غريب في أرض الضياع..!

يتوقد فيه قبس من نور، ويتوهج هياماً و ولهاً...
وقلم لا يمل قارئه، ولا يسأم حديثه، بليغ عذب الكلام، ذو استواء في منطق، تتطرح عليه المعاني من بوادي الحروف وحضرها...
غريب بين أهله وعشيرته، ولكنه عبقري الطبيعة، ذكي القلب، مرهف الحس، رقيق الإحساس، يحمل بين جنبيه روحاً ثائرة، ونفساً متمردة، تكافح وتنافح وتناضل...لا تهدأ عن ثورة ولا تقعد على ضيم، و لاتخيس بالأمانة...و تأبى أن تسام الخسف...
بين عينيه لمحة حديد نافذة إلى الأعماق...أعماق النفس والكلم و الآفاق.....و ذخائر العقول....
يمضي بهمه، محتقباً الفكر والأدب والقلم خلف ظهره، لا يكاد يضع عن نفسه هم الأحمال...
ينفذ كالسهم، رامياً همه بين عينيه...وحماسته تقوده بفكر نافذ إلى حيث أراد...
مضى قاصداً مدينة الظلام...المحكم ة الأبواب، الطويلة القلاع، المحروسة من جميع أرجائها....
ومن على باب تلك المدينة، يحاول النفاذ، ويعالج التسلل إلى منافذها، و متغلغلاً إلى معابرها...ومبان يها..
وفي لحظة ترمقه العيون، ويلمحه المندسون بين الأعمدة والصفوف...
وتتسمعه الآذان، فتتقاذفه السهام المسمومة من كل حدب وصوب، حتى تنفذ إلى قلبه الكبير....ليسقط على باب المدينة المظلمة، فيحمل ليرمى خارجها، وحقيبته لا تزال تلازمه، لم تفارقه...ولكنها لم تكد تسقط حتى يلتقطها نافذ الرأي بصير ملتهب في حماسته...ليرمي بها إلى الأمام......!