مجالس الرويضة لكل العرب - أعطني زلزالاً أعطيك قصيدة

أعطني زلزالاً أعطيك قصيدة

1

في آخر الليل
أقول لقلمي هامساً:
إذا كان قنديل شعركَ
لا يضيء إلا بدم شهيد ٍ جديدْ
فلتشل يدك, ولتعمَ
لتعش الناس ولتمت القصائدْ

هذه الأبيات للشاعر الكردي الكبير , شيركو بيكة, فلو قارنا بين إنسانية هذا النص وبين الكم الهائل من شعرنا العربي المدجج بالعظام والجماجم , مع الأخذ بعين الاعتبار التطابق والتماثل بين الوضع العام لشعب هذا الشاعر الكردي وشعبتا العربي عامة , والفلسطيني خاصة, فكأن شاعرنا العربي لا يكون ملتزماً بقضايا أمته إلا إذا غمس قلمه بمحبرة من دم الشهداء , ولن يكون قومياَ إلا إذا جعل جماجم القتلى مفتتحاً لنصه الشعري, ولن يكون وطنياً إلا إذا زيّن صوره الشعرية بأحداق عيون من سقطوا في ساحات المجد.
كم هو مؤلم أن نجعل من دم الشهداء وقوداً في خزانات عرباتنا الشعرية, أو نصبه زيتاً في سراج ليلنا العربي الطويل, وعلى ضوء ذبالته ننسخ عنترياتنا الشعرية!!
ومن المضحك أننا ما زلنا نعتقد بما يسمى بالوحي الشعري, مع أن الوحي بحاجة لأنبياء وليس لشعراء أغلبهم عمال مياومة في بلاط الحاكم العربي, وهذا الوحي لا يطرق باب الشاعر إلا بعد مصيبة أقلها الطوفان,
كم من الشعراء يفسرون عجزهم الشعري بانعدام الزلازل والبراكين وتسونامي , حتى أصبحوا يعلقون مطولاتهم الشعرية بقرون استشعارهم الصدئة, ولا ينزلونها على الأرض إلا بعد أن تأتي الحمامة وفي منقارها غصن زيتون يبشر بانتهاء الطوفان.

(2)

أجمل القصائد
هي التي لم نكتبها بعد

لم يقل شاعر تركيا الكبير ناظم حكمت هذا البيت الشعري في بداية حياته الشعرية, لكنه قاله بعد أن أصبح من كبار شعراء العالم , وقد ردده الكثير من الكبار, خاصة إذا سُئلوا عن أجمل قصائدهم التي كتبوها, حتى أصبح هذا البيت لجاماً ذهبياً يحبس فيه كبار الشعراء المتواضعين ألسنتهم.
وبعد, ماذا يقول شعراء الصالونات المخملية في بلادنا العربية !
هل ما زالت قصائد غرف النوم أجمل ما قيل من شعر الانتفاضة!
يتبجحون بهذا وهم لم يلمسوا حجراً قط إلا بواسطة منديل ورقي من النوع الفاخر.

(3)

قال الرسام المخملي للشاعر الكادح في حقول الشعر: بأعماقي مرجل وطني يغلي, ولكني لا أستطيع أن أعبّر عن هذا بالرسم!
فرد عليه الشاعر الكادح في حقول الشعر: أن كنت وطنياً حقاً, فهذا يتجلى حتى ولو رست وردة أو غصن لوز مزهر, أما أن كنت مدعياً فسيظهر هذا الزيف حتى لو تفوقت في لوحتك على لوحة (جيرنيكا) لبابلو بيكاسو.

من هنــــــــا