مجالس الرويضة لكل العرب

مجالس الرويضة لكل العرب (http://www.rwwwr.com/vb/httb:www.rwwwr.com.php)
-   روحانيات (http://www.rwwwr.com/vb/f5.html)
-   -   آية وتفسيرها .. (http://www.rwwwr.com/vb/t52976.html)

عطـ فواح ــر 29-09-2011 11:21 PM

رد: آية وتفسيرها ..
 
سورة الفيل

http://youtu.be/fWAe92syoX0

عطـ فواح ــر 29-09-2011 11:27 PM

رد: آية وتفسيرها ..
 
تفسير سورة القارعة للشيخ عثمان الخميس

http://youtu.be/Ds9E2QMkoX8

عطـ فواح ــر 29-09-2011 11:34 PM

رد: آية وتفسيرها ..
 
تفسير سورة التكاثر

للقارئ الشيخ مشاري العفاسي

http://youtu.be/HwGvHKyaqU0

عطـ فواح ــر 11-10-2011 08:01 PM

رد: آية وتفسيرها ..
 
{ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ } آية 3 , سورة المؤمنون

أَيْ عَنْ الْبَاطِل وَهُوَ يَشْتَمِل الشِّرْك كَمَا قَالَهُ بَعْضهمْ
وَالْمَعَاصِي قَالَهُ آخَرُونَ
وَمَا لَا فَائِدَة فِيهِ مِنْ الْأَقْوَال وَالْأَفْعَال
كَمَا قَالَ تَعَالَى" وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا "
قَالَ قَتَادَة : أَتَاهُمْ وَاَللَّه مِنْ أَمْر اللَّه مَا وَقَفَهُمْ عَنْ ذَلِكَ .

عطـ فواح ــر 11-10-2011 08:11 PM

رد: آية وتفسيرها ..
 
http://imagecache.te3p.com/imgcache/...c050fbae92.png




[وَاَلَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتهمْ يُحَافِظُونَ ]

أَيْ يُوَاظِبُونَ عَلَيْهَا فِي مَوَاقِيتهَا كَمَا قَالَ اِبْن مَسْعُود سَأَلْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْت يَا رَسُول اللَّه أَيّ الْعَمَل أَحَبّ إِلَى اللَّه ؟ قَالَ " الصَّلَاة عَلَى وَقْتهَا " قُلْت ثُمَّ أَيّ ؟ قَالَ " بِرّ الْوَالِدَيْنِ " قُلْت ثُمَّ أَيّ ؟ قَالَ " الْجِهَاد فِي سَبِيل اللَّه " أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَفِي مُسْتَدْرَك الْحَاكِم قَالَ " الصَّلَاة فِي أَوَّل وَقْتهَا " وَقَالَ اِبْن مَسْعُود وَمَسْرُوق فِي قَوْله " وَاَلَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتهمْ يُحَافِظُونَ" يَعْنِي مَوَاقِيت الصَّلَاة وَكَذَا قَالَ أَبُو الضُّحَى وَعَلْقَمَة بْن قَيْس وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَعِكْرِمَة وَقَالَ قَتَادَة : عَلَى مَوَاقِيتهَا وَرُكُوعهَا وَسُجُودهَا وَقَدْ اِفْتَتَحَ اللَّه ذِكْر هَذِهِ الصِّفَات الْحَمِيدَة بِالصَّلَاةِ وَاخْتَتَمَهَا بِالصَّلَاةِ فَدَلَّ عَلَى أَفْضَلِيَّتهَا
كَمَا قَالَ رَسُول اللَّه " اِسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْر أَعْمَالكُمْ الصَّلَاة وَلَا يُحَافِظ عَلَى الْوُضُوء إِلَّا مُؤْمِن " ...


عطـ فواح ــر 19-10-2011 07:07 PM

رد: آية وتفسيرها ..
 
{‏هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ * يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ‏}‏


يقول تعالى‏:‏ ما ينتظر المكذبون، وهل يتوقعون{‏إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ‏} أي‏:‏ فإذا جاءت، فلا تسأل عن أحوال من كذب بها، واستهزأ بمن جاء بها‏.‏
وإن الأخلاء يومئذ، أي‏:‏ يوم القيامة، المتخالين على الكفر والتكذيب ومعصية اللّه،
{‏بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ‏}لأن خلتهم ومحبتهم في الدنيا لغير اللّه، فانقلبت يوم القيامة عداوة‏.‏ ‏{‏إِلَّا الْمُتَّقِينَ‏}‏ للشرك والمعاصي، فإن محبتهم تدوم وتتصل، بدوام من كانت المحبة لأجله، ثم ذكر ثواب المتقين، وأن اللّه تعالى يناديهم يوم القيامة بما يسر قلوبهم، ويذهب عنهم كل آفة وشر، فيقول‏:{‏يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ‏}
أي‏:‏ لا خوف يلحقكم فيما تستقبلونه من الأمور، ولا حزن يصيبكم فيما مضى منها، وإذا انتفى المكروه من كل وجه، ثبت المحبوب المطلوب‏.‏
{‏الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وكانوا مسلمين‏} أي‏:‏ وصفهم الإيمان بآيات اللّه، وذلك ليشمل التصديق بها، وما لا يتم التصديق إلا به، من العلم بمعناها والعمل بمقتضاها‏.{‏وَكَانُوا مُسْلِمِينَ‏} للّه منقادين له في جميع أحوالهم، فجمعوا بين الاتصاف بعمل الظاهر والباطن‏.‏



{‏ادْخُلُوا الْجَنَّةَ‏} التي هي دار القرار {‏أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُم‏}
أي‏:‏ من كان على مثل عملكم، من كل مقارن لكم، من زوجة، وولد، وصاحب، وغيرهم‏.‏ ‏{‏تُحْبَرُونَ‏ }‏ أي‏:‏ تنعمون وتكرمون، ويأتيكم من فضل ربكم من الخيرات والسرور والأفراح واللذات، ما لا تعبر الألسن عن وصفه‏.‏
{‏يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ‏} أي‏:‏ تدور عليهم خدامهم، من الولدان المخلدين بطعامهم، بأحسن الأواني وأفخرها، وهي صحاف الذهب وشرابهم، بألطف الأواني، وهي الأكواب التي لا عرى لها، وهي من أصفى الأواني، من فضة أعظم من صفاء القوارير‏.‏
{‏وَفِيهَا‏}أي‏:‏ الجنة
{‏مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ‏} وهذا لفظ جامع، يأتي على كل نعيم وفرح، وقرة عين، وسرور قلب، فكل ما اشتهته النفوس، من مطاعم، ومشارب، وملابس، ومناكح، ولذته العيون، من مناظر حسنة، وأشجار محدقة، ونعم مونقة، ومبان مزخرفة، فإنه حاصل فيها، معد لأهلها، على أكمل الوجوه وأفضلها، كما قال تعالى‏:‏{‏لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ‏}{‏وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ‏} وهذا هو تمام نعيم أهل الجنة، وهو الخلد الدائم فيها، الذي يتضمن دوام نعيمها وزيادته، وعدم انقطاعه‏.‏


{‏وَتِلْكَ الْجَنَّةُ‏} الموصوفة بأكمل الصفات، هي
{‏الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ‏} أي‏:‏ أورثكم اللّه إياها بأعمالكم، وجعلها من فضله جزاء لها، وأودع فيها من رحمته ما أودع‏.‏
{‏لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ‏} كما في الآية الأخرى‏:{‏فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ‏}{‏مِنْهَا تَأْكُلُونَ‏} أي‏:‏ مما تتخيرون من تلك الفواكه الشهية، والثمار اللذيذة تأكلون‏ ....

عطـ فواح ــر 12-12-2011 01:00 AM

رد: آية وتفسيرها ..
 
..{والمستغفرين بالأسحار}..

