الكتاب كثر والشعراء قلّة ...!\ صحيفة الحقائق
 

بلال المصري

شاعر لبناني

bs_masri@hotmai l.com

10/14/2006


الكتاب كثر والشعراء قلّة ...!



دائماً هنالك أسئلة حول مستقبل الشعر, وأساله حول هذه الأسئلة, ومما لا شك فيه أن غالبية المهتمين ونقاد, متوافقين على ان دور وحضور الشعر, تراجع ويكاد يصح القول أيضاً أن عدد قراء الشعر انحسر في كتابه و ذهب بعض النقاد والمهتمين, لاطلاق دعوة للعزاء بالقصيدة.طبعاً ليس بأمكان أحد الانكار, أن تراجع القصيدة وقفول نجمها مشكلة تمس جميع الثقافات في العالم, لكن ما يجعل تراجع دور القصيدة في العالم العربي مشكلة عقيمة يصعب حلها, حيث أن القاتل هنا هو ابو القتيله.

اذا جاز لنا أن نلقي الضوء على حال القصيدة, من خلال الحديث عن نتاجات شعرية شابة,لا ليكون هذا الاسم او ذاك, كبش محرقة لأن المحرقة عاجلاً أم آجلاً , ستحول الجميع الى رماد في عيون القارىء اذا مستمرت القصيدة على حالها اليوم, وفي كل الاحوال القارىء العربي, أنصرف عن قرءة القصيدة , حيث أن معظم الكتابات الشعرية الشابة, جاءت على نسق واحد, بعضها يشبه بعضها الأخر, وليس بالامكان التميز بين قصيدة وأخرى, الا من حيث أن هنالك تجارب مليئة بالمجانية والتعمية, مجرد تمتمات وطلاسم وليس في قولنا هذا افتراء على أحد, خصوصا أن هنالك من يقول أن قصائدهم لا يهم أن يفهمها الآخر, ونتساءل اذا كان الشعر في أنفسنا, لماذا نكتبه لأنفسنا, أما من حيث بنية قصيدتهم وشكلها فبدت أشبه بنسخ ومسخ وستنساخ لتجارب عن القصيدة الغربية, فتشعر وانت تقرأ تلك القصائد كأنك تقرأ شعراً يشبه القصائد المترجمه من حيث البنية واللغة، ومن ناحية أخرى هنالك تجارب شعرية شابة اقرب الى الخطاب السياسي منه الى اللغة الشعرية وذلك في سياق ما يكتب عن القصيدة الملتزمة التى تحولت الى قصيدة للمهرجانات والهرج والمرج ولنقر ان خطيئة هئولاء الشعراء كبيرة جداً اذ انهم يحاولون تسلق قمم الشهرة على حساب قضاياهم دون اي دلالة شعرية حقيقية.

رومنسية السقوط

ناظم السيد, شاعر من لبنان له العديد من الأصدارات, آخرها كتابه "العين الأخيرة" الصادر 2003عن دار مختارة."العين الاخير" نص طويل في الشكل, قصير بما اراد تقديمه في المقترح والمضمون , اذ يحاول السيد التأكيد على ان الشعر لم يعد بأمكانه ان يكون معبر عن القضايا الكبيرة ولا مرتبط بهموم الناس الأساسية .يغرق في الذاتية وفي مدحها عبر سرد تفاصيل وستعادة ذكرايات, فيبدوكتابه" العين الأخيرة" مدونة مذكراتللأنني أحبك كارجل/ وكالوطي / وكسحاقية/ ولانني كنت أخلص لنساء لا اعرفهن ...., "العين الأخيرة "صور أروتكية بالغة المراهقين الذين يردون اثبات شاعريه بركوب موجة تيار ثقافي ناشط اليوم يروج لمثل هذه الكتابات التى لا تمت للقضايا التى هيا عماد الأدب الملتزم, على كل حال كتاب السيد الأخير يذكرني بقول الكاتب الروسي مكسيم غوركي " قرأت كتبا ًرديئة لا تحصى لكنها كانت نافعة فالسيئ في الحياة, كما الجيد يجب أن يعرف."

