14-09-2007, 08:10 AM
|
| |
رد: مسابقة أصحابي كالنجوم / ثمامة بن آثال / (02)
~§[[ ثمامة بن أُثال أول من دخل مكة ملبيا ]]§~
ثمامة بن أثال الحنفي ، أحد ملوك العرب ، وسيد من سادات بني
حنيفة المرموقين ، وملك من ملوك اليمامة الذين لا يُعصى لهم أمر .
~§[[ إهدار دمه ]]§~
في السنة السادسة للهجرة عزم الرسول صلى الله عليه وسلم على أن
يوسع نطاق دعوته إلى الله ، فكتب ثمانية كتب إلى ملوك العرب والعجم
وبعث بهما إلى هؤلاء الملوك يدعوهم فيها إلى الإسلام ، وكان في جملة
من كاتبهم ثمامة بن أثال رضي الله عنه >
وتلقى ثمامة رضي الله عنه رسالة النبي بالاحتقار ، والإعراض ، وأخذته
العزة بالإثم ، فأصم أذنيه عن سماع دعوة الحق والخير ، وأغراه شيطانه
بقتل النبي صلى الله عليه وسلم ، ووأد دعوته في مهدها ، فدأب يتحين
الفرص ، للقضاء على النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن خيب الله سعيه
لكن ثمامة رضي الله عنه إذا كان قد كف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
فإنه لم يكف عن أصحابه ، حيثُ جعل يتربص بهم ، حتى ظفر بعدد منهم ،
وقتلهم شر قتلة ، لذلك أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه ، وأعلن
هذا في أصحابه ، أن هذا الرجل دمه مهدور .
~§[[ وقوعه في الأسر ]]§~
عزم ثمامة بن أُثال رضي الله عنه على أداء العمرة ، على النمط الجاهلي ،
فانطلق من أرض اليمامة ، موليا وجهه شطر مكة ، وهو يمني نفسه بالطواف
حول بالكعبة ، والذبح لأصنامها ، وبينما كان ثمامة رضي الله عنه في بعض
طريقه ، قريبا من المدينة ، نزلت به نازلة ، لم تقع له في الحسبان ، ذلك
أن سرية من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تجوس خلال الديار ،
خوفا من أن يطرق المدينة طارق ، أو يريدها معتد بشر ، فأسرت السرية
ثمامة بن أثال رضي الله عنه ، وهي لا تعرفه ، وأتت به إلى المدينة ، وشدته
إلى سارية من سواري المسجد ، ولم يكن هناك يومئذ سجن ، فإذا ألقي
القبض على إنسان ، يشد إلى سارية من سواري المسجد .
وانتظروا أمر النبي صلى الله عليه وسلم في شأن هذا الأسير ، ولما خرج
النبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد ، وهم بالدخول فيه ، رأى ثمامة
رضي الله عنه مربوطا في السارية ، فقال لأصحابه :
" أتدرون من أخذتم ؟ "
قالوا : لا يا رسول الله .
قال صلى الله عليه وسلم : " هذا ثمامة بن أثال الحنفي "
ثم قال صلى الله عليه وسلم : "أحسنوا إسارَه".
ثم رجع صلى الله عليه وسلم إلى أهله ، وقال :
" اجمعوا ما كان عندكم من طعام ، وابعثوا به إلى ثمامة بن أثال " .
ليطعمه من طعام بيته ، فجمع من طعام أهله شيئا ، وأرسله إلى
ثمامة بن أثال رضي الله عنه ، ثم أمر بناقته أن تُحلب له في الغدو
والرواح ، وأن يُقدم لبنها إلى ثمامة بن أُثال رضي الله عنه .
وفي رواية اخرى لأسره
ثمامة بن أثا كان يسكن في حصن له في ارض بني حنيفة في نجد ، وفي ليلة من الليالي سمع الرسول صلى الله عليه وسلم أن ثمامة هذا يريد أن يغزو المدينة .
