صحيفة أخبارية
عدد الضغطات : 43,874
منتدى المزاحمية العقاري
عدد الضغطات : 67,551
عدد الضغطات : 9,386
العودة   مجالس الرويضة لكل العرب > مجالس الرويضة الخاصة > روحانيات
روحانيات على نهج اهل السنه والجماعة
 
 
LinkBack أدوات الموضوع إبحث في الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
#1 (permalink)  
قديم 30-10-2009, 03:59 PM
الغمام الماطر
عضو مجالس الرويضة
الغمام الماطر غير متواجد حالياً
    Male
لوني المفضل Black
 رقم العضوية : 3734
 تاريخ التسجيل : 21-06-2009
 فترة الأقامة : 5441 يوم
 أخر زيارة : 17-03-2021 (10:45 AM)
 الإقامة : الرويضة
 المشاركات : 246 [ + ]
 التقييم : 5927
 معدل التقييم : الغمام الماطر عضو الماسي الغمام الماطر عضو الماسي الغمام الماطر عضو الماسي الغمام الماطر عضو الماسي الغمام الماطر عضو الماسي الغمام الماطر عضو الماسي الغمام الماطر عضو الماسي الغمام الماطر عضو الماسي الغمام الماطر عضو الماسي الغمام الماطر عضو الماسي الغمام الماطر عضو الماسي
بيانات اضافيه [ + ]
الحق خطبة 11/11 للشيخ البصري ( الاختلاط مصطلح مفقود أم حقيقة غائبة ؟؟؟؟



الاختلاط ، مصطلح مفقود أم حقيقة غائبة ؟

11 / 11 / 1430



الخطبة الأولى :






أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إَن تَتَّقُوا اللهَ يَجعَلْ لَكُم فُرقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُم سَيِّئَاتِكُم وَيَغفِرْ لَكُم وَاللهُ ذُو الفَضلِ العَظِيمِ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، مِن إِرَادَةِ اللهِ الخَيرَ بِأُمَّةٍ وَحُسنِ تَوفِيقِهِ لها ، أَن يَدُلَّهَا عَلَى سُلُوكِ السَّبِيلِ القَوِيمِ وَالصِّرَاطِ المُستَقِيمِ الَّذِي فِيهِ رِفعَتُهَا في دُنيَاهَا وَنَجَاتُهَا في أُخرَاهَا ، وَأَن يُرِيَهَا مَوَاطِنَ ضَعفِهَا وَيُبَصِّرَهَا بِأَسبَابِ تَأَخُّرِهَا ، وَمِن ثَمَّ يُعِينُهَا عَلَى تَجَنُّبِ مَا يَشِينُهَا وَلُبسِ مَا يَزِينُهَا ، وَيَهدِيهَا طُرُقَ الحَقِّ وَيَسلُكَ بها مَسَالِكَ الهُدَى ، فَتَسعَى لإِصلاحِ الخَلَلِ وَرَتقِ الفَتقِ ، وَتُسَارِعُ بِمُعَالَجَةِ الضَّعفِ وَمُقَاوَمَةِ المَرَضِ ، وَإِنَّ مِن تَثبِيطِهِ ـ تَعَالى ـ لأُمَّةٍ وَإِرَادَتِهِ لها أَن تَبقَى مَعَ القَاعِدِينَ ، أَن يَكِلَهَا إِلى ضَعفِهَا وَيُسلِمَهَا إِلى أَنفُسِهَا ، فَتَبتَعِدَ عَن مَصَادِرِ عِزَّتِهَا وَتُجَفِّفَ مَنَابِعَ فَخرِهَا ، وَتَجعَلَ ثِقتَهَا في أَعدَائِهَا خَارِجًا وَدَاخِلاً ، وَتَتَطَامَنَ لهم لِيَصُوغُوا لها أَفكَارَ أَبنَائِهَا ، وَتَتَصَاغَرَ أَمَامَهُم لِيَرسُمُوا لها أَنظِمَةَ حَيَاتِهَا ، وَتُنصِتَ لهم لِيُملُوا عَلَيهَا مَا يَزِيدُهَا تَأَخُّرًا وَضَعفًا وَوَهنًا وَهَوَانًا . وَإِنَّ ممَّا لا يَختَلِفُ عَلَيهِ العُقَلاءُ في هَذِهِ القُرُونِ المُتَأَخِّرَةِ ، أَنَّنَا عِشنَا في عَالَمِنَا الإِسلامِيِّ وَمَا زِلنَا نَعِيشُ شَيئًا مِنَ التَّخَلُّفِ عَن رَكبِ الحَضَارَةِ العَالَمِيَّةِ ، وَأَنَّ بَينَنَا وَبَينَ كَثِيرٍ مِنَ الدُّوَلِ المُتَقَدِّمَةِ خُطُوَاتٍ تَتَّسِعُ في مَجَالاتٍ وَتَضِيقُ في مَجَالاتٍ ، ممَّا دَعَا لِتَشخِيصِ أَمرَاضِ ذَلِكَ الجَسَدِ ، وَالسَّعيِ الجَادِّ في عِلاجِهَا وَإِصلاحِ مَا فَسَدَ . وَلَقَد كَانَ التَّعلِيمُ هُوَ المَجَالَ الأَوَّلَ الَّذِي تَنَادَتِ الأَصوَاتُ بِوُجُوبِ فَحصِهِ ، وَأَجمَعَتِ القولَ عَلَى لُزُومِ إِصلاحِهِ وَإِكمَالِ نَقصِهِ ، لِنَتَمَكَّنَ مِن إِدرَاكِ مَن سَبَقَنَا وَتَجَاوُزِ مَن لَحِقَ بِنَا ، غَيرَ أَنَّا بَدَلاً مِن أَن نَسمَعَ لأَصوَاتِ المُصلِحِينَ الغَيُورِينَ ، فُوجِئنَا بِتَعَالي أَصوَاتٍ غَرِيبَةٍ عَن دِينِنَا نَائِيَةٍ عَن عَقِيدَتِنَا ، بَعِيدَةٍ كُلَّ البُعدِ عَن قِيَمِنَا مُتَجَرِّدَةٍ عَن أَخلاقِنَا ، اِنطَلَقَت مِن دَاخِلِ مُؤَسَّسَاتِ التَّعلِيمِ تَارَةً وَمِن خَارِجِهَا تَارَاتٍ ، أَصوَاتٌ خَارِجَةٌ عَمَّا عَلَيهِ أَهلُ هَذِهِ البِلادِ حُكَّامًا وَمَحكُومِينَ ، تَعَامَى أَصحَابُهَا عَنِ الأَسبَابِ الحَقِيقِيَّةِ الَّتي أُتِيَ التَّعلِيمُ مِن قِبَلِهَا ، وَرَاحُوا يَشتَطُّونَ لَغَطًا وَيَرتَكِبُونَ غَلَطًا ويَتَكَلَّفُونَ شَطَطًا ، مُحَاوِلِينَ إقحَامَ مَا لا تَعَلُّقَ لَهُ بِالإِصلاحِ ، لِتَحقِيقِ مَا يَرمُونَ إِلى مِن أَهدَافٍ دَنِيئَةٍ وَمَآرِبَ سَاقِطَةٍ ، وَسَعيًا لِلوُصُولِ إِلى يَتَشَهَّونَهُ مِن غَايَاتٍ هَابِطَةٍ ، في مَجَالٍ جَعَلَهُ اللهُ مِن أَشرَفِ المَجَالاتِ وَأَولاهَا بِالطَّهَارَةِ وَالنَّقَاءِ وَالصَّفَاءِ . وَقَد اتَّخَذُوا مِنَ الاختِلاطِ في التَّعلِيمِ سُلَّمًا لهم لِلوُصُولِ إِلى مَا يُرِيدُونَ وَمَعبَرًا لبُلُوغِ مَا يَتَمَنَّونَ ، زَاعِمِينَ أَنَّهُ أَوَّلُ خُطُوَاتِ إِصلاحِ التَّعلِيمِ ، وأَنَّ مِن أسبَابِ تَّأَخُّرِنَا وَتَخَلُّفِنَا عَدَمَ رِضَانَا بِهِ في مَدَارِسِنَا وَجَامِعَاتِنَا ، وَنَبذَنَا لَهُ في أَمَاكِنِ العَمَلِ وَمَوَاطِنِ الصَّنَاعَةِ وَالإِنتَاجِ ، نَاسِينَ أَو مُتَنَاسِينَ أَنَّهُ ذَلِكَ الخَطَأُ التَّربَوِيُّ الفَادِحُ وًالتَّجرِبَةُ المُرَّةُ الصَّعبَةُ ، الَّتِي ارتَكَبَتهَا بِدَعوَى