عرض مشاركة واحدة
#2 (permalink)  
قديم 12-09-2007, 10:42 PM
الطبيب
عضو مجالس الرويضة
الطبيب غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 1211
 تاريخ التسجيل : 08-09-2007
 فترة الأقامة : 6116 يوم
 أخر زيارة : 31-10-2007 (05:46 PM)
 العمر : 43
 المشاركات : 8 [ + ]
 التقييم : 172
 معدل التقييم : الطبيب رائع الطبيب رائع
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي رد: مسابقة أصحابي كالنجوم / عمير بن وهب الجمحي / (01)



عمير بن وهب رضي الله عنه والذي نفسي بيده لخنزير كان أحبَّ إليَّ من عمير حين طلع علينا000ولهو اليوم أحبُّ إلي من بعض ولدي" عمر بن الخطاب

عمير بن وهب الجُمَحي كان يلقبه أهل مكة بشيطان قريش ، وبعد إسلامه أصبح حواريّ باسل من حواريِّ الإسلام لولاءه الدائم للرسول -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين000


نبذة مختصرة عنه :-

أراد عميرُ لنفسه أن يكون حجراً من أحجار النار وركنا من أركانها.. وأراد الله له أن يكون ساكناً للجنان وأحد عمارها.. أراد لنفسه أن يكون أشقى مولود وطئت قدماه أرض الله وأراد الله له أن يكون سعيداً من السعداء وليس في جملة الأشقياء.

· أنه عمير بن وهب الجمحي.. شيطان العرب.. رجلا.. محكم التقدير.. حاضر البديهة.. سريع التفكير.. حاد البصر.. مُتقد العقل.. حكيم الكلمات.. خبيراً عنه النوازل والملمات خرج مع قريش يوم بدر وكانوا في أشد الحاجة لمعرفة خبر المسلمين وعددهم.. وعدتهم وجهازهم إذ بالمعلومات تبني الخطط.. وُيحكم التدبير ولكن كيف لهم بما يريدون.. والمسلمون قد تكتموا أمرهم وأخذوا حذرهم.. وإذ بهم يلجئون إلى شيطانهم وخبيرهم وصقرهم أنطلق يا عُمير.. وُدر حول عسكر المسلمين دورتين وأرجع إلينا بما رصدته عيناك وحواه عقلك.

· وصار عمير بفرسه حول عسكر المسلمين وجال ثم رجع قائلا.. القوم ثلاثمائة رجل أو يزيدون قليلاً ولكن أنظروني.. لأرى هل للقوم مدد أم لا.. ثم ضرب بفرسه هنا.. هناك.. وأبعد عن القوم وأقترب.. ثم أتى قائلاً: ليس للقوم مدد.. ولكن يا معشر قريش رأيت البلايا تحمل المنايا تواضح يثرب تحمل السم الناقع.. قوم ليس لهم منعه إلا سيوفهم.. والله ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجلا منكم.. فإن أصابوا منكم مثل أعدادهم فما خير العيش بعد ذلك.

· وكانت كلمات ذلك الخبير العسكري الذي أحصى الجيش الإسلامي بمجرد جولات ونظرات فما أخطأت نظرته وما خاب تقديره.. كفيله بعودة الجيش القرشي حتى لو ضمنوا الانتصار.

· ولكن أبو جهل بن هشام كان يسعى إلى قدره المحتوم.. وأجله المنقضي.. ومكانه المنتظر في قليب بدر.. فحرض القوم أري القتال وحثهم عليه.. وأشعل في صدورهم.. نيران الحرب وأبرم في قلوبهم سعير الحقد والانتقام.

