علماء الأمة الإسلامية: الدعوة بنسف الكعبة جنون وهوس "أطفال"

تحقيق- حسونة حماد

استنكر علماء الأمة الإسلامية التصريحات النازية التي أطلقها نائبا الكونجرس الأمريكي والبرلمان الهولندي حول الإسلام؛ حيث طالب الأول بنسف مدينتَي مكة المكرمة والمدينة المنورة؛ باعتبارهما مَعقِلَي الإرهاب على حدِّ وقاحته، بينما دعا الثاني إلى منع تداول المصحف الشريف وقراءة القرآن حتي في منازل المسلمين، واصفًا القرآن الكريم بألفاظ وقحة!!

وأكد العلماء الذين استطلعنا آراءهم في هذا التحقيق أن هذه الحملات المتواصلة على الإسلام والمقدَّسات الإسلامية في الداخل والخارج تؤكد أن هناك حملةً عالميةً للنَّيل من الإسلام، كما تعبِّر عن فشل الغرب في تجميل وجهه العنصري المقيت، والذي بدأ يتكشَّف المرة تلو الأخرى.



ودعا العلماء في هذا التحقيق الأنظمةَ الإسلاميةَ الحاكمةَ إلى ضرورة التصدِّي لهذه التصريحات المجنونة، وأن يقوموا بدورهم في الدفاع عن المقدَّسات والرموز الإسلامية، وألا يكتفوا بمجرد الشجْب والإدانة والاستنكار، وأن يتخذوا خطواتٍ جادَّةً وحاسمةً في مقاطعة هذه الدول؛ حتى تعرف خطأها، وتطالب حكوماتها بمحاسبة المسيئين للدين الإسلامي الحنيف، كما دعا العلماء الشعوب الإسلامية للضغط على حكوماتهم لمقاطعة هذه الدول دبلوماسيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا، كما أكدوا فرضية المقاطعة الشعبية الاقتصادية لمنتجات هذه الدول التي تُسيء لديننا، ودعا العلماء خطباء المساجد والعلماء إلى توعية الجماهير بخطورة الاعتداء على قدسية الدين الإسلامي.


في البداية يؤكد الدكتور نصر فريد واصل- مفتي الديار المصرية الأسبق- أن التهديد بنسف الكعبة قديم ويعكس نهجًا متطرِّفًا لبعض الأجنحة في الإدارة الأمريكية، ولا يخدم الأمن والاستقرار في الولايات المتحدة والعالم، بل يغذِّي التطرُّف والإرهاب ويزيد حالة الاحتقان بين الإسلام والغرب في وقتٍ يحتاج فيه العالم المعاصر إلى حوارٍ حضاريٍّ بنَّاءٍ يقوم على التعاون على البرِّ والتقوى وليس على الإثم والعدوان.


واجب الحكام


د. نصر فريد واصل

ودعا واصل العقلاء في الغرب بأن يحاولوا معالجةَ الجذور الأصلية لظاهرة الإرهاب؛ باتخاذ الآليات المناسبة لإزالة أسبابه وليس تصعيده بالتهديد والوعيد، فأسباب الإرهاب معروفة لدى المراكز البحثية ودوائر صنع القرار، كغياب العدالة في حسم الصراعات والنزاعات الدولية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والمسألة العراقية.


وأشار واصل إلى أن هذا التهديد ليس مفاجأةً، فبعد أحداث سبتمبر ارتفعت نبرة "الحرب الصليبية"، لكنَّ الإدارة الأمريكية تراجعت في وقتٍ مبكر؛ لإدراكها خطورةَ إحياء المصطلح وتفعيله من جديد، كما أن الكعبة بيت الله، وهو وحده- جلَّ وعلا- القادر على ردِّ كيد المعتدين مثلما حدث مع إبرهة الأشرم الذي حاول هدمها ثم ارتدَّ على عقبيه.



وعن موقف الأنظمة والحكومات الإسلامية قال واصل إنه يجب اتخاذ مواقف جادَّة من هذه التجاوزات التي بدأت في الازدياد، سواءٌ بالإساءة إلى النبي الكريم أو المقدَّسات الإسلامية، وقال إنه يجب على هذه الأنظمة أن تَعِيَ جيدًا خطورة تقصيرها في الدفاع عن مقدسات الأمة الإسلامية مقابل بعض الاتفاقيات أو الصفقات.