الحُرِّيَّةِ مُجتَمَعَاتٌ بَعُدَت عَنِ الإِسلامِ ، فَلَم تَشعُرْ بِمَرَارَتِهَا وُصُعُوبَةِ التَّخَلُّصِ مِنهَا ، إِلاَّ حِينَ أَصبَحَ وَبَاءً اجتِمَاعِيًّا مُستَشرِيًا ، وَمَرَضًا خُلُقِيَّا مُرْدِيًا ، ذَاقَت مِنهُ مَا ذَاقَت مِنَ الشُّرُورِ ، فَجَعَلَت تُنَادِي بِأَعلَى الصَّوتِ لِلتَّخَلُّصِ مِنهُ وَنَبذِهِ . وَلَمَّا ارتَعَدَت في بِلادِنَا أُنُوفُ الغَيُورِينَ وَتَعالَت أَصوَاتُ المُصلِحِينَ النَّاصِحِينَ ، وَحَشَدُوا الأَدِلَّةَ عَلَى تَحرِيمِ الاختِلاطِ وَأَنكَرُوهُ نُصحًا لِلأُمَّةِ ، وَحَذَّرُوا مِنهُ وَجَلَّوا آثَارَهُ وَأَظهَرُوا عُوَارَهُ إِبرَاءً لِلذِّمَّةِ ، لم يَجِدْ هَؤُلاءِ المُحَرِّفُونَ لِلكَلِمِ عَن مَوَاضِعِهِ إِلاَّ أَن يَدَّعُوا أَنَّ الاختِلاطَ مَصطَلَحٌ مُبتَدَعٌ مُختَرَعٌ ، لا أَصلَ لَهُ في الإِسلامِ وَلا ذِكرَ لَهُ لَدَى الفُقَهَاءِ ، وَبَنَوا عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لا مَانِعَ مِنهُ وَلا مُوجِبَ لِتَحرِيمِهِ ، بَل وَزَعَمُوا أَنَّهُ أَصبَحَ حَاجَةً قَائِمَةً وَضَرُورَةً مُلِحَّةً ، وَتَاللهِ مَا قَصَدَ أُولَئِكَ حِمَايَةَ الدِّينِ مِن أَن يُبتَدَعَ فِيهِ مُصطَلَحٌ لم يَكُنْ مَعرُوفًا ، وَأَنَّى لهم بهذَا الشَّرَفِ العَظِيمِ وَهُم المَعرُوفُونَ بِتَسوِيقِ عَدَدٍ مِنَ البِدَعِ وَنَشرِ كَثِيرٍ مِنَ المُخَالَفَاتِ الشَّرعِيَّةِ وَتَروِيجِ المَعَاصِي ، دُونَ تَوقِيرٍ لِلنَّصُوصِ الشَّرعِيَّةِ أَو تَقدِيرٍ لِحَمَلَةِ الشَّرِيعَةِ ؟!
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ النَاظِرَ بِعَينِ البَصِيرَةِ في المَآلاتِ ، وَالمُتَأَمِّلَ في الخَوَاتِيمِ وَالنِّهَايَاتِ ، لِيَعرِفُ أَنَّ مِن أَقبَحِ المُنكَرِ اجتِمَاعَ المَرأَةِ بِالرَّجُلِ اجتِمَاعًا مُقَنَّنًا ، وَتَلاقِيهِمَا في المَدَارِسِ وَالجَامِعَاتِ لِقَاءً دَائِمًا ، وَتَزَامُلَهُمَ ا في المَكَاتِبِ وَالمَصَانِعِ وَأَمَاكِنِ الإِنتَاجِ ، إِذْ لم يَنتُجْ عَنهُ وَلَن يَنتُجَ إِلاَّ فَسَادُ الأَخلاقِ وَانحِطَاطُ القِيَمِ وَهَدمُ المَبَادِئِ ، وَانتِزَاعُ الحَيَاءِ مِنَ القُلُوبِ وَخَرَابُ المُجتَمَعَاتِ ، بِسَبَبِ مَا يَؤُولُ إِلَيهِ ذَلِكَ المُنكَرُ مِن مَشبُوهِ العِلاقَاتِ وَمُحَرَّمِ الخَلوَاتِ . وَإِنَّهُ لا فَرقَ في ذَلِكَ لَدَى عَاقِلٍ مُنصِفٍ ، سَوَاءٌ سُمِّيَ ذَلِكَ الاجتِمَاعُ اختِلاطًا أَو دَمجًا أَوِ امتِزَاجًا ، فَالخَلوَةُ حَاصِلَةٌ وَلا شَكَّ ، وَالشَّهوَةُ مُتَحَرِّكَةٌ وَلا رَيبَ ، وَالتَّجَارِبُ تُصَدِّقُ سُوءَ المَغَبَّةِ ، وَالخِبرَاتُ تُؤَكِّدُ قُبحَ النَّتِيجَةِ ، وَالسّعِيدُ مَن وُعِظَ بِغَيرِهِ . وَإِنَّ العَاقِلَ لا يَعجَبُ أَن يُنَادِيَ بِالدَّمجِ مُلحِدٌ لا دِينَ لَهُ ، أَو يُهَوِّنَ مِن شَأنِ الاختِلاطِ كَافِرٌ لا إِيمَانَ في قَلبِهِ ، أَو يُدَافِعَ عَنهُ مَن لم يَذُقْ لَذَّةَ التَّوحِيدِ ، وَلَكِنَّ العَجَبَ أَن يُلَبِّسَ عَلَى الأُمَّةِ في هَذَا الأَمرِ مَن يُنسَبُ لِلعِلمِ وَالفِقهِ ، أَو يَقُولَ بِهِ مَن يَتَصَدَّرُ لِلخَطَابَةِ أَوِ القَضَاءِ أَوِ الإِفتَاءِ ، أَو يُرَوِّجَ لَهُ مَن يَحمِلُ في هُوِيَّتِهِ سِلسَلَةً مِن أَسمَاءٍ إِسلامِيَّةٍ كَرِيمَةٍ ، ثم تَرَاهُ يَرصُفُ الكَلِمَاتِ وَيَشحَنُ العِبَارَاتِ ، وَيُدَبِّجُ المَقَالاتِ وَيَملأُ الصَّفَحَاتِ ، وَيَشغَلُ الأُمَّةَ بِمَقَالاتٍ وَرُدُودٍ لا مَغزَى لها إِلاَّ إِشغَالَهَا بِمُلاسَنَاتٍ كَلامِيَّةٍ وَمُجَادَلاتٍ فَلسَفِيَّةٍ وَمُغَالَطَاتٍ عَقلِيَّةٍ ، تَجعَلُهَا تَعِيشُ حَالَةً مِنَ الحَيرَةِ وَالذُّهُولِ ، وَتَبذُرُ في قُلُوبِ بَنِيهَا مِن أُصُولِ الشَّكِّ في دِينِهَا مَا يَصُدُّهَا عَنِ الحَقِّ وَيَمِيلُ بها عَنِ الجَادَّةِ ولا حَولَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ . وَتَبلُغُ الوَقَاحَةُ مُنتَهَاهَا بِكُتَّابِ الصُّحُفِ وَمُحَرِّرِي الجَرَائِدِ ، وَيُظهِرُ كَثِيرٌ مِن خَفَافِيشِ الشَّبَكَةِ جَهلَهُم وَيُغرِقُونَ في ظُلمِهِم وَيَتَمَادَونَ في زُورِهِم وَبُهتَانِهِم ، حِينَ يَقرِنُونَ الكَلامَ في الاختِلاطِ بِالإِرهَابِ أَو ضَعفِ رُوحِ الوَطَنِيَّةِ ، فَإِذَا تَكَلَّمَ أَحَدٌ بِمَا يَدِينُ اللهَ بِهِ مِن حُرمَةِ اختِلاطِ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ في مَدرَسَةٍ أَو جَامِعَةٍ أَو مُؤَسَّسَةٍ أَو وِزَارَةٍ ، وَصَمُوهُ بِالإِرهَابِ وَالتَّحرِيضِ ، وَاتَّهَمُوهُ بِالخُرُوجِ عَلَى وُلاةِ الأَمرِ ، وَإِذَا نَحنُ وَجَدنَا لِبَعضِ مَن أَخطَأَ في هَذَا الجَانِبِ مِنَ العُلَمَاءِ المُتَخَصِّصِين َ عُذرًا لأَنَّهُم قَالُوا مَا يَرَونَهُ صَحِيحًا وَأَفصَحُوا عَمَّا يَعتَقِدُونَهُ صَوَابًا ، بِدَافِعٍ مِنَ الغَيرَةِ وَعَمَلاً بِمَا يُملِيهِ عَلَيهِم وَاجِبُ الأَمَانَةِ الَّتي حَمَّلَهُمُ اللهُ إِيَّاهَا وَالمِيثَاقِ الَّذِي أَخَذَهُ ـ سُبحَانَهُ ـ عَلَيهِم حَيثُ قَالَ : " وَإِذَ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّه ُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكتُمُونَهُ " وَخَوفًا مِنَ الوُقُوعِ فِيمَا حَذَّرَهُم مِنهُ إِمَامُهُم ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ حَيثُ قَالَ : " مَن سُئِلَ عَن عِلمٍ فَكَتَمَهُ أُلْجِمَ يَومَ القِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِن نَارٍ " أَقُولُ : إِذَا كَانَ وَاجِبًا عَلَى العُلَمَاءِ أَن يُبَيِّنُوا مَا يَدِينُونَ اللهَ بِهِ عِن عِلمٍ وَفِقهٍ وَاجتِهَادٍ وَنَظَرٍ ، فَمَا بَالُ هَذَا الصَّحَفِيِّ الَّذِي لا يُحسِنُ أَن يُرَكِّبَ كَلِمَتَينِ بِلَهجَةٍ فَصِيحَةٍ وَلُغَةٍ سَلِيمَةٍ ، أَو ذَلِكَ الغُلامِ القِابِعِ خَلفَ لَوحَةِ حَاسُوبِهِ يَكتُبُ في مُنتَدَاهُ دُونَ عِلمٍ أَو فِقهٍ أَوِ اطِّلاعٍ ، مَا بَالُ كُلٍّ مِنهُمَا يُشَرِّقُ وَيُغَرِّبُ لِيَرُدَّ نُصُوصًا صَحِيحَةً صَرِيحَةً ، وَيَلوِيَ أَعنَاقَ نُصُوصٍ أُخرَى لِتُوَافِقَ مَا يَهوَاهُ ، ثُمَّ يَبلُغُ مُنتَهَى السَّفَاهَةِ حِينَ يَتَّهِمُ العُلَمَاءَ وَرِجَالَ الدِّينِ الغَيُورِينَ بِأَنَّهُم يَنتَهِجُونَ مَنهَجَ الخَوَارِجِ الحَرُورِيَّةِ ، أَو يَنتَحِلُونَ أَفَكَارَ الإِرهَابِ الهَمَجِيَّةَ ، أَو يُؤَلِّبُونَ ضِدَّ الوُلاةِ ، مَاذَا يُرِيدُ حَمقَى الصَّحَافَةِ وَمُغَفَّلُو الإِعلامِ ؟! أَيُرِيدُونَ لِلعُلَمَاءِ أَن يُكَمِّمُوا أَفوَاهَهُم وَيُلجِمُوا أَقلامَهُم عَن قَولِ الحَقِّ وَكِتَابَتِهِ وَنَشرِهِ ، فَيَكُونُوا بِذَلِكَ قَد كَتَمُوا العِلمَ وَخَانُوا المِيثَاقَ ، أَمْ يُرِيدُونَ مِنهُم أَن يَتَخَلَّوا عَنِ الأُمَّةِ وَهِيَ أَحوَجُ مَا تَكُونُ إِلى عِلمِهِم وَإِلى التَّبَصُّرِ بِفِقهِهِم ، لا وَاللهِ ، لا يَكُونَ هَذَا مِن عُلَمَاءِ الحَقِّ وَأَئِمَّةِ الهُدَى وَلَو استَهزَأَ بهم مَنِ استَهزَأَ وَسَخِرَ مِنهُم مَن سَخِرَ ، وَلا وَاللهِ لا يَزِيدُهُم مَا يُدَبَّرُ ضِدَّهُم إِلاَّ ثَبَاتًا عَلَى الحَقِّ وَدِفاعًا عَنهُ ، حَتى يُوَافُوا بِهِ غَيرَ مُغَيِّرِينَ وَلا مُبَدِّلِينَ ، وَوَاللهِ لِيَرْمُنَّ بِالعِلمِ بَينَ أَكتَافِ المُسلِمِينَ وَلَو أَعرَضَ عَنهُ مَن أَعرَضَ ، وَلَيُبَيِّنُنّ َ مَا يَدِينُونَ اللهَ بِهِ وَلَيَنشُرُنَّه ُ وَلَو خَالَفَهُم مَن خَالَفَهُم " لِيَهلِكَ مَن هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحيَا مَن حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ " وَالمَوعِدُ يَومُ الدِّينِ وَالجَزَاءِ ، وَالحَكَمُ هُوَ اللهُ الَّذِي لا يَخفَى عَلَيهِ شَيءٌ في الأَرضِ وَلا في السَّمَاءِ " وَسَيَعلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ "


الخطبة الثانية :



أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ .
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ اختِلاطَ الرِّجَالِ وَالنَّسَاءِ الَّذِي يُحَاوِلُ المُنَافِقُونَ وَمَنِ انخَدَعَ بِمَقُولاتِهِم أَن يُشَوِّشُوا عَلَى النَّاسِ بِمُنَاقَشَتِهِ عَلَى أَنَّهُ مُصطَلَحٌ لا أَسَاسَ لَهُ في الشَّرعِ ، إِنَّهُ لأَمرٌ حَرَّمَهُ العُلَمَاءُ المُحَقِّقُونَ لِمَا يَؤُولُ إِلَيهِ مِنَ الخَلوَةِ المُحَرَّمَةِ قَطْعًا ، وَإِنَّ المُتَأَمِّلَ بِشَيءٍ مِنَ الإِنصَافِ في الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، المُتَضَلِّعَ بِفِقهِ المَقَاصِدِ وَالمَآلاتِ ، لَيُدرِكُ في وُضُوحٍ وَيُسرٍ حِرصَ الإِسلامِ عَلَى إِبعَادِ الجِنسَينِ غَيرَ المَحَارِمِ عَن بَعضِهِمَا ، وَأَنَّهُ لا يُحَبِّذُ الاختِلاطَ مَا لم تَفرِضْهُ الضَّرُورَةُ المُلِحَّةُ وَبِقَدرِهَا ، فَعِندَمَا يَقُولُ ـ سُبحَانَهُ : " وَإِذَا سَأَلتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذلِكُم أَطهَرُ لِقُلُوبِكُم وَقُلُوبِهِنَّ " وَحِينَ يَقُولُ ـ تعالى ـ : " فَلا تَخضَعْنَ بِالقَولِ فَيَطمَعَ الَّذِي في قَلبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَولاً مَعرُوفًا . وَقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولى " وَإِذْ يَقُولُ : " وَقُلْ لِلمُؤمِنَاتِ يَغضُضْنَ مِن أَبصَارِهِنَّ وَيَحفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنهَا وَلْيَضرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنّ َ أَو آبَائِهِنَّ أَو آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَو أَبنَائِهِنَّ أَو أَبنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَو إِخوَانِهِنَّ أَو بَنِي إِخوَانِهِنَّ أَو بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَو نِسَائِهِنَّ أَو مَا مَلَكَت أَيمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيرِ أُولي الإِربَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفلِ الَّذِينَ لم يَظهَرُوا عَلَى عَورَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضرِبْنَ بِأَرجُلِهِنَّ لِيُعلَمَ مَا يُخفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا المُؤمِنُونَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ " وَعِندَمَا يَقُولُ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ : " إِيَّاكُم وَالدَّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ " وَحِينَ يَحرِصُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ عَلَى التّفرِيقِ بَينَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ حَتى في أَحَبِّ الأَمَاكِنِ وَالبِقَاعِ إِلى اللهِ فَيَقُولُ : " خَيرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا ، وَخَيرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا " وَيَقُولُ : " لا تَمنَعُوا إِمَاءَ اللهِ مَسَاجِدَ اللهِ ، وَبُيُوتُهُنَّ خَيرٌ لَهُنَّ " فَعَلامَ يَدُلُّ كُلُّ ذَلِكَ وَأَمثَالُهُ ممَّا يَضِيقُ المَقَامُ عَن ذِكرِهِ وَاستِقصَائِهِ ؟! وَحِينَ يَقُولُ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " مُرُوا أَولادَكُم بِالصَّلاةِ لِسَبعٍ وَاضرِبُوهُم عَلَيهَا لِعَشرٍ وَفَرِّقُوا بَينَهُم في المَضَاجِعِ " فَيَأمُرَ بِالتَّفرِيقِ بَينَ الإِخوَةِ وَالأَخَوَاتِ خَوفًا مَن أَن