شعارات رنانة

رهيف حسون شاعر من لبنان, له ايضا اكثر من مجموعة شعرية صدر له مأخراً " تابوت الشرق"الذي يرفع به الصوت عالياً صوت الثورة, الشعارات ولكن دون اي فنية حقيقية فكانت النصوصه تقررية وانشائية " لك الله يا فلوجة الاحرار" هذه هي الصيحة التى يمكن ان تصورة تجربة حسون ولكن هاكذا فن لا يصنع شعراً ولا يخدم قضية , فالشعراء الحقيقيون, لم يستغلوا قضايا شعوبهم, بل تركوها تستغلهم الى اقصي الحدود.بأمكاننا القول ان تجربة حسون, هي جزء صغيرمن كبير من النتاجات المماثله لهذا التجربة والتى تحاول البروز على حساب القضايا الكبرى وخاصة قضية فلسطين ولكن شعوبنا بحاجة الى فن يسمو بها وتسمو به.

الحيرة

الشاعر غسان جواد له مجموعتين شعريتين الأوله "وأنا ظلك" الصادرة عام 1997 والثانية " تمرين على الاختفاء " الصادر عام 2004 عن دار مختارات .اللفت في تجربة جواد انكاره لمجموعته الاولة والتى تنتمي الى ما يمكن ان نسميه الادب الملتزم وذلك لصالح كتابه " تمرين على الاختفاء" الذي يدخل ضمن أطار آخر.قد تكون تجربة جواد الاولة غير ناضجة تماماً ولكن لا يمكن ان نرى" تمرين على الا ختفاء" سوى انها امتداد لغوي وفكري للمجموعته الاولة وان اختلفت المفاهيم وتسعت الرؤيا , لا اعرف لماذا يتخذ جواد هذا الموقف من نفسه ومن مجموعته "وانا ظلك" التى اقل ما يمكن ان يقال عنها ,انها انطلاقة شاعر وبدى ذلك واضحا في" تمرين على الاختفاء" التى وعلى بساطة لغتها وصورها المتبعثره الا انها تقدم مقترحاً شعريا ناضجا الى حد بعيد .كان كثيراً ما كان, وما حيث أنا / وما سيغذي مع الهواء/ تاركاً رأسي يتحاور / مع السلال المرمية فيالآبار /وأصوات الطيور المجروحة.

ربما واقع الحياة الثقافية ,التى تفرض نفسها اليوم وتفرض مفاهيمها ومقايسها, هي التى دفعة جواد لمحاولة واقعية للاختفاء .ولكن هذا يذكرنا بما قاله الدكتور فيصل دراج: أن الاقتراب من انتصار فكر في واقع مهزوم يشي بضحك أسود وبضحك جدير بالرثاء ,لان الفكر المنتصر في واقع مهزوم لم يظفر الابفضل الواقع المهزوم أو لأنه ساهم في خلق الهزيمة وتكريثها".وبعد هذا العرض لواقع حال الشعر, من خلال هذه التجارب الشعرية الشابة, وجدنا من يتطرف يساراً ويمينا واخر حائرا بينهما, ذلك على حساب الشعر, الذي يهجره قرائه متململين و بين أولئك وهؤلاء ثمة شعراء حقيقين, لكن في ظل كثرة الكتاب سيكون العثور عليهم اشبه بمن يبحث عن ابرة في كومة من القش ,خصوصا ان معظم النقاد والمهتمين منشغلين بالعزاء بالقصيدة تمهيداً لحمل الشعر بخفة الى مثواه الأخير محمولاً على أكتاف كتاب كثر يصح براينا ان نسميهم جنود العدم.

وأخيراً نستنكر السؤال الذي يطرح دائماً هل بأمكان الشعر, ان يواكب الحدث السياسي وان يعبر عن القضايا الكبرى وادلجة ذلك, ام أن الشعر لا يحتمل ولا صلة له بقضايا الناس, على كل حال هذه الأسئلة الشائعة ساذجة, لأن الشعر يجد نفسه في السياسة وفي القضايا الكبرى ودونهما، ربما لأن الشعر هو الحيرة.





http://www.alhaqaeq.net/defaultch.as...rticleid=61717

وأخيراً نستنكر السؤال الذي يطرح دائماً هل بأمكان الشعر, ان يواكب الحدث السياسي وان يعبر عن القضايا الكبرى وادلجة ذلك, ام أن الشعر لا يحتمل ولا صلة له بقضايا الناس, على كل حال هذه الأسئلة الشائعة ساذجة, لأن الشعر يجد نفسه في السياسة وفي القضايا الكبرى ودونهما، ربما لأن الشعر هو الحيرة.


احسنت . . كلامك عين الصواب


اخي بلال بارك الله فيك ووفقك لما تحب