فقال صلى الله عليه وسلم ، فيما يروى عنه : ( بل أنا اغزوه إن شاء الله )) .
أي : قبل أن يتحرك من هناك نرسل له من يغزوه .
فأرسل له صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد في كوكبه وفي سرية .
فأخذ خالد سيفه وخيله ، ومشى بالأبطال إلى وادي بني حنيفة في نجد .
وفي إحدى الليالي قال ثمامة لزوجته : أنا لا اخرج هذه الليلة للصيد أبدا ؛ لأنه شعر بشيء .
لكن الله إذا أراد شيئا اتمه { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}(لأنفال: من الآية 17).
قال زوجته : لم ؟
قال : أتوجس ، أي : أتاني خوفا لا ادري ما سببه .
فمكث في حصنه وقصره ، والأبواب مغلقة عليه ، لكن أراد الله أن يخرجه لخالد ليأسره ويذهب به إلى المدينة ، فأرسل الله له الغزلان والظباء تلك الليلة حتى كانت تنطح باب الحصن .
فقالت زوجته وهو في ضوء القمر : عجيب أمرك كل ليلة تطارد الغزلان ، ولا تجدها ، واليوم أتت تناطح أبوابنا ، انه لمن العجز أن تتركا .
فأخذ القوس والأسهم ، وأتى وراء الغزلان، ففتح الباب ففرت الغزلان قليلا ، ففر وراءها ، فدخلت حديقة ، فدخل وراءها ، فخرج ، فخرج من الحديقة .
فلما أصبح في الصحراء ، وإذا بخالد يطوقه .
قال : من أنت ؟
قال : خالد بن الوليد ، إن كنت لا تعرفني تعرفني الليلة .
قال : ماذا جاء بك ؟
قال : سمعنا انك تريد أن تغزو يثرب ، وقد أرسلني صلى الله عليه وسلم إليك .
قال : من اكلم ؟
قال كلم رسول الله في المدينة ، فركب معه واتى به أسيرا
مشدودا . والحديث في (( الصحيحين )) ، وقال البخاري ( باب ) ربط الأسير في المسجد من حديث أبي هريرة .
فدخل خالد بهذا الأسير وربطه في سارية المسجد لثلاث مسائل :
أولها : أن هذا إهانة للأسير المشرك .
الثاني : لعله أن يرى صولة الصحابة وجولتهم، فيراهم وقد تجمعوا في المجد ، وقد اهتدوا فيهتدي .
الثالث : لعله أن يسمع الوحي والقرآن والصلاة إذا صلى صلى الله عليه وسلم فيتأثر .
فربطه في سارية المسجد .
فأتى صلى الله عليه وسلم للصلاة ، فقال : (( أسلم يا ثمامة )).
قال ثمامة : يا محمد ، إن تقتلني تقتل ذا دم ، وإن تنعم تنعم على شاكر .
يقول : إن قتلتني فإن دمي لا يضيع فأنا سيد قبيلة ، فورائي أبطال يأخذون بدمي ، وإن عفوت عني وأطلقتني فسوف تجد الجميل عندي محفوظا .
فتركه صلى الله عليه وسلم .
فكان صلى الله عليه وسلم خلال ثلاثة أيام كلما أتى إلى الصلاة قال (يا ثمامة أسلم))
فيعيد قوله .
فقال صلى الله عليه وسلم : (( أطلقوه )) .
فأطلقوه ، فذهب إلى نخلة من نخل المدينة ، فأخذ ماء فاغتسل ثم دخل المسجد ، وقال : اشهد أن لا إله إلا الله وانك رسول الله .
فقال له صلى الله عليه وسلم: (( ولماذا لم تسلم وأنت في القيد )) ؟
قال : أخشى أن تتحدث العرب إني أسلمت ذلا ؛ لأنه سيد من السادات .
قال : يا رسول الله ، إن شئت أن امنع حنطة اليمامة عن قريش فعلت .
قال : امنعها عنهم .
