مجالس الرويضة لكل العرب

مجالس الرويضة لكل العرب (http://www.rwwwr.com/vb/httb:www.rwwwr.com.php)
-   روحانيات (http://www.rwwwr.com/vb/f5.html)
-   -   مسابقة أصحابي كالنجوم / ربيعة بن كعب / (08) (http://www.rwwwr.com/vb/t8752.html)

محمد 19-09-2007 10:10 PM

مسابقة أصحابي كالنجوم / ربيعة بن كعب / (08)
 




ربيعة بن كعب

ربيعة بن كعب صحابي جليل كان يرعى الغنم و يقيم في بني أسلم بالقرب من المدينة المنورة
سمع ربيعة بن كعب رضي الله عنه هو وغيره بقدوم رسول الله صلى الله
عليه وسلم للمدينة

وسمع عن صدقه وأمانته و حب أصحابه له فما كان منه إلا أن ترك غنماته وذهب ليرى هذا الرجل الذي سمع عنه
قدم المدينة ورأى الرسول صلى الله عليه وسلم وآمن به وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
ثم عاد راعي الغنم بعد ذلك إلى أهله
عاد ولكنه لم يعد
يحكي ربيعة رضي الله عنه ذلك قائلا :
كنت فتى حديث السن لما أشرقت نفسي بالإيمان ، وامتلأ فؤادي بمعاني
الإسلام ولما اكتحلت عيناي بمرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أول
مرة أحببته حبا ملأ علي كل جارحة من جوارحي وأولعت به ولعا صرفني
عن كل ما عداه
ثم ما لبثت أن عرضت نفسي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورجوت أن يقبلني في خدمته فلم يخيب رجائي ، ورضي بي أن أكون خادما له ، فصرت من ذلك اليوم ألزم للنبي الكريم من ظله ، أسير معه أينما سار وأدور في فلكه كيفما دار فما رام بطرفه مرة نحوي إلا مثلت واقفا بين يديه وما تشوف النبي عليه الصلاة والسلام لحاجة من حاجاته إلا وجدني مسرعا في قضائها وكنت أخدمه نهاره كله فإذا انقضى النهار وصلى العشاء الآخرة وأوى إلى بيته أهم بالانصراف لكني ما ألبث أن أقول في نفسي :إلى أين تمضي يا ربيعة ؟
هل لك مكان أجمل من هذا المكان ؟
أو موقف أشرف من هذا الموقف إلى أين تمضي ؟
فلعلها تعرض للنبي عليه الصلاة والسلام حاجة في الليل فأجلس على بابه ،ولا أتحول عن عتبة بيته
قال ربيعة بن كعب رضي الله عنه :
أحب النبي أن يجازيني على خدمتي له فأقبل علي ذات يوم وقال :
" يا ربيعة بن كعب "
قلت : لبيك يا رسول الله ، وسعديك
قال : " سلني شيئا أعطِه لك أنت خدمتنا ، اطلب مني حاجة "
فترويت قليلا ، ثم قلت :أمهلني يا رسول الله لأنظر فيما أطلبه منك ، ثم أعلمك فقال عليه الصلاة والسلام : " لا بأس عليك "
وكنت يومئذ شابا فقيرا لا أهل لي ولا مال ولا سكن ، وإنما كنت آوي إلى صفة المسجد ، وكان الناس يدعوننا بضيوف الإسلام ، فإذا أتى أحد المسلمين بصدقة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعث بها كلها إلينا ، لأن النبي صلى الله
عليه وسلم لا يأكل الصدقة أبدا ،أما الهدية فيأكل منها ، ويهدي بعضها ، ثم جئت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال لي :
" ما تقول يا ربيعة ؟ "
قلت : يا رسول الله أسألك أن تدعو لي الله سبحانه وتعالى أن يجعلني رفيقا لك
في الجنة فقال صلى الله عليه وسلم : " من أوصاك بذلك ؟ "
قلت : لا ، والله ما أوصاني به أحد ، ولكنك حينما قلت لي :
سلني أعطك ، حدثتني نفسي أن أسألك شيئا من خير الدنيا ، ثم ما لبثت أن هديت
إلى إيثار الباقية على الفانية ، فسألتك أن تدعو الله لي أن أكون رفيقك في الجنة ،
فصمت النبي صلى الله عليه وسلم طويلا ، ثم قال :
" أَو غير ذلك يا ربيعة ؟ "
قلت : لا يا رسول الله ، فما أعدل بما سألتك شيئا ، ما أريد إلا الذي سألتك
فصمت رسول الله طويلا ثم قال لي :
) إني فاعل فأعني على نفسك بكثرة السجود (

رحم الله ربيعة ورضي عنه

ننتظر أقلامك لمتابعة السيرة الذكية




http://mkaraty.jeeran.com/wad.gif

عاشق الورد



محمد 19-09-2007 10:19 PM

رد: مسابقة أصحابي كالنجوم / ربيعة بن كعب / (08)
 
~*¤©§( ربيعة بن كعب صاحب الهمة العالية )§©¤*~

ربيعة بن كعب هو رجل بسيط ، كان يرعى الغنم في بادئ أمره ،

همته وأعلى طموحاته شاة يقودها ، ومرعى خصبا ترعى فيه ،

كان يقيم في بني أسلم بالقرب من المدينة النبوية مع والديه .



~*¤©§( إسلامه )§©¤*~

سمع ربيعة بن كعب رضي الله عنه هو وغيره بقدوم رسول الله صلى الله

عليه وسلم للمدينة ، وسمع عن صدقه وأمانته ، و حب أصحابه له ، فما كان

منه إلا أن ترك غنيماته وذهب ليرى هذا الرجل الذي سمع عنه .

وهناك في المدينة النبوية كانت النقلة الكبرى التي قدرها الله تعالى لهذا الرجل ،

كانت النقلة التي غيرت كعب رضي الله عنه ، قدم المدينة ورأى الرسول

صلى الله عليه وسلم وآمن به وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .

ثم عاد راعي الغنم بعد ذلك إلى أهله ، عاد ولكنه لم يعد ، نعم لقد عاد بجسده

ولم يعد بفكره ومشاعره لقد كان جسده في بني أسلم وقلبه في المدينة النبوية ،

هذه المشاعر الإيمانية قادته رضي الله عنه للعودة للمدينة ، فبعد وقت غير

طويل من اللقاء الأول مع رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذن رضي الله

عنه والديه ليسكن المدينة قرب الرسول صلى الله عليه وسلم .

فوصل المدينة ، وقابله النبي صلى الله عليه وسلم بالبشر الذي قابله به

أول مرة ، وعرفه النبي صلى الله عليه وسلم فزاد فرح كعب رضي الله عنه ،

ولكن فقره وقلة ما في يده جعله مع أهل الصفة.



~*¤©§( خدمته للنبي )§©¤*~

ثم جاءت النقلة الأخرى لهذا الصحابي الجليل رضي الله عنه إنها النقلة الحقيقية ،

فلقد قاده حبه للنبي صلى الله عليه وسلم لطلب عظيم لقد طلب أن يكون خادما

للنبي صلى الله عليه وسلم ، فذو الهمة العالية رضي الله عنه كان خادما ،

لكنه خادما لأعظم من وطأت رجله الثرى ، لأعظم البشر ، ولقد تشرف جمع

من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بخدمته .

لقد قادتهم تلك الخدمة المباركة للقرب من النبي صلى الله عليه وسلم ومعرفة

جملة من أحواله وأخلاقه وسننه ، لقد انتفعوا رضي الله عنهم من النبي علما

جما ، و يحكي ربيعة رضي الله عنه ذلك قائلا :

( كنت فتى حديث السن لما أشرقت نفسي بالإيمان ، وامتلأ فؤادي بمعاني

الإسلام ، ولما اكتحلت عيناي بمرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أول

مرة أحببته حبا ملأ علي كل جارحة من جوارحي ، وأولعت به ولعا صرفني

عن كل ما عداه ، فقلت في نفسي ذات يوم :

ويحك يا ربيعة لم لا تجرد نفسك لخدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

اعرض نفسك عليه فإن رضي بك سعدت بقربه وفزت بحبه وحظيت بخيري

الدنيا والآخرة .

ثم ما لبثت أن عرضت نفسي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورجوت أن

يقبلني في خدمته فلم يخيب رجائي ، ورضي بي أن أكون خادما له ، فصرت منذ

ذلك فصرت من ذلك اليوم ألزم للنبي الكريم من ظله ، أسير معه أينما سار ، وأدور

في فلكه كيفما دار ، فما رام بطرفه مرة نحوي إلا مثلت واقفا بين يديه ، وما تشوف

النبي عليه الصلاة والسلام لحاجة من حاجاته إلا وجدني مسرعا في قضائها ، وكنت

أخدمه نهاره كله ، فإذا انقضى النهار وصلى العشاء الآخرة ، وأوى إلى بيته ،

أهم بالانصراف ، لكني ما ألبث أن أقول في نفسي :

إلى أين تمضي يا ربيعة ؟

هل لك مكان أجمل من هذا المكان ؟

أو موقف أشرف من هذا الموقف ؟ إلى أين تمضي ؟

فلعلها تعرض للنبي عليه الصلاة والسلام حاجة في الليل فأجلس على بابه ،

ولا أتحول عن عتبة بيته .



~*¤©§( همة تناطح الجبال )§©¤*~

قال ربيعة بن كعب رضي الله عنه :

( أحب النبي أن يجازيني على خدمتي له ، فأقبل علي ذات يوم ، وقال :

" يا ربيعة بن كعب "

قلت : لبيك يا رسول الله ، وسعديك

قال : " سلني شيئا أعطِه لك أنت خدمتنا ، اطلب مني حاجة "

فترويت قليلا ، ثم قلت :

أمهلني يا رسول الله لأنظر فيما أطلبه منك ، ثم أعلمك

فقال عليه الصلاة والسلام : " لا بأس عليك "

وكنت يومئذ شابا فقيرا لا أهل لي ولا مال ولا سكن ، وإنما كنت آوي إلى

صفة المسجد ، وكان الناس يدعوننا بضيوف الإسلام ، فإذا أتى أحد المسلمين

بصدقة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعث بها كلها إلينا ، لأن النبي صلى الله

عليه وسلم لا يأكل الصدقة أبدا ،أما الهدية فيأكل منها ، ويهدي بعضها ، فحدثتني

نفسي أن أطلب من النبي صلى الله عليه وسلم من خير الدنيا ، يزوجني ، وأطلب

بيتا ، وأغتني به من فقر ، وأغدو كالآخرين ذا مال وزوج وولد ، لكني ما لبثت

أن قلت :

تبا لك يا ربيعة بن كعب ، إن الدنيا زائلة فانية ، وإن لك فيها رزقا كفله الله عزوجل ،

فلا بد أن يأتيك ، والنبي صلى الله عليه وسلم له منزلة عند ربه ، فلا يرد معها طلب ،

فاطلب منه أن يسأل الله لك من فضل الآخرة ، الدنيا لا قيمة لها ، فطابت نفسي بذلك ،

واستراحت له ، ثم جئت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال لي :

" ما تقول يا ربيعة ؟ "

قلت : يا رسول الله أسألك أن تدعو لي الله سبحانه وتعالى أن يجعلني رفيقا لك

في الجنة

فقال صلى الله عليه وسلم : " من أوصاك بذلك ؟ "

قلت : لا ، والله ما أوصاني به أحد ، ولكنك حينما قلت لي :

سلني أعطك ، حدثتني نفسي أن أسألك شيئا من خير الدنيا ، ثم ما لبثت أن هديت

إلى إيثار الباقية على الفانية ، فسألتك أن تدعو الله لي أن أكون رفيقك في الجنة ،

فصمت النبي صلى الله عليه وسلم طويلا ، ثم قال :

" أَو غير ذلك يا ربيعة ؟ "

قلت : لا يا رسول الله ، فما أعدل بما سألتك شيئا ، ما أريد إلا الذي سألتك .