دَلّ على فضيلة الإستغفار وقت الأسحار..
وقد قيل: إن يعقوب عليه السلام, لما قال لبنيه {سوف أستغفر لكم ربي} إنه أخرهم إلى وقت السحر..
وثبت في الصحيحين وغيرهما من المساند والسنن من غير وجه عن جماعة من الصحابة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:.
«ينزل الله تبارك وتعالى في كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير, فيقول: هل من سائل فأعطيه ؟ هل من داع فأستجيب له ؟ هل من مستغفر فأغفر له » الحديث..

وقد أفرد الحافظ أبو الحسن الدارقطني في ذلك جزءاً على حدة فرواه من طرق متعددة..

وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت:
«من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوله وأوسطه وآخره فانتهى وتره إلى السحر»

وكان عبد الله بن عمر يصلي من الليل ثم يقول: يا نافع هل جاء السحر؟! فإذا قال: نعم أقبل على الدعاء والاستغفار حتى يصبح.. رواه ابن أبي حاتم..

وقال ابن جرير: حدثنا ابن وكيع حدثنا أبي عن حريث بن أبي مطر عن إبراهيم بن حاطب عن أبيه قال:
"سمعت رجلاً في السحر في ناحية المسجد وهو يقول: يا رب, أمرتني فأطعتك..وهذا السحر فاغفر لي..فنظرت فإذا هو ابن مسعود رضي الله عنه"..

وروى ابن مردويه عن أنس بن مالك قال: كنا نؤمر إذا صلينا من الليل أن نستغفر في آخر السحر سبعين مرة.

ابن كثير..}http://imagecache.te3p.com/imgcache/...eb5ccf2004.gif

محمد 12-12-2011 10:32 AM

رد: آية وتفسيرها ..
 
جزاك الله الف خيررر

عطـ فواح ــر 25-01-2012 02:48 PM

رد: آية وتفسيرها ..
 
تفسير سورة الطارق



بسم الله الرحمن الرحيم:
http://imagecache.te3p.com/imgcache/...5c6e756054.gifوَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ النَّجْمُ الثَّاقِبُ إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَأَكِيدُ كَيْدًا فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا http://imagecache.te3p.com/imgcache/...2aded98fff.gif


هذه سورة الطارق، أقسم الله -جل وعلا- فيها ببعض مخلوقاته، فقال -جل وعلا-: http://imagecache.te3p.com/imgcache/...5c6e756054.gifوَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ http://imagecache.te3p.com/imgcache/...2aded98fff.gif والطارق أصله ما يَطْرُقُ الإنسانَ ليلا، فإذا جاء إنسان إلى أهله أو إلى آخر في الليل فإنه يُسَمَّى طارقا، والله -جل وعلا- يبين المراد بالطارق بقوله -جل وعلا-: http://imagecache.te3p.com/imgcache/...5c6e756054.gifوَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ النَّجْمُ الثَّاقِبُ http://imagecache.te3p.com/imgcache/...2aded98fff.gif .
فالمراد بالطارق: هو النجم الثاقب، والمراد بالثاقب: النجم المضيء الذي يثقب بضوئه، فأقسم الله -جل وعلا- بالنجم الثاقب، وعَظَّم شأنه بقوله -جل وعلا-: http://imagecache.te3p.com/imgcache/...5c6e756054.gifوَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ http://imagecache.te3p.com/imgcache/...2aded98fff.gif .
ثم ذكر الله -جل وعلا- ما أقسم عليه، فقال -جل وعلا-: http://imagecache.te3p.com/imgcache/...5c6e756054.gifإِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ http://imagecache.te3p.com/imgcache/...2aded98fff.gif أي: أنه -جل وعلا- جعل على كل نفس حافظا يرقب حركات العبد وسكناته، وأقواله وأفعاله، كما قال الله -جل وعلا-: http://imagecache.te3p.com/imgcache/...5c6e756054.gifوَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ http://imagecache.te3p.com/imgcache/...2aded98fff.gif وقد تقدم بيان ذلك.
وقد أقسم الله -جل وعلا- على ذلك بأنه قد يتوهم بعض العباد -إذا لم يَرَ الملائكة الذين يحفظونه- أن هذا شيء كذب لا حقيقة له؛ فلذا أكده الله بأن أقسم الله -جل وعلا- عليه.

عطـ فواح ــر 25-01-2012 02:50 PM

رد: آية وتفسيرها ..
 
ثم قال -جل وعلا-: http://imagecache.te3p.com/imgcache/...5c6e756054.gifفَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ http://imagecache.te3p.com/imgcache/...2aded98fff.gif هذا فيه أمر من الله -جل وعلا- لعباده بأن ينظروا إلى ما خُلِقُوا منه؛ لأن النظر إلى مثل هذه الأشياء يورث العبد إيمانا بربه، وزيادة لإيمانه مع إيمانه.
ثم بين -جل وعلا- ما خُلِقَ الإنسان منه، قال تعالى: http://imagecache.te3p.com/imgcache/...5c6e756054.gifخُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ http://imagecache.te3p.com/imgcache/...2aded98fff.gif أي: خلق هذا العبد من الماء الدافق الذي يصبُّ من الرجل ويخرج من ذكره، وقبل خروجه من الذكر يكون خارجا من صلبه في ظهره، وهذا فيه آية من آيات الله -جل وعلا-، ثم بعد ذلك يضعه في المرأة، فينزل ماؤها الذي يخرج من ترائبها، والترائب: هو الموضع الذي توضع عليه القلادة غالبا، ينزل من ذلك ماء، فيستقر في الرحم، فيجتمع مع ماء الرجل، فيخرج الله -جل وعلا- منه الولد.
وبعض العلماء يقول إنه قوله تعالى: http://imagecache.te3p.com/imgcache/...5c6e756054.gifيَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ http://imagecache.te3p.com/imgcache/...2aded98fff.gif أن المراد صلب الرجل وترائبه، والله تعالى أعلم بذلك.
ولكن كون هذا الولد يخرج من ماء دافق، من ماء مهين حقير، هذا آية على وحدانية الله -جل وعلا-، وآية على كمال تدبيره لخلقه، وآية على حسن صنعته -جل وعلا-، وآية على قدرته -جل وعلا- على بعث خلقه وإنشائهم مرة أخرى.

عطـ فواح ــر 25-01-2012 02:56 PM

رد: آية وتفسيرها ..
 
ثم قال -جل وعلا- http://imagecache.te3p.com/imgcache/...5c6e756054.gifإِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ http://imagecache.te3p.com/imgcache/...2aded98fff.gif أي: أن الله -جل وعلا- قادر على أن يرجع الإنسان بعد ذلك، فالذي خلقه من ماء مهين قادر على أن يعيده حيا بعد موته، وقد تقدم لنا كثيرا استدلال الله -جل وعلا- بالنشأة الأولى على النشأة الآخرة، كما قال تعالى: http://imagecache.te3p.com/imgcache/...5c6e756054.gifأَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ http://imagecache.te3p.com/imgcache/...2aded98fff.gif .
ثم قال -جل وعلا-: http://imagecache.te3p.com/imgcache/...5c6e756054.gifيَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ http://imagecache.te3p.com/imgcache/...2aded98fff.gif أي: أن الله -جل وعلا- يعيد الخلق في يوم تُبْلَى فيه السرائر، بمعنى أن السرائر فيه تُخْتَبر وتمتحن، والسرائر: جمع سريرة؛ وهو ما يخفيه الإنسان، فالله -جل وعلا- يوم القيامة إذا أرجع الأرواح إلى أجسادها وأعاد الأجساد يبتلي -جل وعلا- سرائر عباده؛ لأن العبد قد يعمل أعمالا في الظاهر، ولكن سريرته على خلافها، فإذا كان يوم القيامة انكشفت الحقائق أمام الله -جل وعلا-، فمن زعم أنه يعمل لله -جل وعلا- وهو يعمل لغيره فإن الخلق قد يصدقونه في الدنيا، فإذا جاء يوم القيامة وكشف الله -جل وعلا- السرائر وظهرت له أعماله، تبين أن عمله الذي كان يعمله في الدنيا هباءً منثورا.