· فخاضت قريش تلك المعركة التي هزت كيانها وزلزلت أركانها.. وانكشف عن قتل أشرافهم واسر وجهائهم.. وعاد من بقي منهم على قيد الحياة إلى مكة لا يدري كيف يدخلها.. ولا كيف يواجه أهلها وعاد عمير بن وهب مع من عاد إلى مكة سالماً في نفسه.. ولكنه خلّف ورائه قطعة منه وبضعة من فؤاده.. إذ وقع ولده وقره عينه وهب بن عمير أسير في يثرب.

· وكان عمير يتمزق ألماً.. خوفاً على ولده وفرقاً عليه أن يأخذه المسلمون بجريرة أبيه وأن يسوموه سوء العذاب جزاء بما كان يضع عمير من إيذاء الرسول وإلحاق النكال بأصحابه.. وبينما الأيام تمضي وعمير بن وهب يزداد سعير قلبه في الاشتعال إذ جمعه لقاء مع صفوان بن أمية عند البيت وليس بينهما ثالث إلا الشيطان فطفق الرجلان يتذاكران بدراً ومصابها العظيم ويعدو أن أسراها ويذكر أن قتلاها ويتوجعان على عظماء قريش وأشرافها ممن غيبهم القليب في أعماقه فقال صفوان.. وقد تذكر مقتل أبيه ليس في العيش خير بعدهم قال عمير.. وهو يتحسر على ولده الأسير صدقت.. ثم صمت هيهه تذكر فيها كل الحوادث العظام والخطوب الجسام التي حلت بقريش من يوم أن أرسل محمد فقال.. ورب الكعبة لولا دين على ليس عندي قضاؤه وعيال عندي اخشي عليهم الضياع من بعدي لمضيت إلى محمد وقتلته وحسمت أمره وكففت شره فإن لي عنده علة أعتل بها عليه أقوال قدمت من أجل أبني هذا الأسير وما كاد عمير يتم كلماته وينهيها حتى أعتبرها صفوان غنيمة لا تعوض فاغتنمها وقال.. دينك ديني.. وعيالك عيالي.. إن قتلت محمداً.. قال عمير.. فاكتم عني شأني وشأنك.

· وقام من المسجد ونيران الحقد والضغينة تتأجج في صدره.. حتى أعمته أنه ذاهب لفناء نفسه وهلاك ولده أن هو أقدم على قتل محمد وأمر عمير بسيفه فشحذ وسقاه سماً زعافاً ودعا راحلته وأعدها وامتطي متنها وأدار ظهره عكه ميماً وجهه شطر محمد ليقتله.

· ومضى عمير بن وهب يقطع البيد والفيافي.. مضى عمير ليرتكب أعظم جناية وأبشع جرم منذ خلق الله أدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

· مضى شاهراً سيفه في وجه خالقه ومولاه مريداً يقتحم حبيبه ومصطفاه وتتسارع الملائكة.. يأرب إن عملا جاء ليقتل محمداً وهو أعلم.. وينزل أمين السماء على أمين الأرض ليخبره.

· ويمضي عمير وما يخشى أن يرتاب أحد في أمره حيث أسيره في يثرب.