فصمت رسول الله طويلا ثم قال لي :

" إني فاعل فأعني على نفسك بكثرة السجود " )

الله أكبر .. إن الهمم لتصغر أمام هذه الهمة الرفيعة لم يرد ربيعة بن كعب الأسلمي

رضي الله عنه الجنة فحسب ..

بل أراد أعلى منزلة فيها لقد أراد رضي الله عنه مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم

لقد أراد رضي الله عنه شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم

لقد أراد رضي الله عنه العتق من النار .

إنها همة تناطح الجبال وعزيمة تريد أن تصل إلى المنال .



~*¤©§( زواجه )§©¤*~

بقي ربيعة رضي الله عنه ملازما للنبي صلى الله عليه وسلم لايريد أن يشغله

أحد عن هذا الشرف العظيم ، حتى أنه رضي الله عنه لم يفكر أن يتزوج لنفس

هذا السبب ، لكن رسول الله فطن لهذا الأمر واهتم له ، ودعونا نستمع إلى قصة

زواج ربيعة رضي الله عنه كما يرويها :

( لم يمض على ذلك وقت طويل حتى ناداني رسول الله عليه وسلم

و قال : " يا ربيعة ، ألا تتزوج ؟ "

قلت : لا أحب أن يشغلني شيء عن خدمتك يا رسول الله ، ثم إنه ليس لي ما أمهر

به الزوجة .

فسكت صلى الله عليه وسلم ثم رآني ثانية ، فقال :

" يا ربيعة ألا تتزوج "

فأجبته بمثل ما قلت له في المرة السابقة ، لكني ما إن خلوت إلى نفسي حتى ندمت

على ما كان مني ، وقلت :

ويحك يا ربيعة ، فو الله إن النبي لأعلم منك يا ربيعة بما هو أصلح لك في دينك

ودنياك ، وأَعرف منك بما عندك ، والله لأن دعاني النبي صلى الله عليه وسلم بعد

هذه المرة للزواج لأجيبنه ، ثم لم يمض على ذلك طويل وقت حتى قال لي النبي

صلى الله عليه وسلم : " يا ربيعة ، ألا تتزوج "

للمرة الثالثة ، قلت :

بلى يا رسول الله ، أريد أن أتزوج ، ولكن من يزوجني وأنا كما تعلم ؟

فقال :

" انطلق إلى آل فلان ، وقل لهم : إن رسول الله يأمركم أن تزوجوني فتاتكم فلانة "

فأتيتهم على استحياء ، فهل من المعقول أن يزوجوني وأنا لا أملك شيئا ؟

وقلت لهم :

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلني إليكم لتزوجوني فتاتكم فلانة .

قالوا : فلانة !

ويبدو أنها على مستوى رفيع جدا ، قلت :

نعم على استحياء

قالوا : مرحبا برسول الله ، ومرحبا برسول رسول الله ، والله لا يرجع رسولُ

رسول الله إلا بحاجته ، وعقدوا لي عليها ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم ،

قلت له : يا رسول الله ، لقد جئت من عند خير بيت ، وزوجوني ، وعقدوا لي

على ابنتهم ، فمِن أين آتيهم بالمهر يا رسول الله ؟

فاستدعى النبي صلى الله عليه وسلم بريدة بن الحصيب ، وكان سيدا من سادات

بني أسلم ، وقال له : " يا بريدة اجمع لربيعة وزن نواة ذهبا "

فجمعوها لي ، فقال لي صلى الله عليه وسلم :

" اذهب بهذا إليهم ، وقل لهم : هذا صداق ابنتكم "

فأتيتهم ودفعته لهم ، فقبلوه ، ورضوا به ، وقالوا : كثير طيب .

فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وقلت :

ما رأيت قوما قط أكرم منهم ، فلقد رضوا ما أعطيتهم على قلته ،

وقالوا : كثير طيب ، فمن أين ما أولم به ؟

فقال النبي صلى الله عليه وسلم لبريدة : " اجمعوا لربيعة ثمن كبش "

فابتاعوا لي كبشا عظيما سمينا ، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم :

"اذهب إلى عائشة ، وقل لها أن تدفع لك ما عندها من الشعير "

فأتيتها فقالت :

( إليك المكتل ، ففيه سبعة آصع ، لا والله ما عندنا طعام غيره )

فمن عند رسول الله الشعير ، ومن بريدة الكبش والمهر .

فانطلقت بالكبش والشعير إلى أهل زوجتي ، فقالوا :

أما الشعير فنحن نعده ، وأما الكبش فأمر أصحابك أن يعدوه لك ، فأخذت الكبش

أنا وأناس من أسلم وذبحناه ، وسلخناه ، وطبخناه ، فأصبح عندنا خبز ولحم ،

فأولمت ، ودعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأجاب دعوتي ، ثم صلى

الله عليه وسلم منحني أرضا إلى جانب أرض أبي بكر ، فدخلت علي الدنيا ،

أرض وزوجة ووليمة ومهر )



~*¤©§( دروس وعبر من قصة زواجه )§©¤*~

o حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه وتلمس احتياجاتهم ، ومامنعت

النبي صلى الله عليه وسلم مكانته عند ربه اهتمامه بخدمه والفقراء من أصحابه

رضي الله عنهم ، وفي هذا ضرب من التواضع بديع ، وتعليم للأمة على اهتمام

المسؤول برعيته .

o محبة ربيعة رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهكذا كان ديدن الصحابة

رضي الله عنهم ، فلم يرد رضي الله عنه أن يشغله أحد عن هذه المحبة وتلك الملازمة .

o تبين من القصة أيضا رجاحة عقل ربيعة رضي الله وتفكيره الصائب.

o وفي فعل الأنصار رضي الله عنهم وإكرامهم لربيعة وسمعهم لرسول الله صلى

الله عليه وسلم منقبة عظيمة ، تضاف إلى مناقبهم رضي الله عنهم .

o ثم من فوائد قصة زواج ربيعة رضي الله عنه مثلت القصة صورة من تكامل المجتمع

المسلم وتعاونه أريتم كيف جمعوا له المهر والوليمة ، اجتمعوا وكانوا متمثلين للتشبيه

الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم بالبنيان المرصوص ، أيها المسلمون إن علاقة

المسلم بأخيه المسلم متينة قوية يشاركه في أفراحه وأتراحه ، إذا استشعرنا تلك المعاني

في حياتنا ومعاملاتنا أوجدنا مجتمعا مثاليا متماسكا متعاونا .

o ثم أخيرا شرف هذا الزواج بدعوة الرسول الذي كان أول ساهم في هذا الزواج ،

الذي كان نتاجه فيما بعد ولدا لربيعة سماه فراسا .



~*¤©§( قصه عجيبة )§©¤*~

إن هذه القصة العجيبة التي نقلتها لنا كتب السنة تحمل في طياتها جملة من الدروس

والعبر ، وكيف سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي بكر وربيعة رضي الله

عنهما وكيف جعلهما يتجاوزا هذه المرحلة ، وتبرز النفس الكبيرة للصديق رضي الله

عنه ، وتوقير ربيعة رضي الله عنه للصديق رضي الله عنه .

ويحكي ربيعة رضي الله عنه عن القصة قائلا :

( إني ذات مرة اختلفت مع أبي بكر رضي الله عنه على نخلة ، فقلت :

هي في أرضي

فقال : بل هي في أرضي

فنازعته ، فأسمعني كلمة ، فلما بدرت منه الكلمة ندم ، وقال :

يا ربيعة رُد علي بمثلها ، حتى يكون قصاصا ، فقلت :

لا والله ، لا أفعل ، فقال :

إذا آتي رسول الله ، وأشكو له امتناعك عن القصاص مني

وانطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فمضيت في إثره ، فتبعني قومي بنو أسلم ،

وقالوا :

هو الذي بدأ بك ، ثم يسبقك إلى رسول الله فيشكوك

فالتفت إليهم ، وقلت لهم :

ويحكم أتدرون من هذا ، هذا الصديق ، وذو شيبة المسلمين ، ارجعوا قبل أن يلتفت

فيراكم ، فيظن إنما جئتم لتعينوني عليه ، فيأتي رسول الله فيغضب النبي لغضبه ،

ويغضب الله لغضبهما فيهلك ربيعة .

ثم أتى الصديق النبي صلى الله عليه وسلم وحدثه الحديث كما كان ، فرفع النبي

رأسه إلي وقال : " يا ربيعة مالَك وللصديق ؟ "

فقلت له : يا رسول الله أراد مني أن أقول له كما قال لي ، فلم أفعل .

فقال : " نعم ، لا تقل له كما قال لك ، و لكن قل :

غفر الله لأبي بكر "

فقلت : غفر الله لك يا أبا بكر

فمضى وعيناه تفيضان من الدمع وهو يقول :

جزاك الله عني خيرا يا ربيعة بن كعب ، جزاك الله عني خيرا يا ربيعة

بن كعب )

إن المحور الذي تدور عليه هذه القصة هو مادار بين الصحابيين الكريمين ونظرتهما

لذلك العذق الذي سبب اختلافا يسيرا بينهما ، ولقد بين ربيعة رضي الله عنه أن السبب

في انتاج هذا الأمر الإلتفات لهذه الدنيا وزهرتها ، وكأنه رضي الله عنه يقول لنا إن

حقيقة الدنيا لاتدع لمثل هذا الخلاف والنزاع ، كأنه يقول لنا لماذا الاختلاف والتنازع

والتقاطع بين الخلان والإخوان من أجل مال أو أرض أو ميراث ، كأنه يقول لنا إلى

متى تشغلنا هذه الدنيا عن أهدافنا السامية علاقاتنا فيما بيننا .

فلله درك ورضي الله عنك حين تعطي للأمة درسا في إنزال الناس منازلهم

لله درك ورضي الله عنك حين تعرف لأهل الفضل فضلهم

لله درك ورضي الله عنك حين توقر الصديق رضي الله عنه وتحترمه .