ثم قال -جل وعلا-: http://imagecache.te3p.com/imgcache/...5c6e756054.gifفَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ http://imagecache.te3p.com/imgcache/...2aded98fff.gif أي: أنه إذا ابتلَى الله -جل وعلا- السرائر، وأعاد الأجساد، فإن العبد في ذلك الموقف ليس بقوي يدفع عن نفسه عذاب الله -جل وعلا-، وليس له ناصر يُعِينُه على دفع ما يلقاه من العذاب؛ لأنه لا ملجأ من الله إلا إليه، فلا أحد يملك أن يدفع عن نفسه شيئا، ولا أن أحد يستطيع أن ينصر غيره، كما قال تعالى: http://imagecache.te3p.com/imgcache/...5c6e756054.gifيَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ http://imagecache.te3p.com/imgcache/...2aded98fff.gif .
ثم قال -جل وعلا-: http://imagecache.te3p.com/imgcache/...5c6e756054.gifوَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ http://imagecache.te3p.com/imgcache/...2aded98fff.gif يعني: والسماء ذات المطر، وسُمِّي المطر رجعا لأنه يتكرر ويرجع مرة بعد أخرى.
http://imagecache.te3p.com/imgcache/...5c6e756054.gifوَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ http://imagecache.te3p.com/imgcache/...2aded98fff.gif أي: الأرض ذات النبات، وسُمِّي النبات صدعا في هذه الآية لأنه إذا أراد الخروج من الأرض انصدعت الأرض، بمعنى انشقت، فهذا قَسَمٌ من الله -جل وعلا- بمخلوقين من مخلوقاته وآيتين من آياته، وهذا القسم على كتابه الكريم.
قال تعالى: http://imagecache.te3p.com/imgcache/...5c6e756054.gifإِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ http://imagecache.te3p.com/imgcache/...2aded98fff.gif أي: أن هذا القرآن قولٌ فصل يفصل بين الحق والباطل، ويميز الحق من الباطل، وهذا يدل على أن القرآن حق في نفسه، وأنه صدق، وأنه عدل؛ لأن الذي يفصل بين الحق والباطل لا بد أن تكون له هذه الأوصاف.

عطـ فواح ــر 25-01-2012 03:04 PM

رد: آية وتفسيرها ..
 
ثم إن هذا القرآن من كونه فصلا، أنه جِد ليس فيه إلا الحق، ليس فيه كذب، وليس فيه تخييل، وليس فيه قصص كاذب؛ وإنما هو كله حق وجد.
ولهذا قال تعالى: http://imagecache.te3p.com/imgcache/...5c6e756054.gif
وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ http://imagecache.te3p.com/imgcache/...2aded98fff.gif يعني: هذا القرآن جد وفصل ليس بالهزل؛ لأن الهزل ما هو إلا باطل وكذب وعبث، والقرآن منزه على ذلك، وهذا فيه رد على الكفار الذين قالوا: إن القرآن شعر، وإن القرآن سحر، وإن القرآن كهانة، رَدَّ الله -جل وعلا- عليهم بذلك، وقال http://imagecache.te3p.com/imgcache/...5c6e756054.gifإِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ http://imagecache.te3p.com/imgcache/...2aded98fff.gif .
ثم قال -جل وعلا-: http://imagecache.te3p.com/imgcache/...5c6e756054.gifإِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا http://imagecache.te3p.com/imgcache/...2aded98fff.gif أي: أن الكفار يكيدون كيدا لأولياء الله المؤمنين، ويخادعون ويمكرون بهم، بل إنهم -في زعمهم وظنهم- يريدون أن يخادعوا الله -جل وعلا- ويمكرون به، كما قال تعالى عنهم: http://imagecache.te3p.com/imgcache/...5c6e756054.gifيُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ http://imagecache.te3p.com/imgcache/...2aded98fff.gif .
ثم قال -جل وعلا-: http://imagecache.te3p.com/imgcache/...5c6e756054.gifوَأَكِيدُ كَيْدًا http://imagecache.te3p.com/imgcache/...2aded98fff.gif أي: أولئك الكفار يكيدون، والله -جل وعلا- يكيد، وكيده -جل وعلا- لهم أنه -جل وعلا- يُمْلِي لهم ويستدرجهم ثم يأخذهم -جل وعلا- على حين غرة.



قال الله -جل وعلا- في وصف كيده: http://imagecache.te3p.com/imgcache/...5c6e756054.gifوَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ http://imagecache.te3p.com/imgcache/...2aded98fff.gif وهذا فيه إثبات للكيد لله -جل وعلا-؛ فالله -جل وعلا- من صفاته أن يكيد لمن يستحق الكيد، ونُنَبِّه هاهنا إلى أن بعض العلماء أو بعض المفسرين في مثل هذه الآية يقول: هذا من باب المشاكلة، أو باب المقابلة، أو باب المجازاة. وهذا إن أريد به إثبات الصفة لله أولا، وإثبات حقيقتها، ثم بعد ذلك أريد بهذه المشاكلة، أو بهذه المقابلة، أو بهذه المجازاة أن الله -جل وعلا- يجازيهم على أعمالهم جزاء وفاقا- فهذا معنى لا بأس به.
وأما إن أريد به المشاكلة أو المقابلة أو بالمجازاة ما يستخدمه الأشاعرة وغيرهم من أنهم يريدون بذلك نفي الصفة عن الله -جل وعلا-، وأنها صفة وأن هذا مجاز في حق الله جيء به مقابل الصفة التي يتصف بها العبد، فالصفة في العبد حقيقية، ولله -جل وعلا- مجاز، فذلك أمر باطل ترده نصوص الشريعة التي دَلَّتْ على أنه يُثْبَت لله -جل وعلا- ما أثبته لنفسه، ويُنْفَى عن الله ما نفاه -جل وعلا- عن نفسه، وكذلك يُثْبَت له ما أثبته له رسوله، ويُنْفَى عن ما نفاه عنه رسوله -صلى الله عليه وسلم.

عطـ فواح ــر 25-01-2012 03:09 PM

رد: آية وتفسيرها ..
 
وسيأتي -إن شاء الله- مزيد إيضاح لها في آخر محاضرة بإذن الله عند آيات الصفات.
ثم قال -جل وعلا-:
http://imagecache.te3p.com/imgcache/...5c6e756054.gif
فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا http://imagecache.te3p.com/imgcache/...2aded98fff.gif يأمر الله -جل وعلا- نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يعطي الكافرين مهلة، لكن هذه المهلة قال الله -جل وعلا-: http://imagecache.te3p.com/imgcache/...5c6e756054.gifرُوَيْدًا http://imagecache.te3p.com/imgcache/...2aded98fff.gif يعني: قليلا، ولهذا بعد ذلك نزلت آيات السيف، وأُمِرَ النبي -صلى الله عليه وسلم- بالقتال.
http://imagecache.te3p.com/imgcache/...5c6e756054.gifيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً http://imagecache.te3p.com/imgcache/...2aded98fff.gifhttp://imagecache.te3p.com/imgcache/...5c6e756054.gifوَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ http://imagecache.te3p.com/imgcache/...2aded98fff.gifhttp://imagecache.te3p.com/imgcache/...5c6e756054.gifوَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ http://imagecache.te3p.com/imgcache/...2aded98fff.gif .
فكان في الأول الله -جل وعلا- أمر نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن ينتظر، ثم بعد ذلك أمره الله -جل وعلا- أن يقاتل من كفر ولم يسلم منهم،




والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.


سعد السبيعي 26-01-2012 11:59 AM

رد: آية وتفسيرها ..
 
جزاك الله خير

احلاهم تحداهم 10-03-2012 02:18 PM

رد: آية وتفسيرها ..
 
تسلمين يآبعدي
آلله يعطيكِ آلعآفيه ع آلموضوع آلرآئع




عطـ فواح ــر 03-06-2012 01:36 AM

رد: آية وتفسيرها ..
 
{ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }
وهذا من الأيمان الخاصة بالزوجة, في أمر خاص وهو حلف الزوج على ترك وطء زوجته مطلقا، أو مقيدا، بأقل من أربعة أشهر أو أكثر.
فمن آلى من زوجته خاصة، فإن كان لدون أربعة أشهر, فهذا مثل سائر الأيمان, إن حنث كفر, وإن أتم يمينه, فلا شيء عليه, وليس لزوجته عليه سبيل, لأنه ملكه أربعة أشهر.
وإن كان أبدا, أو مدة تزيد على أربعة أشهر, ضربت له مدة أربعة أشهر من يمينه, إذا طلبت زوجته ذلك, لأنه حق لها، فإذا تمت أمر بالفيئة وهو الوطء، فإن وطئ, فلا شيء عليه إلا كفارة اليمين، وإن امتنع, أجبر على الطلاق, فإن امتنع, طلق عليه الحاكم.
ولكن الفيئة والرجوع إلى زوجته, أحب إلى الله تعالى, ولهذا قال: { فَإِنْ فَاءُوا } أي: رجعوا إلى ما حلفوا على تركه, وهو الوطء. { فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ } يغفر لهم ما حصل منهم من الحلف, بسبب رجوعهم{ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ } أي: امتنعوا من الفيئة, فكان ذلك دليلا على رغبتهم عنهن, وعدم إرادتهم لأزواجهم,{ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } فيه وعيد وتهديد, لمن يحلف هذا الحلف,

عطـ فواح ــر 03-06-2012 01:37 AM

رد: آية وتفسيرها ..
 
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِين َ}

في هذه الآية يوضح ربنا عز وجل الغرض الذي نزل القرآن لأجله، ألا وهو الموعظة البليغة باللغة التي عرفوها وألفوها
{بلسان عربي مبين} هذه الموعظة اكتسبت أهميتها ومكانتها لأنها {من ربكم} من الله خالق هذه النفس ومدبر شئونها،
وهو وحده العالم بما تخفي وما تعلن. ثم بعد ذلك يبين ربنا تبارك وتعالى الحكمة الثانية التي نزل القرآن بها ألا وهي
{وشفاء لما في الصدور}

فالقرآن الكريم حقا شفاء حقيقي لما في الصدور، سواء كان هذا الذي في الصدور مرضا معنويا كالحقد
والحسد والبغضاء وغيرها، أو كان هذا المرض حسيا ملموسا. وبهذا وردت الأحديث التي توضح أن
القرآن شفاء حقيقي للأمراض ومن هذه الأحاديث: ما أخرجه الطبراني عن أبي الأحوص قال‏:‏ جاء رجل
إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ إن أخي يشتكي بطنه‏.‏ فوصف له الخمر فقال‏:‏ سبحان الله‏.‏‏.‏‏.‏‏! ‏
ما جعل الله في رجس شفاء، إنما الشفاء في شيئين‏:‏ القرآن والعسل، فيهما شفاء لما في الصدور وشفاء
للناس‏.‏ وفي هذا دليل واضح على أن القرآن شفاء لما في الصدور؛




عطـ فواح ــر 03-06-2012 01:38 AM

رد: آية وتفسيرها ..
 
{ وَالْمُطَلَّقَا تُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنّ َ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }
أي: النساء اللاتي طلقهن أزواجهن { يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ } أي: ينتظرن ويعتددن مدة { ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ } أي: حيض,{ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ } , كتمان ذلك, من حمل أو حيض, { وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ }
فصدور الكتمان منهن دليل على عدم إيمانهن بالله واليوم الآخر, وإلا فلو آمن بالله واليوم الآخر, وعرفن أنهن مجزيات عن أعمالهن, لم يصدر منهن شيء من ذلك.
{ وَبُعُولَتُهُنّ َ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ } أي: لأزواجهن ما دامت متربصة في تلك العدة, أن يردوهن إلى نكاحهن { إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا } أي: رغبة وألفة ومودة.
{ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ } أي: وللنساء على بعولتهن من الحقوق واللوازم مثل الذي عليهن لأزواجهن من الحقوق اللازمة والمستحبة.
{ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ } أي: رفعة ورياسة, وزيادة حق عليها, { وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } أي: له العزة القاهرة والسلطان العظيم, الذي دانت له جميع الأشياء, ولكنه مع عزته حكيم في تصرفه.

عطـ فواح ــر 09-06-2012 01:26 AM

رد: آية وتفسيرها ..
 
تفسير سورة الأحزاب وهي مدنية



‏بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ‏{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِي نَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا * وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا‏}

أي‏:‏ يا أيها الذي منَّ اللّه عليه بالنبوة، واختصه بوحيه، وفضله على سائر الخلق، اشكر نعمة ربك عليك، باستعمال تقواه، التي أنت أولى بها من غيرك، والتي يجب عليك منها، أعظم من سواك، فامتثل أوامره ونواهيه، وبلغ رسالاته، وأدِّ إلى عباده وحيه، وابذل النصيحة للخلق‏.‏
ولا يصدنك عن هذا المقصود صاد، ولا يردك عنه راد، فلا تطع كل كافر، قد أظهر العداوة للّه ورسوله، ولا منافق، قد استبطن التكذيب والكفر، وأظهر ضده‏.‏
فهؤلاء هم الأعداء على الحقيقة، فلا تطعهم في بعض الأمور، التي تنقض التقوى، وتناقضها، ولا تتبع أهواءهم، فيضلوك عن الصواب‏.‏
‏{‏وَ‏}‏ لكن ‏{‏اتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ‏}‏ فإنه هو الهدى والرحمة، وَارْجُ بذلك ثواب ربك، فإنه بما تعملون خبير، يجازيكم بحسب ما يعلمه منكم، من الخير والشر‏.‏
فإن وقع في قلبك، أنك إن لم تطعهم في أهوائهم المضلة، حصل عليك منهم ضرر، أو حصل نقص في هداية الخلق، فادفع ذلك عن نفسك، واستعمل ما يقاومه ويقاوم غيره، وهو التوكل على اللّه، بأن تعتمد على ربك، اعتماد من لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا، ولا موتًا ولا حياة، ولا نشورًا، في سلامتك من شرهم، وفي إقامة الدين، الذي أمرت به، وثق باللّه في حصول ذلك الأمر على أي‏:‏ حال كان‏.‏
{‏وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا‏}‏ توكل إليه الأمور، فيقوم بها، وبما هو أصلح للعبد، وذلك لعلمه بمصالح عبده، من حيث لا يعلم العبد، وقدرته على إيصالها إليه، من حيث لا يقدر عليها العبد، وأنه أرحم بعبده من نفسه، ومن والديه، وأرأف به من كل أحد، خصوصًا خواص عبيده، الذين لم يزل يربيهم ببره، ويُدِرُّ عليهم بركاته الظاهرة والباطنة، خصوصًا وقد أمره بإلقاء أموره إليه، ووعده، فهناك لا تسأل عن كل أمر يتيسر، وصعب يسهل، وخطوب تهون، وكروب تزول، وأحوال وحوائج تقضى، وبركات تنزل، ونقم تدفع، وشرور ترفع‏.‏
وهناك ترى العبد الضعيف، الذي فوض أمره لسيده، قد قام بأمور لا تقوم بها أمة من الناس، وقد سهل اللّه ‏[‏عليه‏}‏ ما كان يصعب على فحول الرجال وباللّه المستعان‏.‏
‏[‏4 ـ 5‏]‏ ‏{‏مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ * ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا‏}
يعاتب تعالى ‏[‏عباده‏}‏ عن التكلم بما ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورًا رحيمًا لا حقيقة له من الأقوال، ولم يجعله الله تعالى كما قالوا،فإن ذلك القول منكم كذب وزور، يترتب عليه منكرات من الشرع‏.‏ وهذه قاعدة عامة في التكلم في كل شيء، والإخبار بوقوع ووجود، ما لم يجعله اللّه تعالى‏.‏
ولكن خص هذه الأشياء المذكورة، لوقوعها، وشدة الحاجة إلى بيانها، فقال‏:‏ ‏{‏مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ‏}‏ هذا لا يوجد، فإياكم أن تقولوا عن أحد‏:‏ إن له قلبين في جوفه، فتكونوا كاذبين على الخلقة الإلهية‏.‏
{‏وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ‏}‏ بأن يقول أحدكم لزوجته‏:‏ ‏"‏أنت عَليَّ كظهر أمي أو كأمي‏"‏ فما جعلهن اللّه ‏{‏أُمَّهَاتِكُ مْ‏}‏ أمك من ولدتك، وصارت أعظم النساء عليك، حرمة وتحريمًا، وزوجتك أحل النساء لك، فكيف تشبه أحد المتناقضين بالآخر‏؟‏
هذا أمر لا يجوز، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا‏}
{‏وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ‏}‏ والأدعياء، الولد الذي كان الرجل يدعيه، وهو ليس له، أو يُدْعَى إليه، بسبب تبنيه إياه، كما كان الأمر بالجاهلية، وأول الإسلام‏.‏
فأراد اللّه تعالى أن يبطله ويزيله، فقدم بين يدي ذلك بيان قبحه، وأنه باطل وكذب، وكل باطل وكذب، لا يوجد في شرع اللّه، ولا يتصف به عباد اللّه‏.‏
يقول تعالى‏:‏ فاللّه لم يجعل الأدعياء الذين تدعونهم، أو يدعون إليكم، أبناءكم، فإن أبناءكم في الحقيقة، من ولدتموهم، وكانوا منكم، وأما هؤلاء الأدعياء من غيركم، فلا جعل اللّه هذا كهذا‏.‏
‏{‏ذَلِكُمْ‏}‏ القول، الذي تقولون في الدعي‏:‏ إنه ابن فلان، الذي ادعاه، أو والده فلان ‏{‏قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ ‏}‏ أي‏:‏ قول لا حقيقة له ولا معنى له‏.‏


