صحيفة أخبارية
عدد الضغطات : 43,874
منتدى المزاحمية العقاري
عدد الضغطات : 67,549
عدد الضغطات : 9,386
العودة   مجالس الرويضة لكل العرب > مجالس الرويضَّة الأدبيَّة > حكايات من الوجد
حكايات من الوجد قصة رواية تختبئ بين الغيم [ للقصص ]
 
 
LinkBack أدوات الموضوع إبحث في الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
#1 (permalink)  
قديم 19-03-2008, 04:16 PM
سمير الفيل
.::V I P::.
.::قاص وروائي مصري::.
سمير الفيل غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 898
 تاريخ التسجيل : 16-06-2007
 فترة الأقامة : 6173 يوم
 أخر زيارة : 04-03-2009 (06:12 PM)
 العمر : 73
 المشاركات : 54 [ + ]
 التقييم : 323
 معدل التقييم : سمير الفيل مبدع سمير الفيل مبدع سمير الفيل مبدع سمير الفيل مبدع
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي اللكلوك





اللكلوك


فى ظهيرة يوم قائظ دخل الرجل إلى المحل فى غاية القرف ، ومن خلفه زوجته الشابة ، تخفى دموعها ، وتمسح نحيبها على عتبة المكان قبل الدخول ، وفوق ذراعها طفل جميل ، شبه نائم .
جلس الرجل معطيا ظهره للفترينة ، بحيث صار مواجها للباب الجانبى المعلقة عليه الشباشب حمراء اللون ، زفر زفرتينن ، وحاول أن يبدو كاظما لغيظ ليس بوسع أمثاله من الرجال ذى الدم الحار أن يكظموه .
أما هى المرأة ، بنت الناس ، فحسبها أنها تمضغ حزنها ، وتبكى فى صمت ، لايعلو صوتها بمقدار همسة ، ولا تبدى امتعاضا لهذا الرجل الذى يجر شكلها ، ويشعرها فى كل وقت أنه أفضل منها مئات المرات .
دخلت وراءه ، أسندت الطفل على ركبتيها ، جالت بناظريها فى المحل ، تأكدت من عدم وجود رجال ، أخرجت ثديها ، ألقمته الطفل ، ومالبث صوتها أن تناهى إلىّ فى الركن الذى انكمشت فيه ريثما أكتشف غرضهم فى الدخول ، وهو زجرنى بنظرة وضع فيها كل قرفه ، وسألنى أن أحرك علبة التروس للمظلة خارج المحل ، كى أحجب زوجته عن المارة ، وقد نفذت طلبه على غير إرادة الحاج خليل الذى شدد علىّ أكثر من مرة بضرورة رفع المظلة فور تحرك الشمس للفترينة الأمامية .
فى عتمة ركنى الصغير بالمحل تناهى إلى سمعى صوت الآذان من المسجد القريب ، وجدتها المرأة فرصة : " ربنا أعلم بحالى ، يحاسب المفترى والظالم " .
دارت عيناه فى محجريهما ، و أشار بيده ، أن تكتم نفسها وتصمت ، لكنها أخرجت حلمة ثديها من فم الطفل ، ودفعت الصغير نحوه : " خد . مش ده ابنك برضه " .
بكى الطفل ، وفوجىء الرجل به بين ذراعيه ، فحمله وراح يهدهده ، والصغير يواصل البكاء فى حرقة .
سألتنى المرأة ، وهى لاتخفى دموعها المنحدرة على وجنتيها : " كباية ميه ،وحياة والدك " .
رمقت المرأة الشابة بتفهم ، وأردت أن أخفف عنها : " أجيب لك سكر وليمون أحسن؟ " .
هزت رأسها مستحسنة: "بسرعة وحياتك " .
كان الولد جلال صبى القهوجى يمر مصادفة بالصوانى من أمام باب المحل طلبت منه الليمون ، وضحكت فى وجهها : " ثانية واحدة " .
بدا الرجل فى مأزق حقيقى لأن الطفل يبكى ، والمرأة تعدل طوق فستانها ، وتقفل الأزرار ، وهى غير مستعدة لاستلام الطفل ثانية ، وكنت أعرف أن الحاج لو دخل ورأى المنظر سيتسلمنى بالسخرية ، والتعنيف ، فملت على المرأة الأقرب إلىّ : " طلباتك يا ست ؟ " .
تطلعت إلى زوجها ، وتحسس جيبه ، كان يحاول استيعاب المشكلة ، حاول الابتسام بصعوبة طلع صوته : " ثانية واحدة ، إحنا مش هنطير " .
بهدوء وضع الطفل على ركبتيها ، فلم تتحرك ، وبادرها بكلام مختلف : " حقك على ، وممكن كمان أبوس راسك " .
زامت كالنمرة ، وصرخت فيه :" اصل اللى بتعمله ده مايرضيش حد . واحدة للغسيل والتنضيف والطبخ ، والتانية للملاعبة والمناهدة " .
تأملته محرجا ، ورجانى بنظرة معاتبة أن أترك المحل للحظة ، أو تصورت ذلك : " وحياة ابننا ده مالى علاقة بواحدة تانية " .
هاجمته بعنف ، وكنتُ قد أخرجت مقعدا ، وجلست بجوار الفترينة : " والبنت أم شعر أصفر ؟" .