~*¤©§( وفاته )§©¤*~

عاد ربيعة رضي الله عنه إلى مسقط رأسه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فلم

يستطع أن يجلس في المدينة بعد مفارقته لحبيبه ، كان يتردد ويصلي في مسجدها

المبارك ، ويتذكر النبي صلى الله عليه وسلم ويبكي رضي الله عنه ويبكي من

حوله .

حتى جاء عام ثلاثة وستين للهجرة المسمى بعام الحرة وفي نهاية هذا العام توفي

ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه .

بنبونتة 19-09-2007 10:24 PM

رد: مسابقة أصحابي كالنجوم / ربيعة بن كعب / (08)
 
( حينما تكون الهمة رجلاً ) أما الرجل فهو رجل بسيط ، كان يرعى الغنم في بادئ أمره ، همته وأعلى طموحاته شاة يقودها ، ومرعىً خصباً ترعى فيه ، كان يقيم هناك في بني أسلم بالقرب من المدينة النبوية ، كان يقيم مع والديه .
سمع هو وغيره بقدوم رسول الله للمدينة ، سمع هو وغيره عن صدقه وأمانته ، سمع عن حب أصحابه له ، فما كان منه إلا أن ترك غنيماته وذهب ليرى هذا الرجل الذي سمع عنه .
وهناك على مقربة منكم .. هناك في المدينة النبوية .. كانت النقلة الكبرى التي قدرها الله تعالى لهذا الرجل ، كانت النقلة التي غيرت صاحبنا رضي الله عنه ، قدم المدينة ورأى الرسول وآمن به وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله .
عاد راعي الغنم بعد ذلك إلى أهله ، عاد ولكنه لم يعد ، نعم لقد عاد بجسده ولم يعد بفكره ومشاعره لقد كان جسده في بني أسلم وقلبه في المدينة النبوية ، هذه المشاعر الإيمانية قادت صاحبنا رضي الله عنه للعودة للمدينة ، فبعد وقت غير طويل من اللقاء الأول مع رسول الله استأذن صاحبنا رضي الله عنه والديه ليسكن المدينة قرب الرسول .
وصل المدينة ، وقابله النبي بالبشر الذي قابله به أول مرة ، وعرفه النبي فزاد فرح وسعادة صاحبنا رضي الله عنه ، فقره وقلة ما في يده جعله مع أهل الصفة ( قوم فقرء من أصحاب الرسول يسكنون خلف المسجد النبوي ، تأتيهم الصدقات من موسري الصحابة وكان يختصهم ببعض الأطعمة والأشربة ) .
ثم جاءت النقلة الأخرى لهذا الصحابي الجليل رضي الله عنه ..إنها النقلة الحقيقية .. لقد قاده حبه للنبي لطلب عظيم لقد طلب أن يكون خادماً للنبي ، نعم فذو الهمة العالية رضي الله عنه كان خادماً ، لكنه خادماً لأعظم من وطأت رجله الثرى ، لأعظم البشر .
لقد تشرف جمع من صحابة رسول الله بخدمته .
لقد قادتهم تلك الخدمة المباركة للقرب من النبي ومعرفة جملة من أحواله وأخلاقه وسننه ، لقد انتفعوا رضوان الله عليهم من النبي علماً جماً ، ألم يكن خادمه الأول أنس بن مالك رضي الله عنه من أكثر الصحابة رواية للحديث .
خدم ربيعة بن كعب بن مالك الأسلمي رضي الله عنه النبي وانتقل من رعي الغنم لخدمة أعظم البشر ، نعم فارسنا وصاحب الهمة العالية هو ربيعة الأسلمي رضي الله عنه .
كانت مظاهر خدمة ربيعة رضي الله عنه متنوعة متعددة ولنتصور تلك المظاهر فلنستمع لربيعة رضي الله عنه يحكي ذلك :
( كنت أبيت مع رسول الله فأتيته بوضوئه وحاجته .. ) [ مسلم 1 / 353 ] .
( كنت اخدم رسول الله وأقوم له في حوائجه نهاري أجمع حتى يصلي رسول الله العشاء الآخرة فأجلس ببابه حتى إذا دخل بيته أقول لعلها تحدث لرسول الله حاجة ... حتى أمل فارجع أو تغلبني عيني فارقد .. ) [ أحمد 4 / 57 ] .
هكذا كان يوم ربيعة رضي الله عنه وليلته وقفاً لله تعالى وخدمة لرسوله وسعياً في قضاء حوائجه ، حتى أنه رضي الله عنه يتلمس حاجات النبي يقضي حوائجه في النهار و يبيت الليالي عند باب بيت النبي .
لقد استفاد ربيعة رضي الله عنه من هذه الملازمة للنبي فوائد جمة نجملها فيما يلي /
أولها وأعظمها مكافأة النبي له ، فلما رأى رسول الله خدمة ربيعة رضي الله وعنه وخفته في ذلك ، قال ربيعة رضي الله عنه (فقال لي - يعني النبي - يوماً لما يرى من خفتي له وخدمتي إياه سلني يا ربيعة أعطك ) ، يالله إمام الأئمة ورسول البشرية وقائدها محمد بن عبدالله يحتفي بخادمه ويكافئه ويقدر له عمله وخدمته وتفانيه وهكذا فليكن القائد والمدير والأب وولي الأمر ورب الأسرة وصاحب الفضل ، وهكذا فلنكن مع أصحاب المعروف ، لم يكن ربيعة رضي الله عنه ينتظر المكافأة بل مكافأته هي التشرف بخدمة النبي .
( سلني يا ربيعة أعطك ) السائل محمد بن عبد الله رسول الله قائد الأمة صاحب الدعوة المستجابة ، والمسؤول ربيعة بن كعب رضي الله عنه رجل فقير عديم .. لا مال .. لا سكن ..لا زوجة .. لا دابة يركبها ، إنها أمنيات لكل أحد مال وفير وزوجة حسناء وسكن واسع ومركوب فاره ، وإن تعجبوا فاعجبوا من إجابة ربيعة رضي الله عنه ( فقلت أنظر في آمري يا رسول الله ثم أعلمك ذلك ) ترو وتأن وتعقل ، وهكذا ينبغي أن يكون ديدن المسلم فالتأني من الله العجلة من الشيطان كما ثبت ذلك عن رسول الله ، النظر في الأمر والتمعن فيه وخصوصاً عند الأمور المهمة مطلب يقود بإذن الله تعالى إلى نتائج مرضية ، ونعود إلى قصتنا .. ما سبب طلب ربيعة رضي الله عنه هذه المهلة ، اسمعوا قال ربيعة رضي الله عنه :
( ففكرت في نفسي فعرفت إن الدنيا منقطعة زائلة وان لي فيها رزقا سيكفيني ويأتيني قال فقلت أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لآخرتي فإنه من الله عز وجل بالمنزل الذي هو به )
أعلمتم السبب .. فكر .. ودارت في ذهنه هموم الدنيا كلها ومطالبها لكنه عرف قيمتها ومنزلتها ( إن الدنيا منقطعة زائلة ) هذه حقيقتها منزلتها عند ربها لا تساوي عند الله جناح بعوضة هي مزرعة والحصاد هناك في الآخرة .. نعم في الآخرة .. لهذا قال ربيعة رضي الله عنه (فقلت أسأل رسول الله لآخرتي فإنه من الله عز وجل بالمنزل الذي هو به ) وصدق فرسول الله أعلى الخلق وأرفعهم مكانة وأشرفهم منزلة عند ربه .
( قال فجئت فقال ما فعلت يا ربيعة قال فقلت نعم يا رسول الله أسألك أن تشفع لي إلى ربك فيعتقني من النار قال فقال من أمرك بهذا يا ربيعة قال فقلت لا والله الذي بعثك بالحق ما أمرني به أحد ولكنك لما قلت سلني أعطك وكنت من الله بالمنزل الذي أنت به نظرت في آمري وعرفت إن الدنيا منقطعة وزائلة وان لي فيها رزقا سيأتيني فقلت اسأل رسول الله لآخرتي قال فصمت رسول الله طويلا ثم قال لي إني فاعل فأعني على نفسك بكثرة السجود ) هذه رواية الإمام أحمد رحمه الله ، أما رواية الإمام مسلم رحمه الله فقد جاءت على النحو التالي ( قال كنت أبيت مع رسول الله فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي سل فقلت أسألك مرافقتك في الجنة قال أو غير ذلك قلت هو ذاك قال فأعنى على نفسك بكثرة السجود ).. الله أكبر .. إن الهمم لتصغر أمام هذه الهمة الرفيعة لم يرد ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه الجنة فحسب بل أراد أعلى منزلة فيها لقد أراد رضي الله عنه مرافقة النبي ، لقد أراد رضي الله عنه شفاعة النبي ، لقد أراد رضي الله عنه العتق من النار .
همة تناطح الجبال وعزيمة تريد أن تصل إلى المنال ، تفكير في محله رؤية ثاقبة وأمان عظيمة ، وثبات أيما ثبات يسأله النبي وربيعة يجيب - من أمرك بهذا يا ربيعة – هل أحد أملى عليك هذه الأماني ، هل أحد ذكرك بهذه الهمة ، ويعلنها ربيعة رضي الله عنه :- لا والله الذي بعثك بالحق ما أمرني به أحد ولكنك لما قلت سلني أعطك وكنت من الله بالمنزل الذي أنت به نظرت في آمري وعرفت إن الدنيا منقطعة وزائلة وان لي فيها رزقا سيأتيني فقلت اسأل رسول الله لآخرتي –
جاء في رواية مسلم - أو غير ذلك قلت هو ذاك – ليس غير الجنة مبتغاً عند ربيعة رضي الله عنه فلتهنك الهمة أبا فراس .
- صمت رسول الله طويلاً – ثم جاءت البشرى - إني فاعل – ويالها من بشرى لاتعدلها أي بشرى ، هل توقف النبي عند هذه البشرى لا فقد رغب ربيعة بعد أن بشره وكأنه يقول للأمة من أراد أن يسمو بنفسه وينل تلك المكانة العظيمة فليكن شعاره مقالة النبي لربيعة رضي الله عنه ( فأعني على نفسك بكثرة السجود ) .

