدني، بعض أمور قد لا تكون في المكي، منها على سبيل المثال:

1- القصة في القرآن المدني تبين حكماً شرعياً، وتعمق قيمة هذا الحكم في حياة الناس، و تؤكد مع الإثبات التاريخي، أن الانحراف عن المنهج يؤدي إلى كوارث لا نهاية لها في المجتمعات المنحرفة 2- ربط القصة بالواقع المدني الذي تعيشه الدولة آنذاك.

3- عدم التكرار وتقطيع القصة كما في القرآن المكي، بل ترد القصة مرة واحدة، في مكان واحد، دون تكرارها، أو تقطيعها وتنوعها في سور أخرى. وفق هذا التصور سنتعرض لقصة ابني آدم (قابيل وهابيل) القاتل والمقتول.

قبل هذه القصة ذكرت قصة موسى (عليه السلام) مع قومه، وهي قصة أجداد هؤلاء اليهود الذين يعيشون في المدينة مع النبي (ص) والجماعة المؤمنة، وهي قصة تؤكد قيمة المحافظة على المواثيق والعهود، وكيف أن خيانة هذه العهود ستكون وبالاً على المجتمع، وعلى المستوى الفردي كذلك.

في الآية 11 (ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل..)... فهو الميثاق، وهو العهد، الذي لم يصنه بنو إسرائيل..ثم في الآية 20 (وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين)... فهو عهد ثم نتيجة تطبيق هذا العهد، ثم أراد منهم نبيهم موسى(عليه السلام) أن يصدقوا العهد ويوفوا مع الله تعالى، ولكنهم لم يصدقوا، ولم يدخلوا الأرض المقدسة، فكانت النتيجة المروعة، أن كتب الله عليهم التيه، أربعين سنة وهم يتيهون في الأرض..!

نتيجة حتمية يضعها القرآن، ليس أمام بني إسرائيل فقط، بل أمام العالم كله، وهي سنن من سنن الله تعالى..من تخلف عن المنهج القويم، سيكون حاله هكذا، وقد يكون أشد، وتصدق هذه الأحداث على المسلمين، فقد ضاعت الأندلس، وضاعت فلسطين، وغيرها من أراض كان يملكها المسلمون...!

ثم بعد هذه القصة التي تمثل النكوص على مستوى الجماعة، و على مستوى الدولة، يأتي القرآن ليؤكد هذه الحقيقة، على مستوى الفرد، وهنا يبدو التناسق التام بين آيات القرآن، فالمائدة ذكرت الأحكام على مستوى الفرد والجماعة، وها هي القصص، تريد تأكيد حقائق الوجود، على مستوى الفرد وعلى مستوى الجماعة...إنه القرآن..الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه..!

تبدأ القصة هكذا «واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين»..

«هذه القصة تقدم نموذجا لطبيعة الشر والعدوان، ونموذجا كذلك من العدوان الصارخ الذي لا مبرر له. كما تقدم نموذجا لطبيعة الخير والسماحة، ونموذجا كذلك من الطيبة والوداعة. وتقفهما وجها لوجه، كل منهما يتصرف وفق طبيعته.. وترسم الجريمة المنكرة التي يرتكبها الشر، والعدوان الصارخ الذي يثير الضمير، ويثير الشعور بالحاجة إلى شريعة نافذة بالقصاص العادل، تكف النموذج الشرير المعتدي عن الاعتداء، وتخوفه وتردعه بالتخويف عن الإقدام على الجريمة، فإذا ارتكبها - على الرغم من ذلك - وجد الجزاء العادل، المكافىء للفعلة المنكرة. كما تصون النموذج الطيب الخير وتحفظ حرمة دمه. فمثل هذه النفوس يجب أن تعيش. وأن تصان، وأن تأمن، في ظل شريعة عادلة رادعة».

هكذا تبدأ القصة:اتل، أمر بتلاوة وقراءة هذه القصة على الموجودين آنذاك، في قصة موسى وقومه، قال (وإذ قال)، وهنا يقول (اتل)...! هناك إذ الفجائية، وهنا التلاوة والقراءة، فكأن الأمر مهم جداً، وهي قصة جديدة لم تذكر من قبل، قصة البشرية الأولى... وكيف كان فيها من وقائع محزنة، ومؤلمة، من قبل القاتل والمقتول..!

(بالحق) فالقصص كله حق لا زيادة فيه ولا نقصان، والقصة ليست من نسج الخيال، بل هي واقعة، وسيصفها القرآن كما وقعت، ولو لم يذكرها هذا الكتاب، وهو الشاهد الوحيد على التاريخ الذي لم نشهده، ولم يشهده أولئك لما عرفتها البشرية!



 توقيع : عبدالرحمن الجميعان

رد مع اقتباس