صحيفة أخبارية
عدد الضغطات : 43,874
منتدى المزاحمية العقاري
عدد الضغطات : 67,545
عدد الضغطات : 9,386
العودة   مجالس الرويضة لكل العرب > مجالس الرويضة الخاصة > روحانيات
روحانيات على نهج اهل السنه والجماعة
 
 
LinkBack أدوات الموضوع إبحث في الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
#1 (permalink)  
قديم 23-08-2008, 04:39 PM
عادل عبد المنعم
::V I P::
عادل عبد المنعم غير متواجد حالياً
Egypt     Male
لوني المفضل Black
 رقم العضوية : 1234
 تاريخ التسجيل : 09-09-2007
 فترة الأقامة : 6076 يوم
 أخر زيارة : 15-06-2021 (11:32 PM)
 العمر : 78
 الإقامة : القاهره
 المشاركات : 1,206 [ + ]
 التقييم : 1450
 معدل التقييم : عادل عبد المنعم عضو الماسي عادل عبد المنعم عضو الماسي عادل عبد المنعم عضو الماسي عادل عبد المنعم عضو الماسي عادل عبد المنعم عضو الماسي عادل عبد المنعم عضو الماسي عادل عبد المنعم عضو الماسي عادل عبد المنعم عضو الماسي عادل عبد المنعم عضو الماسي عادل عبد المنعم عضو الماسي
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي كيف تحصل على لذه العبادة



* هذه محاضرة ألقاها الشيخ إبراهيم الهلالي أيضاً بمدينة جدة عام 1427هـ.
=============== =============== ===============
بسم الله الرحمن الرحيم
لذة العبادة
الحمد لله الذي دل قلوب أوليائه عليه ، وجعل الرسل أصدق الدعاة إليه ، وحبب الخير لصالح عباده وأعانهم عليه ، وصلى الله على الرحمة المهداة والنعمة المسداة ، أتقى من صلى وصام وحج البيت الحرام وعلى آله الطيبين وأصحابه الغر الميامين وسلم تسليماً كثيراً أما بعد أحبتي في الله :
روى الإمام البخاري وغيره عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي حتى تتورم – أو تنتفخ – قدماه، فقيل له: يا رسول الله أتصنع هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: أفلا أكون عبدًا شكورًا؟).
وفي البخاري أيضًا عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة، فلم يزل قائمًا حتى هممت بأمر سوء. قلنا: وما هممت؟ قال: هممت أن أقعد وأذر النبي صلى الله عليه وسلم).
وقال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت يركع عند المائة، ثم مضى فقلت يصلي بها في ركعة فمضى، فقلت يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلا، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع فجعل يقول: سبحان ربي العظيم، فكان ركوعه نحوا من قيامه، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ثم قام طويلا قريبا مما ركع، ثم سجد فقال: سبحان ربي الأعلى، فكان سجوده قريبا من قيامه)... [رواه مسلم].
هذا كان حال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصدق ابن رواحة رضي الله عنه حين قال:

وفينا رسول الله يتلو كتابه
إذا انشق معروف من الفجر ساطع
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا
به موقنـات أن ما قال واقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه
إذا استثقلت بالمشركين المضاجع

وجاء في كتاب صفة الصفوة لابن الجوزي: عن سفيان بن عيينة قال: كان قيس بن مسلم يصلى حتى السحر ثم يجلس فيهيج البكاء فيبكي ساعة بعد ساعة ويقول: لأمر ما خُلقنا، لأمر ما خلقنا، وإن لم نأت الآخرة بخير لنهلكن.
وزار يوما محمد بن جحادة فأتاه في المسجد فوجده يصلي فقام قيس في الجانب الآخر يصلي دون أن يشعر به ابن جحادة .. فما زالا يصليان حتى طلع الفجر.
وفي سير أعلام النبلاء للذهبي: كان عبد العزيز بن أبي رواد يوضع له الفراش لينام، فيضع عليه يده ويقول ما ألينك، ولكان فراش الجنة ألين منك. ثم يقوم فيصلي. وفيه: كان عبد الرحمن بن مهدي يختم كل ليلتين.. يقرأ في كل ليلة نصف القرآن.
وعن معاذة العدوية زوجة صلة بن أشيم قالت: كان صلة بن أشيم يقوم الليل حتى يفتر فما يجيء إلى فراشه إلا حبوا. وقال ثابت البناني: ان رجالا من بني عدي قد أدركت بعضهم إن كان أحدهم ليصلي حتى ما أتى فراشه إلا حبوا .. وذكروا مثل هذا عن علي بن الفضيل وجماعة .
إنها لذة الطاعة
إن كل هذا الذي سقناه من كثرة الصلاة وطول القيام فيها، وصبر النفس على تحمل مشاق البدن ليدل على أن هناك شيئًا يحمل المتعبدين على الإقبال على عبادتهم من غير ملل، والوقوف فيها من غير نظر إلى تعب أو كلل.. وهذا الشيء لا شك ينسي النفس همومها، ويورث القلب تعلقًا يشغله به عن الإحساس بالتعب، أو حتى الالتفات إلى تورم القدم ثم تفطرها وتشققها من طول الوقوف.
إنها لذة الطاعة، وحلاوة المناجاة، وأنس الخلوة بالله، وسعادة العيش في مرضاة الله؛ حيث يجد العبد في نفسه سكينة، وفي قلبه طمأنينة، وفي روحه خفة وسعادة، مما يورثه لذة لا يساويها شيء من لذائذ الحياة ومتعها، فتفيض على النفوس والقلوب محبة للعبادة وفرحًا بها، وطربًا لها، لا تزال تزداد حتى تملأ شغاف القلب فلا يرى العبد قرة عينه وراحة نفسه وقلبه إلا فيها، كما قال سيد المتعبدين صلى الله عليه وسلم: (حبب إليَّ من دنياكم الطيب والنساء.. وجعلت قرة عيني في الصلاة). أي منتهى سعادته صلى الله عليه وسلم وغاية لذته في تلك العبادة التي يجد فيها راحة النفس واطمئنان القلب، فيفزع إليها إذا حزبه أمر أو أصابه ضيق أو أرهقه عمل، وينادي على بلال: (أرحنا بها.. أرحنا بها).
وهذا النوع من لذائذ القلوب والنفوس ذاقه السالكون درب نبيهم والسائرون على هديه وسننه، فجاهدوا أنفسهم وثابروا معها وصابروها في ميدان الطاعة حتى ذاقوا حلاوتها، فلما ذاقوها طلبوا منها المزيد بزيادة الطاعة، فكلما ازدادت عبادتهم زادت لذتهم فاجتهدوا في العبادة ليزدادوا لذة إلى لذتهم.. فمن سلك سبيلهم ذاق، ومن ذاق عرف.
قال بعض السلف: إني لأفرح بالليل حين يقبل لما يلتذ به عيشي، وتقر به عيني من مناجاة من أحب، وخلوتي بخدمته، والتذلل بين يديه، وأغتم للفجر إذا طلع لما اشتغل به.
وكان ثابت البناني يقول: (اللهم إن كنت أعطيت أحدًا الصلاة في قبره فأعطني الصلاة في قبري). وقال سفيان الثوري: إني لأفرح بالليل إذا جاء، وإذا جاء النهار حزنت.
ولقد بلغت لذة العبادة وحلاوتها ببعض ذائقيها أن قال من شدة سروره: لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه – يعني من النعيم – لجالدونا عليه بالسيوف.
وقال آخر مبديًا حزنه وتأسفه على الذين لم يشهدوا هذا المشهد: مساكين أهل الدنيا، خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها.. قيل: وما أطيب ما فيها؟ قال: محبة الله ومعرفته وذكره.
وكان شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – يقول: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة..
إنها الجنة التي لما دخلها الداراني قال: إن أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم... وإنه لتأتي على القلب أوقات يرقص فيها طربا من ذكر الله فأقول: لو أن أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب.
إنها الجنة التي تنسي صاحبها هموم الحياة ومشاقها، بل تنسيه تعب العبادة ونصبها، وكلل الأبدان وملالها، بل وتنسيه الجوع والظمأ، فتغنيه عن الطعام وتعوضه عن الشراب، فهو بها شبعان ريّان، كما في حديث نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الوصال، فقيل له: إنك تواصل. قال: (إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني)... [رواه البخاري ومسلم].
يطعمه اللذة والأنس والبهجة، كما قال ابن القيم: المراد ما يغذيه الله به من معارفه، وما يفيض على قلبه من لذة مناجاته وقرة عينه بقربه، وتنعمه بحبه والشوق إليه، وتوابع ذلك من الأحوال التي هي غذاء القلوب ونعيم الأرواح وقرة العين وبهجة النفوس والروح والقلب بما هو أعظم غذاء وأجوده وأنفعه، وقد يقوى هذا الغذاء حتى يغني عن غذاء الأجسام مدة من الزمان كما قيل:

لها أحاديث من ذكراك تشغلها
عن الشراب وتلهيها عن الزاد
لهـا بوجهك نور تستضيء به
ومن حديثك في أعقابها حادي
إذا شكت من كلال السير أوعدها
روح القدوم فتحيا عند ميعاد

وكما قيل :
فقوت الروح أرواح المعاني ... وليس بأن طعمت وأن شربت
قال عبد الواحد بن زيد رحمه الله : عصفت بنا الريح على جزيرة في البحر، فإذا برجل يعبد صنماً، فقلنا له : أيها الرجل مَنْ تعبد؟ فأومأ بيده إلى الصنم، فقلنا له: إن معنا في المركب من يعمل هذا، قال: فأنتم مَنْ تعبدون؟ قلنا : نعبد الله تعالى. قال : ومَنْ هو؟ قلنا : الذي في السماء عرشه، وفي الأرض سلطانه، وفي الأحياء والأموات قضاؤه . قال : كيف علمتم هذا؟ قلنا : وجه إلينا رسولاً أعلمنا به . قال : فما فعل الرسول ؟ قلنا : قبضه الله إليه . قال: فهل ترك عندكم علامة ؟ قلنا : ترك عندنا كتاب الملك . قال : أرونيه . فأتيناه بالمصحف، فقال : ما أعرف هذا . فقرأنا عليه سورة وهو يبكي ، ثم قال : ينبغي لصاحب هذا الكلام أن لا يعصى، فأسلم، وحملناه معنا، وعلمناه شرائع الإسلام، وسوراً من القرآن، فلما جن الليل صلينا وأخذنا مضاجعنا، فقال : يا قوم، الإله الذي دللتموني عليه أينام إذا جنه الليل ؟ قلنا : لا، يا عبد الله، هو حي قيوم لا ينام . قال : بئس العبيد أنتم، تنامون ومولاكم لا ينام ؟! فعجبنا من كلامه، فلما قدمنا عَبْدان (2) جمعنا له دراهم وأعطيناها له، وقلنا له أنفقها . قال : لا إله إلا الله، دللتموني على طريق لم تسلكوه، أنا كنت في جزيرة في البحر أعبد صنماً من دونه فلم يضيعني فكيف الآن وقد عرفته ؟!
أسباب تحصيل اللذة :
وبلوغ ما بلغه السلف في هذا الباب يحتاج إلى بذل أسباب بذلوها وسلوك سبيل سلكوها:
أولها: مجاهدة النفس:
وتعويدها العبادة والتدرج فيها، ولابد من الصبر في البدايات على تعب العبادات وحمل النفس عليها تارة وتشويقها إليها أخرى حتى تذوق حلاوتها؛ فالتعب إنما يكون في البداية ثم تأتي اللذة بعدُ كما قال ابن القيم: (السالك في أول الأمر يجد تعب التكاليف ومشقة العمل لعدم أنس قلبه بمعبوده، فإذا حصل للقلب روح الأنس زالت عنه تلك التكاليف والمشاق فصارت قرة عين له وقوة ولذة).
وقال ثابت البناني: كابدت الصلاة عشرين سنة وتنعمت بها عشرين سنة.
وقال بعضهم: سقت نفسي إلى الله وهي تبكي، فمازلت أسوقها حتى انساقت إليه وهي تضحك.
والأمر كما قال ربنا تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُ مْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمعَ الْمُحسِنِينَ}[العنكبوت:96].
ثانيها: الإكثار من النوافل
بكل أنواعها، وعلى اختلاف صفاتها وأحوالها، والتنويع فيها حتى لا تمل النفس، وحتى تقبل ولا تدبر، فتارة نوافل الصلاة، وتارة نافل الصوم، والصدقة، والبر والصلة فإن كثرة النوافل تورث محبة الملك سبحانه كما في الحديث القدسي: وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته : كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه.

