باريس تستقبل رمضان بمسجد كريتاي

يستقبل المسلمون شهر رمضان بحبٍّ وفرح، بعدما انتظروه بشوق وشغف، لكنَّ فرحة مسلمي باريس بشهر الصيام هذا العام مميزة للغاية؛ لأنهم يستقبلونه بافتتاح مسجد كريتاي في الضاحية الجنوبية الشرقية للعاصمة الفرنسية؛ حيث يصل عدد المسلمين في كريتاي إلى 20 ألف مسلم من جملة 85 ألفًا تضمهم المدينة.
وبينما يترقَّبُ مسلمو فرنسا افتتاح المسجد في أول رمضان الذي يُوافِقُ مطلع سبتمبر، يعمل فريق من أمهر الزُّخْرُفِيِّي ن المغاربة على الانتهاء من تزيين مئذنة المسجد، والتي يعلوها هلال برونزي اللون، ويبلغ طولها 12 مترًا فوق ثلاثة طوابق، بعدما انتهوا من التشطيبات الداخلية بزخرفة الجدران والسقف بزخارف وألوان متناسقة بدقة وإتقان بديع.
وحرصت الرابطة الإسلامية التي تدير مسجد كريتاي على إخراج المسجد في صورة تليق بالمساجد الكبرى، فاستدعت الفريق المغربي من مدينة فاس - العاصمة الروحية للمغرب، والتي تُعَدُّ جوهرة المعمار الأندلسي - وقد أنهى سبعةٌ من الفريق مهمتهم، في حين استمر ثلاثة في وضع الملامح النهائية، ومن بينهم عبد الله " 37 عاما"، الذي أكّد أنه حين حضر للعمل في المسجد كان هناك عمل كثيرٌ مطلوبٌ إنجازه في وقت قليل، ولكنه –مع ذلك- أحس أنّ اختياره للعمل في هذا المسجد شَرَفٌ كبير بالنسبة له، وشعر بنفس السعادة التي غمرته حين كان يعمل في مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء؛ حيث صمم بنفس الروح والذوق الفني الرفيع.
أما أسامة "30 عاما" فيؤكد -وهو يشير إلى عمود ضخم داخل المسجد- أن لديه نفس الشعور بالفخر قائلا: "أنا سعيد لأني شاركت في هذا العمل المميز.. الكثير من شباب المغرب كانوا يريدون أن يعملوا في هذا الجامع الكبير...وأنا فخورٌ بالمشاركة في تعمير المساجد، سواء كان مسجد كريتاي أو غيره، إنه شيء أفتخر به كوني مسلمًا أحب ديني".
ولفت أسامة إلى أنه هو وفريقه قد تفرغوا لأكثر من شهرين..ثم قال : " وبدأت أشعر بالتعب لبعدي عن الأهل، متطلعًا للعودة إلى أسرتي، وقضاء شهر رمضان المبارك معهم".
وبالإضافة إلى قاعة الصلاة التي يمكن أن تستوعب ما يصل إلى 2500 مسلم، فإنّ الرابطة الإسلامية تَطْمَحُ في أن يتفاعل الْمُصَلُّون مع برامج المسجد التعليمية والثقافية والخيرية، وأن يزوروا المركز التعليمي والمكتبة وقاعة الشاي، وكذا المرافق الأخرى التابعة للمسجد.
وتشهد الساحة الإسلامية في فرنسا، خلال شهر رمضان، تنظيمَ برامج خاصة من قِبَلِ جمعيات ومؤسسات أهلية، تتوزع على الإفطارات الجماعية التي يُدعى إليها المسلمون والفرنسيون على السواء، ومحاضرات ومؤتمرات تعالج قضايا عامة تخص الأمة الإسلامية، وخاصةً تتعلق بالمشاكل التي يتعرض لها المسلمون في فرنسا.
وإذْ تأمل الرابطة في افتتاح المسجد أول رمضان، فإنها قد وجهت دعوة رسمية إلى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لحضور الافتتاح الرسمي، وتقول الرابطة: إن الرئيس قد أبلغهم بقبول الدعوة، بعدما بلغ عدد مساجد فرنسا حوالي 2000 مسجد، بين جامع كبير، ومصلى صغير، يشهد كُلٌّ منها إقبالًا شديدًا من قِبَلِ الْمُصَلِّين؛ حيث تغص جنباتها، وتضيق غالبًا بالوافدين إليها، خصوصًا في صلاة العشاء والتراويح.