فذهب يعتمر ، فقال له كفار قريش : هيه ، يا ثمامة صبأت مع محمد .
قال : والله ، لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة .
فقيدوه ، فخرج من القيد ، وفر إلى اليمامة ، فضرب حظرا اقتصاديا عليهم فما وصلتهم حبة
~§[[ إسلامه ]]§~
بعد أن أكل ثمامه رضي الله عنه وشرب وشبع ، وشعر أن هذا من عند
النبي صلى الله عليه وسلم أقبل عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، يريد
أن يستدرجه إلى الإسلام ، وهذه أخلاق الأنبياء ، وقال :
" ما عندك يا ثمامة ؟ "
فقال ثمامة رضي الله عنه :
( عندي يا محمد خير ، فإن تقتل تقتل ذا دم ، وإن تنعم علي بالعفو ،
تنعم على شاكر ، وإن كنت تريد المال ، فسل تُعطَ منه ما شئت )
فتركه النبي صلى الله عليه وسلم يومين على حاله ، يؤتى له بالطعام
والشراب ، ويحمل إليه لبن الناقة ، ثم جاءه ثانية ، وقال صلى الله عليه
وسلم : " ما عندك يا ثمامة ؟ "
قال ثمامة رضي الله عنه :
( ليس عندي إلا ما قلت لك من قبل ، إن تنعم ، تنعم على شاكر
" لغى موضوع القتل " ، إن تنعم تنعم على شاكر ، وإن كنت تريد المال ،
فسل منه ما تشاء )
فتركه النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا كان في اليوم التالي ، جاءه
فقال : " ما عندك يا ثمامة ؟ "
قال عنـدي ما قلت لك :
( إن تنعم ، تنعم على شاكر ، وإن تقتل تقتل ذا دم ، وإن كنت تريد المال ،
أعطيتك منه ما تشاء )
فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم ، إلى أصحابه ، وقال :
" أطلِقوا ثمامة " وفكوا وثاقه ، وأطلقوه .
غادر ثمامة رضي الله عنه مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومضى
حتى إذا بلغ نخلا من حواشي المدينة ، قريبا من البقيع ، فيه ماء ، أناخ
راحلته عنده ، وتطهر من مائه ، فأحسن طهوره ، ثم عاد أدراجه إلى المسجد ،
فما إن بلغه ، حتى وقف على ملأ من المسلمين وقال :
( أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله )
ويتابع فيقول :
( يا محمد ، والله ما كان على ظهر الأرض وجه ، أبغض إلي من وجهك ،
ووالله يا محمد ، ما كان دين أبغض إلي من دينك ، فأصبح دينك اليوم
أحب الدين كله إلي ، ووالله يا محمـد ، ما كان بلد أبغض إلـي من بلدك ،
فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إلي )
ثم قال :
( يا محمد ، لقد كنت أصبت في أصحابك دما ، أنا قاتل ، فما الذي
توجبه علي ؟ )
فقال صلى الله عليه وسلم :
" لا تثريب عليك يا ثمامة ، فإن الإسلام يجُب ما قبله "
فانطلقت أسارير ثمامة رضي الله عنه وانفرجت وقال :
( والله يا محمد ، لأُصيبن من المشركين أضعاف ما أصبت من أصحابك ،
ولأضعن نفسي وسيفي ومن معي في نصرتك ، ونصرة دينك )
~§[[ أول من لبى ]]§~
استأذن ثمامة رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يذهب
إلى العمرة وقال :
( يا رسول الله ، إن خيلك أخذتني ، وأنا أريد العمرة ، فماذا ترى أن
أفعل ؟ )
فقال صلى الله عليه وسلم :
" امضِ لأداء عمرتك ، ولكن على شِرعة الله ورسوله "
عمرة إسلامية ، لا وثنية ، وعلمه ما يقوم به من المناسك .
