مجالس الرويضة لكل العرب - يا رياح النصر هبي

وأنا في طريقي اليوم إلى المنزل , بعد مشوار قصير لأحد المراكز التجارية , كنت أستمع للأخبار العاجلة من إذاعة الإف أم , وقد كنت أمني نفسي بأن أسمع ما يفرحني من أخبار حول إخواننا في غزة العزة والكرامة والإباء , ولكن كان الخبر الأول وما توالى بعده من أخبار , تزيد الألم والوجع , وتتكلم بلغة الأرقام , حيث وصل عدد الشهداء إلى أكثر من أربعمائة شهيد , والجرحى فوق الألف أو الألفين ...
لم أحتمل مزيد أخبار مؤلمة , وقد اعتدنا على سماعها , وزاد ألمها هذه الأيام مع هجمة الصهاينة على إخواننا هناك ..
جاء في ذاكرتي وأنا أفتح نافذة السيارة أبحث عن بعض النسمات الباردة في هذا اليوم المعتدل , وكنت قد لبست ما تعجز الجبال عن حمله , خوفا من الهجمة القطبية الباردة التي حذرنا منها أهل الأرصاد , والتي قالوا أنها ستبدأ يوم الخميس , ولكن كان الواقع والحال غير ما توقعوا وظنوا , فلا علم بهذا إلا الله , ومع النسمات التي دخلت جاءتني نسمات أنشودة قديمة كنت أهمهم بها دائما حين أكون في قمة نشوتي وسعادتي .. تبدأ كلماتها بعبارات النصر والتفاؤل للأمة كلها ..
وكأنها جاءتني عمدا لتقول لي لا تحزن ولا تخاف على إخوانك .. فإن النصر قادم إليهم لا محالة وبشائره ظاهرة للعيان , عندها حاولت أن أتذكر ما استطعت أن أتذكره مع هذه الترنيمة الجميلة القديمة الحاضرة اليوم بذاكرتي بكل قوتها وعنفوانها وصرت أهمهم بها حتى وصلت إلى المنزل ..
تقول كلمات هذه القصيدة , والتي كتب كلماتها الشاعر السعودي الرائع محمود بن سعود الحليبي في ديوانه " أشواك على طريق الأمل " :

يا رياح النصر هبـي واقشعي عنـا الغمـام

نامـت الآسـادُ فينـا والمآسـي لا تنـام !!

قد يئسنا الذل يسـري فـي دمانـا والعظـام

ومللنا الجبـن أدمـى عزنا صـوت السـلام

مـن لأطفـالٍ يتامـى ولأشيـاخٍ تُـضـام ؟

من لأعراضِ الصبايـا بين أهـواء الطّغـام ؟

مـن لأرواح البرايـا خلف قضبان اللئـام ؟

من لدين الله جمـرًا ؟ يا لراحـات الكـرام !

ليس يجدي الصمتُ فينا لا ، ولا يجدي الكـلام

لم يعـدْ للقـولِ وقـعٌ لم يعـدْ إلا الحسـام !

يا رياح النصر هبـي نحن لا نخشى الحُمـام

نحن لا نرضى حيـاةً فوق شبـر مستضـام

إن عرفنـا الله حـقـا وانطلقـنـا لـلأمـام

فسيأتي النصر حتمـا من عزيز ذي انتقام !