صحيفة أخبارية
عدد الضغطات : 43,891
منتدى المزاحمية العقاري
عدد الضغطات : 67,782
عدد الضغطات : 9,387
العودة   مجالس الرويضة لكل العرب > مجالس الرويضة الخاصة > احتواء ما لا يحتوى
احتواء ما لا يحتوى للمواضيع التي لاتندرج تحت اي قسم
 
 
LinkBack أدوات الموضوع إبحث في الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
#1 (permalink)  
قديم 02-09-2007, 04:12 PM
محمد علي
عضو مجالس الرويضة
محمد علي غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 904
 تاريخ التسجيل : 20-06-2007
 فترة الأقامة : 6746 يوم
 أخر زيارة : 18-01-2009 (04:42 PM)
 العمر : 36
 المشاركات : 514 [ + ]
 التقييم : 395
 معدل التقييم : محمد علي مبدع محمد علي مبدع محمد علي مبدع محمد علي مبدع
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي شعراء السلطة.. صحفيون في عصرنا ( إلا من رحم ربي )



بقلم: فوزي منصور

كان للشعر قديمًا دور كبير في حياة الحكام والمحكومين، وكان يشبه إلى حدٍّ كبيرٍ دورَ الصحافة حديثًا، حيث كان الآلة الإعلامية سريعة الانتشار سابقًا قبل ظهور الصحافة والإعلام الحديث، وقد حرص الحكام على تقريب الشعراء منهم وإمدادهم بالعطايا الجزيلة مقابل مدحهم وتثبيت دعائم سلطانهم، حتى وإن كان المدح كذبًا، فلا يهمُّ، المهم هو رسم صورة مثالية للحاكم، حتى يضمن استقراره على سدَّة الحكم، وكم رفع الشاعر من قدر ممدوحه (الأمير أو الحاكم) ووصفه بالكرم وهو البخيل، ووصفه بالعدل وهو الظالم، ووصفه بالمروءة وهو النذل، ووصفه بالشجاعة وهو الجبان، وهكذا كثيرًا ما لعب الشاعر دور البوق الدعائي للسلطة.

وفي العصر الحديث حلت بعض أقلام الصحافة محلَّ الشعر في تمجيد الحاكم ومدحه، وتثبيت دعائم حكمه؛ نظرًا لشيوع الصحف وانتشارها، كما أن عامة الناس لم تعُد تهتم بالشعر، إلا القليل منهم، فنرى الصحفي اليوم يقوم بدور جرير مثلاً أو أبو تمام أو المتنبي في مدح الحاكم، وإضفاء الصفات المثالية التي لا تتوافر فيه عليه، بل قد يبرِّر بطشه وظلمه واستبداده، فيرى ظلمه عدلاً، وبطشه بالمعارضين شجاعةً، واستبداده حكمة.

وفي هذه الدراسة سنتعرض لبعض النماذج التي غازلت السلطة على مر العصور لتفوز بالمال الوفير أو لتحوز على منصبٍ عظيم، أو لتستطيع أن تقضي مصالحها الشخصية دون أن يعترضها أحد لقربها من الحاكم والسلطان.


شاعر السلطة في العصر الجاهلي

كان الشاعر العربي يمثل صوت القبيلة يدافع عنها بشعره، ولهذا كان الشعر ديوان العرب، وقد كان لكل قبيلة شاعر وديوان يخلِّد مآثرها وأمجادها، ولقد لعب الشاعر دورًا كبيرًا في توطيد دعائم سلطة القبيلة، بما يسكبه من شعره في مدح سيدها والثناء على أبطالها؛ ولذا فقد فتح ملوك المناذرة والغساسنة مجالسهم للشعراء، فكأنَّ سلطانهم لا يتحقق إلا إذا ردَّدت الصحراء العربية شجاعتهم ومجدهم وبطولاتهم.. فالشعر هنا يضفي الشرعية على الملك أو الأمير أو القبيلة.. فهو إذْ يمدح الأمير أو الملك يعطيه شرعية البقاء في الحكم ويُبطل حُجَج الأعداء في عدم صلاحية هذا الحاكم أو ذاك بالحكم، حتى إن بعض الشعراء كان يُمجِّد بطش الحاكم وجبروته ويشرعه تثبيتًا للملك ودفاعًا عن هيبة الدولة.