ثالثها: صحبة المجتهدين وترك البطالين
فمن بركة صحبة أهل الصلاح: الاقتداء بهم، والتأسي بحالهم، والانتفاع بكلامهم، والنظر إليهم. قال جعفر بن سليمان: (كنت إذا وجدت من قلبي قسوة غدوت فنظرت إلى وجه محمد بن واسع كأنه وجه ثكلى). (وهي التي فقدت ولدها).
وكان ابن المبارك يقول: (كنت إذا نظرت إلى وجه الفضيل بن عياض احتقرت نفسي). وقد قالوا قديما من لم ينفعك لحظه لم ينفعك لفظه.
رابعها: تدبر القرآن
خصوصًا ما يتلى في الصلوات، فإن في القرآن شفاءً للقلوب من أمراضها، وجلاءً لها من صدئها، وترقيقا لما أصابها من قسوة، وتذكيرًا لما اعتراها من غفلة، مع ما فيه من وعد ووعيد، وتخويف وتهديد، وبيان أحوال الخلق بطريقيهم أهل الجنة وأهل السعير، ولو تخيل العبد أن الكلام بينه وبين ربه كأنه منه إليه لانخلع قلبه من عظمة الموقف، ثم يورثه أنس قلبه بمناجاة ربه، ولوجد من النعيم ما لا يصفه لسان أو يوضحه بيان.
وفي الحديث القدسي عند مسلم: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين. ولعبدي ما سأل. فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله تعالى: حمدني عبدي وإذا قال؛ الرحمن الرحيم. قال الله تعالى؛ أثنى علي عبدي. وإذا قال مالك يوم الدين. قال: مجدني عبدي (وقال مرة: فوض إلي عبدي) فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين. قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل. فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل... فهذا مثال وعلى مثلها فجاهد.
خامسها: الإكثار من الخلوة بالله تعالى
فيتخير العبد أوقاتًا تناسبه في ليله أو نهاره، يخلو فيها بربه، ويبتعد فيها عن ضجيج الحياة وصخبها، يناجي فيها ربه، يبث له شكواه، وينقل إليه نجواه، ويتوسل فيها إلى سيده ومولاه. فلله كم لهذه الخلوات من آثار على النفوس، وتجليات على القلوب؟!
وقد قيل لبعض الصالحين لما أكثر الخلوة: ألا تستوحش؟ قال: وهل يستوحش مع الله أحد؟!! وقال آخر: كيف أستوحش وهو يقول: وأنا معه إذا ذكرني؟!
فليتك تحلو والحياة مريرة
وليتك ترضى والأنام غضاب