وصل صوته مستعطفا : " دى زبونة بتصلح عربيتها عندى ".
استفسرت فى حدة : " وجاية لوحدها ليه .. ماترد ؟ " .
ترقبت الموقف ، وأردت أن أعرف كيف سيخرج من الحفرة : " أصلها مطلقة !" .
قلت فى عقلى : " يخرب بيتك . جيت تكحلها عميتها ".
هبشته بأظافرها : " أنت لاتعرف سوى الأرامل والمطلقات. مش كده ؟"
ثم هبدته فى صدره ، والولد تدحرج على الأرض ، فسارعتُ بحمله ، وكان يصرخ من شدة الألم ، درت به على الرصيف ،رد بخشونة : " يعنى أعمل كشف هيئة على كل زبون أو زبونة ؟"
دخلت بالصغير، وأنا أرقب الموقف من جديد . كان الرجل فى موقف لا يحسد عليه ، أضاف : " ولو كانت أم شعر اصفر زعلتك بلاش منها " .
لانت المرأة قليلا ، وزحفت الشمس على المساحة العارية من المحل :" بيتك أهم من اللف والدوران يا أسطى محمود !" .
أخيرا نطقت باسمه، وهو أراد أن يستوعب الموقف مرة واحدة ، فمسح بيده على شعرها ، وكان على هيئة ذيل حصان معقوص ، ربت على كتفيها : " سامحينى ، أنا غلطت " .
دخل جلال بالصينية ، ووضعها على المكتب ، بجوار جريدة " الأهرام " المطوية على صفحة الحوادث ، عادت إلى طبيعتها ،إذ قالت بصوت رقيق :" خذ إشرب الليمون ، وسيب لى شوية " .
مد يده بالكوب ، مسح دموعها التى تركت خيطا من الكحل أسفل جفنيها : " إنت الى طلبتيه ، إشربى و روقى دمك " .
لو دخل الحاج خليل فى هذه اللحظة سيوبخنى بعد خروجهما :" سيادتك عاملها شئون اجتماعية ؟!".
كأننى أنهى الموقف ، وضعت الطفل بين ذراعى أمه ، وهى قبلته فى خده ، وهدهدته . قال الأسطى لطفله : " إنجغه "، فضحك الطفل. وجدتها فرصة لاتتكرر كى أحسم الموقف : " شرفتم المحل ، أهلا بيكم " .
لكن المرأة الشابة تطلعت إلى ّ بدون نحيب أو دموع هذه المرة،وبلهجة آمرة وحانية :" هات للولد حاجة تدفى رجله ؟" .
قلت لها ضاحكا : " مفيش إلا اللكلوك " .
وفعلا ، جئت بعدة " لكاليك " مختلفة الألوان والأشكال ، مددت يدى للأم ، فنظرت نحو زوجها باستعطاف ودلال : "أيه رأيك.. هو اللى يختار ؟ "
أشارت بكفها المنقوش بالحنة نحوى ، وكانت تقاوم فرحتها بعودة الصفاء مع زوجها الذى لقنته درسا لن ينساه بسهولة .
هز الميكانيكى محمود رأسه ، بحركة تؤكد لها أنه مغلوب على أمره : " طبعا .. طبعا " .
تأملت يديه وعليهما أثر الشحم، بنبرة هادئة " مفيش مانع على الإطلاق " .
تأملت اللكاليك ، وكأننى أراها لأول مرة ، سألت نفسى : " لو أنت رضيع صغير ،ماذا كنت تختار ؟ " .
مددت يدى بلكلوك يجمع بين الأحمر والأصفر ، قدمته للأم ، لم تمهلنى لحظة إذ وضعت الحذاء القماش فى القدم الصغيرة الرقيقة .
هز الطفل قدمه مستثقلا إياها ، ورفس الهواء بقوة ، فمال الرجل مكررا : " إنجغه " .
دفع الثمن ، وحاسب على الليمون ثم طلب منى أن أزوره فى دكانه ليقدم لى حاجة حلوة ، وقبل أن أحصل منه على العنوان ، مال على زوجته ، وقبلها فوق خدها قبلة امتنان ، وخرجا لايلويان على شىء .
استراحت نفسى فقد ذهبوا قبل أن يطب الحاج ، ويصرخ فى وجهى ، لكن فى كل مرة لاتسلم الجرة ، لأنه وصل ، ورأى كوب الليمون، وقد صنع دائرة على المكتب وقف عليها الذباب .

............... ............... ............... ............
* من مجموعة قصصية تحت الطبع بعنوان " صندل أحمر " .



 توقيع : سمير الفيل

سمير الفيل
قاص وروائي مصري


مدونتي : http://samir-feel.maktoobblog.com/?all=1

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:59 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
- arab-line : Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.3.0 TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010

... جميع الحقوق محفوظه لمجالس رويضة العرض لكل العرب ...

.. جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر صاحبها ...ولا تعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر المنتدى..

a.d - i.s.s.w