يَفعَلَ الشّيطَانُ فِعلَهُ فَيُوقِعَهُم فِيمَا لا يُحمَدُ ، فَهَل يَتَصَوَّرُ عَاقِلٌ أَن يَقُولَ ذَلِكَ ثُمَّ يُقِرَّ الجَمعَ بَينَ مَن لَيسُوا بِأَخوَةٍ وَلا أَخَوَاتٍ ؟! سُبحَانَكَ هَذَا بُهتَانٌ عَظِيمٌ ! أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَاعلَمُوا أَنَّ عُلَمَاءَ هَذِهِ البِلادِ وَغَيرَهُم مِنَ السَّابِقِينَ وَاللاَّحِقِينَ ، قَد ذَكَرُوا الاختِلاطَ في كُتُبِهِم وَفَتَاوَاهٌم ، وَحَرَّمُوهُ وَحَذَّرُوا مِن مَغبَّتِهِ ، فَلا يَغُرَّنَّكُم هَؤُلاءِ المَفتُونُونَ ، القَائِلٌونَ بِأَنَّ المَنهِيَّ عَنهُ إنَّمَا هُوَ الخَلوَةُ لا الاختِلاطُ ، أَو أُولَئِكَ المُحتَجُّونَ بِمَا يَحصُلُ مِنِ اختِلاطٍ عَابِرٍ في الأَسوَاقِ أَو حَتى في الطَّوَافِ حَولَ الكَعبَةِ أَو عِندَ رَميِ الجِمَارِ ، فَإِنَّ هَذَا وَإِنْ حَصَلَ فَهُوَ بِصُحبَةِ المَحرَمِ ، وَفي حَالٍ مِنَ الزِّحَامِ وَالاشتِغَالِ بِالنَّفسِ ، وَالقُلُوبُ إِذْ ذَاكَ مُتَعَلِّقَةٌ بِرَبِّهَا مُنهَمِكَةٌ بِعِبَادَتِهِ وَطَاعَتِهِ ، فَهَل يُقَاسُ عَلَى مِثلِ هَذَا مَا يَدعُونَ إِلَيهِ مِنِ اختِلاطٍ مُقَنَّنٍ مُرَتَّبٍ لَهُ ، يَحصُلُ بِشَكلٍ يَومِيٍّ وَفي وَقتٍ يَعرِفُهُ الجَمِيعُ ، وَتَزُولُ فِيهِ الحَوَاجِزُ وَيُنزَعُ حِجَابُ الاغتِرَابِ وَيَتِمُّ الاقتِرَابُ ، وَتُتَبَادَلُ فِيهِ الأَحَادِيثُ وَتَعلُو الضَّحَكَاتُ ؟! اللَّهُمَّ " رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعدَ إِذْ هَدَيتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَدُنكَ رَحمَةً إِنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ " اللَّهُمَّ رَبَّ جِبرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسرَافِيلَ ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ ، عَالِمَ الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ ، أَنتَ تَحكُمُ بَينَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَختَلِفُونَ ، اِهدِنَا لِمَا اختُلِفَ فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذنِكَ إِنَّكَ تَهدِي مَن تَشَاءُ إِلى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ .





آخر تعديل ناصرعبدالرحمن يوم 01-11-2009 في 02:39 PM.
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
منبر الجامع الجنوبي بالرويضة ****خطبة الشيخ عبد الله البصري في تحريم الإختلاط الغمام الماطر روحانيات 15 17-10-2011 01:39 PM
منبر الجامع الجنوبي بالرويضة/ للشيخ :عبد الله البصري (مكانة العلماء....ومكر السفهاء) الغمام الماطر روحانيات 6 10-10-2009 11:22 AM
خطبة أعجبتني ... ( دروس من حجة الوداع ) للشيخ سعود بن إبراهيم الشريم عبد العزيز بن عبد الله روحانيات 8 16-12-2007 04:31 PM
( جاهلية المجتمعات ؟ مصطلح خطير ) الحجاز روحانيات 4 12-08-2007 11:06 AM


الساعة الآن 05:07 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
- arab-line : Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.3.0 TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010

... جميع الحقوق محفوظه لمجالس رويضة العرض لكل العرب ...

.. جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر صاحبها ...ولا تعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر المنتدى..

a.d - i.s.s.w