· وما أن بلغ المدينة حتى يمم وجهه شطر مسجد رسول الله فلما دنا منه أناخ راحلته ونزل عنها وكان عمر بن الخطاب مع بعض أصحابه من المهاجرين والأنصار قريبا من مسجد رسول الله يتذاكرون بدراً وما أكرموا به من العلو والنصرة وما أراهم الله في أعدائهم من الذلة والمهانة والنكاية والخذلان وبينما هم على ذلك إذ انتقض عمر بن الخطاب واقفاً مذعوراً فقد رأى ما أهاله وأفزعه عمير بن وهب.. شيطان العرب.. نزل من على راحلته متوحشا سيفه ومضى إلى حيث رسول الله.. فقال عمر.. هذا الكلب عدو الله عمير بن وهب والله ما جاء إلا لشر.. فقد ألب المشركين علينا في مكة وكان عيناهم يوم بدر.. ثم قال لجلسائه.. امضوا إلى حيث رسول الله فكونوا حوله واحذروا عليه من هذا الخبيث فإنه غير مأمون, ثم سارع هو إلى حيث الرسول وقال: يا رسول الله هذا عدو الله عمير بن وهب قد جاء متوحشا سيفه وما أظنه يريد إلا شراً, قال النبي: (أدخله يا عمر), فأقبل عمر على عمير وأخذ بتلابيبه وطوق عنقه بحماله سيفه ومضى به نحو رسول الله فلما دخلوا عليه قال صلى الله عليه وسلم: (أطلقه يا عمر.. أدن يا عمير قدنا عمير), ثم قال: أنعموا صباحاً, قال النبي: (قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير.. أكرمنا بالسلام تحية أهل الجنة), قال عمير.. والله ما أنت ببعيد عنها وإنك بها لحديث عهد, قال صلى الله عليه وسلم: (فما الذي جاء بك يا عمير), قال: أسيري, قال: (فما بال السيف في عنقك), قال: تبحها الله من سيوف وهل أغنت عنا يوما بدر, قال صلى الله عليه وسلم: (أصدقني يا عمير), قال: ما جئت إلا لذاك قال صلى الله عليه وسلم: (بل قعدت وصفوان بن أميه عند الحجر فتذكرتما أصحاب القليب من صرعى قريش.. ثم قلت لولا دين علي وعيال عندي لقتلت محمداً), وما كادت كلمات النبي تنزل كالصواعق على قلب عمير فتهزه هزاً عنيفاً حتى أتمّ النبي صلى الله عليه وسلم كلماته قائلاً: (فتحمل صفوان دينك وعيالك على أن تقتلني والله حائل بينك وبيني), وما أن أنتهي صلى الله عليه وسلم حتى كانت الكلمات المباركات قد غسلت كل حقد في قلبه وأزالت كل شك في صدره وزلزلت كل ركن من أركان فؤاده فكأنما استفاق من غفوة طالت سنوات وزالت عن عينه غشاوة ظلت فترات وفترات فصاح.. أشهد أنك لرسول الله.. لقد كنا نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء وما ينزل عليك من الوحي ولكن خبري مع صفوان لم يعلم به احد إلا أنا وهو فو الله ما أنباك به إلا الله فالحمد لله الذي ساقني إلى الإسلام سوقاً وهداني إليك فقال النبي: (فقهوا أخاكم في الدين وأقرؤه القرآن وأطلقوا له أسيره), وعمت السعادة جموع المسلمين وفرحوا بعمير فرحاً شديدا.. وحتى قال عمر بن الخطاب: لخنزير كان أحب إلى من عمير بن وهب حين قدم على رسول الله ليقتله.. وهو اليوم أحب إليّ من بعض أبنائي.

· وبينما عمير يزكي نفسه بالإسلام وينهل من هذا المعين العزب ويرتوي من هذا النهر الفياض ويترع فؤاده بنور القرآن كان صفوان بن أمية في مكة يمشي مختالاً ويجلس في نواديها فرحاً محبوراً ويقول: غداً يأتيكم من يثرب نبأ ينسيكم بدراً و مصابها.

· وظلت الأيام على ذلك وطال انتظار صفوان وغدا يتقلب على أوقات هي أحد من الجمرات وطفق يسال الركبان ألم يحدث في المدين أمراً؟, أليس عن عمير بن وهب خيراً؟.. وفي كل مره يسمع مالا يشفي له غليل وهو في المدينة يتفقه في الدين ويتعلم القرآن ودارت الأرض بصفوان ومادت من تحت قدميه فما كان يظن أن عميرا يسلم ولو أسلم من في الأرض جميعاً.. أما عمير بن وهب فقال يا رسول الله إني كنت جاهداً على إطفاء نورا الله.. شديد الأذى لمن كان دين الله عز وجل وأني أحب أن تأذن لي فأقدم مكة فأدعوهم إلى الله تعالى وإلى رسوله وإلى الإسلام لعل الله يهديهم وإلا أذيتهم في دينهم كما كنت أوذي أصحابك في دينهم فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم وجهر عمير راحلته وانطلق قاصداً مكة بوجه غير الذي آتى به.