وليت الذي بيني وبينك عامر
وبيني وبين العالمين خراب

إذا صح منك الود فالكل هين
وكل الذي فوق التراب تراب

سادسها: ترك المعاصي والذنوب
فكم من شهوة ساعة أورثت ذلا طويلا، وكم من ذنب حرم قيام الليل سنين، وكم من نظرة حرمت صاحبها نور البصيرة، ويكفي هنا قول وهيب ابن الورد حين سئل: ايجد لذة الطاعة من يعصي؟ قال: لا.. ولا من هَم.
فأعظم عقوبات المعاصي حرمان لذة الطاعات وإن غفل عنها المرء لقلة بصيرته وضعف إيمانه أو لفساد قلبه.. قال ابن الجوزي : قال بعض أحبار بني إسرائيل : يا رب كم أعصيك ولا تعاقبني ؟ فقيل له : كم أعاقبك وأنت لا تدري، أليس قد حرمتك حلاوة مناجاتي؟
سابعها :القراءة في النصوص المرغبة في الأعمال الصالحة :
ولهذا نجد أن طريقة الكتاب والسنة القرن بين الأمر والترغيب فيه، وبين النهي والترهيب منه، ولقد اعتنى العلماء ببيان النصوص الواردة في الترغيب والترهيب، بل قد أفردها بعضهم بالتصنيف .
وتذكر الثواب والأجر الذي أعده الله لمن أدى ذلك العمل يهون عليه كل مشقة قد توجد في ذلك العمل، بل تنقلب تلك المشقة إلى لذة ومتعة .
ثامنها : تدبر العبد لما يقرأ به في عبادته :
عن حذيفة بن اليمان قال : صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت : يركع عند المائة، ثم مضى فقلت : يصلي بها في ركعة، فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مُترسِّلاً، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع، فجعل يقول : سبحان ربي العظيم، فكان ركوعُه نحواً من قيامه، ثم قال : سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد، ثم قام قياماً طويلاً قريباً مما ركع، ثم سجد، فقال : سبحان ربي الأعلى، فكان سجوده قريباً من قيامه (10) .
تاسعها : التنويع في العبادات وفي صفاتها :
لقد جاءت الشريعة بالتنويع في العبادات، فمنها ما هو بدني، ومنها ما هو مالي، ومنها ما هو بدني مالي، ومنها ما هو عمل ظاهر، ومنها ما هو عمل باطن .
وأيضاً جاءت الشريعة بالتنويع في صفات عبادات كثيرة، فتجد العبادة الواحدة لها أكثر من صفة، وكل هذه الصفات مشروعة، فبأيها أتى العبد فإنه يكون محسناً مثل أدعية الاستفتاح ،وأدعية الركوع والسجود ، وصيغ التسميع بعد الرفع من الركوع ونحوها .
ومن الحِكَم في ذلك والله أعلم دفع الملل عن النفس، وعدم تحول العبادة إلى عادة، فإن الإنسان عند تنويعه في العبادات وصفاتها يستحضر أنه متبع لأوامر ربه، مقتد بهدي نبيه صلى الله عليه وسلم ، وهذا يورثه لذة يجدها في قلبه .
عاشراً وأخيراً: الدعاء الدعاء الدعاء الدعاء
فهو سبيل الراغبين، ووسيلة الطالبين، الشفيع الذي لا يرد، والسهم الذي لا يطيش.. فمتى فتح لك منه باب فقد أراد الله بك خيرا كثيرا.. فارفع يديك لمولاك واضرع إلى ربك بقلب خاشع وطرف دامع وجبهة ساجدة، مع قصد وتوجه وتحرق وتشوق وتعلق بالذي لا يخيب مؤمله ولا يرد سائله أن يمن عليك بلذة العبادات ويملأ بها قلبك ونفسك وروحك فهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه.
وفي المسند: كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين).
رزقنا الله وإياكم لذة عبادته.. وحلاوة مناجاته .. والأنس بقربه..