ومن ذلك قول النابغة الذبياني للنعمان بن المنذر:

كأنك شمس والملوك كواكب إذا طلعت لم يبد منهن كوكب

وفي قصيدة أخرى يقول:

فتلك تبلغني النعمان، إنَّ له فضلاً على الناس في الأدنى وفي البعد

ولا أرى فاعلاً في الناس يشبهه ولا أُحاشي من الأقوام من أحد


شاعر السلطة في العصر الأموي

وفي العصر الأموي استعان الخلفاء بالشعراء لتوطيد دعائم ملكهم، وكلما تولى خليفة الحكم أقام الشعراء ببابه وجهَّزوا له من قصائد المدح ليمدحوه حتى يحصلوا على المال الوفير، وقد كان في بعض القصائد مبالغات كثيرة؛ فيروي المسعودي في كتابه (مروج الذهب) أن عبد الله بن مازن دخل على يزيد بعد وفاة معاوية وهو ينشد:

الله أعطاك التي لا فوقها وقد أراد الملحدون عوقها

عنك فيأبى الله إلا سوقها إليك حتى قلدوك طوقها



وهناك الكثير من الشعراء الآخرين، منهم جرير والأحوص وعدي بن الرقاع، الذين بالغوا في المدح الكاذب، لدرجة أنهم أعلنوا صراحةً أن الأمر في مسألة الخلافة وتعيين الحاكم يقدّره الله، وليس للأمة فيه رأي ولا للناس مشورة.



ومن ذلك قول جرير لعبد الملك، مؤكدًا أن الله حباه الخلافة لأنه أحق بها وأجدر:

الله طوَّقك الخلافة والهدى والله ليس لما قضى تبديل

ولي الخلافة والكرامة أهلها فالملك أفيح والعطاء جزيل



وهكذا كانت استعانة الحكام بالشعراء لتوطيد دعائم ملكهم وتثبيته، بل وتبرير بطشهم واستبدادهم، وقد منحوا الشعراء الهدايا النفيسة من بيت المال مقابل هذا المدح الكاذب، لكن الأمر اختلف عندما تولى الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز الخلافة.



عمر بن عبد العزيز وشعراء السلطة


لما استُخلف عمر بن عبد العزيز وفد الشعراء إليه يريدون أن يمدحوه كما مدحوا من قبله حتى يحصلوا على المال الوفير، فأقاموا ببابه أيامًا لا يؤذن لهم، فبينما هم كذلك وقد أزمعوا على الرحيل إذ مرَّ بهم رجاء بن حيوة- وكان من خطباء أهل الشام- فلما رآه جرير داخلاً على عمر أنشأ يقول:

يا أيها الرجل المرخي عمامته هذا زمانك فاستأذن لنا عمرا

قال: فدخل ولم يذكر من أمرهم شيئًا، ثم مرَّ بهم عدي بن أرطأة، فقال له جرير:

يا أيها الرجل المرخي مطيته هذا زمانك إني قد مضى زمني

أبلغ خليفتنا إن كنت لاقيه أنِّي لدى الباب كالمصفود في قرن

لا تنس حاجتنا لقيت مغفرة قد طال مكثي عن أهلي وعن وطني



فدخل عديّ على عمر، فقال: يا أمير المؤمنين، الشعراء ببابك وسهامهم مسمومة وأقوالهم نافذة، قال: ويحك يا عدي، مالي وللشعراء، قال: أعزَّ الله أمير المؤمنين، إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أسوة، قال: كيف؟ قال: امتدحه العباس بن مرداس السلمي فأعطاه حلة قطع بها لسانه، قال: أوتروي من قوله شيئًا؟ قال: نعم، فأنشده يقول:

رأيتك يا خير البرية كلها نشرت كتابًا جاء بالحق معلما

شرعت لنا دين الهدى بعد جورنا عن الحق لما أصبح الحق مظلما

ونورت بالتبيان أمرًا مدلسًا وأطفأت بالقرآن نارًا تضرما



قال: ويحك يا عدي، مَن بالباب منهم، فذكر له أسماء الشعراء، عمر بن عبد الله بن ربيعة، والفرزدق، والأخطل وجرير، فرد الجميع إلا جريرًا فسمح له بالدخول، فدخل جرير وهو يقول:

إن الذي بعث النبي محمدًا جعل الخلافة للإمام العادل

وسع الخلائق عدله ووفاؤه حتى ارعوى فأقام ميل المائل

إني لأرجو منك خيرًا عاجلاً والنفس مولعة بحب العاجل



فلما مثل بين يديه قال: ويحك يا جرير، اتق الله ولا تقل إلا حقًّا، فأنشأ جرير يقول:

أأذكر الجهد والبلوى التي نزلت أم قد كفاني بما بُلِّغْتَ من خيري

كم باليمامة من شعثاءَ أرملة ومن يتيم ضعيف الصوت والنَّظَرِ

ممن يعدُّكَ تكِفي فقْد والِدِه كالفَرخَ في العش لم ينهض ولم يطِر

يدعوك دعوة ملهوف كأنَّ به خبلاً من الجِنَّ أو مسًّا من البشر

خليفة الله ماذا تأمرون بنا لسنا إليكم ولا في حار منتظر

ما زلت بعدك في هم يُؤرقني قد طال في الحيِّ إصعادي ومنحدري

لا ينفع الحاضر المجهود بادينا ولا يعود لنا بادٍ على حضر

إنا لنرجو إذا ما الغيث أخلفنا من الخليفة ما نرجو من المطر

نال الخلافة إذ كانت له قدرًا كما أتى ربَّهُ موسى على قدر

هذي الأرامل قد قضَّيت حاجتها فمن لحاجة هـذا الأرمل الذكر

الخير ما دمت حيًّا لا يفارقنا بوركت يا عمر الخيرات من عمر



فقال: يا جرير، ما أرى لك فيما ها هنا حقًّا، قال: بلى يا أمير المؤمنين، أنا ابن سبيل ومنقطع، فأعطاه من صلب ماله مائة درهم، ثم خرج، فقال له الشعراء: ما وراءك؟ قال: ما يسوءكم، خرجت من عند أمير المؤمنين وهو يُعطي الفقراء ويمنع الشعراء وإني عنه لراضٍ، ثم أنشأ يقول:

رأيت رُقَى الشيطان لا تستفزه وقد كان شيطاني من الجن راقيًا



وهذا منهج جديد في عهد الدولة الأموية للتعامل مع الشعراء؛ فقد كان الشعراء يمدحون الملوك والأمراء طلبًا لرفدهم، ويُدخلون في قصائدهم المبالغات والكذب إلى أن تولَّى الخلافة عمر بن عبد العزيز، فقصدوه، فكان موقفه من الشعراء كما تبيَّن من الخبر المذكور، فقطع تلك العادة التي تفسد بنية المجتمع وتشجع على سيادة الأخلاق السيئة من الكذب والتغرير والنفاق، فقطع تلك العادة السيئة ولم تعد إلى الظهور إلا بعد وفاته، ولقد اعترف جرير بأن الشياطين كانوا من وراء الشعراء في استفزاز الأمراء الممدوحين، وأن عمر بن عبد العزيز قد تميَّز بحصانته من أولئك الشياطين (معالم التجديد والإصلاح الراشدي على منهاج النبوة.. عهد أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز.. من الميلاد إلى الخلافة، للدكتور علي محمد الصلابي).


التحريض على قتل المعارضين

ويتولى العباسيون السلطة، وكان السفَّاح هو أول خلفاء بني العباس، ومن اسمه نعرف أعماله ومآثره، ولما بويع في الكوفة عام 132هجريًّا وقف خطيبًا يقول للناس: "استعدوا، فأنا السفاح المبيح والثائر المبير"، وقد انتهت له الأمور بعد أن قتل من بني أمية وجندهم ما لا يحصى ولا يعد، ويدخل على السفاح الشاعر سديف بن ميمون، وعنده سليمان بن هشام بن عبد الملك، وقد أكرمه، فقال سديف:

لا يغرنك ما ترى من رجال إن تحت الضلوع داءً دويًّا

فضع السيف وارفع السوط حتى لا ترى فوق ظهرها أمويًّا



فقال سليمان: قتلتني يا شيخ!! وأخذ السفاح سليمان فقتله.