جاء هذا الحديث في صحيح مسلم في كتاب الصلاة – باب فضل السجود والحث عليه –
أيها الأحبة في الله وقبل أن نكمل هذه الرحلة الماتعة مع صاحب رسول لعلنا نقف وقفة مع هذه العبادة العظيمة التي أرشد إليها النبي ربيعة رضي الله عنه أعني السجود وكثرته ، السجود لمن ؟ لله جل في علاه إنه السجود في الصلاة كما قرر ذلك أهل العلم .
قال الإمام الشوكاني رحمه الله - تعليقاً على هذا الحديث - : وهو يدل على أن كثرة السجود مرغب فيها والمراد به السجود في الصلاة وسبب الحث عليه ما ورد في حديث أبي هريرة من أن أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد وهو موافق لقوله تعالى واسجد واقترب .
قال الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في تفسيره أضواء البيان ( أطلق السجود وأراد الصلاة لأن السجود أخص صفاتها ( واسجد واقترب ) ربط بين السجود والاقتراب من الله كما قال ( ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا ) وقوله في وصف أصحابه رضي الله عنهم ( تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا ) فقوله ( يبتغون فضلا من الله ورضوانا ) في معنى يتقربون إليه يبين قوله ( واسجد واقترب ) وهذا مما يدل لأول وهلة أن الصلاة أعظم قربة إلى الله .
وقال الإمام النووي رحمه الله ( السجود غاية التواضع والعبودية لله تعالى وفيه تمكين أعز أعضاء الإنسان وأعلاها وهو وجهه من التراب الذي يداس ويمتهن ) .
جاء عند الإمام البيهقي رحمه الله بسند صحيح عن أبي الدرداء رضي الله عنه لولا ثلاث لأحببت أن لا أبقى في الدنيا وضع وجهي للسجود لخالقي في الليل والنهار وظمأ الهواجر ومقاعد أقوام ينتقون الكلام كما تنتقى الفاكهة .
ثم مسألة أخيرة في هذا الحديث وهي لماذا قال النبي لربيعة (فأعني على نفسك بكثرة السجود) ولم يكتفي بذكر الإكثار من السجود فحسب بأن يقول مثلاً فأكثر من السجود ، أو لعلنا نأتي بالسؤال بصيغة أخرى لماذا اختص النبي النفس بهذا المطلب السامي الذي طلبه ربيعة رضي الله عنه ، الجواب على هذه المسألة فصله شراح الحديث ولخصه الشيخ نور الدين السندي رحمه الله في حاشيته على سنن النسائي بقوله : ( فأعني على نفسك أي على تحصيل حاجة نفسك التي هي المرافقة والمراد تعظيم تلك الحاجة وأنها تحتاج إلى معاونة منك ومجرد السؤال مني لا يكفي فيها أو المعنى فوافقني بكثرة السجود قاهرا بها على نفسك وقيل أعني على قهر نفسك بكثرة السجود كأنه أشار إلى أن ما ذكرت لا يحصل الا بقهر نفسك التي هي أعدى عدوك فلا بد لك من قهر نفسك بصرفها عن الشهوات ولا بد لك أن تعاونني فيه وقيل معناه كن لي عونا في إصلاح نفسك واجعلها طاهرة مستحقة لما تطلب فإني أطلب إصلاح نفسك من الله تعالى وأطلب منك أيضا اصلاحها بكثرة السجود لله فإن السجود كاسر للنفس ومذل لها وأي نفس انكسرت وذلت استحقت الرحمة والله تعالى أعلم ) .
هذه هي الفائدة الأولى والعظمى التي نالها ربيعة رضي الله عنه من ملازمة النبي ، ومن فوائد تلك الملازمة المباركة أيضاً روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم ونقله طرفاً من قيام النبي الليل والمتمثلة في الأحاديث التالية /
فعن ربيعة بن كعب الأسلمى قال ( كنت أنام في حجرة النبي صلى الله عليه وسلم فكنت أسمعه إذا قام من الليل يصلي يقول الحمد لله رب العالمين الهوى قال ثم يقول سبحان الله العظيم وبحمده الهوى )
وعنه أيضاً رضي الله عنه ( قال كنت أبيت عند باب رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيه وضوءه فاسمعه بعد هوى من الليل يقول سمع الله لمن حمده واسمعه بعد هوى من الليل يقول الحمد لله رب العالمين ) رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح وأخرجه أحمد والنسائي .
الهويَ بفتح الهاء وكسر الواو ونصب الياء المشددة ، قال الطيبي رحمه الله ( الحين الطويل من الزمان )، وقيل مختص بالليل والتعريف هنا لاستغراق الحين الطويل بالذكر بحيث لا يفتر عنه .
وروى الإمام أحمد في مسنده قول ربيعة رضي لله عنه ( كنت أخدم رسول الله وأقوم له في حوائجه نهاري أجمع حتى يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة فاجلس ببابه إذا دخل بيته أقول لعلها أن تحدث لرسول الله حاجة فما أزال اسمعه يقول رسول الله سبحان الله سبحان الله سبحان الله وبحمده .... ) الحديث .
هذه هي حياة النبي في الليل صلاة وذكر وتقرب إلى الله تعالى كما روى ذلك ربيعة رضي الله عنه ، لقد كان النبي يقوم الليل حتى تتفطر قدماه تسأله زوجه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا .
قال الله تعالى ( ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) وهي الشفاعة وكل عسى في القرآن فهي واجبة وقال محمد بن إسحاق بن يسار رحمه الله وعسى من الله حق .
هذه هي حال النبي في الليل وحال أصحابه رضوان الله عليهم شبيهة بحاله ، فما حالنا مع الليل وماهو أغلب المسلمين مع هذا الوقت الفاضل وقت النزول الإلهي حينما ينزل ربنا إلى السماء الدنيا نزولاً يليق بجلاله وعظمته حين يبقى ثلث الليل الأخير كما ثبت ذلك في الصحيحين فيقول هل من سائل فأعطيه هل من داع فأستجيب له هل من مستغفر فأغفر له ، نعم أيها الأحباب إن هذا الوقت المبارك.. فرصة للسائلين.. فرصة للداعين ..فرصة للمستغفرين ،فأين أصحاب الحاجات.. أين أصحاب الكربات..أين أصحاب الهموم ..أين أصحاب الغموم .. أين الذين يسألون العباد وينسون رب العباد .. إن هذا الوقت المبارك يدعو النائمين يدعو الغافلين يدعو اللاهين ربكم الغني عنكم يدعوكم لسؤاله يدعوكم لدعائه يدعوكم لاستغفاره فهل أنتم مجيبون .

وعودة إلى رحلتنا الماتعة مع ربيعة رضي الله عنه فقد كان ربيعة رضي الله عنه ملازماً للنبي ، كما أنه رضي الله عنه كان يغزو مع النبي ، جاء عند الحاكم رحمه الله (ولم يزل ربيعة بن كعب يلزم النبي بالمدينة ويغزو معه ) .
بقي ربيعة رضي الله عنه ملازماً للنبي لايريد أن يشغله أحد عن هذا الشرف العظيم ، حتى أنه رضي الله عنه لم يفكر أن يتزوج لنفس هذا السبب ، لكن رسول الله فطن لهذا الأمر واهتم له ، ودعونا نستمع إلى قصة زواج ربيعة رضي الله فهي قصة عجيبة فيها أحداث كثيرة وفوائد ولعلنا نسوق القصة أولاً ثم تكون الدروس والعبر فلنستمع إليها كما يرويها ربيعة رضي الله عنه.
روى الإمام أحمد في مسنده وغيره عن ربيعة الأسلمي رضي الله عنه قال كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا ربيعة ألا تزوج قال قلت والله يا رسول الله ما أريد أن أتزوج ما عندي ما يقيم المرأة وما أحب ان يشغلنى عنك شيء فأعرض عنى فخدمته ما خدمته ثم قال لي الثانية يا ربيعة ألا تزوج فقلت ما أريد أن أتزوج ما عندي ما يقيم المرأة وما أحب أن يشغلني عنك شيء فأعرض عني ثم رجعت إلى نفسي فقلت والله لرسول الله صلى الله عليه وسلم بما يصلحنى في الدنيا والآخرة أعلم منى والله لئن قال تزوج لأقولن نعم يا رسول الله مرني بما شئت قال فقال يا ربيعة ألا تزوج فقلت بلى مرني بما شئت قال انطلق إلى آل فلان حي من الأنصار وكان فيهم تراخ عن النبي صلى الله عليه وسلم فقل لهم إن رسول الله أرسلني إليكم يأمركم ان تزوجوني فلانة لامرأة منهم فذهبت فقلت لهم ان رسول الله أرسلني إليكم يأمركم أن تزوجوني فلانة فقالوا مرحبا برسول الله وبرسول رسول الله والله لا يرجع رسول رسول الله إلا بحاجته فزوجوني وألطفوني وما سألوني البينة فرجعت إلى رسول الله حزينا فقال لي مالك يا ربيعة فقلت يا رسول الله أتيت قوما كراما فزوجوني وأكرموني وألطفوني وما سألوني بينة وليس عندي صداق فقال رسول الله يا بريدة الأسلمي اجمعوا له وزن نواه من ذهب قال فجمعوا لي وزن نواة من ذهب فأخذت ما جمعوا لي فأتيت به النبي فقال اذهب بهذا إليهم فقل هذا صداقها فأتيتهم فقلت هذا صداقها فرضوه وقبلوه وقالوا كثير طيب قال ثم رجعت إلى النبي حزينا فقال يا ربيعة مالك حزين فقلت يا رسول الله ما رأيت قوما أكرم منهم رضوا بما أتيتهم وأحسنوا وقالوا كثيرا طيبا وليس عندي ما أولم قال يا بريدة اجمعوا له شاة قال فجمعوا لي كبشا عظيما سمينا فقال لي رسول الله اذهب إلى عائشة فقل لها فلتبعث بالمكتل الذي فيه الطعام قال فأتيتها فقلت لها ما أمرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت هذا المكتل فيه تسع أصع شعير لا والله ان أصبح لنا طعام غيره خذه فآخذته فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته بما قالت عائشة فقال اذهب بهذا إليهم فقل ليصبح هذا عندكم خبزا فذهبت إليهم وذهبت بالكبش ومعي أناس من أسلم فقال ليصبح هذا عندكم خبزا وهذا طبيخا فقالوا أما الخبز فسنكفيكموه وأما الكبش فاكفونا أنتم فأخذنا الكبش أنا وأناس من أسلم فذبحناه وسلخناه وطبخناه فأصبح عندنا خبز ولحم فأولمت ودعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم .

هذه القصة أما الدروس والعبر منها فكثيرة ، نجملها فيما يلي /
• حرص النبي على أصحابه وتلمس احتياجاتهم ، ومامنعت النبي مكانته عند ربه اهتمامه بخدمه والفقراء من أصحابه رضوان الله عليهم ، وفي هذا ضرب من التواضع بديع ، وتعليم للأمة على اهتمام المسؤول برعيته .
• محبة ربيعة رضي الله عنه للنبي ، وهكذا كان ديدن الصحابة رضوان الله عليهم ، فلم يرد رضي الله عنه أن يشغله أحد عن هذه المحبة وتلك الملازمة .
• تبين من القصة أيضاً ماقررناه سابقاً من رجاحة عقل ربيعة رضي الله وتفكيره الصائب يتضح ذلك جلياً من قوله رضي الله عنه ( ثم رجعت إلى نفسي فقلت والله لرسول الله صلى الله عليه وسلم بما يصلحنى في الدنيا والآخرة أعلم مني لئن قال تزوج لأقولن نعم يا رسول الله مرني بما شئت ) .
• وفي فعل الأنصار رضي الله عنهم وإكرامهم لربيعة وسمعهم لرسول الله منقبة عظيمة ، تضاف إلى مناقبهم رضي الله عنهم كيف وقد زكاهم الله من فوق سبع سنوات ألم تسمعوا إلى قول الله جل في علاه ( والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون فى صدورهم حاجة ممآ أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) لقد بوب البخاري في صحيحه باب مناقب الأنصار وذكر الآية الماضية ، ويكفي الأنصار رضي الله عنهم شرفاً مارواه الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أو قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم لو أن الأنصار سلكوا واديا أو شعبا لسلكت في وادي الأنصار ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار فقال أبو هريرة ما ظلم بأبي وأمي آووه ونصروه أو كلمة أخرى .
• ثم من فوائد قصة زواج ربيعة رضي الله عنه مثلت القصة صورة من تكامل المجتمع المسلم وتعاونه أريتم كيف جمعوا له المهر والوليمة ، اجتمعوا وكانوا متمثلين للتشبيه الذي أراده النبي بالبنيان المرصوص ، أيه المسلمون إن علاقة المسلم بأخيه المسلم متينة قوية يشاركه في أفراحه وأتراحه أنظروا إلى ديننا العظيم كيف يجعل أجراً عظيماً لأعمال في هذا المقام خذوا على سبيل المثال لا الحصر الهدية – عيادة المريض – اتباع الجنازة –تفريج الكربة - الابتسامة – السلام – حق الجار - وغيرها كل تلك المعاملات بل العبادات تصب في هذا المصب العذب ، إذا استشعرنا تلك المعاني في حياتنا ومعاملاتنا أوجدنا مجتمعاً مثالياً متماسكاً متعاوناً .
• ثم أخيراً شرف هذا الزواج بدعوة الرسول الذي كان أول ساهم في هذا الزواج ، الذي كان نتاجه فيما بعد ولداً لربيعة سماه فراساً .
أتذكرون مابدأنا به حديثنا من مكافأة النبي لربيعة رضي الله عنه وقوله له سلني أعطك وتفكير ربيعة رضي الله عنه وتمعنه في الأمر وقوله ( إن الدنيا منقطعة وزائلة وان لي فيها رزقا سيأتيني ) رزقاً سيأتيني ، وبعد أعوام من حياة الفاقة والفقر قدر لربيعة رضي الله عنه أن يرزقه الله ، وأعطاه النبي أرضاً ، ومنح أرضاَ أخرى بجوار تلك الأرض لأبي بكر الصديق رضي الله عنه ثم حدثت قصة ندع لربيعة رضي الله عنه روايتها لنا فقد روى الحاكم في مستدركه وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه عن ربيعة رضي الله عنه قوله (وأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضا وأعطى أبا بكر أرضا فاختلفنا في عذق نخلة قال وجاءت الدنيا فقال أبو بكر هذه في حدي فقلت لا بل هي في حدي قال فقال لي أبو بكر كلمة كرهتها وندم عليها قال فقال لي يا ربيعة قل لي مثل ما قلت لك حتى تكون قصاصا قال فقلت لا والله ما أنا بقائل لك إلا خيرا قال والله لتقولن لي كما قلت لك حتى تكون قصاصا وإلا استعديت عليك برسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقلت لا والله ما أنا بقائل لك إلا خير قال فرفض أبو بكر الأرض وأتى النبي صلى الله عليه وسلم جعلت أتلوه فقال أناس من أسلم يرحم الله أبا بكر هو الذي قال ما قال ويستعدي عليك قال فقلت أتدرون من هذا هذا أبو بكر هذا ثاني اثنين هذا ذو شيبة المسلمين إياكم لا يلتفت فيراكم تنصروني عليه فيغضب فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيغضب لغضبه فيغضب الله لغضبهما فيهلك ربيعة قال فرجعوا عني وانطلقت أتلوه حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقص عليه الذي كان قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ربيعة ما لك والصديق قال فقلت مثل ما قال كان كذا وكذا فقال لي قل مثل ما قال لك فأبيت أن أقول له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل فلا تقل له مثل ما قال لك ولكن قل يغفر الله لك يا أبا بكر قال فولى أبو بكر الصديق رضي الله عنه وهو يبكي ) .
إن هذه القصة العجيبة التي نقلتها لنا كتب السنة تحمل في طياتها جملة من الدروس والعبر ، ولاأدري بأيها أبدأ ، هل أبدأ برسول وكيف سمع من أبي بكر وربيعة رضي الله عنهما وكيف جعلهما يتجاوزا هذه المرحلة ، أم بالنفس الكبيرة للصديق رضي الله عنه ، أم أتحدث عن ربيعة رضي الله عنه وتوقيره للصديق رضي الله عنه .
إن المحور الذي تدور عليه هذه القصة هو مادار بين الصحابيين الكريمين ونظرتهما لذلك العذق الذي سبب اختلافاً يسيراً بينهما ، لقد قال ربيعة رضي الله عنه أن السبب في انتاج هذا الأمر
( وجاءت الدنيا ) يعني أن السبب الرئيس كان الإلتفات لهذه الدنيا وزهرتها ، وكأنه رضي الله عنه يقول لنا إن حقيقة الدنيا لاتدع لمثل هذا الخلاف والنزاع ، كأنه يقول لنا لماذا الاختلاف والتنازع والتقاطع بين الخلان والإخوان من أجل مال أو أرض أو ميراث ، كأنه يقول لنا إلى متى تشغلنا هذه الدنيا عن أهدافنا السامية علاقاتنا فيما بيننا .
ثم يلفت رضي الله عنه لفتة أخرى توجها رضي الله عنه بعدل مطلق حينما قال عن أبي بكر رضي الله عنه ( فقال لي أبو بكر كلمة كرهتها وندم ) ، حاولت أن أعرف هذه الكلمة التي قالها أبو بكر رضي الله عنه فيما ورد من روايات لهذا الحديث لكنني لم أتوصل إليها مع يقيني الكبير أن هذه الكلمة لاتعدوا أن تكون سبق لسان تداركه الصديق رضي الله عنه بندمه على ماقال – وفي هذا عبرة وأي عبرة فحتى لو أخطأ الأكابر فالعودة إلى الحق تكاد أن تكون أسرع من الخطأ – طلب أبو بكر رضي الله عنه من ربيعة رضي الله عنه أن يرد له تلك الكلمة ليقتص الصديق رضي الله عنه من نفسه ، وفي موقف كبير ونفس سامية للمتربي في مدرسة النبوة تسمو عن مبدالة الكلمة المكروهة بمثلها ليقول ربيعة رضي الله عنه (لا والله ما أنا بقائل لك إلا خيرا ) وكأن ربيعة رضي الله عنه مرة أخرى يذكرنا بحقيقة أخرى فكأنه يقول بادل السيئة بالحسنة وكأنه يقول لاتدع للشيطان مدخلاً عليك في تعاملك مع إخوانك وخلانك ، وكأنه يقول لاتقل بلسانك إلا خيراً ، وكأنه يهمس في أذن من اتخذ من لسانه أداة للسب أو الشتم أو السخرية أو الغيبة أو الكذب لاتفعل .. لاتفعل فهذا ليس من الخير في شيء .
لكن أبا بكر رضي الله عنه وقد أثرت عليه الكلمة التي قالها ، عندما لم يلبي ربيعة رضي الله عنه طلبه ذهب إلى النبي ليرشده في أمره وتبعه ربيعة رضي الله عنه وفي الطريق أراد قوم ربيعة رضي الله عنه أن يردوه عن اتباع أبي بكر رضي الله عنه وكأنهم يقولون له أنك أنت المخطأ عليك ومعك الحق فلماذا تذهب خلفه ، وتأتي الإجابة الكبيرة في مبناها ومعناها من ربيعة رضي الله عنه ( أتدرون من هذا هذا أبو بكر هذا ثاني اثنين هذا ذو شيبة المسلمين إياكم لا يلتفت فيراكم تنصروني عليه فيغضب فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيغضب لغضبه فيغضب الله لغضبهما فيهلك ربيعة ) إنه سمو في القول والفعل ... سمو في الأخلاق والتعامل .. سمو في الإحترام والتوقير .. فلله درك ورضي الله عنك حين تعطي للأمة درساً في إنزال الناس منازلهم ، لله درك ورضي الله عنك حين تعرف لأهل الفضل فضلهم ، لله درك ورضي الله عنك حين توقر الصديق رضي الله عنه وتحترمه .
والتقى الصحابيان رضي الله عنهما عند رسول الله واستمع لهما وأرشد ربيعة لما هو خير من رد الكلمة التي قال أبو بكر رضي الله عنه ، وأيده على عدم الرد بالمثل وقال له قل يغفر الله لك ياأبا بكر ) .
تلك النفس الكبيرة نفس أبي بكر رضي الله عنه التي تخشى الله وتتقه فسبقت عبراته عبارته وولى وهو يبكي رضي الله عنه وأرضاه .
وبعد هذه القصة المؤثرة ننتقل من المدينة النبوية ونعود إلى بئر بلاد أسلم حيث عاد ربيعة رضي الله عنه إلى مسقط رأسه بعد وفاة النبي فلم يستطع أن يجلس في المدينة بعد مفارقته لحبيبه ، كان يتردد ويصلي في مسجدها المبارك ، ويتذكر النبي ويبكي رضي الله عنه ويبكي من حوله .
حتى جاء عام ثلاثة وستين للهجرة المسمى بعام الحرة وفي نهاية هذا العام توفي ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه

بنبونتة 19-09-2007 10:25 PM

رد: مسابقة أصحابي كالنجوم / ربيعة بن كعب / (08)
 
قصة دارت بين ربيعة وأبو بكر رضي الله عنهما

أطراف القصة فصحابيين فاضلين أولهما الصديق أبو بكر رضي الله عنه ، أفضل رجل بعد الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، الخليفة الراشد الأول رضي الله عنه ، والثاني خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذي سأله مرافقته في الجنة فقال له النبي إذن أفعل فأعني على نفسك بكثرة السجود ، ريبعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه ، فإليكم القصة أولاً كما رواها أحد أطرافها ثم نقف معها بإذن الله وقفات فقد روى الإمام الحاكم في مستدركه وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه عن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قوله (وأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضاً وأعطى أبا بكر أرضاً فاختلفنا في عذق نخلة قال وجاءت الدنيا فقال أبو بكر هذه في حدي فقلت لا بل هي في حدي قال فقال لي أبو بكر كلمة كرهتها وندم عليها قال فقال لي يا ربيعة قل لي مثل ما قلت لك حتى تكون قصاصا قال فقلت لا والله ما أنا بقائل لك إلا خيرا قال والله لتقولن لي كما قلت لك حتى تكون قصاصا وإلا استعديت عليك برسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقلت لا والله ما أنا بقائل لك إلا خير قال فرفض أبو بكر الأرض وأتى النبي صلى الله عليه وسلم جعلت أتلوه فقال أناس من أسلم يرحم الله أبا بكر هو الذي قال ما قال ويستعدي عليك قال فقلت أتدرون من هذا هذا أبو بكر هذا ثاني اثنين هذا ذو شيبة المسلمين إياكم لا يلتفت فيراكم تنصروني عليه فيغضب فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيغضب لغضبه فيغضب الله لغضبهما فيهلك ربيعة قال فرجعوا عني وانطلقت أتلوه حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقص عليه الذي كان قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ربيعة ما لك والصديق قال فقلت مثل ما قال كان كذا وكذا فقال لي قل مثل ما قال لك فأبيت أن أقول له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل فلا تقل له مثل ما قال لك ولكن قل يغفر الله لك يا أبا بكر قال فولى أبو بكر الصديق رضي الله عنه وهو يبكي ) .