ومضى ثمامة رضي الله عنه إلى غايته ، حتى إذا بلغ بطن مكة وقف
يجلجل بصوته العالي ، قائلا :
( لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمـد والنعمة لك والملك ،
لا شريك لك )
سمعت قريش صوت التلبية ، فهبت غاضبة مذعورة ، واستلت سيوفها من
أغمادها ، واتجهت نحو الصوت لتبطش بهذا الذي اقتحم عليها عرينها ،
ولما أقبل القوم على ثمامة رضي الله عنه ، رفع صوته بالتلبية وهو ينظر
إليهم بكبرياء ، فهم فتى من فتيان قريش أن يرديه بسهم ، فأخذوا على
يديه ، وقالوا :
ويحك أتعلم من هذا ، إنه ثمامة بن أثال ، ملك اليمامة ، فقتله يشعل علينا
نار حرب كبيرة ، وقال الناصح :
والله إن أصبتموه بسوء لقطع قومه عنا الميرة ، وأماتونا جوعا.
ثم اعتمر ثمامة بن أُثال رضي الله عنه على مرأى من قريش كما أمره
النبي صلى الله عليه وسلم أن يعتمر ، وذبح تقربا إلى الله ، لا للأنصاب
والأصنام ، ثم قال لقريش :
( أقسم برب البيت ، إنه لا يصل إليكم بعد عودتي إلى اليمامة حبة من قمحها ،
أو شيء من خيراتها ، حتى تتبعوا محمدا عن آخركم )
~§[[ حصار قريش ]]§~
وبالفعل مضى ثمامة رضي الله عنه إلى بلاده ، وأمر قومه أن يحبسوا الميرة
عن قريش ، فصدعوا لأمره ، واستجابوا له ، وحبسوا خيراتهم عن أهل مكة .
وأخذ الحصار الذي فرضه ثمامة رضي الله عنه على قريش ، يشتد شيئا فشيئا ،
فارتفعت الأسعار ، وفشا الجوع في الناس ، واشتد عليهم الكرب ، حتى خافوا
على أنفسهم ، وأبنائهم أن يهلكوا جوعا ، عند ذلك كتبوا إلى النبي صلى الله
عليه وسلم ، ورجوه أن يكتب إليه ، أن يفك عنهم هذا الحصار ، ، فكتب النبي
صلى الله عليه وسلم إلى ثمامة رضي الله عنه بأن يطلق لهم ميرتهم ، فأطلَقها .
~§[[ فتنة مسيلمة ]]§~
ظل ثمامة بن أُثال رضي الله عنه ما امتدت به الحياة وفيا لدينه ، حافظا لعهد
نبيه ، فلما التحق النبي صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى ، طفق العرب
يخرجون من دين الله زرافات ووحدانا .
ولما قام مسيلمة الكذاب ، في بني حنيفة ، يدعوهم إلى الإيمان به ، وقف
ثمامة رضي الله عنه في وجهه ، وقال لقومه :
( يا بني حنيفة ، إياكم وهذا الأمر المظلم ، الذي لا نور فيه ، إنه والله لشقاء
كتبه الله عز وجل على من أخذ به منكم ، وبلاء على من لم يأخذ به )
ثم قال :
( يا بني حنيفة ، إنه لا يجتمع نبيان في وقت واحد ، وإن محمدا رسول الله
لا نبي بعده ، ولا نبي يُشرك معه )
ثم انحاز بمن بقي على الإسلام ، ومضى يقاتل المرتدين جهادا في سبيل
الله ، وإعلاء لكلمته في الأرض .
هذا ثمامة بن أُثال رضي الله عنه ، جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيرا ،
وأكرمه بالجنة التي وعد بها المتقون .
وفي قصته دروس :
أولا : جواز إدخال الكافر المجد للحاجة .
الثاني : التمهل بالكافر ثلاثة أيام لعله أن يهتدي .
الثالث : التضييق على الكافر لعله أن يهتدي أو يخاف .
الرابع : استخدام أهل الوجاهات وإنزالهم منازلهم .
الخامس : الغسل للكافر .
|