{‏وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ‏}‏ أي‏:‏ اليقين والصدق، فلذلك أمركم باتباعه، على قوله وشرعه، فقوله، حق، وشرعه حق، والأقوال والأفعال الباطلة، لا تنسب إليه بوجه من الوجوه، وليست من هدايته، لأنه لا يهدي إلا إلى السبيل المستقيمة، والطرق الصادقة‏.‏
وإن كان ذلك واقعًا بمشيئته، فمشيئته عامة، لكل ما وجد من خير وشر‏.‏



عطـ فواح ــر 09-06-2012 01:33 AM

رد: آية وتفسيرها ..
 
ثم صرح لهم بترك الحالة الأولى، المتضمنة للقول الباطل فقال‏:‏ ‏{‏ادْعُوهُمْ‏} ‏ أي‏:‏ الأدعياء ‏{‏لِآبَائِهِمْ‏ }‏ الذين ولدوهم ‏{‏هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ‏}‏ أي‏:‏ أعدل، وأقوم، وأهدى‏.‏

{‏فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ‏} الحقيقيين{‏فَإِخْوَانُكُ مْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ‏ } أي‏:‏ إخوتكم في دين اللّه، ومواليكم في ذلك، فادعوهم بالأخوة الإيمانية الصادقة، والموالاة على ذلك، فترك الدعوة إلى من تبناهم حتم، لا يجوز فعلها‏.‏
وأما دعاؤهم لآبائهم، فإن علموا، دعوا إليهم، وإن لم يعلموا، اقتصر على ما يعلم منهم، وهو أخوة ‏[‏الدين‏}‏ والموالاة، فلا تظنوا أن حالة عدم علمكم بآبائهم، عذر في دعوتهم إلى من تبناهم، لأن المحذور لا يزول بذلك‏.‏

{‏وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ‏}‏ بأن سبق على لسان أحدكم، دعوته إلى من تبناه، فهذا غير مؤاخذ به، أو علم أبوه ظاهرًا، ‏[‏فدعوتموه إليه‏}‏ وهو في الباطن، غير أبيه، فليس عليكم في ذلك حرج، إذا كان خطأ، ‏{‏وَلَكِنْ‏}‏ يؤاخذكم ‏{‏بِمَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ‏}‏ من الكلام، بما لا يجوز‏.‏ ‏{‏وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا‏}‏ غفر لكم ورحمكم، حيث لم يعاقبكم بما سلف، وسمح لكم بما أخطأتم به، ورحمكم حيث بيَّن لكم أحكامه التي تصلح دينكم ودنياكم، فله الحمد تعالى‏.‏

‏[‏6‏]‏{‏النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِين َ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِي نَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا‏}

يخبر تعالى المؤمنين، خبرًا يعرفون به حالة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومرتبته، فيعاملونه بمقتضى تلك الحالة فقال‏:‏ {‏النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِين َ مِنْ أَنْفُسِهِمْ‏} أقرب ما للإنسان، وأولى ما له نفسه، فالرسول أولى به من نفسه، لأنه عليه الصلاة والسلام، بذل لهم من النصح، والشفقة، والرأفة، ما كان به أرحم الخلق، وأرأفهم، فرسول اللّه، أعظم الخلق مِنَّةً عليهم، من كل أحد، فإنه لم يصل إليهم مثقال ذرة من الخير، ولا اندفع عنهم مثقال ذرة من الشر، إلا على يديه وبسببه‏.‏
فلذلك، وجب عليهم إذا تعارض مراد النفس، أو مراد أحد من الناس، مع مراد الرسول، أن يقدم مراد الرسول، وأن لا يعارض قول الرسول، بقول أحد، كائنًا من كان، وأن يفدوه بأنفسهم وأموالهم وأولادهم، ويقدموا محبته على الخلق كلهم، وألا يقولوا حتى يقول، ولا يتقدموا بين يديه‏.‏
وهو ـ صلى الله عليه وسلم ـ أب للمؤمنين، كما في قراءة بعض الصحابة، يربيهم كما يربي الوالد أولاده‏.‏
فترتب على هذه الأبوة، أن كان نساؤه أمهاتهم، أي‏:‏ في الحرمة والاحترام، والإكرام، لا في الخلوة والمحرمية، وكأن هذا مقدمة، لما سيأتي في قصة زيد بن حارثة، الذي كان قبل يُدْعَى‏:‏ ‏"‏زيد بن محمد‏"‏ حتى أنزل اللّه{‏مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ‏}‏ فقطع نسبه، وانتسابه منه، فأخبر في هذه الآية، أن المؤمنين كلهم، أولاد للرسول، فلا مزية لأحد عن أحد وإن انقطع عن أحدهم انتساب الدعوة، فإن النسب الإيماني لم ينقطع عنه، فلا يحزن ولا يأسف‏.‏
وترتب على أن زوجات الرسول أمهات المؤمنين، أنهن لا يحللن لأحد من بعده، كما الله صرح بذلك‏:‏ ‏"‏وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا‏"‏
‏{‏وَأُولُو الْأَرْحَامِ‏}‏ أي‏:‏ الأقارب، قربوا أو بعدوا ‏{‏بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ‏}‏ ‏[‏أي‏}‏‏:‏ في حكمه، فيرث بعضهم بعضًا، ويبر بعضهم بعضًا، فهم أولى من الحلف والنصرة‏.‏
والأدعياء الذين كانوا من قبل، يرثون بهذه الأسباب، دون ذوي الأرحام، فقطع تعالى، التوارث بذلك، وجعله للأقارب، لطفًا منه وحكمة، فإن الأمر لو استمر على العادة السابقة، لحصل من الفساد والشر، والتحيل لحرمان الأقارب من الميراث، شيء كثير‏.‏
{‏مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِي نَ‏} أي‏:‏ سواء كان الأقارب مؤمنين مهاجرين وغير مهاجرين، فإن ذوي الأرحام مقدمون في ذلك، وهذه الآية حجة على ولاية ذوي الأرحام، في جميع الولايات، كولاية النكاح، والمال، وغير ذلك‏.‏
{‏إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا‏}‏ أي‏:‏ ليس لهم حق مفروض، وإنما هو بإرادتكم، إن شئتم أن تتبرعوا لهم تبرعًا، وتعطوهم معروفًا منكم، ‏{‏كَانَ‏}‏ ذلك الحكم المذكور {‏فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا‏} أي‏:‏ قد سطر، وكتب، وقدره اللّه، فلا بد من نفوذه‏.‏