محمد 20-09-2007 10:22 PM

رد: مسابقة أصحابي كالنجوم / ربيعة بن كعب / (08)
 
ربيعة بن كعب صاحب الهمة العالية


ربيعة بن كعب هو رجل بسيط ، كان يرعى الغنم في بادئ أمره ،

همته وأعلى طموحاته شاة يقودها ، ومرعى خصبا ترعى فيه ،

كان يقيم في بني أسلم بالقرب من المدينة النبوية مع والديه .

*************** *************** *************** *

الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين أما بعد ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ...
نعم هذا العنوان ( حينما تكون الهمة رجلاً ) أما الرجل فهو رجل بسيط ، كان يرعى الغنم في بادئ أمره ، همته وأعلى طموحاته شاة يقودها ، ومرعىً خصباً ترعى فيه ، كان يقيم هناك في بني أسلم بالقرب من المدينة النبوية ، كان يقيم مع والديه .
سمع هو وغيره بقدوم رسول الله للمدينة ، سمع هو وغيره عن صدقه وأمانته ، سمع عن حب أصحابه له ، فما كان منه إلا أن ترك غنيماته وذهب ليرى هذا الرجل الذي سمع عنه .
وهناك على مقربة منكم .. هناك في المدينة النبوية .. كانت النقلة الكبرى التي قدرها الله تعالى لهذا الرجل ، كانت النقلة التي غيرت صاحبنا رضي الله عنه ، قدم المدينة ورأى الرسول وآمن به وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله .
عاد راعي الغنم بعد ذلك إلى أهله ، عاد ولكنه لم يعد ، نعم لقد عاد بجسده ولم يعد بفكره ومشاعره لقد كان جسده في بني أسلم وقلبه في المدينة النبوية ، هذه المشاعر الإيمانية قادت صاحبنا رضي الله عنه للعودة للمدينة ، فبعد وقت غير طويل من اللقاء الأول مع رسول الله استأذن صاحبنا رضي الله عنه والديه ليسكن المدينة قرب الرسول .
وصل المدينة ، وقابله النبي بالبشر الذي قابله به أول مرة ، وعرفه النبي فزاد فرح وسعادة صاحبنا رضي الله عنه ، فقره وقلة ما في يده جعله مع أهل الصفة ( قوم فقرء من أصحاب الرسول يسكنون خلف المسجد النبوي ، تأتيهم الصدقات من موسري الصحابة وكان يختصهم ببعض الأطعمة والأشربة ) .
ثم جاءت النقلة الأخرى لهذا الصحابي الجليل رضي الله عنه ..إنها النقلة الحقيقية .. لقد قاده حبه للنبي لطلب عظيم لقد طلب أن يكون خادماً للنبي ، نعم فذو الهمة العالية رضي الله عنه كان خادماً ، لكنه خادماً لأعظم من وطأت رجله الثرى ، لأعظم البشر .
لقد تشرف جمع من صحابة رسول الله بخدمته .
لقد قادتهم تلك الخدمة المباركة للقرب من النبي ومعرفة جملة من أحواله وأخلاقه وسننه ، لقد انتفعوا رضوان الله عليهم من النبي علماً جماً ، ألم يكن خادمه الأول أنس بن مالك رضي الله عنه من أكثر الصحابة رواية للحديث .
خدم ربيعة بن كعب بن مالك الأسلمي رضي الله عنه النبي وانتقل من رعي الغنم لخدمة أعظم البشر ، نعم فارسنا وصاحب الهمة العالية هو ربيعة الأسلمي رضي الله عنه .
كانت مظاهر خدمة ربيعة رضي الله عنه متنوعة متعددة ولنتصور تلك المظاهر فلنستمع لربيعة رضي الله عنه يحكي ذلك :
( كنت أبيت مع رسول الله فأتيته بوضوئه وحاجته .. ) [ مسلم 1 / 353 ] .
( كنت اخدم رسول الله وأقوم له في حوائجه نهاري أجمع حتى يصلي رسول الله العشاء الآخرة فأجلس ببابه حتى إذا دخل بيته أقول لعلها تحدث لرسول الله حاجة ... حتى أمل فارجع أو تغلبني عيني فارقد .. ) [ أحمد 4 / 57 ] .
هكذا كان يوم ربيعة رضي الله عنه وليلته وقفاً لله تعالى وخدمة لرسوله وسعياً في قضاء حوائجه ، حتى أنه رضي الله عنه يتلمس حاجات النبي يقضي حوائجه في النهار و يبيت الليالي عند باب بيت النبي .
لقد استفاد ربيعة رضي الله عنه من هذه الملازمة للنبي فوائد جمة نجملها فيما يلي /
أولها وأعظمها مكافأة النبي له ، فلما رأى رسول الله خدمة ربيعة رضي الله وعنه وخفته في ذلك ، قال ربيعة رضي الله عنه (فقال لي - يعني النبي - يوماً لما يرى من خفتي له وخدمتي إياه سلني يا ربيعة أعطك ) ، يالله إمام الأئمة ورسول البشرية وقائدها محمد بن عبدالله يحتفي بخادمه ويكافئه ويقدر له عمله وخدمته وتفانيه وهكذا فليكن القائد والمدير والأب وولي الأمر ورب الأسرة وصاحب الفضل ، وهكذا فلنكن مع أصحاب المعروف ، لم يكن ربيعة رضي الله عنه ينتظر المكافأة بل مكافأته هي التشرف بخدمة النبي .
( سلني يا ربيعة أعطك ) السائل محمد بن عبد الله رسول الله قائد الأمة صاحب الدعوة المستجابة ، والمسؤول ربيعة بن كعب رضي الله عنه رجل فقير عديم .. لا مال .. لا سكن ..لا زوجة .. لا دابة يركبها ، إنها أمنيات لكل أحد مال وفير وزوجة حسناء وسكن واسع ومركوب فاره ، وإن تعجبوا فاعجبوا من إجابة ربيعة رضي الله عنه ( فقلت أنظر في آمري يا رسول الله ثم أعلمك ذلك ) ترو وتأن وتعقل ، وهكذا ينبغي أن يكون ديدن المسلم فالتأني من الله العجلة من الشيطان كما ثبت ذلك عن رسول الله ، النظر في الأمر والتمعن فيه وخصوصاً عند الأمور المهمة مطلب يقود بإذن الله تعالى إلى نتائج مرضية ، ونعود إلى قصتنا .. ما سبب طلب ربيعة رضي الله عنه هذه المهلة ، اسمعوا قال ربيعة رضي الله عنه :
( ففكرت في نفسي فعرفت إن الدنيا منقطعة زائلة وان لي فيها رزقا سيكفيني ويأتيني قال فقلت أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لآخرتي فإنه من الله عز وجل بالمنزل الذي هو به )
أعلمتم السبب .. فكر .. ودارت في ذهنه هموم الدنيا كلها ومطالبها لكنه عرف قيمتها ومنزلتها ( إن الدنيا منقطعة زائلة ) هذه حقيقتها منزلتها عند ربها لا تساوي عند الله جناح بعوضة هي مزرعة والحصاد هناك في الآخرة .. نعم في الآخرة .. لهذا قال ربيعة رضي الله عنه (فقلت أسأل رسول الله لآخرتي فإنه من الله عز وجل بالمنزل الذي هو به ) وصدق فرسول الله أعلى الخلق وأرفعهم مكانة وأشرفهم منزلة عند ربه .
( قال فجئت فقال ما فعلت يا ربيعة قال فقلت نعم يا رسول الله أسألك أن تشفع لي إلى ربك فيعتقني من النار قال فقال من أمرك بهذا يا ربيعة قال فقلت لا والله الذي بعثك بالحق ما أمرني به أحد ولكنك لما قلت سلني أعطك وكنت من الله بالمنزل الذي أنت به نظرت في آمري وعرفت إن الدنيا منقطعة وزائلة وان لي فيها رزقا سيأتيني فقلت اسأل رسول الله لآخرتي قال فصمت رسول الله طويلا ثم قال لي إني فاعل فأعني على نفسك بكثرة السجود ) هذه رواية الإمام أحمد رحمه الله ، أما رواية الإمام مسلم رحمه الله فقد جاءت على النحو التالي ( قال كنت أبيت مع رسول الله فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي سل فقلت أسألك مرافقتك في الجنة قال أو غير ذلك قلت هو ذاك قال فأعنى على نفسك بكثرة السجود ).. الله أكبر .. إن الهمم لتصغر أمام هذه الهمة الرفيعة لم يرد ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه الجنة فحسب بل أراد أعلى منزلة فيها لقد أراد رضي الله عنه مرافقة النبي ، لقد أراد رضي الله عنه شفاعة النبي ، لقد أراد رضي الله عنه العتق من النار .
همة تناطح الجبال وعزيمة تريد أن تصل إلى المنال ، تفكير في محله رؤية ثاقبة وأمان عظيمة ، وثبات أيما ثبات يسأله النبي وربيعة يجيب - من أمرك بهذا يا ربيعة – هل أحد أملى عليك هذه الأماني ، هل أحد ذكرك بهذه الهمة ، ويعلنها ربيعة رضي الله عنه :- لا والله الذي بعثك بالحق ما أمرني به أحد ولكنك لما قلت سلني أعطك وكنت من الله بالمنزل الذي أنت به نظرت في آمري وعرفت إن الدنيا منقطعة وزائلة وان لي فيها رزقا سيأتيني فقلت اسأل رسول الله لآخرتي –
جاء في رواية مسلم - أو غير ذلك قلت هو ذاك – ليس غير الجنة مبتغاً عند ربيعة رضي الله عنه فلتهنك الهمة أبا فراس .
- صمت رسول الله طويلاً – ثم جاءت البشرى - إني فاعل – ويالها من بشرى لاتعدلها أي بشرى ، هل توقف النبي عند هذه البشرى لا فقد رغب ربيعة بعد أن بشره وكأنه يقول للأمة من أراد أن يسمو بنفسه وينل تلك المكانة العظيمة فليكن شعاره مقالة النبي لربيعة رضي الله عنه ( فأعني على نفسك بكثرة السجود ) .

