الموضوع: قصص القرآن
عرض مشاركة واحدة
#25 (permalink)  
قديم 01-10-2007, 10:20 AM
عبدالرحمن الجميعان
عضو مجالس الرويضة
عبدالرحمن الجميعان غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 1082
 تاريخ التسجيل : 28-08-2007
 فترة الأقامة : 6675 يوم
 أخر زيارة : 27-01-2008 (11:48 AM)
 العمر : 71
 المشاركات : 50 [ + ]
 التقييم : 100
 معدل التقييم : عبدالرحمن الجميعان مجتهد عبدالرحمن الجميعان مجتهد
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي رد: قصص القرآن



القصص القرآني19
فار التنور، ودلت العلامة على أن هناك حدثاً كونياً هائلاً سيحدث، فأوحى الله تعالى إلى نوح (عليه السلام) أن يحمل من كل جنس حيواني اثنين، إلى السفينة، كأن ذلك ايذان بإهلاك كل من في الأرض، وأن الطوفان والغرق سيأتي عليها كلها، وعلى كل حي، فلابد من الحفاظ على النوع الحيواني، وذلك بالأخذ بالأسباب.

(حتى إذا جاء أمرنا وفار التَّنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم)، فيبدو والله تعالى أعلم، أن الاثنان ذكر، وأنثى، من كل صنف من أصناف الحيوانات، أو غيرها، ثم اشارة إلى حمل من آمن معه، فالسفينة علامة نجاة، وهي العلامة الفارقة بين الكفر والإيمان.

تهيأت السفينة للإبحار، وركب المؤمنون ومن كل زوجين اثنين، ثم توجه نوح يقول لمن يركب، اركبوا فيها، ولم يقل اركبوا عليها، وفيها - والله تعالى أعلم - تفيد الدخول إلى داخلها، لعظم المشهد المأساوي، ومشهد الفزع والغرق الذي سيكون، ثم ليكونوا في مأمن من التأثيرات العاطفية، ومن هول البحر الهائج.

بسم الله تجري، وبسم الله ترسو، ثم قال نوح (إن ربي غفور رحيم) وهذا من أعاجيب الدعاء هنا، أن يختم الدعاء في موقف عصيب كهذا بالمغفرة والرحمة، وهذا والله تعالى أعلم، كما ألحظ، أن الموقف موقف غضب الرب عز وجل، وموقف تحطيم وتدمير وغرق للكافرين، والسفينة فوق الماء، فنحن ندعو الله الغفور الرحيم، أن يشملنا برحمته وينقذنا، وأن يغفر لنا ما أسرفنا، وما عملنا، لأننا مقبلون على أمر جلل، لا ندري ما آخره، إلا ثقتنا بربنا تعالى.

ثم يأتي مشهد الطوفان والغرق العام، وهو مشهد فظيع، صورته الآيات تصويراً بليغاً دقيقاً، كأن القارئ حاضر يشاهده، انظر واقرأ وتأمل، وتذوق هذا البيان العربي المعجز (وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بنيّ اركب معنا ولا تكن مع الكافرين قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي و غيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجوديّ وقيل بعداً للقوم الظالمين) وهي (السفينة)، (تجري)، جاء بفعل مضارع، لتعيش الحدث حاضراً، تجري، شبهها بالشيء الحي الذي يجري، جرى: مر سريعا، ثم (بهم) نوح والمؤمنين، ذكرهم هنا، ولم يتجاهلهم، وانظر إلى حروف الجر كيف تفعل فعلها الرائع في المعاني (في موج) ولم يقل القرآن على، ولا أي حرف آخر، وإنما في المفيد للظرفية، والذي يؤدي معنى من معاني احتواء الشيء، كأن تقول أنا في البيت، أي داخل البيت، فهنا في موج، كأن السفينة داخل هذا الموج العظيم، والكبير، والبحر الهائج، ولكن مع كل هذا، فهي تجري، ثم هي تجري باسم الله تعالى، اشارة الى هؤلاء الكفار، الذي يشركون مع الله بشراً، أو آلهة في تصريف الكون، فالموج كالجبال، تصوير لعلو وضخامة الموج، وأهل مكة يعرفون ما هي الجبال! وهل لك أن تتصور أمواجاً عالية كالجبال، ثم هل تتصور أن هناك سفينة تجري هذا الجريان!

إنها مع التصوير الدقيق، إلا أن السورة أريد بها إبلاس المشركين وعن الاتيان بمثل هذا الكتاب، حتى وهو يقص القصص.

ويدرك من يركب البحار، كيف تكون السفن، وكيف يكون قلب الإنسان هلعاً، كأنما يطير من مكانه.

هذا جزء من المشهد الفظيع، والمؤلم، والعظيم للطوفان الذي عم وطم الأرض، نكمله في حلقة قادمة.



 توقيع : عبدالرحمن الجميعان

رد مع اقتباس