‏[‏7 ـ 8‏]‏ ‏{‏وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا * لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا‏}

يخبر تعالى أنه أخذ من النبيين عمومًا، ومن أولي العزم ـ وهم، هؤلاء الخمسة المذكورون ـ خصوصًا، ميثاقهم الغليظ وعهدهم الثقيل المؤكد، على القيام بدين اللّه والجهاد في سبيله، وأن هذا سبيل، قد مشى الأنبياء المتقدمون، حتى ختموا بسيدهم وأفضلهم، محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأمر الناس بالاقتداء بهم‏.‏
وسيسأل اللّه الأنبياء وأتباعهم، عن هذا العهد الغليظ هل وفوا فيه، وصدقوا‏؟‏ فيثيبهم جنات النعيم‏؟‏

أم كفروا، فيعذبهم العذاب الأليم‏؟‏ قال تعالى‏:‏

{‏مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ‏}
‏[‏9 ـ 11‏]‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا * إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا‏}

يذكر تعالى عباده المؤمنين، نعمته عليهم، ويحثهم على شكرها، حين جاءتهم جنود أهل مكة والحجاز، من فوقهم، وأهل نجد، من أسفل منهم، وتعاقدوا وتعاهدوا على استئصال الرسول والصحابة، وذلك في وقعة الخندق‏.‏
ومالأتهم ‏[‏طوائف‏}‏ اليهود، الذين حوالي المدينة، فجاءوا بجنود عظيمة وأمم كثيرة‏.

عطـ فواح ــر 09-06-2012 01:36 AM

رد: آية وتفسيرها ..
 
وخندق رسول اللّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ على المدينة، فحصروا المدينة، واشتد الأمر، وبلغت القلوب الحناجر، حتى بلغ الظن من كثير من الناس كل مبلغ، لما رأوا من الأسباب المستحكمة، والشدائد الشديدة، فلم يزل الحصار على المدينة، مدة طويلة، والأمر كما وصف اللّه‏:‏ ‏{‏وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ‏}‏ أي‏:‏ الظنون السيئة، أن اللّه لا ينصر دينه، ولا يتم كلمته‏.‏
{‏هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ‏ }‏ بهذه الفتنة العظيمة ‏{‏وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا‏}‏ بالخوف والقلق، والجوع، ليتبين إيمانهم، ويزيد إيقانهم، فظهر ـ وللّه الحمد ـ من إيمانهم، وشدة يقينهم، ما فاقوا فيه الأولين والآخرين‏.‏
وعندما اشتد الكرب، وتفاقمت الشدائد، صار إيمانهم عين اليقين، {‏وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا‏}
وهنالك تبين نفاق المنافقين، وظهر ما كانوا يضمرون قال تعالى‏:‏


‏[‏12‏]‏ ‏{‏وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا‏}
وهذه عادة المنافق عند الشدة والمحنة، لا يثبت إيمانه، وينظر بعقله القاصر، إلى الحالة القاصرة ويصدق ظنه‏.‏
{‏وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ‏}‏ من المنافقين، بعد ما جزعوا وقلَّ صبرهم، وصاروا أيضًا من المخذولين، فلا صبروا بأنفسهم، ولا تركوا الناس من شرهم، فقالت هذه الطائفة‏:‏ ‏{‏يَا أَهْلَ يَثْرِبَ‏} يريدون ‏{‏يا أهل المدينة‏}‏ فنادوهم باسم الوطن المنبئ ‏[‏عن التسمية‏}‏ فيه إشارة إلى أن الدين والأخوة الإيمانية، ليس له في قلوبهم قدر، وأن الذي حملهم على ذلك، مجرد الخور الطبيعي‏.‏


{‏يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ‏}‏ أي‏:‏ في موضعكم الذي خرجتم إليه خارج المدينة، وكانوا عسكروا دون الخندق، وخارج المدينة، ‏{‏فَارْجِعُوا‏ }‏ إلى المدينة، فهذه الطائفة تخذل عن الجهاد، وتبين أنهم لا قوة لهم بقتال عدوهم، ويأمرونهم بترك القتال، فهذه الطائفة، شر الطوائف وأضرها، وطائفة أخرى دونهم، أصابهم الجبن والجزع، وأحبوا أن ينخزلوا عن الصفوف، فجعلوا يعتذرون بالأعذار الباطلة، وهم الذين قال اللّه فيهم‏:‏ {‏وَيَسْتَأْذِن ُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ‏}‏ أي‏:‏ عليها الخطر، ونخاف عليها أن يهجم عليها الأعداء، ونحن غُيَّبٌ عنها، فَأْذَنْ لنا نرجع إليها، فنحرسها، وهم كذبة في ذلك‏.‏

{‏وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ‏}‏ أي‏:‏ ما قصدهم ‏{‏إِلَّا فِرَارًا‏}‏ ولكن جعلوا هذا الكلام، وسيلة وعذرًا‏.‏ ‏[‏لهم‏}‏ فهؤلاء قل إيمانهم، وليس له ثبوت عند اشتداد المحن‏.‏
{‏وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ‏}‏ المدينة ‏{‏مِنْ أَقْطَارِهَا‏}‏ أي‏:‏ لو دخل الكفار إليها من نواحيها، واستولوا عليها ـلا كان ذلكـ ‏{‏ثُمَّ‏}‏ سئل هؤلاء ‏{‏الْفِتْنَة‏} ‏ أي‏:‏ الانقلاب عن دينهم، والرجوع إلى دين المستولين المتغلبين ‏{‏لَآتَوْهَا‏} ‏ أي‏:‏ لأعطوها مبادرين‏.‏

{‏وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا‏} أي‏:‏ ليس لهم منعة ولا تَصلُّبٌ على الدين، بل بمجرد ما تكون الدولة للأعداء، يعطونهم ما طلبوا، ويوافقونهم على كفرهم، هذه حالهم‏.‏
والحال أنهم قد ‏{‏عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا‏} سيسألهم عن ذلك العهد، فيجدهم قد نقضوه، فما ظنهم إذًا، بربهم‏؟‏
‏[‏16‏]‏ ‏{‏قُلْ‏}‏

‏{‏قُلْ‏}‏ لهم، لائمًا على فرارهم، ومخبرًا أنهم لا يفيدهم ذلك شيئًا {‏لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ‏}‏ فلو كنتم في بيوتكم، لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعكم‏.‏
والأسباب تنفع، إذا لم يعارضها القضاء والقدر، فإذا جاء القضاء والقدر، تلاشى كل سبب، وبطلت كل وسيلة، ظنها الإنسان تنجيه‏.‏

‏{‏وَإِذَا‏}‏ حين فررتم لتسلموا من الموت والقتل، ولتنعموا في الدنيا فإنكم ‏{‏لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا‏}‏ متاعًا، لا يسوى فراركم، وترككم أمر اللّه، وتفويتكم على أنفسكم، التمتع الأبدي، في النعيم السرمدي‏.‏
ثم بين أن الأسباب كلها لا تغني عن العبد شيئًا إذا أراده اللّه بسوء، فقال‏:‏ ‏{‏قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ‏}‏ أي‏:‏ يمنعكم {‏من اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا‏} أي‏:‏ شرًا، {‏أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً‏}‏ فإنه هو المعطي المانع، الضار النافع، الذي لا يأتي بالخير إلا هو، ولا يدفع السوء إلا هو‏.‏
{‏وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا‏}‏ يتولاهم، فيجلب لهم النفع ‏{‏وَلَا نَصِيرًا‏}‏ أي ينصرهم، فيدفع عنهم المضار‏.‏

فَلْيَمْتَثِلُو ا طاعة المنفرد بالأمور كلها، الذي نفذت مشيئته، ومضى قدره، ولم ينفع مع ترك ولايته ونصرته، وَلِيٌّ ولا ناصر‏.‏
ثم توَّعد تعالى المخذلين المعوقين، وتهددهم فقال‏:‏{‏قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ‏} عن الخروج، لمن ‏[‏لم‏}‏ يخرجوا ‏{‏وَالْقَائِلِ ينَ لِإِخْوَانِهِمْ ‏}‏ الذين خرجوا‏:‏ ‏{‏هَلُمَّ إِلَيْنَا‏}‏ أي‏:‏ ارجعوا، كما تقدم من قولهم‏:‏ ‏{‏يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا‏}

وهم مع تعويقهم وتخذيلهم ‏{‏وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ‏} أي‏:‏ القتال والجهاد بأنفسهم ‏{‏إِلَّا قَلِيلًا‏}‏ فهم أشد الناس حرصًا على التخلف، لعدم الداعي لذلك، من الإيمان والصبر، ووجود المقتضى للجبن، من النفاق، وعدم الإيمان‏.

