أهالي العيص يعودون إلى منازلهم ويدفعون ثمن «الإخلاء القسري

الحياة تعود تدريجياً بعد فراق دام ثلاثة أشهر

أهالي العيص يعودون إلى منازلهم ويدفعون ثمن «الإخلاء القسري»!


عدد من المواطنين عند مدخل المركز مستبشرين بعودتهم إلى منازلهم
العلا، جولة - حامد السليمان
بعد فراق دام ثلاثة أشهر وستة أيام عاد أهالي العيص إلى بيوتهم ومزارعهم وأملاكهم بعد إخلائها بسبب الهزات الأرضية التي تعرضت لها المدينة، وكذلك خطر انفجار بركان حرة الشاقة، وانتشرت على مدخل العيص عبارات الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو النائب الثاني - حفظهم الله - على اهتمامهم بأهالي العيص، مثمنين قرار إخلائهم من المدينة حرصاً على سلامتهم.
وتجولت "الرياض" يوم أمس الأول في المحافظة التي عادت الحياة إليها، وافتتحت المساجد التي ظلت مغلقه ثلاثة أشهر، وارتفع الآذان في جميع أنحاء المحافظة والقرى التابعة لها، وفتحت الأسواق والمحلات التجارية أبوابها، وعادت لها الحياة والحركة التجارية كاملة، ولكن الأهالي وجدوا أمورا كثيرة قد تغيرت عليهم، فقد ماتت المواشي وجفت المزارع، وهلكت أشجار النخيل، وغاب التمر البرني الذي تشتهر فيه العيص كما في الأعوام السابقة بسبب عدم سقيها بالمياه طوال الأشهر الماضية، وأما المحلات التجارية فقد تلفت فيها المواد الغذائية، التي لم تنته صلاحيتها، حيث أتلفتها الجرذان والسوس، وأما المنازل فقد اتلف الغبار بعض أثاثها وحول جديدها إلى قديم.
تداعيات الإخلاء القسري
وخلال جولة "الرياض" لمركز العيص التقت بعدد من المواطنين العائدين إلى منازلهم، ففي البداية انتقد الشيخ علي الجهني اجتهادات بعض وسائل الإعلام في نقل أخبار العيص، وعن عودة أهالي العيص إلى مدينتهم، قال: "الحمد لله على هذه العودة التي جاءت مع دخول شهر رمضان المبارك، وأتقدم بخالص الشكر لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني لما قدموه لنا من اهتمام غير مستغرب من حكومتنا الرشيدة وجزآهم الله خيرا على كل ما قدموه لنا".
وأضاف حول تأثير الإخلاء في الأهالي "نحن لا ننكر جهود حكومتنا الرشيدة، ولكن أنا وكثير من أهالي العيص نتوقف كثيرا على الإخلاء ألقسري، فمع الأسف وبسببه ماتت المزارع بسبب عدم وجود من يسقيها، وانتم في"الرياض" وقفتم على ذلك وقدرت خسائر المزارعين بخمسة عشر مليون ريال، وذلك قياسا على حجم المبيعات العام الماضي (1429م)، وأيضا ماتت المواشي وخسر التجار جراء الإخلاء وإغلاق محلاتهم ثلاثة أشهر وحتى منازل المواطنين اتلف الغبار أثاثها، وكلنا أمل أن يتم تعويض المواطنين على هذه الخسائر.
وعبر عن أسفه لما يتم حاليا من تجاوزات صاحبت عودة الأهالي في توزيع المساعدات العينية التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين على أهالي العيص، وقال "مع الأسف للجنة التوزيع شروط عديدة من اجل الصرف، فمثلا يطلبون أن يكون مع المتقدم للصرف بطاقة من قبل مكتب المالية في ينبع، مما يجعل المواطنين يذهبون إلى ينبع 200 كيلومتر ويحصلون على أمر الصرف، والمفروض أن تكون البطاقات موجودة في مركز العيص، ويوم أمس جعلوا احد كبار السن يذهب إلى ينبع من اجل الحصول على البطاقة وتعرض لحادث سير وتوفي رحمه الله، ومع الأسف مكتب المالية في ينبع لم يحسن التصرف في توزيع المساعدات على الأهالي، كما إن مرور العيص مع الأسف بدلا من أن ينظم السير عند موقع الصرف تفرغ لمنح كبار السن قسائم مرورية، ونرجو أيضا أن تقوم الجمعيات الخيرية والمستودع الخيري بدورها خاصة في شهر رمضان المبارك".
وانتقد لجنة تقدير المنازل المتضررة من الزلزال وقال إنها قللت من عدد المنازل المتضررة حيث حصرتها ب 100 منزل، وقال "أرجو أن تكون هناك لجنة أخرى تقف على الواقع عن قرب".
وعن أهم احتياجات سكان العيص بعد عودتهم قال "تحتاج العيص لتوسعة المستشفى العام إلى 200 سرير بدلا من 50 سريرا وافتتاح مراكز صحية، فمع الأسف العيص التي يقدر سكانها ب 60 ألفا لا يوجد بها سوى مركز صحي واحد، ونرجو أن يتم افتتاح خمسة مراكز صحية جديدة، حيث يكون في كل حي مركز صحي، كما نرجو أن يتم افتتاح مكتب للأحوال المدنية، فمع الأسف نحن الآن نضطر إلى الذهاب إلى ينبع 200 كيلو متر من اجل تسجيل المواليد وإصدار دفتر العائلة وبطاقة الأحوال".