· وحق للصحراء التي يجتازها عمير أن تتعجب.. أهذا المطمئن بالله المحب لرسول الله هو الذي كان بالأمس القريب حقوداً كارهاً مضطرباً.. أهذا الذي يلهث بذكر الله هو الذي كان بالأمس يلهث لقتل محمداً.. أهذا الذي تحفه الملائكة هو الذي كان بالأمس تحيطه الشياطين وتحضه.. أهذا الذي تدعو الرمال له هو الذي كان بالأمس تلعنه.. أهذا القلب الأبيض الوضاء هو الذي كان بالأمس القريب أسوداً مرتادا.

· إي ورب الكعبة إنه هو.. عمير بن وهب الجمحي الذي أراد.. وأراد الله.. فكأن ما أراد الله ودخل عمير مكة وكان رجلاً ذو هيبة ومنعة وكان معه قرآن يهدي وسيف ينصر ويمنع.. فلم يدع موطناً جلس فيه بالكفر إلا وجلس فيه داعياً للإسلام حتى أسلم على يديه خلق كثير أما صديق الأمس صفوان فقد دعاه إلى الله مره تلو مرة وكان صفوان يعرض وينأى حتى كان يوم الفتح الأكبر.. فر صفوان إلى البحر هائماً على وجهه قاصداً فراراً لا رجوع منه.

· وانطلق عمير بن وهب إلى رسول الله الكريم وقال يا رسول الله إنك قد أمنت الأحمر والأسود وإن صفوان بن أمية سيد قومه قد خرج هارباً منك ليقذف نفسه في البحر.. فأمنه يا رسول الله, قال صلى الله عليه وسلم: (أدرك بن عمك فهو أمن), قال يا رسول.. فأعطني آية يعرف بها أمانك فأعطاه عمامته التي دخل بها مكة.. فخرج عمير يسابق الساعات حتى سبقها وأدرك عند البحر صفوان فناداه قبل أن يركب.. فداك أبي وأمي يا صفوان الله.. الله في نفسك لا تهلكها.. هذا أمان رسول الله قد جئتك به.. قال صفوان: أغرب عني فلا تكلمني.. قال: مهلاً يا صفوان.. فإن رسول الله أفضل الناس وأبر الناس وأحلم الناس وخير الناس عزه عزك.. وشرفه شرفك.. قال: إني أخاف على نفسي.. قال: هو أحلم من ذلك وأكرم.

· فرجع عمير بصفوان حتى وقف به على رسول الله فناداه صفوان على رؤوس الناس: يا محمد.. إن هذا قد جاءني بعمامتك وزعم أنك أمنتني, قال صلى الله عليه وسلم: (صدق), قال: فاجعلني بالخيار شهرين, قال صلى الله عليه وسلم: (أنت بالخيار أربعة أشهر), وشهد صفوان حنيناً والطائف وهو على كفره.. أعطاه النبي من غنائم حنين عطاء من لا يخشى الفقر حتى قال صفوان والله ما تجود بهذا إلا نفس نبي وأسلم صفوان ووضع نفسه وأعماله في ميزان عمير بن وهب رضي الله عنه وأرضاه وظل عمير داعياً إلى الله.. مؤثراً رسوله على نفسه وولده.. وظل على الطريق القويم حتى رحيل نبيه إلى الرفيق الأعلى.. إلى أن تمدد رضي الله عنه على فراش الموت وفاضت روحه إلى بارئها.. أمنة مطمئنة.. فلله درك يا عمير.. كم من نفوس على يديك هديت.. وكم من نسمات في ميزانك وضعت.



 توقيع : الطبيب

رد مع اقتباس