‏{‏أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ‏}‏ بأبدانهم عند القتال، وبأموالهم عند النفقة فيه، فلا يجاهدون بأموالهم وأنفسهم‏.‏ ‏{‏فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ‏}‏ نظر المغشى عليه ‏{‏مِنَ الْمَوْتِ‏}‏ من شدة الجبن، الذي خلع قلوبهم، والقلق الذي أذهلهم، وخوفًا من إجبارهم على ما يكرهون، من القتال‏.‏

عطـ فواح ــر 09-06-2012 01:37 AM

رد: آية وتفسيرها ..
 
‏فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ‏}‏ وصاروا في حال الأمن والطمأنينة، ‏{‏سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَة‏}‏ أي‏:‏ خاطبوكم، وتكلموا معكم، بكلام حديد، ودعاوى غير صحيحة‏.‏

وحين تسمعهم، تظنهم أهل الشجاعة والإقدام، ‏
{‏أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ‏}‏ الذي يراد منهم، وهذا شر ما في الإنسان، أن يكون شحيحًا بما أمر به، شحيحًا بماله أن ينفقه في وجهه، شحيحًا في بدنه أن يجاهد أعداء اللّه، أو يدعو إلى سبيل اللّه، شحيحًا بجاهه، شحيحًا بعلمه، ونصيحته ورأيه‏.‏
‏{‏أُولَئِكَ‏}‏ الذين بتلك الحالة ‏{‏لَمْ يُؤْمِنُوا‏}‏ بسبب عدم إيمانهم، أحبط الله أعمالهم، ‏{‏وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا‏}

وأما المؤمنون، فقد وقاهم اللّه، شح أنفسهم، ووفقهم لبذل ما أمروا به، من بذل لأبدانهم في القتال في سبيله، وإعلاء كلمته، وأموالهم، للنفقة في طرق الخير، وجاههم وعلمهم‏.‏
{‏يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا‏}‏ أي‏:‏ يظنون أن هؤلاء الأحزاب، الذين تحزبوا على حرب رسول اللّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه، لم يذهبوا حتى يستأصلوهم، فخاب ظنهم، وبطل حسبانهم‏.‏
{‏وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ‏}‏ مرة أخرى ‏{‏يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ‏} أي‏:‏ لو أتى الأحزاب مرة ثانية مثل هذه المرة، ودَّ هؤلاء المنافقون، أنهم ليسوا في المدينة، ولا في القرب منها، وأنهم مع الأعراب في البادية، يستخبرون عن أخباركم، ويسألون عن أنبائكم، ماذا حصل عليكم‏؟‏

فتبًا لهم، وبعدًا، فليسوا ممن يبالى بحضورهم ‏{‏وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا‏}‏ فلا تبالوهم، ولا تأسوا عليهم‏.‏
{‏لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ‏} حيث حضر الهيجاء بنفسه الكريمة، وباشر موقف الحرب، وهو الشريف الكامل، والبطل الباسل، فكيف تشحون بأنفسكم، عن أمر جاد رسول اللّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بنفسه فيه‏؟‏‏"‏
فَتأَسَّوْا به في هذا الأمر وغيره‏.‏
واستدل الأصوليون في هذه الآية، على الاحتجاج بأفعال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأن الأصل، أن أمته أسوته في الأحكام، إلا ما دل الدليل الشرعي على الاختصاص به‏.‏
فالأسوة نوعان‏:‏ أسوة حسنة، وأسوة سيئة‏.‏
فالأسوة الحسنة، في الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإن المتأسِّي به، سالك الطريق الموصل إلى كرامة اللّه، وهو الصراط المستقيم‏.‏
وأما الأسوة بغيره، إذا خالفه، فهو الأسوة السيئة، كقول الكفار حين دعتهم الرسل للتأسِّي بهم {‏إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ‏}
وهذه الأسوة الحسنة، إنما يسلكها ويوفق لها، من كان يرجو اللّه، واليوم الآخر، فإن ما معه من الإيمان، وخوف اللّه، ورجاء ثوابه، وخوف عقابه، يحثه على التأسي بالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏
لما ذكر حالة المنافقين عند الخوف، ذكر حال المؤمنين فقال‏:
‏ ‏{‏وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ‏}‏ الذين تحزبوا، ونزلوا منازلهم، وانتهى الخوف، ‏{‏قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ‏}في قوله‏:‏ ‏{‏أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ‏}

{‏وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ‏}‏ فإنا رأينا، ما أخبرنا به ‏{‏وَمَا زَادَهُمْ‏}‏ ذلك الأمر ‏{‏إِلَّا إِيمَانًا‏}‏ في قلوبهم ‏{‏وَتَسْلِيمًا‏ }‏ في جوارحهم، وانقيادًا لأمر اللّه‏.‏
ولما ذكر أن المنافقين، عاهدوا اللّه، لا يولون الأدبار، ونقضوا ذلك العهد، ذكر وفاء المؤمنين به، فقال‏:‏ ‏{‏مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ‏} أي‏:‏ وفوا به، وأتموه، وأكملوه، فبذلوا مهجهم في مرضاته، وسبَّلوا أنفسهم في طاعته‏.‏
{‏فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ‏} أي‏:‏ إرادته ومطلوبه، وما عليه من الحق، فقتل في سبيل اللّه، أو مات مؤديًا لحقه، لم ينقصه شيئًُا‏.‏
{‏وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ‏}‏ تكميل ما عليه، فهو شارع في قضاء ما عليه، ووفاء نحبه ولما يكمله، وهو في رجاء تكميله، ساع في ذلك، مجد‏.‏
{‏وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا‏} كما بدل غيرهم، بل لم يزالوا على العهد، لا يلوون، ولا يتغيرون، فهؤلاء، الرجال على الحقيقة، ومن عداهم، فصورهم صور رجال، وأما الصفات، فقد قصرت عن صفات الرجال‏.‏
{‏لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ‏} أي‏:‏ بسبب صدقهم، في أقوالهم، وأحوالهم، ومعاملتهم مع اللّه، واستواء ظاهرهم وباطنهم، قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا‏} الآية‏.‏
أي‏:‏ قدرنا ما قدرنا، من هذه الفتن والمحن، والزلازل، ليتبين الصادق من الكاذب، فيجزي الصادقين بصدقهم ‏{‏وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ ‏}‏ الذين تغيرت قلوبهم وأعمالهم، عند حلول الفتن، ولم يفوا بما عاهدوا اللّه عليه‏.‏
‏{‏إِنْ شَاءَ‏}‏ تعذيبهم، بأن لم يشأ هدايتهم، بل علم أنهم لا خير فيهم، فلم يوفقهم‏.‏
{‏أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ‏}‏ بأن يوفقهم للتوبة والإنابة، وهذا هو الغالب، على كرم الكريم، ولهذا ختم الآية باسمين دالين على المغفرة، والفضل، والإحسان فقال‏:‏ {‏إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رحيمًا‏} غفورًا لذنوب المسرفين على أنفسهم، ولو أكثروا من العصيان، إذا أتوا بالمتاب‏.‏ ‏{‏رَحِيمًا‏}‏ بهم، حيث وفقهم للتوبة، ثم قبلها منهم، وستر عليهم ما اجترحوه‏.‏

