مجالس الرويضة لكل العرب - لماذا نخشى "البرزنتيشن "؟؟

أولت حكومة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - تطوير النشء جُلّ اهتمامها؛ فقد ارتفع عدد جامعاتنا إلى ما يقارب 25 جامعة، التي نتمنى أن نراها في مُقدِّمة الجامعات العالمية في التصنيفات القادمة؛ فكلها تسعى جاهدة إلى تحقيق هدف واحد، ألا وهو الرقي بالمجتمع في إعداد الفرد المؤهَّل للقيام بمهمته ودوره في التطوير في شتى مجالات الحياة التي تتطلب سواعد من أبناء الوطن؛ لسد النقص والخلل الواضحَيْن، وبخاصة في المجالات المهنية والحِرَفية؛ ومن هذا المنطلق بدأت وفود المبتعثين تتناثر في معظم بلدان العالم بين صراع الثقافات والحضارات الغربية والشرقية.

وبصفتي طالباً في إحدى هذه الدول أعجبتني طريقة التدريس، سواء على مستوى المدارس العامة أو الجامعات؛ فنحن تعلمنا في مدارسنا بطريقة مختلفة تماماً؛ حيث اعتدنا على الأسلوب التلقيني؛ فالمعلِّم لدينا هو الذي يُلقي الدرس إلى نهاية الحصة، ولا يوجد هناك وقت للنقاش، ولا تستطيع أن تُبدي رأيك؛ لأن ما يقوله المعلِّم هو (الأصح) حتى لو تلقيتَ المعلومة خاطئة؛ فما عليك سوى أن تتقبلها بروح رياضية، وتصمت، والسكوت من الأدب العام للطالب أو "العصا لمَنْ عصى"! فمنذ أن درستُ حتى تخرجتُ من الجامعة لم
يُكلّفني أحد المعلمين بأداء عرض ألقيه أمام الطلاب؛ لكي تنشأ الثقة في النفس، ويحصل التعوُّد على مواجهة الجمهور.

ولكي أكونُ منصفاً عملتُ عرضاً واحداً وبحثاً واحداً فقط في آخر فصل دراسي بالجامعة، وقِسْ على هذا الطلاب كافة، وأقصد هنا بالعروض التقديمية هي تلك الأعمال التي يُكلَّف بها الطالب أو الطالبة ليشرح بشكل مبسَّط أحد الدروس أو تجربة علمية أو ورقة عمل، وذلك عن طريق استخدام الوسائل الحديثة في التقنية مثل "الباوربوينت" على سبيل المثال؛ ليتحرر الطالب أو الطالبة من القيود أو الطريقة الروتينية المملة، ويكتسب مهارات جديدة كاستخدام الحاسب الآلي والبحث لتدعيم موضوعه واتساع مداركه الفكرية؛
فلهذا تأثير واضح في كثير من المبتعثين السعوديين؛ فعندما يُطلَب من أحدهم عرضٌ يُجَنُّ جنونُهُ، ويعتبر هذا شيئاً صعباً جداً، ويُصاب بحالة استنفار، وما إنْ يقف أمام الجمهور حتى يرتعد ويتلعثم في الكلام، علاوة على ذلك الجهل بكيفية استخراج المعلومة، وما هو العرض التقديمي، وما الطريقة السليمة لإخراجه.

ولقد حدثني أحد الزملاء بأنه لم يستطع النوم ذلك اليوم الذي وصفه بـ"الكارثة".. نعم، هي كارثة عندما يُنهي الطالب أو الطالبة مرحلة البكالوريوس أو الماجستير وهو لا يستطيع الوقوف أمام الجمهور، ولا يعرف أبجديات عمل مثل هذا.

ومن هذا المنطلق نوجِّه رسائل عدة إلى المُعلِّم والمعلِّمة، منها:
1 - التركيز على تكليف الطلاب والطالبات بتقديم عروض من المادة التي يدرسونها، وأن يُسمح له باختيار الموضوع الذي يناسبهم، ولا يمنع مَنْ أن يستعين بمصادر أو مراجع أخرى غير المنهج المقرر؛ فهذا يُثري حصيلة الطالب أو الطالبة العلمية، وكذلك يتم التعود على كيفية البحث واختيار المراجع المناسبة.

2 - هناك طرق عدة لعمل العروض التقدمية، سواء الفردية أو الجماعية، وهذا يعتمد على إعداد الطلاب أو الطالبات داخل الفصل؛ فإذا كان العدد صغيراً تُفضَّل العروض الفردية.

3 - تعويد الطالب أو الطالبة أيضاً على البحوث وكيفية كتابتها واستراتيجياتها.

4 - إعطاء الطالب أو الطالبة الفرصة لكي يُعبِّر عن نفسه ويُبدي وجهة نظره في الموضوع الذي يدور حوله النقاش.

5 - إعطاء الطالب أو الطالبة الثقة والمشاركة حتى ولو لم تكن مشاركته صائبة؛ فنحن تعودنا على أن نكتم وجهات النظر حتى لا ينتقدنا الغير.

6 - لا يقتصر ذلك على طلاب وطالبات المرحلتين الجامعية أو الثانوية، بل يتم في جميع المراحل الدراسية.

7 - يجب أن نُعوِّد طلابنا وطالباتنا على البحث عن المعلومة والاستنتاج.

منقوووول