تحملنا فوق طاقتنا
بعد ذلك تحدثنا مع المواطن سريحان السناني (وهو صاحب مركز تجاري)، وقال "الحمد لله أننا عدنا إلى العيص بعد أكثر من ثلاثة أشهر، ولكن نحن التجار تضررنا كثيرا جراء الإخلاء القسري، والأوامر المشددة لنا من قبل الدفاع المدني بعدم فتح المحلات التجارية طوال الأشهر السابقة، وأنا كصاحب مركز تجاري قدرت خسائري جراء تلف المواد الغذائية لدي بأكثر من مائة ألف ريال، فبعض المواد تلفت بفعل انتهاء الوقت وبعضها عاث به السوس والجرذان مثل الأرز والقمح وأتلفته، أما رواتب العمال التي كنت اصرفها طوال ثلاثة أشهر فهي خمسة عشر ألف ريال"، مضيفا "لدي مزرعة كبيرة، والعام الماضي بعت محصول التمر ب 300 ألف ريال من نوع برنية العيص الشهيرة التي تعد من أفضل أنواع التمور في منطقة المدينة المنورة، وأما هذا العام فمع الأسف أمر الدفاع المدني العمال بالإخلاء، فذهبوا ولم يبق من يسقي النخل فهلكت الأشجار ولم تثمر هذه السنة، وضاع جهد عام كامل"، ويضيف ابنه عبدالعزيز "نحن الآن مطالبون من تجار في جده وينبع بتكلفة المواد الغذائية التي كنا اشتريناها قبل الإخلاء والتي تلفت، والآن لا يوجد لدينا أي دخل للسداد".
لجنة المساعدات
كما تحدث المواطن فهد الجهني وهو صاحب مزرعة كبيره للنخيل بها ست آبار جوفية، وقال "بداية لابد أن نشكر حكومتنا الرشيدة على اهتمامها بأهالي العيص، كما نشكر أمير المدينة المنورة الأمير عبدالعزيز بن ماجد على جهوده ومتابعته لنا في العيص، والحمد لله على عودة الأهالي بعد غياب ثلاثة أشهر، وأنا كصاحب مزرعة بعت العام الماضي محصول التمور بمبلغ 650 ألف ريال، والحمد لله، وأما هذا العام فمع الأسف الدفاع المدني أجبرنا واجبر العمال على ترك المزارع وبقيت من دون سقيا فلم تطلع، والآن محصول التمر لدي لا يقدر ب 50 ألف ريال، وأيضا جفت 6 آبار في مزرعتي بسبب الزلزال، وأما المواشي التي كانت لدي في المزرعة فبعد أن تم الإخلاء القسري اضطررت لنقلها إلى ينبع، ومات بعضها في الطريق في أثناء النقل واضطررت لبيع عدد منها بسعر رخيص جدا؛ بسبب عدم وجود مكان أضعها فيه، ووصلت خسائري في المواشي مبالغ كبيره لا استطيع تحديدها، والحمد لله كل حال، ونتمنى من حكومتنا الرشيدة أن تعوضنا عن هذه الخسائر"، منتقدا طريقة توزيع المساعدات العينية "حقيقة أن ما تقوم به اللجنة المكلفة بتوزيع المساعدات غير مقبول جدا ولا يرضي المسئولين في هذا الوطن الذين دائما يحثون على التعامل الحسن مع المواطنين واحترام كبار السن وتقديرهم، وأما ما تقوم به حاليا اللجنة التي توزع المساعدات فهو تعامل غير مقبول أبدا - على حد قوله -".
مون في حيرة!
وعن معاناة المعلمين قال المعلم عبدالرحمن الجهني "تم نقلنا بعد أمر الإخلاء إلى ينبع، ولكن مع الأسف لم يتم منحنا سكنا أو صرف بدل سكن لنا، واضطررنا أن نستأجر السكن على حسابنا الخاص، وحاليا بعد عودة الأهالي لم نتلق أمرا بالعودة إلى مدارسنا في العيص، فهل نذهب إلى المدارس التي تم نقلنا لها في ينبع؟ ونرجو من وزارة التربية والتعليم سرعة إصدار توجيه حول ذلك".
كما تحدث المعلم بدر مسعد الجهني وقال "نحمد الله على عودة الأهالي إلى ديارهم، ونحن المعلمين نتمنى الآن أن توضح لنا الوزارة كافة البيانات حول عودة المعلمين والطلاب وهل عودة المعلمين بعد العيد تكون إلى مدارس العيص مباشره أم إلى ينبع، كما نتمنى أن تتم صيانة عاجلة للمدارس الحكومية وان يتم الاستغناء عن المباني المستأجرة أو يتم إيجاد مبان بديلة عنها لتجنب الأخطار خاصة ان بعض المدارس مبانيها متهالكة".
صوت الآذان يرتفع
والتقينا بمؤذن في احد المساجد في حي الفرع في العيص الذي يؤم المصلين، كذلك لعدم وجود إمام حاليا للمسجد وهو الشيخ سليمان الميلبي، وعن عودته إلى المسجد قال "بعد أن تم إعطاؤنا الأذن بالعودة إلى العيص، وبعد أن رفعت أول أذان في هذا المسجد بعد ثلاثة أشهر وستة أيام شعرت بفرحة غامرة لا توصف مثل فرحة المحب العائد إلى محبوبة، والحمد لله إنني عدت إلى هذا المسجد ورفعت فيه الأذان، وأميت فيه المصلين، وأنا مؤذن في هذا الجامع منذ 16 عاما، والحمد لله، واشكر حكومتنا الرشيدة على ما قدمت من اهتمام إلى أهالي العيص".




المواطنون يتزاحمون على احد مراكز التسوق