وهكذا كان هؤلاء الشعراء سببًا في التنكيل بالمعارضة؛ حيث يصوِّرون للحاكم أن لهؤلاء خطورةً على حكمهم وسلطانهم، ويقلبون الحقائق ويزيفون الواقع حتى يتوهَّم الحاكم أن المعارضين له سينقضُّون على سلطانه فينتزعونه منه فينكل بهم فيسجن من يشاء ويقتل من يشاء؛ حتى لا يجرؤ أحد أن يتكلم بكلمة حق فيتمادى الحاكم في بطشِه وغيِّه.



ويلعب بعض الشعراء أيضًا دورًا كبيرًا في رفع درجة التقديس إلى التأليه، فلا يجد ابن هانئ الأندلسي بعد ذلك أي حرجٍ في أن يقول للخليفة الفاطمي المعز لدين الله:

ما شئت لا ما شاءت الأقدار ** فاحكم فأنت الواحد القهار

وكأنما أنت النبي محمد ** وكأنما أنصارك الأنصار!

ويقول أيضًا:

ندعوك منتقمًا عزيزًا قادرًا ** غفار موبقة الذنوب صفوحًا

أقسمت لولا أن دعيت خليفة ** لدعيت من بعد المسيح مسيحًا

و هذا الشاعر يعلم في قرارة نفسه أنه كذَّاب، و هذا الحاكم يعلم أيضًا أن الشاعر يكذب، ولكن كل ذلك من أجل القرب من الحاكم والحصول على الأموال الطائلة، فيبيع الشاعر دينه وشرفه وصدقه مقابل الحصول على الدنيا، وهذا الصنف من الشعراء صَدَقَ فيهم قول الحق تبارك وتعالى: ﴿وَالشُّع َرَاءُ يَتَّبِعُهُمْ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ (226) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ (227)﴾ (سورة الشعراء).


الصحفيون مكان الشعراء


واليوم يكتب صحفيو السلطة مقالات تؤكد دائمًا أن كل شيء على ما يُرام، وأن برنامج الحاكم قد تمَّ تنفيذه، وأن عصره هو درة هذا الزمان، وأن المؤامرات على حياته قد تم إحباطها، وأن السجون خالية تمامًا، وأن الموظفين ينعمون بحياة الرفاهية ويشربون ماء نقيًّا.

وهؤلاء الصحفيون يقومون بإثبات كذب الحاكم وكل أعضاء حكومته، وكل الموظفين الكبار في الدولة، وينشرون هذا الكذب دون أن يتعرَّضوا لمحاكمة، أو تُرفع ضدهم قضايا قذف، وهم يحصلون في مقابل ذلك على المناصب والهدايا والمرتبات الضخمة كما كان يحصل الشعراء على الهدايا من الحكام مقابل المدح الكاذب.


المصدر



 توقيع : محمد علي


آخر تعديل محمد علي يوم 02-09-2007 في 04:14 PM.
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
شعراء الحلقة الثانية عشر محمد نشيد الروح 3 02-03-2009 02:19 PM
شعراء الحلقة الثامنة محمد نشيد الروح 6 29-01-2009 12:31 AM
شعراء الحلقة السابعة محمد نشيد الروح 4 29-01-2009 12:29 AM
طيران شعراء المليون حاكم جدة لُغَة الصور .. والكاريكاتير الساخِر 12 25-04-2008 12:01 PM
جهد حواء الأخير ((... طبق السلطة ...)) محمد من صُنعِ يديها 41 12-10-2007 12:05 PM


الساعة الآن 12:33 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
- arab-line : Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.3.0 TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010

... جميع الحقوق محفوظه لمجالس رويضة العرض لكل العرب ...

.. جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر صاحبها ...ولا تعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر المنتدى..

a.d - i.s.s.w