| ||||||||
الإكرام والإهانة قال ابن القيم : الله سبحانه يسأله من في السموات والأرض يسأله أولياؤه وأعداؤه ويمد هؤلاء وهؤلاء . وأبغض خلقه عدوه إبليس ومع هذا فقد سأله حاجة فأعطاه إياهاومتعه بها ولكن لما لم تكن عونا له على مرضاته كانت زيادة له في شقوته وبعده عن الله وطرده عنه .. وهكذا كل من استعان به على أمر وسأله إياه ولم يكن عونا على طاعته كان مبعدا له عن مرضاته قاطعا له عنه ولا بد .. ولتعلم أن إجابة الله لسائليه ليست لكرامة السائل عليه بل يسأله عبده الحاجة فيقضيها له وفيها هلاكه وشقوته ويكون قضاؤها له من هوانه عليه وسقوطه من عينه ويكون منعه منها لكرامته عليه ومحبته له فيمنعه حماية وصيانة وحفظا لا بخلا وهذا إنما يفعله بعبده الذي يريد كرامته ومحبته ويعامله بلطفه فيظن بجهله أن الله لا يحبه ولا يكرمه ويراه يقضي حوائج غيره فيسيء ظنه بربه والمعصوم من عصمه الله والإنسان على نفسه بصيرة .. فاحذر كل الحذر أن تسأله شيئا معينا خيرته وعاقبته مغيبة عنك وإذا لم تجد من سؤاله بدا فعلقه على شرط علمه تعالى فيه الخيرة وقدم بين يدي سؤالك الإستخارة ولا تكن استخارة باللسان بلا معرفة بل استخارة من لا علم له بمصالحه ولا قدرة له عليها ولا اهتداء له إلى تفاصيلها ولا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا بل إن وكل إلى نفسه هلك كل الهلاك وانفرط عليه أمره وإذا عطاك ما أعطاك بلا سؤال فسأله أن يجعله عونا لك على طاعته وبلاغا إلى مرضاته ولا يجعله قاطعا لك عنه ولا مبعدا عن مرضاته ولا تظن أن عطاءه كل ما أعطى لكرامة عبده عليه ولا منعه كل ما يمنعه لهوان عبده عليه ولكن عطاؤه ومنعه ابتلاء وامتحان يمتحن بهما عباده قال الله تعالى ( فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن ) كلا أي ليس كل من أعطيته ونعمته وخولته فقد أكرمته وما ذاك لكرامته علي ولكنه ابتلاء علي وامتحان له أيشكرني فأعطيه فوق ذلك أم يكفرني فأسلبه إياه وأخول فيه غيره وليس كل من ابتليته فضيقت عليه رزقه وجعلته بقدر لا يفضل عنه فذلك من هوانه علي ولكنه ابتلاء وامتحان مني له أيصبر فأعطيه أضعاف أضعاف ما فاته من سعة الرزق أم يتسخط فيكون حظه السخط .. فرد الله سبحانه على من ظن أن سعة الرزق إكرام وأن الفقر إهانة فقال لم أبتل عبدي بالغنى لكرامته علي ولم أبتله بالفقر لهوانه علي فأخبر أن الإكرام والإهانة لا يدوران على المال وسعة الرزق وتقديره فإنه سبحانه يوسع على الكافر لا لكرامته ويقتر على المؤمن لا لإهانته إنما يكرم من يكرمه بمعرفته ومحبته وطاعته .. ويهين من يهينه بالإعراض عنه ومعصيته فله الحمد على هذا وعلى هذا وهو الغني الحميد ..
آخر تعديل ناصرعبدالرحمن يوم
04-05-2009 في 02:39 PM. |
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|