أنا أجزم أنَّ كلنا موقن أنه بحاجة لأن يتذوق الطاعة ، ويتلذذ بالعبادة كما تلذذ بها الأولون خاصة بعد ما سمعنا ما سمعنا وتصورنا النعيم الذي كانوا فيه يرتعون ، لذا فسأنتقل بكم إلى برنامج عملي ومضمون بإذن الله لتحصيل تلك اللذة _ فهل أنتم راغبون في ذلك _ إذاً فلتروني همة صادقة والذي معه ورقة وقلم ويعرف الكتابة فليقيد خطوات الخطة :
# شروط نجاح البرنامج :
* الشعور بالحاجة إلى هذا البرنامج
* الإخلاص ( إذا أردت الإخلاص فاسأل نفسك : لماذا عملت هذا العمل أليس طلباً للجنه وفراراً من النار ـ ومما يعين على الإخلاص القراءة في صفة الجنة والنار ـ ومعرفة الله حق المعرفة بمعرفة أسمائه وصفاته ـ وأن تعلم أن الناس لا ينفعون ولا يضرون وأن النفع والضر بيد الله جل وعلا .
* الصبر والمجاهدة . قال تعالى ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) وقال تعالى ( والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ) .
* الاحتساب . وهو أن تعمل العمل لا ترجو به شيئاً من عرض الدنيا الزائل بل ترجوا الثواب من الله وحده
* ثم صدق اللجأ والدعاء للمولى الكريم أن يهبك لذة لطاعته لا تفارقك ما بقيت .
# ثم هذا هو البرنامج العملي للذة العبادة :
هذا البرنامج هو أدنى الكمال وكلما زدت من العمل والعدد كان أفضل لكني أفضِّل أن تستمر عليه فترة لا تقل عن شهرين حتى ولو رأيت من نفسك القدرة على الزيادة فإن النفس ملولة وشرودة فإذا حلًّ رمضان _ بإذن الله _ فشأنك بالجد أقصى ما تطيق لأن الموسم رابح .
1) صيام ثلاثة أيام من كل شهر مع المحافظة على الصيام الموسمي ( الست من شوال ، وعرفة ، وعاشوراء )
2) ختم القرآن كل شهر ، طريقة قراءة القرآن قبل كل صلاة أربعة (أوجه) فيقرأ كل يوم جزء فيختم القرآن كل شهر .
3) التبكير إلى الصلوات وضابط التبكير ( إذا سمعت المؤذن يقول حي على الصلاة خرجت إلى المسجد لم يخرجك إلا الصلاة فأنت مبكر ) .
ثمرات التبكير إلى الصلوات :
* إدراك تكبيرة الإحرام تكتب براءتان في حديث : ( من أدرك تكبيرة الإحرام مع الإمام أربعين يوماً كتبت له براءتان براءة من النفاق وبراءة من النار ).
* إدراك دعاء الملك واستغفاره لك .
* لا تفوتك صلاة جماعة أبداً .
* سبب لتعلق القلب بالمساجد .
* أنه يكتب لك الأجر منذ جلوسك حتى خروجك .
4) المحافظة على السنن الرواتب لحديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( من صلى لله ثنتي عشرة ركعة من غير الفريضة بنى الله له بيتاً في الجنة ) وحديث أم حبيبة في عددها.
5) المحافظة على ركعتي الضحى وتسمى صلاة الأوابين ( الرجّاعين من الذنوب) وفي الحديث كل سلامى ( وهي المفاصل ) من الناس عليه صدقة .....) ويجزئ عنها ركعتي الضحى كما ذكر في آخر الحديث ، وقال ابن رجب أن في الإنسان (360) مفصلاً وذكر ابن دقيق العيد في شرح الأربعين أنها وردت في رواية عند مسلم . والعجيب أن الطب الحديث اكتشف ذلك .
• وتبدأ من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى قبيل الزوال ( قبل أذان الظهر بثلث ساعة ، وبعد الإشراق بـربع ساعة ).
6) احرص على أن تكون على طهارة غالب اليوم ، ولماذا ؟
ج/ لأنه معين على العمل الصالح ومطردة للكسل والشيطان .