{‏وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا‏}‏ أي‏:‏ ردهم خائبين، لم يحصل لهم الأمر الذي كانوا حنقين عليه، مغتاظين قادرين‏}‏عليه‏[‏ جازمين، بأن لهم الدائرة، قد غرتهم جموعهم، وأعجبوا بتحزبهم، وفرحوا بِعَدَدِهمْ وعُدَدِهِمْ‏.‏

فأرسل اللّه عليهم، ريحًا عظيمة، وهي ريح الصبا، فزعزعت مراكزهم، وقوَّضت خيامهم، وكفأت قدورهم وأزعجتهم، وضربهم اللّه بالرعب، فانصرفوا بغيظهم، وهذا من نصر اللّه لعباده المؤمنين‏.‏

{‏وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ‏} بما صنع لهم من الأسباب العادية والقدرية، {‏وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا‏} لا يغالبه أحد إلا غُلِبَ، ولا يستنصره أحد إلا غَلَبَ، ولا يعجزه أمر أراده، ولا ينفع أهل القوة والعزة، قوتهم وعزتهم، إن لم يعنهم بقوته وعزته‏.‏
{‏وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ‏}‏ أي عاونوهم ‏{‏مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ‏} أي‏:‏ اليهود ‏{‏مِنْ صَيَاصِيهِمْ‏}‏ أي‏:‏ أنزلهم من حصونهم، نزولاً مظفورًا بهم، مجعولين تحت حكم الإسلام‏.‏

عطـ فواح ــر 09-06-2012 01:38 AM

رد: آية وتفسيرها ..
 
{‏وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ‏}‏ فلم يقووا على القتال، بل استسلموا وخضعوا وذلوا‏.‏ ‏{‏فَرِيقًا تَقْتُلُونَ‏}‏ وهم الرجال المقاتلون ‏{‏وَتَأْسِرُون َ فَرِيقًا‏}‏ مَنْ عداهم من النساء والصبيان‏.‏
‏{‏وَأَوْرَثَكُ مْ‏}‏ أي‏:‏ غنَّمكم {‏أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا‏} أي‏:‏ أرضا كانت من قبل، من شرفها وعزتها عند أهلها، لا تتمكنون من وطئها، فمكنكم اللّه وخذلهم، وغنمتم أموالهم، وقتلتموهم، وأسرتموهم‏.‏


{‏وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا‏}‏ لا يعجزه شيء، ومن قدرته، قدَّر لكم ما قدر‏.‏
وكانت هذه الطائفة من أهل الكتاب، هم بنو قريظة من اليهود، في قرية خارج المدينة، غير بعيدة، وكان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏[‏حين‏}‏ هاجر إلى المدينة، وادعهم، وهادنهم، فلم يقاتلهم ولم يقاتلوه، وهم باقون على دينهم، لم يغير عليهم شيئًا‏.‏


فلما رأوا يوم الخندق، الأحزاب الذين تحزبوا على رسول اللّه وكثرتهم، وقلة المسلمين، وظنوا أنهم سيستأصلون الرسول والمؤمنين، وساعد على ذلك، ‏[‏تدجيل‏}‏ بعض رؤسائهم عليهم، فنقضوا العهد الذي بينهم وبين رسول اللّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومالؤوا المشركين على قتاله‏.‏
فلما خذل اللّه المشركين، تفرغ رسول اللّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لقتالهم، فحاصرهم في حصنهم، فنزلوا على حكم سعد بن معاذ رضي اللّه عنه، فحكم فيهم، أن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم، وتغنم أموالهم‏.‏
فأتم اللّه لرسوله والمؤمنين، المنة، وأسبغ عليهم النعمة، وأَقَرَّ أعينهم، بخذلان من انخذل من أعدائهم، وقتل من قتلوا، وأسر من أسروا، ولم يزل لطف اللّه بعباده المؤمنين مستمرًا‏.‏


‏[‏28 ـ 29‏]‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنّ َ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا‏}

لما اجتمع نساء رسول اللّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الغيرة، وطلبن منه النفقة والكسوة، طلبن منه أمرًا لا يقدر عليه في كل وقت، ولم يزلن في طلبهن متفقات، في مرادهن متعنتات، شَقَّ ذلك على الرسول، حتى وصلت به الحال إلى أنه آلى منهن شهرًا‏.‏
فأراد اللّه أن يسهل الأمر على رسوله، وأن يرفع درجة زوجاته، ويُذْهِبَ عنهن كل أمر ينقص أجرهن، فأمر رسوله أن يخيرهن فقال‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا‏} أي‏:‏ ليس لكن في غيرها مطلب، وصرتن ترضين لوجودها، وتغضبن لفقدها، فليس لي فيكن أرب وحاجة، وأنتن بهذه الحال‏.‏


‏{‏فَتَعَالَيْن َ أُمَتِّعْكُنَّ‏ }‏ شيئا مما عندي، من الدنيا ‏{‏وَأُسَرِّحْكُن َّ‏}‏ أي‏:‏ أفارقكن ‏{‏سَرَاحًا جَمِيلًا‏}‏ من دون مغاضبة ولا مشاتمة، بل بسعة صدر، وانشراح بال، قبل أن تبلغ الحال إلى ما لا ينبغي‏.‏
{‏وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ‏}‏ أي‏:‏ هذه الأشياء مرادكن، وغاية مقصودكن، وإذا حصل لَكُنَّ اللّه ورسوله والجنة، لم تبالين بسعة الدنيا وضيقها، ويسرها وعسرها، وقنعتن من رسول اللّه بما تيسر، ولم تطلبن منه ما يشق عليه، ‏{‏فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا‏} رتب الأجر على وصفهن بالإحسان، لأنه السبب الموجب لذلك، لا لكونهن زوجات للرسول فإن مجرد ذلك، لا يكفي، بل لا يفيد شيئًا، مع عدم الإحسان، فخيَّرهن رسول اللّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ذلك، فاخترن اللّه ورسوله، والدار الآخرة، كلهن، ولم يتخلف منهن واحدة، رضي اللّه عنهن‏.‏
وفي هذا التخيير فوائد عديدة‏:‏

منها‏:‏ الاعتناء برسوله، وغيرته عليه، أن يكون بحالة يشق عليه كثرة مطالب زوجاته الدنيوية‏.‏
ومنها‏:‏ سلامته ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهذا التخيير من تبعة حقوق الزوجات، وأنه يبقى في حرية نفسه، إن شاء أعطى، وإن شاء منع ‏{‏مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ‏}


ومنها‏:‏ تنزيهه عما لو كان فيهن، من تؤثر الدنيا على اللّه ورسوله، والدار الآخرة، وعن مقارنتها‏.‏
ومنها‏:‏ سلامة زوجاته، رضي اللّه عنهن، عن الإثم، والتعرض لسخط اللّه ورسوله‏.‏
فحسم اللّه بهذا التخيير عنهن، التسخط على الرسول، الموجب لسخطه، المسخط لربه، الموجب لعقابه‏.‏
ومنها‏:‏ إظهار رفعتهن، وعلو درجتهن، وبيان علو هممهن، أن كان اللّه ورسوله والدار الآخرة، مرادهن ومقصودهن، دون الدنيا وحطامها‏.‏
ومنها‏:‏ استعدادهن بهذا الاختيار، للأمر الخيار للوصول إلى خيار درجات الجنة، وأن يَكُنَّ زوجاته في الدنيا والآخرة‏.‏

ومنها‏:‏ ظهور المناسبة بينه وبينهن، فإنه أكمل الخلق، وأراد اللّه أن تكون نساؤه كاملات مكملات، طيبات مطيبات ‏{‏وَالطَّيِّبَات ُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ‏ }
ومنها‏:‏ أن هذا التخيير داع، وموجب للقناعة، التي يطمئن لها القلب، وينشرح لها الصدر، ويزول عنهن جشع الحرص، وعدم الرضا الموجب لقلق القلب واضطرابه، وهمه وغمه‏.‏


الساعة الآن 08:35 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
- arab-line : Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.3.0 TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010

... جميع الحقوق محفوظه لمجالس رويضة العرض لكل العرب ...

.. جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر صاحبها ...ولا تعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر المنتدى..

a.d - i.s.s.w