"همجية وهوَس"!!


د. سلمان بن فهد العودة

ويرى الدكتور سلمان بن فهد العودة- أمين عام منظمة النصرة العالمية وعضو مجلس أعضاء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين- أن هذه الهجمة على المقدسات الإسلامية تنمُّ عن تواطؤ عالمي ودولي لاستهداف الإسلام، ودعا العلماء إلى ضرورة أن يؤدُّوا دورَهم بمواجهة هذه التجاوزات في مختلف الوسائل الإعلامية المتاحة، سواءٌ في الفضائيات أو الإنترنت أو الصحف.



من جانبه وصف الدكتور محمد رأفت عثمان- عضو مجمع البحوث الإسلامية- هذه التصريحات بالهمجية والوحشية، وقال إن مثل هذا الكلام لا يصدر إلا مِن "مهووس"؛ لأنه مهما بلغت درجة الكراهية والتعصُّب ضد أي دين من الأديان لا يجب أن تصل به الهمجية إلى التهديد بهدم معابد الآخرين.



وأكد عثمان أن هذا التصرف الهمجي ليس من سمات العقلاء، وأنه لو كان على ثقة من نفسه وعلى ثقة من ضعف مخالفيه لناقش آراء الآخرين بالفكر والعلم والحوار، أما أن ينادي بفكرة هدم الكعبة فهذا إفلاس فكري لا يقوم به إلا الهمجيون والأطفال غير المدركين.



وأضاف قائلاً: كنت أفضِّل عدم الالتفات إلى مثل هذا الهراء الذي لا يستحق الردّ؛ لأنه لا يتصوّر أن يقع وإلا قامت القيامة وتحوَّل المسلمون إلى ثورة لا يستطيع أحد أن يواجهها.



وأوضح عثمان أن هذه التصريحات تشير إلى أمرين؛ الأول: الإحساس بقوة الإسلام نفسه وانتشاره بسهولة في الأوساط الغربية، والثاني: ضعف العالم الإسلامي وهوانه على الغرب، مؤكدًا أن الأمة عندما تكون في مرحلة الوعي وحسن التصرف لِمَا يحاك حولها مع تمسكها بدينها فان أعداءها يهابونها ويتعاملون ضدها بالوسائل التي تناسبها.



نتائج عكسية



أوضح الدكتور محمد ياسر المسدي- أستاذ الشريعة الإسلامية بسوريا- أن الهجمة على المقدَّسات الإسلامية ليست جديدةً، فتجد بين الحين والآخر يخرج ناعق من هؤلاء، مضيفًا أن هذه الهجمات تأتي بالخير للإسلام والمسلمين؛ حيث يظهر الناس على حقيقتهم، وفي نفس الوقت يقوم الدعاة والعلماء بتعريف الناس وتوجيههم وتوضيح الشبهات التي يطرحها هؤلاء الناس، فضلاً عن قيام بعض الأشخاص من غير المسلمين بدراسة الإسلام، وهو ما ينتهي في النهاية باعتناقهم الإسلام.



ويرى أن الهجمات على المقدسات الإسلامية هي دعاية للإسلام وتعاليمه، مشددًا على ضرورة تكاتف كل الجهود بكل الوسائل المتاحة، سواءٌ كانت إعلاميةً أو دعويةً أو سياسيةً، للتصدِّي لمثل هذه الهجمات واستثمارها لصالح الإسلام.



تحدٍّ كبير

ويرى الدكتور يونس صوالحي- أستاذ الفقه والأصول بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا- أن تجدد الهجمات على المقدسات الإسلامية يُمثِّل تحديًا جديدًا لعلماء المسلمين في مواجهة الجهل بتعاليم الإسلام.



ويقول الدكتور أوزبك عبد الكريم- مدير المركز الثقافي الإسلامي في كازاخستان- إن الهجوم على المقدسات الإسلامية يؤخذ على أنه حرية في الرأي والتعبير، مشيرًا إلى أن هناك الكثير من الأماكن على مستوى العالم تسيطر عليها الثقافة الغربية وتحتاج إلى جهد كبير من علماء الإسلام في توضيح مفاهيم الإسلام الصحيحة في هذه المناطق، وخاصةً الشباب منهم؛ ليزدادوا علمًا وثقافةً ويستطيعوا مواجهة تلك الهجمات المتكررة بكل قوة وعزم وعلم

المصدر