7) حافظ على ركعتي الوضوء ، ويبين فضلها حديث بلال عندما قال له صلى الله عليه وسلم : إني سمعت قرع نعليك في الجنة ، فبين له أن سبب ذلك هو أنه لم يتوضأ إلا صلى لله ما كتب له .
س/ هل ركعتي الوضوء تصلى في وقت النهي ؟
ج/ إذا كان من المحافظين عليها فإنها تدخل من ذوات الأسباب .
8) المحافظة على أذكار الاستغفار وخاصة ( أذكار الصباح والمساء ، والنوم ، والدخول والخروج من المسجد ومن المنزل ومن الخلاء وغيرها ) وأعظم الذكر هو كتاب الله جل وعلا .
9) حافظ على ركعتين قبل النوم بنية أنها من صلاة الليل .
10) طلب العلم ، كأن تحفظ كتاب الله عز وجل وتحضر الدروس وتقرأ من كتاب ، وطريقة مجربة ، اقرأ في اليوم مالا يقل عن ربع ساعة واجعل بجانبك دفتر فتسجل فيه ماستفدت فيه من القراءة .
11) الشفع والوتر.
12) الصدقة يومياً ( أو أسبوعياً ) ولو بريال ، لأنك لو تصدقت يومياً لدعا لك يومياً ملك ، وفي مداومة على عمل صالح وهو مما يورث لذة العبادة .
13) المحاسبة قبل النوم ، كيف تكون المحاسبة ؟
ج/ تكون المحاسبة في : هل ازددت علماً ، وكيف كانت عبادتك ، ومحاسبة النفس في الدعوة إلى الله عز وجل ، محاسبة النفس في الدعوة إلى الله عز وجل ، والمحاسبة في التفريط في الطاعة وفي عمل المعاصي وهكذا كان السلف بل إنهم كانوا يعدون كلامهم من الجمعة إلى الجمعة.
14) تجديد التوبة ، يقول صلى الله عليه وسلم ( إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم والليلة أكثر من سبعين مرة ) أو كما قال عليه الصلاة والسلام .
15) التفكر .... ( الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ) .
16) سلامة القلب من الأمراض ( الحقد – الحسد – الخ.....)
17) الدعوة إلى الله فإن الداعي إلى الله يُثبته الله بالدعوة وذلك لأنه إذا همَّ بالمخالفة استحى أن يُخالف بفعلِه قولَه .
18) ترك المعصية لأجل الله.
19) بر الوالدين .
20) صلة الرحم .
همسة قبل الوداع :
عندما تولد يا ابن ادم يؤذن في أذنك من غير صلاة ... وعندما تموت يُصلَّى عليك من غير أذان... وكأن حياتك ليست سوى الوقت الذي تقضيه بين الأذان والصلاة رحماك ربي ما أعظم غفلتنا .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .



 توقيع : عادل عبد المنعم

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عهدي بها قدام تلبس العباية سمو الاحساس صهيل القصيد 10 09-04-2010 03:26 PM
العباية سمو الاحساس صهيل القصيد 12 06-11-2009 10:52 PM
عند قيامك لصلاة الفجر تحصل على ............. محمد روحانيات 17 01-11-2009 06:09 PM
العبادة الفقودة الخفاش الأسود روحانيات 8 06-04-2009 01:55 AM
جدول يعينك على العبادة في رمضان ابو طارق روحانيات 32 01-09-2008 05:16 PM


الساعة الآن 07:36 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
- arab-line : Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.3.0 TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010

... جميع الحقوق محفوظه لمجالس رويضة العرض لكل العرب ...

.. جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر صاحبها ...ولا تعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر المنتدى..

a.d - i.s.s.w