| ||||||||
أصحاب السبت ( 1 ) ما من دين من الأديان إلا جعل الله لهم .. يوما مميزا بالعبادة يتعبدون فيه . واختار الله لبنى إسرائيل يوم الجمعة للعبادة ، ليكون لهم عيدًا أسبوعيًا يجتمعون فيه . لأن الله قد خلق السموات والأرض فى ستة أيام آخرها يوم الجمعة . فقالوا يا موسى : لا نُريد يوم الجمعة فسل ربك يغير لنا هذا اليوم ويجعل لنا يومًا آخر نتفرغ فيه للطاعة ونترك أعمالنا الدنيوية . قال موسى عليه السلام : يا قوم اتقوا الله واسمعوا وأطيعوا فقد اختار الله لكم يوم الجمعة . فقالوا : يا موسى . لا حاجة لنا في هذا اليوم ، ادع لنا ربك يغير لنا هذا اليوم ، حتى نعبده فيه بنفس راضية . فأمره الله أن يتركهم يختارون بأنفسهم يومًا ، يلتقون فيه ويعبدون الله تعالى فيه . فاجتمعوا جميعا ... ووقع اختيارهم على يوم السبت . ثم أخبروا موسى عليه السلام بذلك . فقال لهم موسى عليه السلام : لقد اخترتم هذا اليوم ، فجعله الله عليكم فرضا ، تتعبدون فيه وتتركون الأعمال الدنيوية والحِرف المختلفة كالتجارة والصناعة والزراعة والصيد وغيرها من المهن . وكان موسى عليه السلام يلقى نصائحه ومواعظه على قومه فى أيام السبت . وأخبر الله تعالى عن ذلك فى القرآن الكريم فقال سبحانه : " إنما جُعل السبتُ على الذين اختلفوا فيه ... الآية " النحل 124 (2) وكانت إيلة قرية من قرى بنى إسرائيل تقع على ساحل البحر الأحمر . وأنبأهم موسى عليه السلام ، أن الله قد حرم العمل على بنى إسرائيل فى يوم السبت .. وأمرهم فيه بالتفرغ للعبادة والطاعة وترك التجارة والأعمال الدنيوية وكان القوم لكونهم على شاطئ البحر ، يتكسبون أقواتهم وأرزاقهم من صيد الأسماك . فيأكلون منها ويبيعونها إلى القرى المجاورة . وتوالت الأيام والسنون وهم يقدسون هذا اليوم ، ولا يُقدمون على حرمته ولا يعملون فيه . وفى عصر نبى الله داود عليه السلام انتشرت الذنوب بين أهالى هذه القرية لكنهم كانوا لا يجاهرون بهذه المعاصى . ولكن كانوا إذا خلوا بمحارم الله فعلوها سرًا . وجعلوا الله أهون الناظرين إليه . فأراد الله أن يبتليهم ويختبرهم ليميز بين من أطاعه وبين من عصاه . وكان الاختبارُ شديدًا عليهم .. فماذا هم فاعلون فيه ! (3) بدأ الابتلاءُ شديدًا ممحصًا ، فقد ضيق الله عليهم أرزاقهم ، وامتنعت الأسماك أن تأتى إلى شواطئ القرية ، طيلة أيام الأسبوع ...... أما يوم السبت .. فقد رأى الجميعُ فيه ظاهرةً واضحة . حيث كانت الأسماك تأتى إلى الشواطئ بصورة مثيرة ، فأعدادها هائلة ، وأنواعها جيدة ، وتقترب من السواحل والشواطئ . ويصبحون فى اليوم التالى وهو يوم الأحد ، ليقوموا باصطياد الأسماك ، فيجدون الأسماك قد غادرت الشواطئ إلى أعماق البحر . واحتاروا فى ذلك أشد الحيرة . وهنا كان الابتلاء .. إنهم يذهبون للصيد طيلة أيام الأسبوع فلا يجدون إلا القليل جدًا من الأسماك . وفى يوم السبت ذلك اليوم المحرم عليهم فيه العمل ، تأتيهم الأسماك ... تتقافز أمام أعينهم بأعداد وأنواع مثيرة . وفطن أهل العلم والإيمان لهذا الابتلاء وأخبروا الناس أن هذا ابتلاء من الله بسبب ذنوبهم فلو أنهم صبروا عليه ، ولم يجترءوا على محارم الله ، فإن الله سيرفع عنهم هذا الابتلاء ، وينالوا رضوانه . وكانت الآية بينة واضحة لكل ذى بصيرة ، فما الذى يجعل الأسماك تأتى إلى الشواطئ فى يوم السبت ثم تختفى فى بقية أيام الأسبوع ، إلا إذا كانت مأمورة من الله بذلك . (4) اجتمع عبيد الدنيا من بنى إسرائيل ، وتشاوروا فيما بينهم ، وعزموا على شق القنوات ، وفتحها يوم السبت حتى تمتلأ بالأسماك ، ثم يُغلقون المنافذ فى الليل ليصيدوها يوم الأحد . ومنهم من نصب الشباك للأسماك فى يوم الجمعة ليلا فتتعلق بها الأسماك ثم يخرجها يوم الأحد ، وقد مُلئت بأجود أنواع الأسماك . وغيرها من الحيل ...... ولما رأى العلماء وأهل الصلاح هذا الفعل عجبوا أشد العجب من هذا التصرف الغريب فذهبوا إلى العصاة المحتالين ، وأخذوا ينصحونهم ، ويحذرونهم نتيجة فعلهم . ويبينون لهم أن هذا تحايل على حرمات الله لانتهاكها . وأن الله لا يخدعه هذه الشكليات الفارغة . بل إن الله يعلم السر وأخفى ، ويحاسب الناس على سرائرهم قبل علانيتهم وعلى مقاصدهم ونياتهم قبل أشكالهم الخارجية . فجعل هؤلاء المحتالون يسخرون من الآمرين لهم بالمعروف والناهين عن المنكر . ويقولون لهم : أنتم تحسدوننا على كثرة رزقنا . وأنتم ما تريدون منا إلا أن نجلس ، لنموت فقرًا وجوعًا مثلكم . ثم تطور الأمرُ بعد ذلك ، فكانوا يسدُون أسماعهم عن نصائحهم . وذهبت مجموعة من أهل هذه القرية إلى العلماء والناصحين ، قائلين لهم : لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا ؟! وعلامَّ تتعبون أنفسكم بنصيحة أمثال هؤلاء ؟! فكان رد المؤمنين : لنكون معذورين أمام الله ، ولعل نصيحتنا لهم تجعلهم يفيقون من غفلتهم ، فيتقون الله ويخافونه . وبذلك انقسم أهل هذه القرية إلى ثلاث طوائف : الأولى : ترتكب المعاصى وتحتال لفعله . الثانية : تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر . والثالثة : تنصح الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر أن يسكتوا . ووصل من شدة النصيحة وعدم الاستجابة ، أن المؤمنين والصالحين قالوا لهم : إن لم تنتهوا عن ذلك لنخرجن من القرية ولا نجلس معكم أبدا . فضحك العصاة والمحتالون قائلين : اذهبوا غير مأسوفًا عليكم . وتريحونا وتريحوا أنفسكم . فخرجوا من القرية ، خوفا على أنفسهم أن ينزل عليهم عقاب الله وهم معهم. وبذلك تمايز أهل الصلاح وأهل الفسق والفجور كلٌ فى ناحية ، وكان العصاة هم الذين مكثوا داخل قريتهم ، التى يحيطها سور عظيم. وانتظر الجميع ما الله فاعل بهم . (5) أشرق الصباح .. وأخذ المؤمنون ينتظرون .. أن تفتح أبوابُ القرية .. فلم يحدث . فضربوا عليهم الباب .. ونادوا .. ولا مجيب !! فوضعوا سُلما ، وتسلق رجلٌ سور المدينة ، فالتفت إليهم . و قال : أي عباد الله . قردة والله لها أذناب . ففتحوا الأبواب ، و دخلوا عليهم . فعرفت القرود أنسابها من الإنس ، ولا تعرف الإنس أنسابها من القردة فجعلت القرود يأتيها أقرباؤها وأصدقاؤها من الإنس ، فتشم ثيابه وتبكي . فيقولون لهم : ألم ننهكم ! ألم نعظكم ! ألم ننصحكم ! فات الوقت لهذه الكلمات . و كان الجزاء من جنس العمل .. فكما غيروا شريعة الله ... ومسخوها فقد غيرهم الله ... ومسخهم إلى قردة خاسئين . ولم يعيشوا بعدها فوق ثلاث . فأماتهم الله جميعا ، بعد أن جعلهم الله نكالا ومثالا ، لكل من يحدث نفسه بفعل الحيل مع الله عز وجل .
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
أصحاب السبت | ناصرعبدالرحمن | احتواء ما لا يحتوى | 30 | 17-01-2010 08:04 PM |
مقالة الشاعره الناقده سحايب الفيصل في جريدة الأنباء الكويتيه اليوم السبت السبت 16/2 | صعب المنال | نشيد الروح | 5 | 27-02-2008 07:04 PM |
قصة أصحاب السبت | kuber | روحانيات | 8 | 09-09-2007 04:37 PM |