جاء هذا الحديث في صحيح مسلم في كتاب الصلاة – باب فضل السجود والحث عليه –
أيها الأحبة في الله وقبل أن نكمل هذه الرحلة الماتعة مع صاحب رسول لعلنا نقف وقفة مع هذه العبادة العظيمة التي أرشد إليها النبي ربيعة رضي الله عنه أعني السجود وكثرته ، السجود لمن ؟ لله جل في علاه إنه السجود في الصلاة كما قرر ذلك أهل العلم .
قال الإمام الشوكاني رحمه الله - تعليقاً على هذا الحديث - : وهو يدل على أن كثرة السجود مرغب فيها والمراد به السجود في الصلاة وسبب الحث عليه ما ورد في حديث أبي هريرة من أن أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد وهو موافق لقوله تعالى واسجد واقترب .
قال الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في تفسيره أضواء البيان ( أطلق السجود وأراد الصلاة لأن السجود أخص صفاتها ( واسجد واقترب ) ربط بين السجود والاقتراب من الله كما قال ( ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا ) وقوله في وصف أصحابه رضي الله عنهم ( تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا ) فقوله ( يبتغون فضلا من الله ورضوانا ) في معنى يتقربون إليه يبين قوله ( واسجد واقترب ) وهذا مما يدل لأول وهلة أن الصلاة أعظم قربة إلى الله .
وقال الإمام النووي رحمه الله ( السجود غاية التواضع والعبودية لله تعالى وفيه تمكين أعز أعضاء الإنسان وأعلاها وهو وجهه من التراب الذي يداس ويمتهن ) .
جاء عند الإمام البيهقي رحمه الله بسند صحيح عن أبي الدرداء رضي الله عنه لولا ثلاث لأحببت أن لا أبقى في الدنيا وضع وجهي للسجود لخالقي في الليل والنهار وظمأ الهواجر ومقاعد أقوام ينتقون الكلام كما تنتقى الفاكهة .
ثم مسألة أخيرة في هذا الحديث وهي لماذا قال النبي لربيعة (فأعني على نفسك بكثرة السجود) ولم يكتفي بذكر الإكثار من السجود فحسب بأن يقول مثلاً فأكثر من السجود ، أو لعلنا نأتي بالسؤال بصيغة أخرى لماذا اختص النبي النفس بهذا المطلب السامي الذي طلبه ربيعة رضي الله عنه ، الجواب على هذه المسألة فصله شراح الحديث ولخصه الشيخ نور الدين السندي رحمه الله في حاشيته على سنن النسائي بقوله : ( فأعني على نفسك أي على تحصيل حاجة نفسك التي هي المرافقة والمراد تعظيم تلك الحاجة وأنها تحتاج إلى معاونة منك ومجرد السؤال مني لا يكفي فيها أو المعنى فوافقني بكثرة السجود قاهرا بها على نفسك وقيل أعني على قهر نفسك بكثرة السجود كأنه أشار إلى أن ما ذكرت لا يحصل الا بقهر نفسك التي هي أعدى عدوك فلا بد لك من قهر نفسك بصرفها عن الشهوات ولا بد لك أن تعاونني فيه وقيل معناه كن لي عونا في إصلاح نفسك واجعلها طاهرة مستحقة لما تطلب فإني أطلب إصلاح نفسك من الله تعالى وأطلب منك أيضا اصلاحها بكثرة السجود لله فإن السجود كاسر للنفس ومذل لها وأي نفس انكسرت وذلت استحقت الرحمة والله تعالى أعلم ) .
هذه هي الفائدة الأولى والعظمى التي نالها ربيعة رضي الله عنه من ملازمة النبي ، ومن فوائد تلك الملازمة المباركة أيضاً روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم ونقله طرفاً من قيام النبي الليل والمتمثلة في الأحاديث التالية /
فعن ربيعة بن كعب الأسلمى قال ( كنت أنام في حجرة النبي صلى الله عليه وسلم فكنت أسمعه إذا قام من الليل يصلي يقول الحمد لله رب العالمين الهوى قال ثم يقول سبحان الله العظيم وبحمده الهوى )
وعنه أيضاً رضي الله عنه ( قال كنت أبيت عند باب رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيه وضوءه فاسمعه بعد هوى من الليل يقول سمع الله لمن حمده واسمعه بعد هوى من الليل يقول الحمد لله رب العالمين ) رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح وأخرجه أحمد والنسائي .
الهويَ بفتح الهاء وكسر الواو ونصب الياء المشددة ، قال الطيبي رحمه الله ( الحين الطويل من الزمان )، وقيل مختص بالليل والتعريف هنا لاستغراق الحين الطويل بالذكر بحيث لا يفتر عنه .
وروى الإمام أحمد في مسنده قول ربيعة رضي لله عنه ( كنت أخدم رسول الله وأقوم له في حوائجه نهاري أجمع حتى يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة فاجلس ببابه إذا دخل بيته أقول لعلها أن تحدث لرسول الله حاجة فما أزال اسمعه يقول رسول الله سبحان الله سبحان الله سبحان الله وبحمده .... ) الحديث .
هذه هي حياة النبي في الليل صلاة وذكر وتقرب إلى الله تعالى كما روى ذلك ربيعة رضي الله عنه ، لقد كان النبي يقوم الليل حتى تتفطر قدماه تسأله زوجه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا .
قال الله تعالى ( ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) وهي الشفاعة وكل عسى في القرآن فهي واجبة وقال محمد بن إسحاق بن يسار رحمه الله وعسى من الله حق .
هذه هي حال النبي في الليل وحال أصحابه رضوان الله عليهم شبيهة بحاله ، فما حالنا مع الليل وماهو أغلب المسلمين مع هذا الوقت الفاضل وقت النزول الإلهي حينما ينزل ربنا إلى السماء الدنيا نزولاً يليق بجلاله وعظمته حين يبقى ثلث الليل الأخير كما ثبت ذلك في الصحيحين فيقول هل من سائل فأعطيه هل من داع فأستجيب له هل من مستغفر فأغفر له ، نعم أيها الأحباب إن هذا الوقت المبارك.. فرصة للسائلين.. فرصة للداعين ..فرصة للمستغفرين ،فأين أصحاب الحاجات.. أين أصحاب الكربات..أين أصحاب الهموم ..أين أصحاب الغموم .. أين الذين يسألون العباد وينسون رب العباد .. إن هذا الوقت المبارك يدعو النائمين يدعو الغافلين يدعو اللاهين ربكم الغني عنكم يدعوكم لسؤاله يدعوكم لدعائه يدعوكم لاستغفاره فهل أنتم مجيبون .

وعودة إلى رحلتنا الماتعة مع ربيعة رضي الله عنه فقد كان ربيعة رضي الله عنه ملازماً للنبي ، كما أنه رضي الله عنه كان يغزو مع النبي ، جاء عند الحاكم رحمه الله (ولم يزل ربيعة بن كعب يلزم النبي بالمدينة ويغزو معه ) .
بقي ربيعة رضي الله عنه ملازماً للنبي لايريد أن يشغله أحد عن هذا الشرف العظيم ، حتى أنه رضي الله عنه لم يفكر أن يتزوج لنفس هذا السبب ، لكن رسول الله فطن لهذا الأمر واهتم له ، ودعونا نستمع إلى قصة زواج ربيعة رضي الله فهي قصة عجيبة فيها أحداث كثيرة وفوائد ولعلنا نسوق القصة أولاً ثم تكون الدروس والعبر فلنستمع إليها كما يرويها ربيعة رضي الله عنه.
روى الإمام أحمد في مسنده وغيره عن ربيعة الأسلمي رضي الله عنه قال كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا ربيعة ألا تزوج قال قلت والله يا رسول الله ما أريد أن أتزوج ما عندي ما يقيم المرأة وما أحب ان يشغلنى عنك شيء فأعرض عنى فخدمته ما خدمته ثم قال لي الثانية يا ربيعة ألا تزوج فقلت ما أريد أن أتزوج ما عندي ما يقيم المرأة وما أحب أن يشغلني عنك شيء فأعرض عني ثم رجعت إلى نفسي فقلت والله لرسول الله صلى الله عليه وسلم بما يصلحنى في الدنيا والآخرة أعلم منى والله لئن قال تزوج لأقولن نعم يا رسول الله مرني بما شئت قال فقال يا ربيعة ألا تزوج فقلت بلى مرني بما شئت قال انطلق إلى آل فلان حي من الأنصار وكان فيهم تراخ عن النبي صلى الله عليه وسلم فقل لهم إن رسول الله أرسلني إليكم يأمركم ان تزوجوني فلانة لامرأة منهم فذهبت فقلت لهم ان رسول الله أرسلني إليكم يأمركم أن تزوجوني فلانة فقالوا مرحبا برسول الله وبرسول رسول الله والله لا يرجع رسول رسول الله إلا بحاجته فزوجوني وألطفوني وما سألوني البينة فرجعت إلى رسول الله حزينا فقال لي مالك يا ربيعة فقلت يا رسول الله أتيت قوما كراما فزوجوني وأكرموني وألطفوني وما سألوني بينة وليس عندي صداق فقال رسول الله يا بريدة الأسلمي اجمعوا له وزن نواه من ذهب قال فجمعوا لي وزن نواة من ذهب فأخذت ما جمعوا لي فأتيت به النبي فقال اذهب بهذا إليهم فقل هذا صداقها فأتيتهم فقلت هذا صداقها فرضوه وقبلوه وقالوا كثير طيب قال ثم رجعت إلى النبي حزينا فقال يا ربيعة مالك حزين فقلت يا رسول الله ما رأيت قوما أكرم منهم رضوا بما أتيتهم وأحسنوا وقالوا كثيرا طيبا وليس عندي ما أولم قال يا بريدة اجمعوا له شاة قال فجمعوا لي كبشا عظيما سمينا فقال لي رسول الله اذهب إلى عائشة فقل لها فلتبعث بالمكتل الذي فيه الطعام قال فأتيتها فقلت لها ما أمرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت هذا المكتل فيه تسع أصع شعير لا والله ان أصبح لنا طعام غيره خذه فآخذته فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته بما قالت عائشة فقال اذهب بهذا إليهم فقل ليصبح هذا عندكم خبزا فذهبت إليهم وذهبت بالكبش ومعي أناس من أسلم فقال ليصبح هذا عندكم خبزا وهذا طبيخا فقالوا أما الخبز فسنكفيكموه وأما الكبش فاكفونا أنتم فأخذنا الكبش أنا وأناس من أسلم فذبحناه وسلخناه وطبخناه فأصبح عندنا خبز ولحم فأولمت ودعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم .
*************** *************** *************** **
قصة مؤثرة
( دارت بين أبي بكر الصديق وربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنهما )



الأمة دائماً ماتحتاج إلى تدبر سير العظام منها ، وهل أعظم قدراً وأعلى مكاناً من أصحاب رسول الله ، لقد سطرت كتب التاريخ والسنة صفحات خالدة لأولئك الرجال رضي الله عنهم وأرضاهم ،( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة:100) واليوم سنعطر هذا المجلس بقصة فيها كثير من العظات العبر، قصة حفظتها لنا كتب السنة ، أما أطراف القصة فصحابيين فاضلين أولهما الصديق أبو بكر رضي الله عنه ، أفضل رجل بعد الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، الخليفة الراشد الأول رضي الله عنه ، والثاني خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذي سأله مرافقته في الجنة فقال له النبي إذن أفعل فأعني على نفسك بكثرة السجود ، ريبعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه ، فإليكم القصة أولاً كما رواها أحد أطرافها ثم نقف معها بإذن الله وقفات فقد روى الإمام الحاكم في مستدركه وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه عن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قوله (وأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضاً وأعطى أبا بكر أرضاً فاختلفنا في عذق نخلة قال وجاءت الدنيا فقال أبو بكر هذه في حدي فقلت لا بل هي في حدي قال فقال لي أبو بكر كلمة كرهتها وندم عليها قال فقال لي يا ربيعة قل لي مثل ما قلت لك حتى تكون قصاصا قال فقلت لا والله ما أنا بقائل لك إلا خيرا قال والله لتقولن لي كما قلت لك حتى تكون قصاصا وإلا استعديت عليك برسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقلت لا والله ما أنا بقائل لك إلا خير قال فرفض أبو بكر الأرض وأتى النبي صلى الله عليه وسلم جعلت أتلوه فقال أناس من أسلم يرحم الله أبا بكر هو الذي قال ما قال ويستعدي عليك قال فقلت أتدرون من هذا هذا أبو بكر هذا ثاني اثنين هذا ذو شيبة المسلمين إياكم لا يلتفت فيراكم تنصروني عليه فيغضب فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيغضب لغضبه فيغضب الله لغضبهما فيهلك ربيعة قال فرجعوا عني وانطلقت أتلوه حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقص عليه الذي كان قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ربيعة ما لك والصديق قال فقلت مثل ما قال كان كذا وكذا فقال لي قل مثل ما قال لك فأبيت أن أقول له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل فلا تقل له مثل ما قال لك ولكن قل يغفر الله لك يا أبا بكر قال فولى أبو بكر الصديق رضي الله عنه وهو يبكي ) .
إن هذه القصة العجيبة التي نقلتها لنا كتب السنة تحمل في طياتها جملة من الدروس والعبر ، ولاأدري بأيها أبدأ ، هل أبدأ برسول وكيف سمع من أبي بكر وربيعة رضي الله عنهما وكيف جعلهما يتجاوزا هذه المرحلة ، أم بالنفس الكبيرة للصديق رضي الله عنه ، أم أتحدث عن ربيعة رضي الله عنه وتوقيره للصديق رضي الله عنه .
إن المحور الذي تدور عليه هذه القصة هو مادار بين الصحابيين الكريمين ونظرتهما لذلك العذق الذي سبب اختلافاً يسيراً بينهما ، لقد قال ربيعة رضي الله عنه أن السبب في حدوث هذا الأمر
( وجاءت الدنيا ) يعني أن السبب الرئيس كان الإلتفات لهذه الدنيا وزهرتها ، وكأنه رضي الله عنه يقول لنا إن حقيقة الدنيا وزخرفها لاتدع لمثل هذا الخلاف والنزاع ، كأنه يقول لنا لماذا الاختلاف والتنازع والتقاطع بين الخلان والإخوان من أجل مال أو أرض أو ميراث ، كأنه يقول لنا إلى متى تشغلنا هذه الدنيا عن أهدافنا السامية .. عن علاقاتنا فيما بيننا ، اسمعوا إلى ربنا سبحانه وتعالى يصف لنا هذه الدنيا (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً) (الكهف:45)
ثم يلفت رضي الله عنه لفتة أخرى توجها رضي الله عنه بعدل مطلق حينما قال عن أبي بكر رضي الله عنه ( فقال لي أبو بكر كلمة كرهتها وندم ) ، حاولت أن أعرف هذه الكلمة التي قالها أبو بكر رضي الله عنه فيما ورد من روايات لهذا الحديث لكنني لم أتوصل إليها مع يقيني الكبير أن هذه الكلمة لاتعدوا أن تكون سبق لسان تداركه الصديق رضي الله عنه بندمه على ماقال – وفي هذا عبرة وأي عبرة فحتى لو أخطأ الأكابر فالعودة إلى الحق تكاد أن تكون أسرع من الوقوع في الخطأ – ثم إن خفاء هذه الكلمة يثبت أن ربيعة رضي الله عنه لايحمل شيئاً يريد أن تنسى هذه الكلمة وتمحى .
طلب أبو بكر رضي الله عنه من ربيعة رضي الله عنه أن يرد له تلك الكلمة ليقتص الصديق رضي الله عنه من نفسه ، لم تمنعه مكانته من رسول الله ولا مكانته في الإسلام أن يحقر أحداً من المسلمين ولاأن يتعدى عليه حتى بلفظ يسير – يقرر لنا الصديق رضي الله عنه بهذا الموقف العظيم مبدأ العدل والتواضع - وفي موقف كبير آخر مقابل لموقف الصديق رضي الله عنه ونفس سامية للمتربي في مدرسة النبوة على صحابها أفضل الصلاة والسلام تسمو عن مبدالة الكلمة المكروهة بمثلها ليقول ربيعة رضي الله عنه (لا والله ما أنا بقائل لك إلا خيراً ) وكأن ربيعة رضي الله عنه مرة أخرى يذكرنا بحقيقة أخرى فكأنه يقول بادل السيئة بالحسنة وكأنه يقول لاتدع للشيطان مدخلاً عليك في تعاملك مع إخوانك وخلانك ، وكأنه يقول لاتقل بلسانك إلا خيراً ، وكأنه يهمس في أذن من اتخذ من لسانه أداة للسب أو الشتم أو السخرية أو الغيبة أو الكذب لاتفعل .. لاتفعل ... فهذا ليس من الخير في شيء ، ثم هو رضي الله عنه يذكرنا بخلق آخر خلق فاضل ألا وهو خلق الحلم لم يرد رضي الله عنه على أبي بكر رضي الله عنه الكلمة بمثلها أو تجاوز ذلك – حاشاه – رضي الله عنه ، أليس في ذلك عبرة لنا أن نضبط أنفسنا ، ومشاعرنا ، يؤسفني أن بعض المسلمين يرد الكلمة بمثليها والجملة بأضعافها ، يستثيره أدنى أمر .. فتجده يزبد ويرعد .. يشتم ويلعن .. وينسى وصية حبيبه حينما أوصى صاحبه رضي الله عنه ( لاتغضب ) .
ثم إن أبا بكر رضي الله عنه وقد أثرت عليه الكلمة التي قالها ، عندما لم يلبي ربيعة رضي الله عنه طلبه ذهب إلى النبي ليرشده في أمره – وفي هذا فائدة جليلة بالعودة إلى المرجعية التي تتمثل في رسول الله في هذه القصة - وتبعه ربيعة رضي الله عنه وفي الطريق أراد قوم ربيعة رضي الله عنه أن يردوه عن إتباع أبي بكر رضي الله عنه وكأنهم يقولون له أنك أنت المخطأ عليك ومعك الحق فلماذا تذهب خلفه ، وتأتي الإجابة الكبيرة في مبناها ومعناها من ربيعة رضي الله عنه ( أتدرون من هذا هذا أبو بكر .. هذا ثاني اثنين هذا ذو شيبة المسلمين .. إياكم لا يلتفت فيراكم تنصروني عليه فيغضب فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيغضب لغضبه فيغضب الله لغضبهما فيهلك ربيعة ) إنه سمو في القول والفعل ... سمو في الأخلاق والتعامل .. سمو في الإحترام والتوقير .. فلله درك ورضي الله عنك حين تعطي للأمة درساً في إنزال الناس منازلهم ، لله درك ورضي الله عنك حين تعرف لأهل الفضل فضلهم ، لله درك ورضي الله عنك حين توقر الصديق رضي الله عنه وتحترمه ..
لله درك ورضي الله عنك حين تضبط الأمور بميزان الشرع للعقل ، انظروا رضي الله عنها علم مكانة أبي بكر رضي الله عنه من رسول الله خشي من غضبه لإنه سيترتب على ذلك غضب رسول الله ثم يترتب على ذلك غضب الله تعالى إنه ميزان الشرع الذي الذي وزن فيه الأمر الذي غاب عن قومه رضي الله عنهم حينما وزنوا الأمر بعاطفتهم المجردة ، وفي هذا درس للأمة عظيم أن العاطفة التي لاتنضبط بضوابط الشرع تؤدي إلى نتائج لاتحمد عقباها ، أترون ماتمر به بلادنا حرسها الله في هذه الأيام من ظهور الأفكار التي حركتها العاطفة الغير منضبطة بضوابط الشرع ، فعاثت في الأرض فساداً تفجر وتدمر وتخرب وتكفر ، أيها المسلمون .. إن العلم الشرعي المبني على الأصول الصحيحة هو السبيل الأوحد إلى سلامة الأمة ونصرها ، نحن أمة منهجنا واضح وأساسه واضح ، ومبناه واضح ، لايحركنا هوىً متبع أو عاطفة غير منضبطة أو حماس غير محسوب .
هذا مادار بين الصحابيين رضي الله عنهما قبل وصولهما إلى رسول الله ، أما ماكان بينهما عند رسول الله . فقد التقى الصحابيان رضي الله عنهما أبو بكر الصديق وربيعة الأسلمي رضي الله عنهما عند رسول الله واستمع لهما ، هكذا رسولنا مع أصحابه رضي الله عنهم يستمع إليهم ويجلس معهم يشاوره فيشير عليهم يسألوه فيجيبهم ، سمع كلا الطرفين ولم يغفل طرفاً دون الآخر وفي هذا مضرب مثل لعدله ، وبعد أن استمع إليهما واتضح له الأمر أرشد ربيعة لما هو خير من رد الكلمة التي قال أبو بكر رضي الله عنه ، وأيده على عدم الرد بالمثل وقال له قل يغفر الله لك ياأبا بكر ) .
قالها ربيعة رضي الله عنه فأبت تلك النفس الكبيرة نفس أبي بكر رضي الله عنه التي تخشى الله وتتقه فسبقت عبراته عبارته وولى وهو يبكي رضي الله عنه وأرضاه .
يالله .. ماأجملها من قصة تختم بهذا الأدب الجم والخلق خلق العفو والتسامح ، ( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ)(الشورى : من الآية40) .


الساعة الآن 02:35 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
- arab-line : Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.3.0 TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010

... جميع الحقوق محفوظه لمجالس رويضة العرض لكل العرب ...

.. جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر صاحبها ...ولا تعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر المنتدى..

a.d - i.s.s.w